تغطية قضايا الأطفال في مناطق الحروب والكوارث: كيف نسرد قصصاً مؤثرة بدون انتهاك الخصوصية؟

بواسطة Hadeel Arja
Jan 29, 2024 في تغطية الأزمات
صورة تعبيرية

تشكل تغطية قضايا الأطفال تحدياً كبيراً، ويتطلب نقل قصصهم مهارة في السرد بدون التدخل في خصوصياتهم واحترام هويتهم الفريدة. وفيما يلي أبرز الإرشادات للصحفيين لتناول قصص الأطفال المؤثرة بكل مهنية وحساسية مع المحافظة على خصوصيتهم.

قبل البدء بتغطية قضية أي طفل يجب أن تضع في حسبانك هذه الأمور الثلاثة، والتي نعتبرها أساسيات عملنا في موقع tinyhand، الذي شاركتُ فيه في برنامج مركز التوجيه للمبادرات الإعلامية التابع لشبكة الصحفيين الدوليين، والحائز على جائزة جوجل للابتكار عام 2021.

  • الحصول على موافقة الأهل أو الأوصياء.
  • الاهتمام ببيئة العمل وتوفير مساحة آمنة ومريحة للأطفال أثناء المقابلة والتصوير.
  • عدم تلقين الطفل وإتاحة المجال له للتعبير عن ذاته بحرية، ففي نهاية المطاف، تساهم قوة الطفولة والبراءة في توثيق تجاربهم ومشاعرهم بطريقة تلهم العالم وتشجعه على التفكير في قضايا تهم الأطفال وحقوقهم.

والآن لننتقل إلى العمل على الأرض في تغطية قضايا الأطفال الذين تأثروا بالأحداث والكوارث والحروب التي ألقت بثقلها عليهم، بدءاً من الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في فبراير/شباط 2023، إلى الزلزال الذي ضرب المغرب وأخيراً إلى إعصار دانيال في ليبيا والذي أدى إلى حدوث فيضانات أسفرت عن مقتل وفقدان الآلاف، وغيرها من الأحداث الساخنة في سوريا واليمن والسودان والمنطقة وآخرها حرب غزة.

هؤلاء الأطفال هم بين الفئات الأشد ضعفاً ويحتاجون للدعم النفسي الاجتماعي للتعامل مع التجارب الأليمة التي مروا بها.

ولكن هل يعني أنني لا أستطيع مقابلة طفل ناجٍ؟

تستطيع مقابلة هذا الطفل ولكن في هذه الحالة هناك 3 أمور مهمة يجب أن تأخذها بالحسبان:

  •  الأمر الأول: احرص أن يكون برفقته أحد أفراد عائلته.
  • الأمر الثاني: يمكنك الاكتفاء بسؤاله ماذا حصل؟ وكيف حصل؟ ودعه يسرد ما حصل معهم لحظة حصول الكارثة، وتجنب الأسئلة التي يمكن أن تحرك مشاعره وتعيد ذكريات الفقدان (خسارته لأفراد عائلته أو فقدانه لأصدقائه).
  • الأمر الثالث: وهو الأكثر أهمية، تجنب مقابلة طفل يتيم لأن الطفل الذي خسر والديه خلال الكارثة لن يكون قد تحدد بعد الوصي عليه.

في اليوم الأول من الكارثة غالباً ما يكون الجميع في حالة ذهول وصدمة في محاولة منهم استيعاب ما حصل، كذلك الأمر بالنسبة للإعلاميين والمراسلين الذين هم من أبناء المنطقة نفسها، ففي الوقت الذي يقومون بتغطية الأحداث ربما هم أيضاً يبحثون عن ذويهم وأقربائهم للاطمئنان عليهم.

أصوات من الكارثة مثال عن أحوال مراسلين يعملون معنا في tinyhand يد صغيرة وكيف مر عليهم زلزال 6 فبراير الذي ضرب تركيا وسوريا.

وهنا تكمن أهمية نقل ما حصل على الأرض لإعطاء صورة كافية عن الكارثة وحجم الخسارات البشرية والمادية، وبعدها تبدأ مرحلة التغطية المعمقة.

عدم استغلال الحاجة الناجمة عن الكارثة

خلال تغطيتنا في tinyhand للكارثة الناجمة عن الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا، واجهنا عائلات رفضت إجراء مقابلات صحفية وعندما سألنا عن السبب أشار أفرادها إلى وجود صحفيين أجروا معهم مقابلات في وقت سابق وقدموا لهم وعوداً بتقديم مساعدات إنسانية لهم مقابل تصوير مقابلة معهم ولكنهم لم يحصلوا على أي مساعدات.

وهنا تكمن المشكلة، لا يجب تقديم وعود للناجين من الكارثة. ربما هناك علاقات تربط الصحفي بالمنظمات الإنسانية العاملة على الأرض لكن ذلك لا يعطيه الحق بتقديم وعود أو ربط عمله الإعلامي بتلك المساعدات. ويجب توضيح الهدف من قصته الإعلامية التي يقوم بالعمل عليها.

دموع الأطفال ليست قصة صحفية

بتاريخ 12 أيلول/سبتمبر، ضرب إعصار دانيال السواحل الشرقية لليبيا وبالتحديد المدن الليبية التالية (بنغازي، البيضاء، سوسة، المرج، درنة) مخلفاً قتلى وجرحى ومفقودين بحسب السلطات الليبية.

رافق انتشار تلك الأخبار مقاطع فيديو لأطفال (تم نشرها في مواقع إعلامية مختلفة) وهم يذرفون الدموع ويقولون جملاً غير مترابطة عما حصل معهم، لا يمكن إنكار أن تلك المقاطع لاقت انتشاراً كبيراً في منصات التواصل الاجتماعي، لكنها لم تكن في سياقها ولم يكن هناك هدف واضح من نشرها، ففي الوقت الذي قد تحصل على تعاطف الناس لكن هذا المقطع سيكون مؤذياً عاطفياً للطفل ولذويه لاحقاً.

إنّ طفلًا يبكي ليس قصة للنشر، يجب وضع ما حصل معه في سياق الحدث، ربما لو قام الصحفي بعملية بحث أكبر عن ذلك الطفل وسبب بكائه لتمكن من إنتاج قصة صحفية مميزة.

استفد من الأشكال الصحفية المختلفة خلال إنتاج قصتك

يعد استخدام مجموعة متنوعة من أنماط وسائل الإعلام أمراً أساسياً لنقل الرسالة بفعالية وخاصة في تلك المواضيع ذات الحساسية والتي قد تمس بكرامة الطفل/ الطفلة أو تضعه في خطر في حال كشف عن وجهه وعن شخصيته/شخصيتها.

فعلى سبيل المثال، يعتبر السرد الصوتي أداة قوية لسرد القصص، حيث يمكن للجمهور التواصل عاطفياً من خلال الأصوات.

وهناك المقالات والتقارير المكتوبة التي تقدم تحليلًا مفصلاً وتضع القصص في سياقها لضمان الحساسية واحترام حقوق وخصوصية الأطفال. كذلك الرسومات والمخططات التي تبسط البيانات المعقدة، مما يجعلها متاحة لجمهور أوسع.

إرشادات أساسية

أصدرت اليونيسيف وهي منظمة الأمم المتحدة للطفولة دليلاً أدرجت فيه ستة إرشادات يجب مراعاتها خلال مقابلة الأطفال:

١- عدم التسبب بالأذى للطفل: تجنب الأسئلة أو المواقف أو التعليقات التي لا تراعي القيم الثقافية أو التي تعرض الطفل للخطر أو تعرضه للإهانة، أو التي تعيد له آلام الأحداث الصادمة.

٢- عدم التمييز في اختيار الأطفال للمقابلة بناء على الجنس أو العرق أو العمر أو الدين أو الخلفية التعليمية أو القدرات الجسدية.

٣- عدم التمثيل: لا يجب أن تطلب من الأطفال بإعادة تمثيل مواقف تعرضوا لها سابقاً.

٤- ضمان معرفة الطفل والوصي عليه أنهم يتحدثون مع صحفي: يجب قبل إجراء المقابلة الصحفية شرح الغرض منها والاستخدام المراد من هذه المقابلة.

٥- الحصول على إذن الوصي على الطفل لجميع المقابلات.

٦- الانتباه إلى مكان وطريقة إجراء المقابلة مع الطفل: تأكد أن الأطفال مرتاحون وقادرون على سرد قصصهم بدون ضغوط خارجية، والتأكد من أن الطفل لن يتعرض للخطر أو لتأثير سلبي من منزله أو مجتمعه أو مكان إقامته بشكل عام.

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة كريستين براون.