العنف الجندري في ظل كورونا وإرشادات لإجراء مقابلات مع الضحايا

Oct 25, 2021 в موضوعات متخصصة
صورة

تُعتبر المقابلات التي يُجريها الصحفي عادةً لتقاريره، من أهم وسائل جمع وتوثيق المعلومات من مصادرها الأساسية، ولكن تبقى كيفية إجرائها وإنشاء حوار مُثمر مع الأشخاص الذين تتم مقابلتهم - بحسب المادة الصحفية - هو أمر في غاية الأهمية والدقة.

وعندما يتعلق الأمر بضحايا العنف المبني على النوع الاجتماعي، فعلى الصحفي أن يُدرك مدى حساسية الحوار معهم، وأنّ أخلاقيات المهنة وأسلوب الحوار يأتيان بعد تسلحه بمبادئ الإنسانية أولاً وقبل كل شيء، لا سيما في ظلّ جائحة كورونا التي ضاعفت من إحصائيات العنف ضد النساء بسبب الضغط النفسي العالي الذي تعرض له عموم المجتمع، خصوصًا خلال الحجر الصحي والمنزلي، بسبب بقاء الأفراد في مكان واحد، ووجود المعنِّف ساعات طويلة في المنزل إضافة إلى الوضع الاقتصادي السيئ وعدم توفر الاحتياجات الأساسية، على حد قول الحقوقية والإعلامية تهاني قاسم، وهي مسؤولة الإعلام ومنسقة المشاريع في مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة.

في هذا الإطار، أثبتت نتائج دراسة قامت بها وزارة شؤون المرأة في فلسطين أنّ نسبة العنف النفسي والذي يعدّ أحد أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي هو الأعلى وذلك كون أنّ 55% من النساء اعترفن أنهن تعرضن للعنف.

 إقرأوا أيضًا: لن أبقى صامتة.. الإبلاغ عن التحرّش والسياسات الداخلية للمؤسسات الإعلامية

كذلك بيّنت الدراسة أنّ أثر الجائحة على العنف كان ولا يزال الأخطر في ظل استغلال المعنِّفين لفترة الجائحة وحالة الطوارئ التي تسببت بإغلاق المحاكم ومراكز الشرطة ومؤسسات المجتمع المدني والكثير من المراكز والدوائر المختصة، ما أسفر عن صعوبة في الوصول الى الخدمة ومراكز التبليغ.

ولأنّ العنف المبني على النوع الاجتماعي من أهم القضايا الإنسانية الدولية، التي تُهدد أمن وسلم المجتمع، فالتعامل معه ومع المُعنّفات تحديداً يجب أن يكون بحذر ومهنية عالية. تُضيف قاسم: "على الصحفي احترام خصوصية النساء وعدم نشر الأسماء الحقيقية والصور، والتطرق لآثار العنف على المجتمع، ووضع القضايا المجتمعية على أجندة الوكالات الصحفية".

من جهتها أكدت الصحفية والمُدرِّبة نور السويركي، أولاً وقبل البدء بالمقابلة، على ضرورة حصول الصحفي على موافقة مُستنيرة من السيدة المُعنَّفة، على إجراء مقابلة لصالح مادة صحفية، والتعريف عن نفسه بالكامل وبكل وضوح، حتى تقرر هي إن كان ذلك يُناسبها أو بإمكانها فعله بدون التسبب في تعرّضها للعنف مرة جديدة بسبب المقابلة.

وتابعت السويركي: أخلاق الإنسان قبل أخلاق المهنة، لذا على الصحفي اتباع هذه الإرشادات عند إجراء مقابلة مع النساء ضحايا العنف:

  •  عليه معرفة أن مقابلته مع ضحايا العنف مختلفة وأصعب من القصص والتقارير الأخرى، لأن السيدة المُعنَّفة تكون ضعيفة نفسياً، فحتى طريقة السؤال يجب أن تكون مراعية لحالتها.
  • أن تكون لغة الصحفي حيادية ولا توجه اتهام للمعنَّفة أياً كان نوعه فلا يسألها ماذا فعلتِ حتى قمتِ باستفزاز المُعنِّف؟ فهذا السؤال يُبرر العنف ولا يجب أن يتم تبريره حتى لو قامت بتصرف غير صحيح وغير لائق.

فيستبدل هذا السؤال بـ"ماذا حدث معك؟".

  • على الصحفي ألا يعيد الضحية لمربع الصدمة، كتذكيرها بتفاصيل حدثت أثناء العنف لا تريد تذكرها والإحساس بوقوعها مجدداً من خلال أسئلة الصحفي، "خاصةً عند عدم وجود مُعالج نفسي أثناء الجلسة".
  • يجب على الصحفي أن يُراعي مبدأ عدم الضرر "وهو عدم التسبّب بأي أذى نفسي"، على سبيل المثال: إذا كانت المرأة تتعرض للعنف في بيتها فيجب مراعاة ذلك وإجراء المقابلة في مكان مختلف، ومراعاة راحتها للمكان والوقت المناسبين لها للحديث.
  • مبدأ السرية والخصوصية من أهم ما يجب تطبيقه في المقابلات مع الضحايا، وضحايا العنف من النساء تحديداً، فعدا عن أهمية هذا المبدأ إنسانياً وأخلاقياً، فإنه يُتيح الفرصة للمعنّفات الأُخريات بالحديث عما يتعرضن له والخروج من دائرة الصمت والخوف.

 إقرأوا أيضًا: دراسة جديدة تكشف العنف الذي تتعرّض له الصحفيات عبر الإنترنت

مثلاً: إذا طلبت عدم ذكر اسمها، إخفاء صورتها، فيجب الانصياع لرغباتها وحقها في ذلك، أيضاً؛ عدم تضليل الضحايا وذكر تفاصيل نشر المادة الصحفية كاملة.

  • فيما يتعلق بالسرية: هناك تفاصيل يمكن أن تذكرها الضحية من باب توضيح سياق الحدث، وتطلب الضحية غالباً أن تبقى التفاصيل خارج التسجيل الصحفي وعدم ذكرها.
  • إذا كانت تجربة إجراء مقابلة مع ضحايا العنف جديدة على الصحفي، فعليه قبل ذلك قراءة ما يتعلق بالحالة النفسية للضحية وكيفية التعامل معها جيداً والاستعانة بتجارب صحفيين سابقين إن أمكن في هذا المجال.

وفي تقرير لهيئة الأمم المتحدة للمرأة حول التواصل مع الناجيات من العنف، أكد على ضرورة توفير الدعم وتصديقهن. طمأنتهن بأنهن لسن وحدهن وأن المساعدة والدعم متاحان. فقد يكون من الصعب عليهن التحدث عن الإساءة. وفي حال الرغبة في التحدث، فيلزم الإنصات بعناية وإبداء التعاطف.

كذلك محاولة مساعدتهن في التفكير في كيفية الحفاظ على سلامتهن أثناء كوفيد-19. فيرجى مساعدتهن في وضع خطة في ظل حالات الإغلاق. هل هناك أصدقاء أو عائلة أخرى بحيث يمكن البقاء معًا خلال هذا الوقت؟ في حال ذلك، يجب مساعدتهن في الوصول إلى هؤلاء الأشخاص لوضع خطة.

الصورة المرفقة حاصلة على رخصة الاستخدام على انسبلاش بواسطة Christina @ wocintechchat.com.