محددات أساسية للمذيعين ومقدمي البرامج الحوارية   

Jul 26, 2023 em أساسيات الصحافة
صورة تعبيرية

يعدّ الحوار التلفزيوني من أهم أدوات الصحافة التي تساهم في جمع المعلومات والحقائق حول قضية معينة، من خلال أسئلة مُعدَّة مُسبقاً للوصول لإجابات حول تساؤلات عند الجمهور، فالحوار يجعل الرؤية أوضح من خلال التعليق على الأحداث الجارية، ويجعل القصص بارزة بأبعادها، ويُساعد في بناء علاقات بين الشخصيات، ويكشف الحقائق من مصادرها الموثوقة والأساسية. 

قابلنا في شبكة الصحفيين الدوليين، الإعلامي محمد أبو عبيد، الذي عمل في محطات فلسطينية خاصة منذ عام 1996 إلى 2001 وانتقل إلى دبي وأسهم في تأسيس محطة إذاعية، وبعد ذلك انتقل للعمل في قناة العربية 2003 لمدة عشرين عاماً، وفي عام 2023 انتقل للعمل في قناة المشهد كمذيع برامج. 

يقول أبو عبيد: "الحوار التلفزيوني مهم للمشاهد إذا كان الضيف من المتخصصين في مجال ما ولديه من المعلومات والتحليلات ما يفيد المتلقي بها، أما إذا كان غير ذلك فلن يكون الأمر أكثر من ترفيه". 

وحول العقبات التي تواجه المُذيع، يقول أبو عبيد: "تكبر التحديات وتصغر وفقًا لقدرات المذيع، فالمتمكن تصغر أمامه التحديات، وقد تتلاشى، لكن يبقى هناك تحديات من نوع آخر وليست في يد المذيع مثل الوصول إلى ضيف مناسب لموضوع معين ويصعب توفره، ناهيك عن التحدي التقني أحياناً أو تحدي البقعة الجغرافية". 

وحتى يُؤدي المُذيع غايات الحوار كما يجب، عليه أن يُدرك الفرق بين طبيعة الأسئلة بين برنامج وآخر، تبعاً لنوعه، فالحوار التلفزيوني له ثلاثة أنواع أساسية، وهي كما حددها كتاب "الحوار التلفزيوني فن ومعرفة": 

  1. حوار المعلومات والأخبار: الذي يستهدف بدرجة أساسية الحصول على أخبار ومعلومات جديدة حول وقائع أو أحداث أو سياسات أو قوانين جديدة. 
  1. حوار الرأي: يعالج الموضوعات من حيث المحتوى والتوجه الفكري، ويستهدف بالدرجة الأولى استعراض وجهة نظر شخصية في قضية تهم الجمهور. 
  1. حوار التسلية أو كما يُسمى "حديث الشخصيات": وهو حديث يستهدف البحث في حياة الشخص الذي يجري معه الحديث، نشأته وتأريخ حياته وأبرز الجوانب في شخصيته. 

تأثير المنصات على الحوار التلفزيوني 

"لا شك أن شبكات التواصل سرقت كثيرًا من وهج التلفزيون، لكن لا تجوز المبالغة والقول إن التلفزيون انتهى عصره كما يروج البعض، فمثلاً هناك حدث كبير وتغطيه القنوات الإخبارية فحتماً سيلجأ الأغلب إليها نظراً للإمكانات المتاحة ووجود المراسلين على الأرض، واستضافة المحللين والمراسلين والمسؤولين وشهود العيان، وهذا ما لا يتوفر على شبكات التواصل"، بحسب الإعلامي أبو عبيد الذي يضيف: "إنّ ميزة شبكات التواصل أنها قد تتداول خبراً غير متداول على قنوات إخبارية، وهناك سرعة في تناقله ونشره".

في ضوء المتغيرات التي تحدث في الإعلام الرقمي اليوم، يجب أن يتمتع الحوار بأساسيات ومحددات مهمة، تجعل قالبه أقرب للجمهور الذي بات يريد معلومةً واضحة وسريعة، بدون الخوض في نقاشات وساعات طويلة على الهواء، وأهم هذه المحددات التي يقدمها الإعلامي محمد أبو عبيد: 

  • إجراء حوار في موضوعات يعرف عنها المحاور. 
  • التحضير الجيد والبحث المعمق في الموضوع، وقراءة وجهات نظر مختلفة إذا تطلب الأمر. 
  •  البحث الجيد عن الضيف، عن كتاباته أو تصريحاته، ومواقفه، وإذا كان متخصصًا في حقل علمي مثلًا، فالاطلاع على المادة التي سيحاور عنها. 
  •  بناء الأسئلة على نحو متدرج متصاعد منطقي. 
  • استخلاص أسئلة من إجابات الضيف. 
  • عدم مقاطعة الضيف إلا للضرورة.

نصائح أخرى: 

  1. طبقة الصوت والمظهر الخارجي للقائم بالحوار تساهم بما نسبته 90% من الانطباع المتكون لدى الآخرين عنه، كما جاء في كتاب "أساليب الإقناع الإداري" لكيت كينان: 
  • الصورة المرئية أو التأثير المرئي: 55%، ويُقصد بها وضعية الجسد وحركاته ومدى الاقتراب من الآخرين بصرياً والسلوك العام، كلها عوامل تساهم في إعطاء انطباع فوري عنك. 
  • التأثير الصوتي: 35%، ويُقصد بها نغمة صوته وقوته وحدته وسرعته، وهذه العوامل تؤثر في كيفية تفسير الآخرين لما تقوله. 
  • التأثير اللفظي: 7%، قد لا تكون الكلمات المستعملة جزءاً كبيراً من تأثيرك في الآخرين، لكن يجب أن تتذكر أنه وبعد تبدُّد التأثير المرئي والصوتي تبقى الرسالة الكلامية فقط. 
  1. على المُذيع أن يلتزم بقواعد اللغة السليمة الرصينة، حتى لو ذهب الضيف أو المسؤول للعامية، فإن الصحفي يجب أن يُبقي لغته بعيداً عن ذلك، بدون أن يبدو الأمر وكأنه استعلاء على الضيف. 
  1. حين يكون هناك أكثر من ضيف، على المُذيع منح كل منهم وقتاً متساويًا، مهما كانت وجهات نظرهم مختلفة ومتباينة، ويجب العمل على إدارة دفة الحوار بشكل مُتوازن بينهم. 
  1. اهتمام المُذيع بمظهر أنيق لائق للشاشة، وكذلك مظهر الضيف قبل الخروج على الهواء. 

أمّا أهم المعايير التي ينبغي على المقدم التلفزيوني والإذاعي الإلمام بها، فقدمها الصحفي ومقدِّم البرامج التلفزيونية توفيق شومان، بناءً على تجربته:
ـ ألا يعتبر المُحاور نفسه أهم من الضيف. يريد المشاهدون معرفة ما يقوله الضيف وليس المُحاور.
ـ من الأفضل حين يراد توجيه سؤال إشكالي للضيف، أن يكون منسوبًا إلى معلومة موثقة كشفت عنها وسيلة إعلامية مرموقة.
ـ ينتظر المشاهدون الاستماع والإصغاء إلى آراء الضيف ومواقفه، وما يمكن أن يكشف عن مواقف أو معلومات، ويتوقف المشاهدون عند طريقة طرح السؤال والأسلوب المهني الذي يستخدمه المُحاور، ولا يتوقف المشاهدون عند رأي المحاور، وهذه مسألة يجب أخذها كقاعدة أساسية في الحوار التلفزيوني أو الإذاعي.
ـ ثمة ضيوف يطيلون بالأجوبة، ويخرجون من موضوع ويدخلون في آخر، ولا شك أن هؤلاء يجعلون المحاور ثانوية. هنا تتبين قدرة المحاور على الدخول في مهنية المقاطعة من دون إزعاج الضيف أو إشعاره بأنه أطال أو خرج عن قواعد الحوار.
ـ يعدّ تكثيف حركات اليدين والاستعمال المفرط لملامح الوجه من العوامل السلبية لدى بعض المُحاورين، وقد يلجأ المحاور إلى تحريك يديه أو استخدام لغة وجهه، نتيجة موقف مفاجئ من أحد الضيوف، أو بهدف إنتاج مشهد بصري متحرك، وهذا أمر مقبول إنما بحدود معقولة. 

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة لوان مارك كوزنيستوف.