يجب أن يكون لكل مقالة أسلوباً واحداً

par Anonyme
30 oct 2018 dans أساسيات الصحافة
 

بقلم: إيرل مكدانيال  

 

يجب أن تعمل أجزاء المقالة الصحفية كلها بتناغم متكامل لتحصل بالنهاية على تأثير واحد.

 

هناك أمران لا يرغب رئيس التحرير بسماعهما من أي صحفي لديه : الأول أن يقول له " لدي قصة عن مقالة جيدة إلا أنني بحاجة فقط إلى مقدمة جيدة" أو "أن يخبره بأن لديه مقدمة جيدة إلا أنه لا يجد سبيلاً إلى تطويرها".

 

فالأول يبدو وكأن مقدمة المقال هي روح تنتظر أن تتحرر من جسدها, والآخر يظهر أن الصحفي لم يخطط جيداً لعمله الصحفي.

 

لا تكتب مقالتك وأنت تحلم بالمقدمة الذكية لتدخل عليها الوثائق المساندة, وتربطها باقتباس مناسب ثم تقوم بترتيب للأحداث زمنياً وتلصق في النهاية خاتمة لها. فذلك مجرد جمع وتركيب لأجزاء مقالة ونتيجته قراءة مفككة.

 

فكر في المقالة ككل, بنفس الطريقة التي فكر فيها Edgar Alan Poe بالقصص القصيرة. ففي تنقيحه ل "Twice-Told Tales " بقلم Nathaniel Hawthorne , أكد Poe أهمية خطوط الإرشاد الخاصة بالخيال القصصي. التي من الممكن أن يعتمد عليها الصحفيون أيضاً. فيقول Poe أنه "يجب أن تنتج الأقصوصة تأثيراً محدداً فريداً من نوعه".

 

فإذا كنت تقوم بمجرد جمع للأجزاء بدون مراعاة لوحدة موضوع المقال, فإما أنك ستُحدث الكثير من التأثيرات المختلفة عن بعضها البعض, أو أنه لن يكون لمقالتك سوى تأثير وحيد وهو إبعاد القرّاء نحو الأخبار المتلفزة.

 

ويشير Poe إلى أن سلسلة الكتابة تأخذ شكلها الجيد فقط عندما تتوقعها أنت أن تكون كذلك فيقول" إذا لم تخدم جملة الكاتب الاستهلالية في إظهار الأثر المطلوب, فيكون الكاتب عندها قد فشل في خطوته الأولى".

 

ولهذا السبب على وجه الخصوص عليك ألاذ تعتقد أنه بإمكانك الانزلاق من فكرة أبعد والتقدم من خلالها " يجب ألاّ توجد كلمة واحدة في قطعتك المكتوبة ذات هدف, مباشر أو غير مباشر, غير محتوىً في التصميم المسبق للحبكة الروائية.

 

ولكن ما هو الأثر أو الانطباع الذي تريد تركه لدى قرائك؟.. إن ذلك يعتمد على طبيعة القصة التي تدور حولها المقالة. فالأثر الذي يجب أن تتركه مقالة حول ضحية اغتصاب يختلف تماماً عن الأثر الذي يجب تتركه أخرى عن حفل افتتاح فيلم ما. وهذا أمر واضح جداً. فعلى سبيل المثال ل" Seinfeld" أثر يختلف عن أثر " NYPD Blue ".

 

فكر بمقالتك على أنها رحلة تود القيام بها, فعليك أن تقرر أولاً إلى أين تود الذهاب, من ثم عليك أن تقرر أي طريق ستسلك, وبعدها عليك أن تختار الأشياء التي ستأخذها معك وبالأهمية ذاتها سيترتب عليك اختيار الأشياء التي ستتركها في المنزل.

 

فالطريق التي ستسلكها للوصول إلى قرائك هي المنظومة التي تتبعها أثناء كتابتك. فالرحلة التي ستمنحهم إياها تتبلور في الانتقال الجدي بين الأفكار, مع التركيز ووحدة الطابع إضافة على الاقتصاد في الكلمات. فجميع هذه العناصر يجب أن تعمل سوية في سبيل الوصول إلى الشكل المتوقع لها في التصميم المسبق للحبكة الروائية أو القصصية بحسب رأي Poe.

 

ومن هنا فإنه يتوجب عليك معرفة الطريقة المثلى في تنظيم وترتيب مقالتك هل عن طريق التسلسل الزمني, أم بحسب الحيز أو المكان, أم بحسب الأهمية؟ ( فلو أنك كنت تكتب مقالة ما, فسيقدّر القارئ وجود تسلسل في الأحداث و الترتيب بحسب الأهمية, المعروف في المهنة بنظام الهرم المعكوس أمر يتعب ويضجر العديد من القرّاء.

 

ما هو الطابع الذي تود أن تضفيه على المقال؟ إن ذلك يعتبر أمراً هاماً إلا أن بعض الصحفيين" الجادين " قد لا يعيروه اهتماماً. فقد يطرح أحد الصحفيين " الجادين" فكرة أن إضفاء طابع معين على المقالة من شأنه أن يشوهها ويثير الشبهات حول موضوعيتها, ومعاذ الله !! فنحن لا نرغب بذلك...

 

بالطبع, كل هذه الأفكار محض هراء. فكافة كتاباتنا تتضمن أسلوباً أو طابعاً خاصاً بها. وقد يخلق بعض الكتّاب نوعاً من اللامبالاة . فمهما بدت لنا تلك الكتابات محترفة قد لا تثير في القارئ أية مشاعر. فلو كانت مقالتك تتنبأ بحالة اقتصادية كئيبة, عليك إحباط القرّاء في كافة أنحاء البلاد. اختر الأدوات التي تجد نفسك بحاجة لها من كلمات أو وزن أو براعة في التنقل بين أفكار الموضوع.

 

بمجرد تحديدك للأثر والطابع و المنظومة يمكنك عندها البدء بتكوين فكرتك الاستهلالية. فكما قال Poe تلك هي الخطوة الأولى. كما أنه عليك أن تحرص على أن تكون خطوتك الأولى هي الخطوة التي ستنطلق من خلالها نحو الخطوات اللاحقة.

 من الممكن أن تقوم مقدمة المقال المشتملة على حكايات ونوادر بتحديد الطابع الشعوري. إلا أنها قد لا توصل القرّاء إلى الغاية التي تتمحور حولها المقالة أو القصة. فذلك أشبه بالسير حول قاعدة الجبل, فباستطاعتك رؤية الجبل إلا أنك أبعد ما تكون عن القمة..
 

بكافة الأحوال فإن المقدمة المشتملة على حكاية هي أفضل طريقة للبدء بكتابة المقالة, حيث أن الحكاية هي عبارة عن عنصر متمم للمقالة, وهذا يعني أنك ستعود للشخص أو الحادثة أو العملية التي تحدثت عنها بشكل دوري للانتقال بين الأفكار, أو لتلخيص الأحداث, أو على الأقل عندما تشارف على الانتهاء لتوفير إطار جيد لمقالتك.

 أبق مقالتك معدلة. قد تحتاج في إحدى المرات ما يسمى في ميدان الصناعة الصحفية "بفقرة العقدة" إلا أنني أفضل تسميتها "بفقرة المظلة". والمفترض بهذه الفقرة أن تخبر القرّاء عن الشيء الذي تدور حوله المقالة, وتعرّف الغرض منها ( أي نطاق المظلة), وعلى الأقل تلمح بمنظومة تلك المقالة. كما أن هذه الفقرة تعطي للقراء خارطة طريق وتعطيك مقياساً لمعرفة حدود أفكار المقالة. فلو وقعت بعض النقاط أو الأفكار خارج نطاق المظلة التي رفعتها, فإنها لا تنتمي إلى موضوع مقالتك بشكل أو بآخر. فاكتبها على الهامش أو اتركها لمرة أخرى.
 

ويشير أيضاً Poe إلى ضرورة الحرص على عمل كافة الأجزاء سوية. فكل كلمة تمهد الطريق لأخرى تليها, وكل جملة تؤدي إلى الجملة التي تليها, وكل حادثة تتسبب بحدوث أخرى. وبالنهاية, فالخاتمة حتماً هي نتيجة لكل ما سبق ذكره.

 

اجمع كافة هذه العناصر مع بعضها البعض لتحصل على مقالة موحدة تترك لدى القرّاء أثراً واحداً. وعندها سيكون Poe فخوراً.

Earl H. McDaniel coaches writing at The York (Pa.) Daily Record.
ASNE Bulletin December 1993