أصبح دمج الإعلام الإفتراضي بشتى أنواعه من قصص أنتجت باستخدام الذكاء الاصطناعي، أو تقنية الميتافيرس أو 360 في صناعة الأخبار والقصص والتغطيات الإخبارية في الصحف والبرامج التليفزيونية أمرًا واقعيًا ولونًا جديدًا من ألوان الصحافة مثل الصحافة الورقية والإلكترونية وصحافتي الموبايل والبيانات وعرف هذا اللون باسم "صحافة الواقع الافتراضي" أو صحافة الميتافيرس، أو إعلام الميتافيرس.
ومن التجارب العربية الرائدة في هذا المجال كانت منصة "كونتراست" الافتراضية التي أطلقتها قناة الجزيرة، ومنصة Frontline in focus xr المتخصصة بقضايا الإنسان في مناطق الحروب والنزاعات. وتمّ استخدام الميتافيرس أو صناعة القصص الافتراضية والحوارات والتقارير والقصص الإنسانية الافتراضية في أول استوديو في الميتافيرس لصحيفة الوطن المصرية، وقنوات Cbc وdmc، وأول صحيفة مناخية في عالم الميتافيرس One Point Five والتي أطلقت على هامش Cop28 بدبي نهاية العام الماضي.
في هذا المقال، نوضح كيفية دمج وتضمين صحافة العوالم الافتراضية في صالات التحرير كي تصبح صناعتها أمرًأ سهلًا ومعتادًا داخل المؤسسات الصحفية عن طريق وضع خطة لتنفيذها تشمل إضافة تخصصات جديدة، وتدريب صحفيين جدد على هذا اللون الجديد من الصحافة وهو ما نتعرف عليه عن طريق الخطوات التالية:
أولًا، عناصر رئيسة
يجب على أي مؤسسة تقرر البدء في دمج صحافة العوالم الافتراضية بداخلها أن توفر هذه العناصر والوظائف:
- تصميم جرافيك 3D.
- المونتاج 3D.
- التصوير باستخدام كاميرات 360 درجة.
- العمل في منصات الواقع الإفتراضي.
ثانيًا، مكتبة افتراضية
المحتوى الإفتراضي له أنواع عدة منها المتاح استخدامه مجانًا عبر منصات مجانية على الانترنت، مثل الجولات الإفتراضية لشركة NASA وهو Space Explorers وسفينة Titanic عبر منصة Spatial، وآخر مدفوع، ومحتوى ثالث تتم صناعته كاملًا داخل صالات التحرير عن طريق رسمه ببرامج الجرافيك ورفعه على منصات الواقع الإفتراضي، أو مسحه بكاميرات 360 من قسم التصوير.
لذا من الخطوات الهامة أن يتم إنشاء مكتبة "المحتوى الافتراضي" وتجميع محتوى المنصات العالمية المتاح استخدامه في صناعة القصص والحوارات الافتراضية، وعلى سبيل المثال لو أجرينا حوار مع خبير مناخ عن الأضرار التي تتعرض لها غابات الأمازون، لماذا لا نسافر افتراضيًا إلى غابات الأمازون عبر تقنية الواقع الإفتراضي؟، لماذا لا نتجول داخل الغابات ونجري حوارات افتراضية ينغمس فيها الصحفي، والضيف، والجمهور.
ثالثًا، كيفية تحديد القصة الافتراضية
الخطوة الأولى لإنشاء أي قصة صحيفة في العالم الافتراضي هي جمع كل المعلومات عن القصة وبناء على تلك المعلومات تحديد شكل إنشاء القصة، على أن يراعي التكلفة، وقت التنفيذ، وكل هذا يبدأ عن طريق متابعة الأخبار، أو حضور الاجتماعات وسماع المناقشات مع الزملاء، حيث يجب كتابة كل القصص التي تصلح أن تصنع افتراضيًا في ورقة منفصلة عن تفاصيل الاجتماعات والمناقشات الكثيرة، ثم البحث عبر منصات الميتافيرس المختلفة سواء عبر نظارات Oculus ،Google ،Microsoft، أو غيرها من نظارات الواقع الافتراضي أو داخل المكتبة الافتراضية التي تم إنشاؤها وطرح سؤال "هل مادة هذه القصة متوفرة أم سيتم إنشاؤها بالكامل داخل المؤسسة؟".
"تيتانيك" و"تيتان" مثال:
إذا أردنا أن نجري لقاء أو جولة افتراضية لعرض تفاصيل عن غرق "تيتان" بجوار سفينة "تيتانيك" وبحثنا عبر منصات الميتافيرس سنجد أن منصة Spatial توفر مساحات افتراضية متنوعة لتيتانيك، الأولى على سطح السفينة، والثانية تحاكي غرق السفينة، والثالثة تحت الأعماق وما تبقى من السفينة الأشهر في العالم.
وهنا يجب تحديد مكان اللقاء الافتراضي، هل سيكون على متن السفينة؟، أم محاكاة للغرق؟، أم في أعماق المحيط؟ وبناء على الاختيار سيتم تحديد الضيف وفق تخصصه وكتابة السيناريو من البداية حتى النهاية قبل التنفيذ، ثم البدء في تنفيذ القصة الافتراضية.
سادسًا، طرق النشر والتفاعل
في النموذج السابق ذكره سيتم عرض اللقاء أو التقرير للجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو المنصة الإخبارية عبر الانترنت سواء بتقنية 360 أو بطريقة عرض الفيديو وهنا تعرض على الموقع الإخباري أو عبر شاشات التلفزيون، ثم تتم متابعة التعليقات بعد نشر القصة الافتراضية والتفاعل مع الجمهور ودراسة تعليقاته وهو أمر مهم للغاية للاستمرار في تطوير القصص والحوارات واللقاءات الافتراضية.
سابعًا، منصات وأدوات هامة
من المنصات الافتراضية المجانية عبر الانترنت التي يمكن استخدام مساحات جاهزة مسبقًا منها لصناعة القصص الافتراضية هي منصات Decentraland ،Spatial العالمية ومنصة V Time XR، حيث توفر هذه المنصات مساحات كبيرة لأماكن عالمية افتراضية، فضلًا عن إتاحتها مساحات مجانية فارغة يمكن البناء بداخلها القصة الافتراضية من البداية حتى النهاية.
كما يجب على الصحفي الافتراضي البحث على منصة Oculus عن التطبيقات والمنصات الافتراضية المجانية وغير المجانية التي تخدم قصته، أو يقوم ببناء قصصه بشكل ذاتي، أو التعاون مع مكتب هندسي لرسم القصص الافتراضية بشكل كامل.
ثامنًا، طرق ومنصات النشر
هناك طرق عدة لنشر القصص الافتراضية، وتبقى الطريقة الأفضل هي نشرها عبر منصات افتراضية في الميتافيرس، أو نشرها عبر المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي عن طريق إنشاء روابط افتراضية تفتح عبر رابط خارجي على أجهزة الموبايل أو الكمبيوتر.
تجربة مصرية:
هناك تجربة مصرية لدمج الميتافيرس في الإعلام والتي بدأها برنامج "8 الصبح" على شاشة dmc، حيث يضع خطة كاملة بهدف دمج الميتافيرس والذكاء الاصطناعي.
في حديثه لـ"شبكة الصحفيين الدوليين"، قال رئيس تحرير البرنامج أحمد عبدالعظيم إنّ البرنامج بدأ بدمج الميتافيرس في فقراته بشكل تدريجي بفقرة ثابتة عن السياحة الافتراضية، حيث يجري جولات افتراضية للأماكن السياحية الأثرية بهدف الترويج للسياحة الافتراضية، هذا فضلًا عن إطلاقه مبادرة لزيارة الآثار المصرية المهربة في الخارج بهدف التوعية بها وضرورة استردادها.
وأوضح أنّ البرنامج أطلق مبادرة أخرى لاستخدام NFT في رقمنة التراث وإنشاء المتاحف الرقمية.
لكن هناك تحديات تواجه هذه التجربة الجديدة وهي أن الجمهور في مصر غير مستعد بشكل كامل لاستقبال هذا الشكل الجديد من الإعلام لعدم انتشار نظارات الواقع الإفتراضي بين الجمهور مقارنة بدول أخرى.
رأي خبير:من جهتها، لفتت الدكتورة لميس النجار، وهي مدرسة مساعدة بكلية الإعلام في جامعة القاهرة إلى وجود اهتمام كبير من قبل أعضاء هيئة التدريس بتدريب الطلاب على تقنيات الذكاء الاصطناعي والميتافيرس لإنشاء قصص وعوالم افتراضية خاصة بهم.
وأضافت أنّ دمج الميتافيرس والعوالم الافتراضية في الصحف وإضافة هذا النوع من الصحافة الجديدة إلى ألوان الصحافة سوف يسهل على أعضاء هيئة التدريس تدريب الطلاب بشكل عملي على هذه التقنيات، مؤكدةً أنّ عددًا كبيرًا من كليات الإعلام في مصر بدأت بتغيير المناهج الخاصة بها لتضيف إليها صحافة الذكاء الاصطناعي والميتافيرس واستعانت بعدد من الصحفيين الذين يمتلكون خبرات في هذه المجالات.
الصورة الرئيسة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة ستيلا جاكوب.