لا شك أنّ صناعة الإعلام تتأثر بالتطور التكنولوجي الكبير والسريع، وهو ما حدث مع ظهور الإنترنت أو ما عرف بالجيل الأول للإنترنت Web1 الذي كان يتيح استخدام النصوص فقط، والجيل الثاني للإنترنت Web2 الذي أتاح استخدام النصوص والصور وتزامن مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي التي غيّرت شكل العالم بشكل عام والإعلام بشكل خاص، وصولًا إلى الجيل الثالث من الانترنت الـWeb3 الذي يعد ثورة تكنولوجية بدأت في تغيير شكل العالم بالفعل، حيث لن يكتفي الجمهور بالمشاهدة والتفاعل عبر النصوص والصور، لكنه يستطيع أن يعيش القصة والخبر ويتفاعل بنفسه في عالم افتراضي يحاكي العالم الواقعي عبر منصات الـMetaverse التي وصل حجم تدفقات الاستثمارات فيها بنهاية 2022 إلى 120 مليار دولار ومن المتوقع أن ترتفع هذه الاستثمارات بنسبة 32.9% بحلول عام 2030 وفقًا لشركة McKinsey.
في هذا المقال، سوف نتحدث عن خطوات إنشاء العوالم والقصص الافتراضية داخل الميتافيرس، عن طريق استخدام منصات افتراضية نقوم من خلالها ببناء العوالم الافتراضية، أو رسمها عبر البرامج الهندسية وربطها بمنصات الميتافيرس، أو تصويرها بتقنية الـ360، أو استخدام منصات افتراضية مجانية لتنفيذ هذه القصص كما حدث من خلال قصة إنسانية باستخدام هذه التقنية حملت عنوان "حققنا أحلامهم.. نزلاء "معنا لإنقاذ إنسان" في جولة داخل العالم الإفتراضي"، وكانت من أبرز وسائل الإعلام التي استخدمت تقنية 360 في سرد القصص الصحفية، صحيفتا The New York Times وThe guardian، إضافةً إلى تجربة الصحفية جوليا ليب وهي مصورة وصانعة أفلام متخصصة تستخدم تقنية الواقع الافتراضي في إجراء جولات افتراضية في الأدغال وفي مخيمات اللجوء.
ومن التجارب العربية الرائدة كانت منصة "كونتراست" الافتراضية التي أطلقتها قناة الجزيرة، ومنصة Frontline in focus xr المتخصصة بقضايا الإنسان في مناطق الحروب والنزاعات.
ومن أبرز التجارب الإنسانية التي استخدمت تقنية الواقع الافتراضي كانت من خلال فيلم فيلم وثائقي عرضته محطة إم.بي.سي الكورية الجنوبية حيث بثت لقاء أم بابنتها المتوفية منذ سنوات في حديقة المنزل منذ 4 سنوات.
مشاريع إنسانية في الميتافيرس
تمّ تنفيذ أحد المشاريع الإنسانية باستخدام تقنية "الميتافيرس"، بالتعاون مع دار "معانا لإنقاذ إنسان" لإيواء المشردين في مصر، حيث حاولنا تحقيق أحلام قاطني الدار ورسم البهجة على وجوههم عن طريق تنفيذ أحلامهم بالسفر عبر الماضي والحاضر والمستقبل باستخدام تقنية الميتافيرس إلى الأماكن التي يحلمون بالذهاب إليها وهو ما تفاعل معه كل من خاضَ هذه التجربة.
إنشاء العوالم داخل الميتافيرس
لا يحترف كل الصحفيين برامج الجرافيك والمونتاج والبرمجة، لكن يجب أن يكونوا على دراية بمبادئ استخدام هذه التقنيات وكيفية استخدامها في الصحافة، الأمر ذاته في الصحافة الغامرة أو صحافة الواقع الإفتراضي، إذ لا يستطيع كل الصحفيين صناعة عالمهم وقصصهم الافتراضية بأنفسهم بل سيعاونهم محترفون ومصممو جرافيك، ومبرمجون، ومطورون، لكن يجب علينا في هذه المرحلة أن نكون على دراية بمعرفة مبادئ كيفية إنشاء العوالم والقصص الافتراضية، وكيفية استخدام المنصات الافتراضية التي تسمح ببناء العوالم الافتراضية وسنشرح ذلك في الأمثلة التالية:
1- إنشاء عوالم افتراضية Horizon Worlds
- أبرز المنصات التي تتيح بناء العوالم الافتراضية بداخلها هي منصة Horizon Worlds، لكن عليك قبل أن تبدأ في التنفيذ أن تعد نصًا للقصة التي تريد تنفيذها ثم تحديد الشكل النهائي لها والبدء في خطوات التنفيذ كالآتي:
- تحميل منصة Horizon worlds من Oculus على نظارة الـ VR أو من App Store أو Google play لاستخدامها على الموبايل أو جهاز الحاسب الآلي.
- عمل الأفاتر على المنصة، حيث ستظهر نافذة بها عدد من الاختيارات الضغط على زر Create، ثم تفتح نافذة أخرى بها اختيارات لمساحات البناء.
- اختيار Intro to Creation لتعلم أساسيات البناء في المنصة، أو الدخول على المساحة الفارغة التي تريد إنشاء القصة الافتراضية بداخلها حيث يمكن اختيار الرسومات من أشكال معدة مسبقًا أو استخدام أدوات الرسم والتلوين بسهولة كبيرة لتتمكن من إنشاء قصص وعوالم افتراضية خاصة بك وفقا للنص والخطة المحددة مسبقًا.
2- إنشاء قصة عبر منصة Spatial
تعدّ منصة Spatial من أكبر منصات الميتافيرس التي تتيح إنشاء عوالم افتراضية جديدة، حيث يتم إنشاء قصص صحفية بداخلها في الخطوات الآتية:
- إنشاء حساب على منصة Spatial باستخدام البريد الإلكتروني أو صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
- رسم القصة الإنسانية 3d باستخدام برامج الرسم الهندسية مثل 3ds Max أو Maya لبناء بيئة افتراضية للخطة الموضوعة مسبقًا.
- يجب أن يكون حجم الملف الافتراضي أقل من 100MB، الأبعاد على منصة Spatial عن طريق الاشتراك ويكون نوع الملف امتدادًا لـOPJ.
الطريقة الثالثة هي استخدام منصات افتراضية مجانية لتنفيذ قصة إنسانية وسوف نستخدم منصة V TIME XR في تنفيذها كالآتي:
- استخدام نظارة Meta Quest 2 وتحميل تطبيق VTIME XR من داخل النظارة.
- للاستخدام على الهاتف المحمول: تحميل تطبيق VTIME XR على الهاتف من منصة App Store أو Google Play.
- إنشاء حساب باستخدام البريد الإلكتروني وربطه بنظارة الـ Quest أو بالهاتف المحمول.
- تصميم Avatar لشخصية المستخدم الافتراضية داخل المنصة.
- إضافة الضيوف باستخدام أسمائهم أو عناوين بريدهم الإلكتروني، كي تستطيع اللقاء بهم داخل الميتافيرس.
- بعد الدخول إلى التطبيق، تظهر نافذة بالضغط عليها تفتح نوافذ أخرى، اضغط على زر Destination والذي يظهر للمستخدم عددًا من الأماكن التي تسمح بالتجول افتراضيًا، منها الاستوديو الافتراضي، ومناطق سياحية حول العالم، وأخرى من الخيال، اضغط على المكان الذي تريد السفر إليه.
- الخطوة الأخيرة هي تسجيل ما يدور داخل النظارة عن طريق الضغط على Record، حتى تستطيع عرض الجولة الافتراضية للجمهور بعد ذلك.
4- إنشاء قصة بتقنية 360- من الممكن استخدام تقنية 360 في إنشاء القصة الإنسانية ومشاهدتها عبر نظارات الـQuest أو التجول افتراضيًا بها عن طريق الهاتف المحمول أو جهاز الحاسب الآلي والخطوات كالآتي:
- مسح المواقع بتقنية 360 باستخدام أجهزة المسح الضوئي الحديثة.
- استخدام كاميرا 360 وأشهر هذه الكاميرات هي INSTA 360، وهناك أنواع أخرى مثل Ricoh Theta وGo Pro.
- تحميل التطبيق الخاص بالكاميرا من منصة App Store أو Google Play.
- وضع الكاميرا على حامل وسط مكان التصوير والاختفاء بعيدًا عنها حتى لا تلتقط صورًا لك داخل التقرير.
- بدء التقاط الصور أو الفيديو، عبر التطبيق الخاص بالكاميرا المثبت على الهاتف، ويتم نقل الصور إلى جهاز الحاسب الآلي، وإجراء عملية تركيب الصور داخل البرنامج الخاص بالكاميرا.
هنا نقطة مهمة، لو افترضنا أننا ننشئ تقريرًا عن سيدة اسمها "نجلاء"، علينا كتابة اسكريبت لها تتحدث فيه وكأن شخصًا ما يرافقها حياتها اليومية، بدون تحديد اسم، حتى يشعر أي شخص يشاهد الجولة الافتراضية بأنه يعيش يومًا مع تلك السيدة.
ليس كل واقع افتراضي "ميتافيرس"
"كل ميتافيرس هو واقع افتراضي.. لكن ليس كل واقع افتراضي ميتافيرس"، هذه قاعدة هامة أكدها المهندس محمد محي الدين المتخصص في تقديم الحلول الافتراضية في حديثه لشبكة الصحفيين الدوليين، مؤكدًا أن هناك خلطًا بين استخدام الإنتاج الإفتراضي Virtual Production سواء استديوهات الواقع الافتراضي والتي طبقتها قنوات إخبارية، وبين استوديوهات الميتافيرس التي طبقتها صحف وقنوات مصرية، فالأولى تجري عبر رسومات هندسية محددة ويقوم المذيع بتسجيل حديثه عبر كروما ثم يتم عمل دمج في المونتاج وعرض الفيديو بدون تفاعل المذيع أو الجمهور معه.
أما الميتافيرس فهو أحد أحدث الحلول القائمة على تكنولوجيا الواقع الافتراضي والعوالم ثلاثية الأبعاد ولكن الفرق الجوهري هو وجود شخصيات افتراضية Avatars تتفاعل مع بعضها البعض ومع البيئة الافتراضية ليطلق على ذلك كله "ميتافيرس".
تكلفة ومصداقية كبيرة
وعن تكلفة التقنية قال المتخصص في تطوير الحلول الافتراضية إنّ سعر كاميرا 360 يتراوح بين 400 دولار للأنواع الصغيرة للاستخدام الشخصي، و15 ألف دولار لكاميرات التصوير السينمائي 360 بجودة تصوير 12K.
وأوضح أنّ عمل الصحفيين بهذه التقنية يعطي مصداقية أكثر للمشاهد عن القصة، أو التقرير، أو الفيتشير بخلاف الصور والفيديوهات التي تنقل الواقع باتجاه واحد بدون إعطاء المشاهد الفرصة ليكون في قلب الحدث والتفاعل معه.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة آدم جيشا.
إقرأوا المزيد من المقالات لـ
