عُقدت جلسة تدريبية نظمها منتدى شبكة الصحفيين الدوليين تحت عنوان "إدارة المؤسسات الصحفية وتحديات الاستدامة في ظل الأوضاع والأزمات الراهنة"، وهدفت إلى مناقشة التحديات التي تواجه المؤسسات الإعلامية في الوقت الراهن وكيفية تطوير استراتيجيات فعالة لتحقيق الاستدامة في ظل التحولات الكبيرة التي يشهدها المشهد الإعلامي.
أطرت الجلسة الدكتورة روان الجيوسي، زميلة في زمالة نايت التابعة للمركز الدولي للصحفيين، والتي تعتبر من الشخصيات البارزة في مجال دعم وتطوير المشاريع الإعلامية الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال "مدرج" لريادة الإعلام الرقمي.
محاور الجلسة:
- إدارة المؤسسات الصحفية: ناقشت الجلسة أهمية إدارة المؤسسات الصحفية بفعالية في ظل التحديات الراهنة. وتم التأكيد على أن الإدارة الجيدة يجب أن تتضمن فهمًا عميقًا للسوق وتبني استراتيجيات تمكن المؤسسات من التكيف مع التغيرات المستمرة. كما تناولت الدكتورة روان مفهوم نموذج العمل الإعلامي، مشيرة إلى أنه يمثل الإطار الذي يحدد كيفية تحقيق المؤسسة للإيرادات واستدامة عملياتها وتقديم القيمة المضافة للجمهور.
- الفصل بين التحرير والإدارة: شددت الجيوسي على ضرورة الفصل بين الجوانب التحريرية والإدارية في المؤسسات الإعلامية لضمان استقلالية المحتوى الصحفي. وجرت مناقشة كيفية تحقيق هذا الفصل بشكل يضمن كفاءة العمل وسلامة القرارات التحريرية بدون التأثير على الأهداف التجارية للمؤسسة. وأشارت الدكتورة روان إلى أن هذا الفصل يعد من الأساسيات لضمان نزاهة الصحافة.
- العلاقة بين الصحفي ودوائر التسويق والعلاقات العامة: تطرقت الجيوسي إلى العلاقة الحساسة بين الصحفيين وأقسام التسويق والعلاقات العامة. وتم التأكيد على أن هذه العلاقة يجب أن تكون مبنية على التعاون والتنسيق الجيد لتحقيق الأهداف المشتركة، مع الحفاظ على استقلالية العمل الصحفي. وأوضحت الدكتورة روان أن نجاح المؤسسة يعتمد بشكل كبير على تكامل الجهود بين هذه الأقسام، مشيرة إلى أن التسويق والعلاقات العامة يمكن أن يعززا من وصول المحتوى الصحفي إلى جمهور أوسع.
- استدامة وسائل الإعلام وإدارة المحتوى: تم تسليط الضوء على استدامة وسائل الإعلام كأحد أهم التحديات في ظل الأوضاع الراهنة. ناقشت الجلسة كيفية تطوير نماذج أعمال جديدة تسهم في تحقيق الاستدامة المالية للمؤسسات الإعلامية. وقدمت الدكتورة روان رؤيتها حول كيفية إدارة المحتوى بشكل يضمن تحقيق هذه الاستدامة، من خلال التركيز على تنويع مصادر الإيرادات وتبني الابتكار في تقديم المحتوى.
- العلاقة بين الجمهور والمحتوى وأدوات النشر: ناقشت الجلسة أهمية فهم الجمهور واحتياجاته في ظل التحولات الرقمية. وتم التأكيد على ضرورة استخدام أدوات النشر الحديثة بشكل يضمن الوصول إلى شرائح جديدة من الجمهور وتعزيز التفاعل معه. وأشارت الدكتورة روان إلى أن تطوير استراتيجيات محتوى تستند إلى تحليل دقيق للجمهور يعتبر أمرًا حيويًا لنجاح المؤسسات الإعلامية في العصر الرقمي.
المفاهيم الأساسية التي تم تناولها:
- نموذج العمل: أوضحت الجيوسي أن نموذج العمل يشير إلى الإطار الاستراتيجي الذي يحدد كيفية تحقيق المؤسسة للإيرادات واستدامة عملياتها. يشمل ذلك استراتيجيات تحقيق الدخل، مثل الإعلانات والاشتراكات وترخيص المحتوى، بالإضافة إلى كيفية تقديم القيمة للجمهور والحفاظ على الاستدامة المالية.
- تطوير الأعمال: تناولت الجلسة مفهوم تطوير الأعمال في السياق الإعلامي، وأشارت الدكتورة روان إلى أنه يتضمن مجموعة من الأنشطة والمبادرات الاستراتيجية التي تهدف إلى تعزيز النمو وتوسيع نطاق الوصول للجمهور المستهدف. وتم التأكيد على أهمية الابتكار في تطوير الأعمال وتكييف الاستراتيجيات مع التحولات الرقمية لتحقيق النجاح والاستدامة على المدى الطويل. وتشمل عناصر تطوير الأعمال تحليل السوق والمنافسين، بناء شراكات استراتيجية، تنويع مصادر الإيرادات، وتقديم منتجات وخدمات جديدة تلبي احتياجات الجمهور المستهدف.
- تحليل SWOT: تم استعراض أهمية تحليل SWOT كأداة لتقييم نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات في المؤسسات الإعلامية. وأوضحت الدكتورة روان أن هذا التحليل يساعد في اتخاذ قرارات استراتيجية مستنيرة ويعزز من قدرة المؤسسة على التكيف مع التحديات.
- استراتيجية المحتوى: ناقشت الجلسة أهمية وجود استراتيجية محتوى واضحة للمؤسسات الإعلامية. وتم التأكيد على أن استراتيجية المحتوى يجب أن تكون مبنية على فهم عميق للجمهور واحتياجاته، وتشمل التخطيط لإنشاء وتوزيع وإدارة المحتوى بطرق تعزز من تفاعل الجمهور وتحقق الأهداف التجارية للمؤسسة.
الفرق بين غرف الأخبار "الجمهور أولاً" و"الرقمي أولاً":
فيما يتعلق بمفهوم غرف الأخبار، تم التطرق إلى الفروقات بين غرف أخبار "الجمهور أولاً" وغرف أخبار "الرقمي أولاً"، حيث تتميز غرف أخبار "الجمهور أولاً" بتركيزها على توقيت النشر وتستهدف ذروة وجود الجمهور، مع تخطيط مسبق للمحتوى المنشور على الصفحة الرئيسية. يتم التكليف بالقصص وفق مواعيد النشر الرقمي، ويكون لفريق "المرئيات" دور متداخل في مراحل التخطيط والتكليف. كما يتم التنسيق بين التحرير وفريق التواصل الاجتماعي لخطة ترويج القصص المهمة، حيث يشكل المحتوى المخطط نحو 60% من إجمالي المحتوى، مما يسمح للجميع بمعرفة ما هو قادم والاستعداد للترويج عبر الصفحة الرئيسية.
في المقابل، تتميز غرف أخبار "الرقمي أولاً" بأنها تعمل بدون موعد نهائي للتسليم، حيث يتم نشر القصص فور جاهزيتها. يمكن تكليف القصص بمواعيد الإعلام التقليدي "صحف، برامج راديو وتلفزيون"، لكن الصور والفيديو والجرافيك غالبًا ما تأتي متأخرة ولا يتم تضمينها في عملية التكليف. الترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي في هذه الغرف غالبًا ما يكون غير متوائم مع التحرير، وتسيطر دورة العمل على مدار 24 ساعة على التفكير، مما يؤدي إلى قلة التخطيط وكثير من تكرار الجهد.
أهمية وجود نموذج عمل منظم:
تم التأكيد على أن وجود نموذج عمل منظم يُعَدّ ضرورة لضمان استدامة المؤسسات الإعلامية. هذا النموذج يشمل تخطيطًا ماليًا دقيقًا، واستراتيجيات فعالة لجذب الإيرادات، بالإضافة إلى استثمار ذكي للموارد. كما يساهم في تعزيز الثقة بين الجمهور والجهات المانحة، مما يؤدي إلى تحقيق توازن بين الاستقلال التحريري والجدوى المالية، وهذا التوازن هو ما يضمن استمرارية المؤسسة في تقديم محتوى إخباري ذي جودة عالية بدون التضحية بمبادئها التحريرية.
لماذا يجب أن يكون المحتوى دائم الخضرة جزءًا من استراتيجيتك؟
تطرقت الدكتورة روان إلى أهمية دمج المحتوى دائم الخضرة ضمن استراتيجيات المحتوى للمؤسسات الإعلامية. هذا النوع من المحتوى، الذي يبقى لفترة طويلة، ويلعب دورًا كبيرًا في زيادة حركة المرور إلى الموقع بمرور الوقت. بالإضافة إلى ذلك، يساعد المحتوى دائم الخضرة في تحسين ترتيب الموقع على محركات البحث، مما يعزز من وصول الجمهور المستهدف إلى المحتوى بشكل مستمر ودائم.
خلاصة الجلسة:
أكدت الدكتورة روان على ضرورة تبني المؤسسات الإعلامية لنماذج عمل مبتكرة ومرنة قادرة على التكيف مع التحديات الراهنة وشددت على أهمية تطوير الأعمال الإعلامية من خلال التركيز على الابتكار والتنويع في مصادر الإيرادات وتطوير استراتيجيات محتوى تستجيب للاحتياجات المتغيرة للجمهور. كما أكدت على ضرورة الفصل بين التحرير والإدارة لضمان استقلالية العمل الصحفي والحفاظ على نزاهته.
ختامًا، تعتبر الجلسة دعوة مفتوحة للمؤسسات الإعلامية لتبني استراتيجيات جديدة تتماشى مع التغيرات السريعة في السوق الإعلامي، ولتعزيز التعاون بين مختلف الأقسام داخل المؤسسات بهدف تحقيق الاستدامة والنجاح المستمر.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة فيرمبي.