تتعدد التحديات التي تواجه رواد الأعمال بالمنطقة العربية، بدءًا من المراحل الأولى في التخطيط والإعداد وصولًا إلى فترة التشغيل والاندماج بالسوق، مما يستلزم من رائد الأعمال الحكمة في إدارة التحديات تجنبًا للفشل.
وعلى اختلاف بيئات العمل، يعدّ التمويل المالي من أبرز التحديات التي يتعثر بها رواد الأعمال العرب في سبيل ترجمة أفكارهم إلى واقع، أو توسعتها، وذلك لثلاثة أسباب، الأول: بسبب محدودية ثقة القطاع الخاص بالمشاريع الريادية الشبابية، والثاني عدم قدرة حاضنات الأعمال على استيعاب مختلف المشاريع وتوفير الدعم اللوجستي المطلوب. أما السبب الثالث فيرجع إلى تغليب الجهات الداعمة أهداف الربح، على تمويل الشركات الناشئة، المصحوبة غالبًا بنسبة من المخاطر في ظل الظروف السياسية والاقتصادية غير المستقرة.
ويعلق مدير البرامج في حاضنة "يوكاس" التكنولوجية، عبد الله الطهراوي قائلًا: "تعاني المنطقة العربية من النقص في رؤوس الأموال الجريئة وصناديق الاستثمار والمستثمرين أصحاب الخبرة في الأعمال الريادية، فضلًا عن ضعف الخبرة في إدارة الاستثمارات، والحفاظ على المستثمرين والشركات الناجحة من الهروب خارج المنطقة العربية".
ويتشارك تحدي التوسع والانتشار مع التحدي الأول، وعن ذلك يقول الطهراوي لـ"شبكة الصحفيين الدوليين": "من أصعب التحديات التي تؤجج الثقة بين المستثمرين ورواد الأعمال بعد حصولهم على منح المستثمرين، هي القدرة على التوسع والانتشار في الأسواق خلال مدة قصيرة، مما يُنشئ صراعًا في إدارة الشركة الريادية بين طموح الرائد وبين توقعات المستثمر".
ويندرج في إطار التحديات قصور التشريعات واللوائح التنفيذية الناظمة للأعمال الريادية، وعدم تطوير القوانين بما ينسجم مع متطلبات المرحلة، ويشجعُ الرياديين على الاستمرار والتطوير. يضاف إلى ذلك ضعف السياسات الحكومية المحفزة للقطاعات الريادية الشبابية، ومحدودية الإجراءات الرسمية الداعمة لهم كالخصومات الضريبية، وتسهيلات معاملات الترخيص والتسجيل.
وتعد التكنولوجيا من أهم العوامل الريادية التي تدفع الأعمال الريادية للإبداع والتمييز، إلا أنّ التغير السريع في تطور التكنولوجيا يشكل تحديًا يواجه رواد الأعمال، ويوضح الطهراوي أنّ "التغير السريع بالتكنولوجيا يزيد من تكاليف تطوير المنتجات ويجعل الرواد في سباق مع الزمن لاستخدام التكنولوجيا وجني ثمارها قبل انتهائها".
وعن كيفية مواجهة التحديات السابقة، يطرح الطهراوي خمسة معايير يمكن العمل عليها:
- تطوير مستوى المعرفة وزيادة الخبرات الإدارية والفنية لدى رائد الأعمال، واكتساب كل جديد باستراتيجيات نمو المنتجات والخدمات الريادية، خاصة التي يتم تطويرها من خلال التجربة والأبحاث المتخصصة.
- تشجيع الحكومات والجهات المسؤولة على تقديم التنازلات لرواد الأعمال والمستثمرين العرب، ودعم الشباب وقطاع الخريجين بالحوافز والتسهيلات التي تساعدهم على تجاوز الصعوبات.
- تنظيم العمل في بيئات ريادة الأعمال وتمكين رواد الأعمال من الوصول للأسواق الأوروبية والآسيوية، وفتح الآفاق أمامهم لتبادل التجارب والاستشارات، مع دعم جهود نقل التكنولوجيا والبحث العلمي اللازم لذلك.
- تحقيق التكاملية بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص، بما يساعد رواد الأعمال بالتعرف عن قرب إلى متطلبات الأسواق وتقديم حلول إبداعية، تمكنهم لاحقاً من تأسيس شركات ريادية ناشئة مقبولة لدى المستثمرين وقابلة للتوسع والنمو.
- الاستمرار في محاولات تقليص الفجوة بين خريجي الجامعات وواقع السوق الريادي، من حيث زيادة حصة تخصصات التعليم المهني والتقني وتحديث البرامج الجامعية بشكل دوري وفق متطلبات المرحلة.
ولكن ما مدى تأثير تلك الصعوبات على واقع ريادة الأعمال خلال العام المنصرم؟، يُجيب الطهراوي قائلًا: "كان من المتوقع أن تؤثر الظروف السياسية وتداعيات جائحة كوفيد19 بالإضافة إلى الحرب الروسية بأوكرانيا، ولكن 2022 شهد نشاطًا غير مسبوق، من حيث الاستثمار بالشركات الناشئة التي تتبنى التحول الرقمي".
التحول الرقمي
وفي هذا السياق، يؤكد متخصصون أنّ كلمة السر في نجاح الأفكار الريادية خلال العام الجديد 2023 ستكون بمدى انسجامها مع التحولات الرقمية، وكل ذلك يضع قطاع الإعلام والصحفيين أمام فرص حقيقية للدخول في عالم ريادة الأعمال من أوسع الأبواب، استجابة لاحتياجات المتلقي وتوقعاته في عصر الإعلام الرقمي.
ويعرف التحول الرقمي "Digital Transformation" بأنه مجموعة الإجراءات التي يخطط لها وينفذها كيان ما، من خلال تطبيق التكنولوجيا في جميع محطات العمل، بما يساعد على توفير الوقت والجهد وتحقيق نتائج أفضل بتجربة المستخدم.
وعن ذلك يقول استشاري ريادة الأعمال أحمد عجور إنّ "تحديث اتجاهات وأساليب العمل التي تستند على الانفتاح التكنولوجي وتنويع مصادر الدخل، باتت حاجة ملحة للجميع، ويتوجب أن تزداد قيمة تلك الحاجة أكثر عند المؤسسات الإعلامية ومجتمع الصحافة".
ويضيف عجور لشبكة الصحفيين الدوليين: "أمام الصحفيين أو خريجي كليات الإعلام الفرص للبدء في مشاريعهم الريادية الخاصة وصناعة إعلام مستدام، انطلاقًا من المنصات الرقمية والتي تحظى بمعدلات انتشار ومتابعة تتفوق على الإعلام التقليدي"، مبينًا أنّ الابتكار في المجالات الإعلامية الرقمية يشجع المستثمرين على تقديم أموالهم للشركات الناشئة.
وتتنوع الأفكار المتوفرة في مجال الريادة بالإعلام الرقمي، ومن أبرزها إنتاج البودكاست والاستثمار في التدوين الصوتي، وصناعة البرمجيات والوسائط المتعددة، وكذلك التسويق وصناعة الإعلانات في منصات التواصل الاجتماعي.
على سبيل المثال، اعتبارًا من الربع الثاني من عام 2022، بلغ متوسط إيرادات فيسبوك لكل مستخدم 9.82 دولارًا، بينما بلغت عائدات إعلانات YouTube 7.07 مليار دولار في الربع الثالث من العام المنصرم.
ويعلق عجور: "بات يوتيوب اليوم النافذة المرئية الأشهر عالميًا، بعدد مستخدمين 2.5 مليار، وتلك فرصة لرواد الأعمال الإعلاميين لصناعة المحتوى المتخصص والعمل على يوتيوب كقاعدة صلبة للربح والانطلاق في المشروع الريادي الأول".
ويبلغ عدد مستخدمي يوتيوب ما نسبته 31% من عدد الأشخاص على وجه الأرض، ويحتوي على 51 مليون قناة نشطة، وتأتي الهند بالمرتبة الأولى عالميًا من حيث عدد المستخدمين 467 مليون، في حين تأتي مصر بالمرتبة الأولى عربيًا مع وجود 45.9 مليون مستخدم نشط، وذلك وفق البيانات الواردة بموقع ستيتس برو.
الصورة الرئيسية من انسبلاش بواسطة Proxyclick.