أثناء نشأتها في مصر، كانت دينا أبو غزالة تستاء من طريقة تغطية وسائل الإعلام الغربية السائدة لبلادها، إذ غالبًا ما كانت هذه التقارير تركز على السلبيات، مما جعلها محبطة.
وفي هذا الصدد، تقول أبو غزالة إنّ "الأخبار كانت دائمًا سيئة، فالوضع الاقتصادي والأمني كان سيئًا، ولم تكن الأوضاع العامة في أحسن حال، مما جعلني أشعر بأنّ البلاد كانت على وشك الانهيار على كافة الأصعدة".
وفي عام 2020، قررت الصحفية إحداث التغيير.
فقد أطلقت أبو غزالة، التي كانت تعمل لدى بي بي سي وسبق أن شاركت في عام 2020-2021 كمتدربة في برنامج مركز التوجيه للمبادرات الإعلامية الناشئة، التابع لشبكة الصحفيين الدوليين بنسختها العربية، مبادرة إعلامية تُدعى "إيجاب". وكان الهدف من المنصة مساعدة طُلاب الصحافة والصحفيين المحليين في إعداد القصص التي يمكنها تغيير الروايات السائدة من خلال التغطية الصحفية القائمة على الحلول، ثم عرضها على المؤسسات الإعلامية الكُبرى، مثل صحيفة الجارديان البريطانية وشبكة الجزيرة.
وتوضح أنّها لطالما نظرت إلى المشاكل باعتبارها تحديات تتطلب البحث عن حلول، "وهُنا وجدت صحافة الحلول وانجذبت إليها على الفور".
وبداية من عام 2021، وسّعت أبو غزالة رسالة "إيجاب" لتشمل تثقيف الصحفيين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حول صحافة الحلول التي تدعو إليها المنصة. ففي العام الماضي على سبيل المثال، قامت منصة "إيجاب" بتدريب طُلاب الصحافة في نيجيريا لمساعدتهم في تحسين طريقة تغطيتهم لكيفية استجابة الناس للمشاكل والتحديات التي يواجهونها في مجتمعاتهم المحلية. ومن خلال هذا التدريب، استطاع الطُلاب عرض قصصهم القائمة على الحلول، والتي ساعدتهم المنصة في نشرها عبر المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية.
وفي هذا السياق، تقول أبو غزالة: "عملنا بالشراكة مع الاتحاد النيجيري لصحفيي الجامعات (NUCJ) لندرّب الأعضاء ونشرح لهم خطوات الانضمام إلى منصة ’إيجاب‘". وقد سمحت هذه الشراكة للمنصة بتوسيع شبكة صحفييها لتشمل أفريقيا جنوب الصحراء. وتضيف أنّ "لدينا هذه المواهب المحلية، فلنطلق خدمة لتمكينهم ومساعدتهم ودعمهم من خلال منحهم التعليقات، التي لا يحصلون عليها عادةً في غرف الأخبار المحلية، من أجل إنتاج تقارير صحفية عالية الجودة".
عملية عرض المقترحات
تقوم منصة "إيجاب" بإرشاد متدربيها من خلال عملية التكليفات الصحفية. فبعد التدريب، يحدد الصحفيون الحلول التي يرغبون في تغطيتها ويعرضون أفكارهم على المنصة. وبمجرد تقديم المقترح، تعمل أبو غزالة مع فريقها على تقييمه وإرسال التعليقات لشرح أسباب القبول أو الرفض.
وفي هذا الإطار، تقول أبو غزالة إن "ما يفتقده الصحفيون المحليون حقًا هو ما يحدث بعد حضورهم هذه الورشات. فعادةً ما يُتركون وحدهم أو يتساءلون حول كيفية تطبيق هذه المهارات الجديدة".
وفي حالة قبول المقترح ونشره عبر مؤسسة إعلامية دولية، تتلقى "إيجاب" 30% من الأجر كرسوم خدمة. وتوضح أبو غزالة أنّ "مهمتنا هي مساعدة الصحفيين المحليين على نشر أعمالهم ورفع مستوى مهاراتهم والحصول على وظائف مع مؤسسات الإعلام الدولية أو التميّز بمفردهم من خلال النشر المستقل". وتضيف أنّه "من خلال مساعدة الصحفيين الشباب على نشر القصص التي تجذب الجماهير العالمية من بلادهم، فإننا نساعدهم على كسر هذه الحلقة المفرغة المتمثلة في عدم العثور على فرص مناسبة لتطوير صحافتهم ونشرها في وسائل الإعلام المعروفة".
كيف استفاد الطُلاب؟
في العام الماضي، درّبت "إيجاب" أكثر من 50 طالب/طالبة بمجال الصحافة في نيجيريا. وفي هذا الصدد، يقول صامويل أجالا، رئيس الاتحاد النيجيري لصحفيي الجامعات، إن المنصة "أتاحت الفرصة لصحفيي الجامعات لتغطية أخبار الطُلاب الرائعين الذين يبتكرون مختلف الحلول المبدعة لمعالجة مشاكل المجتمع".
والجدير بالذكر أنّ صحافة الحلول التي تنتهجها "إيجاب" في تدريب الصحفيين ازدادت شعبية في غرف الأخبار حول العالم. وفي هذا السياق، يقول أبيودن جاميو، أحد الطُلاب المتدربين لدى "إيجاب" في نيجيريا، إنّ "التدريب كان مفيدًا لأنّ التعرُّف على طرق تغطية استجابة الناس للمشاكل المجتمعية كان مهمًا ومختلفًا عن الصحافة التقليدية التي اعتدناها". ويضيف أنّه استفاد من "فرصة تعلُّم بعض هذه المجالات الصحفية التي لم نكن نغطيها من قبل".
وبعد انتهاء التدريب، قدّم جاميو قصتين قائمتين على الحلول، وقد تمّ نشر إحداهما عبر صحيفة الجارديان البريطانية والأخرى عبر موقع "الزاوية الإنسانية" (Humangle) النيجيري. كما قامت شبكة صحافة الحلول بضمّ القصتين إلى قاعدة بياناتها الخاصة بتتبع القصص الصحفية القائمة على الحلول.
وتقول أبو غزالة إنّ "ما حسّن مهاراتي الصحفية هو الممارسة اليومية والتعليقات التي تلقيتها من المحررين ومن زملائي"، مضيفة أنّ "هذا هو ما نحاول القيام به مع الصحفيين المحليين".
خطط "إيجاب المستقبلية"
تعمل أبو غزالة حاليًا على إنشاء منصة عبر الإنترنت وتأمل أن تطلقها في أغسطس/آب المقبل. ومن المقرر أن تستضيف هذه المنصة دورات تدريبية عبر الإنترنت وغيرها من الموارد المفيدة للصحفيين.
وتقول إنّ هذه المنصة "ستتيح لنا خدمة عدد أكبر من الصحفيين والمؤسسات الصحفية بشكل أسرع، فنحن نرغب في أن تكون ’إيجاب‘ بمثابة منصة انطلاق لأي صحفي محلي في العالم النامي لبدء مسيرته المهنية في الصحافة الدولية".
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على انسبلاش بواسطة أولواتوبي فاسيبي.