أهم التحولات التي أحدثتها تقنيات الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار في نيجيريا

Jan 27, 2025 في الابتكارات الإعلامية
صورة تعبر عن الذكاء الاصطناعي

في ظلّ الثورة التي أحدثتها تقنيات الذكاء الاصطناعي في ممارسات الصحافة في جميع أنحاء العالم، تحرص غرف الأخبار في نيجيريا بشكل متزايد على دمج هذه الأدوات الجديدة لتطوير السرد القصصي، والتحقق من المعلومات.

على الرغم من أنّ أدوات الذكاء الاصطناعي لا تُعد بديلاً للعمل البشري، إلا أنها قادرة على تنفيذ مجموعة متنوعة من المهام، بدءًا من تلخيص وتحليل البيانات الضخمة، وصولاً إلى التحقق من صحة المعلومات، وتعمل التكنولوجيا الجديدة بالفعل على تشكيل وتغيير طريقة عمل غرف الأخبار في نيجيريا.

إليكم أبرز هذه النقاط:

الكشف عن المعلومات الزائفة

لقد أتاحت شبكة الإنترنت الفرصة للناس الوصول إلى المعلومات ومشاركتها بسرعة. لكن اليوم، تنتشر هذه المعلومات بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تتفوق سرعة انتشار الأخبار الزائفة على الأخبار الحقيقية بمعدل ست مرات.

من جانبه، يقول سيلاس جوناثان، مدير الأبحاث والتحقيقات الاستقصائية في موقع دوباوا-وهو مشروع قائم على التحقق من المعلومات في غرب إفريقيا، والذي أسسه مركز ابتكار وتطوير الصحافة. وإدراكًا لهذه المشكلة، فقد أطلق موقع دوباوا في العام 2024 روبوت محادثة مدعومًا بالذكاء الاصطناعي، ومنصة صوتية، وذلك من أجل الكشف عن المعلومات الزائفة.
من جانبه، أوضح جوناثان: "عندما نتحدث عن التحقق من المعلومات الخاطئة والمُضللة، فإننا نركز فقط على وسائل التواصل الاجتماعي، لكننا أدركنا أن الناس يكذبون كثيرًا على الراديو ويمكنهم قول أشياء مُضللة بدون أن يتحقق أحد منها"، وأضاف قائلاً: "قررنا إنشاء منصة دوباوا الصوتية التي ستساعد الصحفيين على رصد ومتابعة الادعاءات الكاذبة على الراديو وتفنيدها".

وبعد التسجيل، يُمكن للمستخدمين استخدام منصة Dubawa Audio لمراقبة البرامج الإذاعية المباشرة، وتفريغ التسجيلات الصوتية، والتحقق من صحة الادعاءات.

وعلى العكس تمامًا من أغلب أدوات الذكاء الاصطناعي اليوم، والتي تم تطويرها بمنظور غربي، تُتيح الأداة للصحفيين تحويل التسجيلات الصوتية المحلية إلى نص مكتوب باللهجات الخاصة بغانا ونيجيريا، بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية العامية. وفي هذا السياق، أشار جوناثان إلى أن المنظمة لديها أيضًا خطط لتوسيع المنصة لتشمل لغات محلية في غانا ونيجيريا، بالإضافة إلى اللغتين العربية والفرنسية.

وفي الوقت نفسه، يعمل روبوت الدردشة Dubawa على تطبيق واتسآب، حيث يُجيب على الاستفسارات التي يُقدّمها المستخدمون. كما ينتج روبوت الدردشة روابط ذات صلة يمكن للمُستخدمين زيارتها للحصول على مزيد من المعلومات، وذلك وفقًا لما ذكره جوناثان.

وتستند الردود إلى عمليات التحقق من المعلومات التي أجراها موقع دوباوا وشبكة التحقق من الحقائق الدولية. وعلّق على ذلك قائلاً: "عندما تطرح استفسارًا، لا يتم تقديم إجابات عشوائية من مصادر غير معروفة، بل تحصل على ردود فعل ومراجع من المعلومات التي تم التحقق منها بالفعل ومرت بعملية تحرير دقيقة".

وهناك بعض التحديات التي تواجههم مثل التأخير في الحصول على معلومات مُوثقة غير متوفرة في قاعدة بيانات روبوت المحادثة، وذلك وفقًا لما أشار إليه جوناثان، قائلاً: "عندما تسأل روبوت المحادثة سؤالاً لم يتم التحقق منه بعد، فلن تحصل على أي إجابة قابلة للاستخدام؛ لأنّ المعلومات يجب أن تكون قد خضعت للتحقق أو كتبتها وسائل إعلام موثوقة اخترناها لتكون بمثابة قاعدة بيانات للمستخدمين".

وبشكل عام، يتزايد عدد المستخدمين الذين يستفيدون من هذه الأداة. ففي شهر نوفمبر/تشرين الثاني، سجّل برنامج الدردشة الآلية 9000 مستخدم، بينما سجل راديو دوباوا 4000 مستخدم في غانا ونيجيريا، وفقًا لما ذكره جوناثان.

تحويل البيانات الضخمة إلى قصص صحفية
في عام 2022، أطلقت Dataphyte، وهي منظمة إعلامية وبحثية مُتخصصة في تحليل البيانات في نيجيريا، أداة مدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر تُسمى Nubia، والتي تساعد المستخدمين على تحليل كميات ضخمة من البيانات وتحويلها إلى قصص صحفية.

وأوضحت إيبيلوليا أكاهوم، مديرة البرامج وتطوير الأعمال في شركة داتا فايت، قائلةً: "إنّ هذه الأداة تم تطويرها كنوع من التكامل بين تقنية الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري، ثم يجب أن يقوم الصحفيون بتحسين المسودة الأولى للقصة".

وفي السياق نفسه، أكد برناردو موتا، أستاذ الصحافة المساعد في جامعة روجر ويليامز، على أهمية الإشراف البشري على هذه الأداة، قائلاً: "ما يجعل القصص جيدة وجذابة للناس هو ذلك الاتصال الإنساني. وعندما نتحدث عن الصحافة، التي تهتم برواية قصص حقيقية لأشخاص من العالم الواقعي، فإنّ الذكاء الاصطناعي لا يمتلك تلك المعلومات، أو يشوهها عندما يمتلكها"، مضيفًا: "تظهر المشكلة بوضوح عندما يقوم الذكاء الاصطناعي بالوصول إلى بعض الاستنتاجات".
وقد ساعدت الأداة Nubia أولواسيجون أبيدوي، وهو محلل بيانات وصحفي استقصائي يعمل مع شركة "داتا فايت"، في إنتاج مجموعة متنوعة من القصص الصحفية على مدار العام الماضي. ففي شهر يوليو/تموز على سبيل المثال، استخدم الأداة لإجراء تحقيق يكشف عما إذا كان العملاء يحصلون على قيمة مقابل ما يدفعونه لشركات توزيع الكهرباء في نيجيريا.

وفي هذا الصدد، أشار أبيدوي إلى أنه "قام بإدخال مجموعة من البيانات، والتي حولتها الأداة إلى قصة واقعية. ولقد كانت مفيدة للغاية وسهلة الاستخدام، كما أنها وفرت الوقت"، موضحًا: "تمكنّا بواسطة الأداة من معرفة ما إذا كانت شركة توزيع الكهرباء توفر الطاقة اللازمة، وحتى إجمالي الإيرادات".

ولكن أبيدوي واجه تحديًا رئيسيًا يتمثل في عدم قدرته على إدخال مجموعات متعددة من البيانات في وقت واحد للمقارنة بينها، وعلّق على هذا الأمر قائلاً: "أردنا مقارنة النتائج بدولة أخرى، لكن مجموعة البيانات الأولية لم تساعدنا على إجراء هذه المقارنة، فاضطررنا إلى إنشاء مجموعة بيانات أخرى".

أهمية فهم كيفية عمل أدوات الذكاء الاصطناعي
وتستثمر كل من Dubawa وDataphyte في عمليات التدريب من أجل تشجيع المستخدمين، ووفقًا لما ذكرته Akahome، ففي هذا العام، عقدت Dataphyte أكثر من 20 جلسة تدريبية للإعلاميين، والمُحاضرين، وطلاب الجامعات، بينما درّبت Dubawa حوالي 4000 صحفي في مختلف أنحاء إفريقيا، وذلك في كل من غامبيا، وكينيا وليبيريا، ونيجيريا، وجنوب إفريقيا، على كيفية استخدام أدواتها المدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي.

ونظرًا للمخاوف الأخلاقية الناجمة عن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار، أكد موتا أهمية إدراج أخلاقيات الصحافة كجزء من النقاش أثناء جلسات التدريب.
وعلّق على هذا الأمر قائلاً: "لا يمكننا أن نفترض أن جميع الأشخاص الذين يعملون في مجال الصحافة قد تم تدريبهم على أخلاقيات المهنة، لذا يجب أن يكون ذلك جزءًا من التدريب. يحتاج الصحفيون إلى فهم كيفية إنشاء أدوات الذكاء الاصطناعي وطريقة عملها. وإذا تم تدريبك فقط على كيفية استخدام أداة ما، فسيصبح دورك قابلاً للاستبدال".

ويجب على الصحفيين أن يكونوا على دراية أيضًا بالبيانات التي قد تجمعها منهم أدوات الذكاء الاصطناعي. واختتم موتا حديثه قائلاً: "إذا كنت تستخدم أداة لا تعرف ما الذي تفعله، فإنني أؤكد لك أنها تجمع معلومات عنك، والتي تُعد مشكلة أخرى متعلقة بأخلاقيات الصحافة، لأنها يمكن أن تؤدي إلى الكشف عن معلومات حول مصادرك".


يوتونغ ليو والصورة الأكبر / صور أفضل للذكاء الاصطناعي / الذكاء الاصطناعي في كل مكان / الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام بموجب CC-BY 4.0