نصائح مهمة للتغطية الصحفية بعد عام من الانتخابات حول العالم

بواسطة Phineas Hogan
Oct 24, 2024 في موضوعات متخصصة
صورة تعبر عن الانتخابات

واجه الصحفيون الذين يغطون الانتخابات في عام 2024 انتشار المعلومات المُضللة والخاطئة، ووثقوا صعود التطرف السياسي، وثابروا في مواجهة الهجمات المتزايدة على الصحافة. ​​وبحلول نهاية العام، سيكون حوالي نصف سكان العالم، في أكثر من 60 دولة، قد تأثروا بهذه الانتخابات الكبرى.

ومع ذلك، فقد تفاوتت العمليات الانتخابية من حيث درجات الحرية والنزاهة. ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني، وهي النتيجة التي سنتابعها عن كثب نظرًا لتأثيرها في مختلف أنحاء العالم.

وخلال الجلسة الأخيرة التي عقدها منتدى شبكة الصحفيين الدوليين للإبلاغ عن الأزمات، تحدثت ثلاث صحفيات قمن بتغطية الانتخابات الكبرى وتداعياتها هذا العام في كل من ألمانيا، وجنوب أفريقيا، وفنزويلا.

وقد ناقشت لورا جودكامب، الصحفية الإذاعية والتلفزيونية في محطة ARD الألمانية وزميلة المركز الدوليين للصحفيين في برنامج Burns، وجانيت هيرد، مديرة التحرير لصحيفة ديلي مافريك في جنوب أفريقيا، ودارييلا سوسا، مُؤسسة وسيلة الإعلام الفنزويلية الحائزة على جوائز، Arepita، الدروس المستفادة من تغطية الانتخابات وكيف يمكن للصحفيين تطبيقها في تغطيتهم الصحفية للانتخابات المستقبلية.

التحديات الرئيسية

وقد ناقش المشاركون كيفية إعداد تقارير دقيقة والتكيف مع تعقيداتها وذلك أثناء تغطية انتخاباتهم في بلدانهم.

وفي جنوب أفريقيا، خسر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أغلبيته المطلقة للمرة الأولى منذ سقوط نظام الفصل العنصري في العام 1994. وأوضحت هيرد أن زيادة الخطابات الشعبوية خلال الحملة، وانقسام الأحزاب كانت تطورات حاسمة يجب على الصحفيين مواكبتها. واستطردت قائلةً: "كان لدينا الكثير من المعارضة، وعدد أكبر من الأحزاب، والكثير من الأحزاب المنشقة"، مضيفةً "شهدت هذه الفترة أيضًا صعود بعض الأحزاب التي كانت تُشكل تحديًا حقيقيًا، وقد برزت الأحزاب الشعبوية والتي جعلت الأمور أقل يقينًا إلى حد ما".

ركزت جودكامب على حزب اليمين المتطرف البديل من أجل ألمانيا (AFD) خلال الانتخابات الألمانية في أوائل سبتمبر/أيلول، وأشارت إلى أنه من الصعب على الصحفيين تحقيق التوازن بين منح الحركة الاهتمام الإعلامي بسبب بروزها بدون تضخيم بعض آرائها "الضارة"، وأضافت قائلةً: "من ناحية، ينبغي الإبلاغ عن وجود حزب البديل من أجل ألمانيا في الانتخابات باعتباره جزءًا من العملية الديمقراطية، ومن ناحية أخرى، من الضروري عدم توفير منصة غير نقدية لنشر أيديولوجية ضارة".

وبالنسبة لتغطية الانتخابات في فنزويلا، فقد أُتيحت للمعارضة السياسية فرصة إنهاء الحكم الاستبدادي للرئيس نيكولاس مادورو، ووجد الصحفيون أنفسهم في مواجهة التضليل الذي كانت تروجه الحكومة، وعلى الرغم من أنّ الأدلة أظهرت أن مادورو خسر الانتخابات بفارق كبير، إلا أنه قد أعلن المجلس الانتخابي الوطني في فنزويلا بفوز مادورو في إعادة الانتخاب، وعلقت سوسا على هذا الأمر قائلةً: "ماذا تفعل عندما تبدأ المؤسسة المعنية بحماية الديمقراطية في العمل ضمن إطار ما بعد الحقيقة؟".

إعلام الناخبين بالمخاطر

وفي ظل هذه التحديات، ينبغي تضافر جهود الصحفيين وغرف الأخبار لإشراك الناس في السياسة ومواجهة التضليل، وينبغي أن يكون المحررون على دراية بالدور الذي يلعبونه في الانتخابات، وهو ما أكد عليه المشاركون في الجلسة بأنّ "الصحفيين يحتاجون إلى تكثيف جهودهم في التحقق من المعلومات، وتقديم السياق، والعمل مع شبكات موثوقة لكشف هذه التفضيلات"، وأضافت سوسا: "إنّ الهدف ليس فقط  مجرد الإبلاغ عن الحقائق، ولكن جمع الأشخاص الذين يريدون مناقشات تستند إلى الأدلة".

وأوضحت جودكامب أنّ شرح برامج الأحزاب بطريقة سهلة الفهم يُشكل جانبًا مهمًا في تغطية الانتخابات، وقالت: "أعتقد أن محاسبة الأحزاب، وخاصة حزب البديل من أجل ألمانيا، والنظر في برامجها الانتخابية هو أمر مهم جدًا ليعرف الناس ما نقوله بشأن العديد من القضايا السياسية المختلفة، لأنه في معظم الأحيان لا تكون لديهم حلول حقيقية، أليس كذلك؟ والأمر يتعلق أكثر بانتقاد التحالف الحالي على أدائه".
وأشارت هيرد إلى أن بعض الناخبين المحتملين يشعرون بالملل التام من السياسة على الرغم من أن انتخاباتهم لها تداعيات كبيرة، وينبغي على المؤسسات الإعلامية أن تدرك ذلك وأن تستخدم أساليب مثل الفكاهة لإعادة جذب القراء، موضحةً أنّ "تناول مسألة جادة وإضفاء لمسة خفيفة عليها يمكن أن يكون فعالاً بدون أن يصبح مبالغًا فيه، فالأشخاص الذين يتجنبون الأخبار أو يشعرون بالإرهاق من السياسة أو الانتخابات، يمكنهم أن يتفاعلوا مُجددًا".
ولتوضيح دور الصحافة في أوقات الاضطرابات، طرحت سوسا مثالاً بصريًا: تخيل الميم الخاص بالكلب الذي يشرب القهوة في منزل محترق ويقول: "الأمور جيدة"، واقترحت أن تكون الصحافة الجيدة مثل فنجان القهوة ــ موثوقة ومُتسقة ويمكن للقراء أن يعتمدوا عليها، واستكملت سوسا حديثها قائلةً: "إن فنجان قهوة الذي يرفع وعي جمهورنا بدون إثارة الذعر، هو فنجان قهوة مُميز لأنه يجعلك ترغب في العودة إليه غدًا، كما أنه يساعد مجتمعنا على اتخاذ قرارات أفضل، وفنجان يتحول إلى طقس يومي مريح، وبوصلة ترشدنا في أوقات عدم اليقين".

أن تكون مدافعًا عن الديمقراطية بدون الانحياز لأي حزب سياسي
قال الصحفيون إن توضيح مدى أهمية الانتخابات في الحفاظ على الديمقراطية مع البقاء غير متحيز هو أمر صعب، لكنه ضروري في ظل تنامي المشاعر المناهضة للديمقراطية.

وحثت جودكامب الصحفيين على انتقاد الخطاب السياسي، وخاصة الصادر عن الأحزاب والحركات المتطرفة، والتفكير بعناية في كيفية تغطيته، وأعطت مثالاً وأوضحت فيه أنه "يجب على الصحفيين عدم استخدام روايات الأحزاب الشعبوية اليمينية"، وأضافت: "أحاول دائمًا التفكير مرتين: هل هذه هي الكلمة الصحيحة التي يجب استخدامها؟ هل تحمل دلالات إضافية؟ هل يمكنني العثور على رواية أكثر دقة أو كما تعلمون، أكثر موضوعية؟".

وأكدت هيرد على ضرورة أن يتحلى الصحفيون بالصدق والدقة في صياغة الكلمات وفرزها واختيارها، وقالت: "إنه ينبغي عليكم أن تنتبهوا وتفكروا جيدًا في الكلمات التي تستخدمونها عندما تقومون بالتغطية الصحفية عن الأحزاب، وأن تتحققوا منها بالفعل"، مضيفةً: "لدينا وجهة نظر تتعلق بالديمقراطية، وسنحاول الوصول إلى حقيقة الأمور بشكل عادل ودقيق قدر الإمكان".

وأشارت سوسا إلى أنه من أجل حماية الديمقراطية، فينبغي على الصحفيين أن يعرفوا أهميتها، وأن يتأكدوا من أن جمهورهم يدركها أيضًا.

وعلى صعيد آخر، فقد وصفت سوسا الديمقراطية بأنها "تشبه النظام الحي: فهي غير كاملة، وتحتاج إلى رعاية ومراقبة مستمرة"، وقالت "إن دور الصحفيين يتلخص في إعلام الجمهور حتى يتمكنوا من اتخاذ قرارات مستنيرة، مؤكدة على ضرورة إيجاد طرق أكثر فعالية للتواصل عندما يشكل مرشح أو إجراء ما تهديدًا للقيم الديمقراطية".

واختتمت سوسا حديثها قائلةً إنه بدون الديمقراطية يفقد الناس صوتهم، موضحةً: "في اليوم الذي تواجه فيه مشكلة مع شخص ذي نفوذ أو حكومة أو شركة أو حتى كارتل مخدرات، فلن يكون لديك أي حقوق كمواطن، ولهذا السبب فإن الديمقراطية مهمة، إنها النظام الوحيد الذي يمنحك حقوقك حقًا".


الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على Unsplash بواسطة توم باريت .