تسعى "Malaysiakini"، وهي مؤسسة إخبارية تلتزم بإنتاج تقارير محلية مجتمعية في ماليزيا، إلى زيادة التقارير التي تغطي الأخبار المحلية. إلا أن مدراءها التنفيذيين يعلمون أنهم لا يستطيعون تعيين فريق من الصحفيين في جميع أنحاء البلاد، خصوصاً المناطق النائية، للوصول إلى هذا الهدف.
ولكن بالعمل مع المركز الدولي للصحفيين (ICFJ) في واشنطن، قامت هذه المؤسسة بتطوير برنامج متطور لتدريب الصحفيين المواطنين، وتزويدهم بأدوات تقنية لتغطية الأخبار المحلية ليس فقط في المدن الكبرى بل حتى المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها.
ومنذ تشرين الأول/أكتوبر 2008، قام "Malysiakini" مع المركز الدولي للصحفيين بتدريب أكثر من 175 صحفي مواطن في جميع أنحاء البلاد على تقنيات إعداد التقارير وتسجيل مقاطع الفيديو. وتم تزويد أولئك في المناطق النائية بكاميرات فيديو فليب (Flip) ساعدتهم على إعداد التقارير الإخبارية.
وليومنا هذا، أنتج هؤلاء المتدربين ما يقارب 700 مقطع فيديو. ويقوم ما يقارب نصفهم بكتابة مدونات، نشرت جميعها على موقع الصحفيين المواطنين الإلكتروني "CJ.my"، والمتوفر على الصفحة الرئيسية لـ "Malysiakini".
وتعد ماليزيا بيئة صعبة لتأسيس وكالة أنباء، حيث تخضع فيها وسائل الإعلام التقليدية المطبوعة والمرئية لرقابة الحكومة. بالإضافة إلى ذلك فإن البنية التحتية الإلكترونية خارج المدن الرئيسية غير متكافئة، مما يؤدي إلى صعوبة في نشر الأخبار المتعلقة بالمجتمعات النائية. نتيجة لذلك، فإن الأقليات الدينية والعرقية هناك غالباً ما تكون مهمشة ولا صوت لها.
ولكن "Malaysiakini"، تحدى هذه الصعوبات. وبحسب مؤسس هذا الموقع الإلكتروني بريمش تشاندران أن العديد من الماليزيين يفتقرون إمكانية الوصول إلى الإنترنت بشكل منتظم. وأضاف "لقد أردنا تحديد أمرين: كيفية الحصول على المزيد من الأخبار المحلية وكيفية إيصال المزيد من الأخبار لمزيد من الناس".
تدريب الصحفيين المواطنين على تغطية أخبار المناطق النائية
بالنسبة للصحفيين المواطنين الذين يعيشون في مناطق تتمتع باتصال جيد بالإنترنت، فإنهم يقومون ببساطة بتحميل تقاريرهم على الموقع مباشرة. أما بالنسبة للذين يعيشون في المجتمعات الريفية النائية كـ "ساراواك"، وهي منطقة نائية تقع في جزيرة بورنيو شرق ماليزيا، يعاني الجميع محدودية الكهرباء والطرق ووسائل النقل أو الهواتف.
ومع ذلك، فإن إعداد التقارير عن هؤلاء السكان، وقضايا حقوق الإنسان التي يواجهونها، يمثل أولوية بالنسبة لـ "Malysiakini".
تقع هذه المجتمعات في أماكن بعيدة عن إجراءات الرقابة، حيث أن تفشي قطع الأشجار غير المشروع والتعدي على الأرض أحل كارثة بهذه المجتمعات من خلال تدمير مساحات شاسعة من الأراضي، الذي قضى على العديد من الموارد الغذائية والمالية للناس الذين يعيشون هناك. كل ذلك حصل مع إفلات من عقاب الحكومة وتحيزها ضد الأقليات التي تقطن سارواك.
حتى اليوم، نجح موقع "Malysiakini" في تعيين ثمانية صحفيين مواطنين من ثلاث مناطق في ساراواك، تم تدريبهم على أساسيات إعداد التقارير وتزويدهم بكاميرات فليب. هذه التكنولوجيا البسيطة- لكن الفعالة بشكل هائل- نجحت في تسليط الضوء على قصصهم. حتى الآن، أنتج الصحفيون المواطنون الثمانية مجتمعين 23 تقريراً أنتجوها من دون توفر الطرق والسيارات والمواصلات والكهرباء أو وصول إلى شبكة الإنترنت.
ومع انعدام إمكانية تحميل مقاطع الفيديو من هذه القرى، قام المواطنون الصحفيون بإعادة الكاميرات بأكملها إلى مقر موقع "Malysiakini" في كل مرة أنهوا فيها إعداد الفيديو. ولم تكن الرحلة سهلة إلى كوالالمبور حيث أن الطريقة الوحيدة للوصول إلى منطقة "بينان" هي عبر نهر بارام أو عبر الطرقات ذات الأشجار المقطوعة أو ضمن الأدغال.
وهكذا، تنقل الكاميرات عبر الأدغال عبر متطوعين. والسير من الغابة يتطلب من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. يمرر فريق من المتطوعين الكاميرا "بالتتابع" حتى تصل إلى "Malysiakini". وكثيراً ما تتطلب الرحلة ما يصل إلى ستة مشاركين مختلفين، وتستغرق 30 يوماً قبل أن تصل إلى المحرر.
وبعد أن يقوم محررو موقع "Malysiakini" بتحرير الصور وتحميلها يتم فحص الكاميرا وشحن البطاريات وتسليم الكاميرا مرة أخرى للصحفي المواطن لتعود عبر رحلة طويلة مماثلة.