مقابلة مع الصحفية الباكستانية الرائدة زبيدة مصطفى

بواسطة Lindsay Kalter
Oct 30, 2018 في مواضيع متنوّعة

عندما طلبت زبيدة مصطفى، أوّل مراسلة صحفية لإحدى المؤسسات الإعلامية في باكستان، الإذن لمرافقة الملحق الإعلامي للرئيس الباكستاني محمد عبد الحق في رحلة، جاءها الرّد عندئذ أن الرحلة "تقتصر على الرجال فقط".

كانت هذه الحادثة واحدة من العوائق الجندرية التي واجهت زبيدة بعد تعيينها كمساعدة محرّرة للغة الإنجليزية في الصحيفة اليومية داون عام 1970. مُنحت زبيدة مؤخراً جائزة إنجازات لمدى الحياة 2012 من قبل المؤسسة العالمية للمرأة في الإعلام "IWMF"، وهي التي كانت رائدة في تغطية شؤون المرأة بالإضافة إلى قضايا السياسة والتعليم والصحة والثقافة.

تحدّثت زبيدة مع شبكة الصحفيين الدوليين عن مسيرتها الصحفية التي دامت ثلاثة عقود والتحدّيات الحالية التي تواجهها الصحفيات:

شبكة الصحفيين الدوليين: ما الذي ألهمك لاختيار هذه المهنة على الرغم من المعوّقات التي ستواجهينها؟

زبيدة مصطفى: لم تكن الصحافة مهنتي الأولى. فلقد عملت كمديرة بحث في مؤسسة بحوث وهي المعهد الباكستاني للشؤون الدولية "PIIA"، حيث كنت أكتب أبحاثاً في الشؤون الدولية. لقد أخذت فترة استراحة من العمل عندما كانت ابنتاي صغيرتين وبحاجة إليّ، وقد تزامن لاحقًا عرض فرصة عمل لدى داون في الوقت الذي كنت أنوي فيه العودة إلى العمل. لقد قبلت بالعمل لدى داون عندما وعدوني بمرونة أوقات العمل مما يسمح لي بالتوفيق بين عملي وعائلتي. جذبني العمل في الكتابة، لأن ذلك كان عملي في السابق، وأنا أثق بقدراتي في هذا المجال. كوني المرأة الوحيدة في المكتب حيث أعمل لم يكن بالتحدّي الكبير، وذلك لأن الجمود قد زال عند انضمامي مع فتاة أخرى لمعهد البحوث، فقد قمنا بمساندة بعضنا البعض معنوياً لتخطي هذا الحاجز.

أما في الصحافة فلقد كان التحدّي أن أظهر مؤهلاتي في الكتابة وأحرص على أخذ عملي على محمل الجِد. في ذلك الوقت لم يكن هناك نساء في الصحافة ممن قد وصلن لنفس المستوى المهني الذي وصلت له، لقد كن موجودات لكن على الهامش. كنت أكتب الافتتاحيات وأنا على علم أنه لا يوجد أي امرأة أخرى تكتب الافتتاحيات غيري. وكنتيجة لهذا، فقد كان عليّ العمل جاهدةً لتخطّي هذا الحاجز الجندري وليتم أخذ عملي على محمل الجدّ. وقد استطعت العمل على ذلك.

شبكة الصحفيين الدوليين: قام المحافظون الدينيون باتهامك بتهمة "الفجور"، ولقد تناولت أعمالك العديد من القضايا الاجتماعية الحسّاسة وما يتضّمنها من مواضيع كالاغتصاب ومنع الحمل. فهل شعرت يوماً أنك في خطر بسبب ما تكتبينه أو لمجرّد كونك امرأة؟

زبيدة مصطفى: من الصعب عليّ أن أحدّد إن كانت إحدى القصص أو المقالات التي كتبتها قد وضعتني في دائرة الخطر. لقد كتبت عن الإجهاض ومنع الحمل والتنظيم الأسري في الوقت الذي كانت هذه المواضيع محظورة. إلاّ أنّ الكتابة باللغة الإنجليزية لصحيفة تتواصل مع جمهورها باللغة الإنجليزية كان عاملاً مهماً لحمايتي. وصلت وجهات نظري لصنّاع القرار والسياسات والذين كانوا منفتحين فعلاً في بداية السبعينيات، إلاّ أن هذا لم يلقَ الصخب الذي لقيه موضوع كالسرطان.

إن الأشخاص الذين يعملون في الميدان هم في خطر دائم بسبب رؤية الناس لهم. كان هدفي من خلال عملي هو تغيير آراء الناس، وقد لاحظ بعض الناس ذلك بسبب عدم إنتاجي للعديد من المقالات السياسية.

شبكة الصحفيين الدوليين: كيف تغيّر وضع وبيئة المرأة في العمل الصحفي في باكستان منذ بدأتِ عملك الصحفي مقارنة مع اليوم؟

زبيدة مصطفى: إن بيئة الصحافة اليوم هي أسوأ في بعض الجوانب عن الصحافة في أيامنا الماضية. هي أفضل بما يتعلق بقوانين الصحافة التي كانت سارية في الستينيات والسبعينيات والنصف الأول من الثمانينيات ولم تعد كذلك الآن. فإنه يمكن لهذه القوانين أن تتسبب بإقفال صحيفة أو بممارسة الرقابة أو حتى إدخال المحرّرين إلى السجن. أما اليوم فهناك الكثير من العنف. فالصحفيون قد يقتلون وهم يقتلون فعلاً جراء كتاباتهم التي قد لا تعجب الأشخاص ذوي النفوذ أو تقلّل من شأنهم.

تواجه المرأة الصحفيّة الضغوطات ذاتها الذي يواجهها الصحفي الزميل لها إن كن عاملات في إحدى المناطق البعيدة عن سيطرة طالبان. إن النساء اليوم لا تواجهن ما يعرف بوصمات العار الاجتماعية كما واجهناها في أيامنا نحن عندما بدأت النساء بالعمل في مجالات غير تقليدية وتحمّل النقد كالعمل في مهنة الصحافة.

تُعتبر المرأة خطراً عندما تبدأ العمل من أجل التغيير في المجتمع. إن مهمة التغيير صعبة جداً ولا تتحقق بسهولة أبداً. إن الناشطين هم أكثر عرضةً للخطر لأنهم يعملون من أجل حراك اجتماعي سياسي. من ناحية أخرى على الصحفيين أن يسلّطوا الضوء على الحاجة الملحّة للتغيير، وهذا ما كنت أفعله خلال مسيرتي المهنية. لهذا السبب أن لا أزعم أنني صحفية شجاعة تطيح بالسياسيين ذوي النفوذ، بل على العكس أنا أسعد بكوني قد قمت بتغطية الشؤون والمشاكل الاجتماعية، كالتعليم والصحة وإدارة المنزل وحقوق المرأة وغيرها والتي لا تعتبر من المواضيع "الشجاعة".

هناك القضايا التي تؤثّر على الناس الفقراء وهم يشكلون 65% من عدد سكان باكستان، لكن للأسف العديد ممن يعملون في الإعلام لا يرغبون بالتطرّق لهذه القضايا. فليست على قدرٍ من الأهمية كما يعتقد البعض. لقد قمت بطرح مشاكل هؤلاء الناس وأنا سعيدة لأنهم يولون المزيد من الاهتمام بها.

الصورة بواسطة ستان هوندا، المؤسسة العالمية للمرأة في الإعلام "IWMF".