محلل إيطالي يتنقل بين الصحافة والبحث في أفريقيا

بواسطة Les Neuhaus
Oct 30, 2018 في أساسيات الصحافة

الحصول على الحقائق الصحيحة في الصحافة يمكن أن يكون صعباً في بعض الأحيان، وغالبا ما يتطلب أكثر من مجرد خدش السطح والحفر أعمق. ويساعد امتلاك مهارات بحثية على تحويل مقال جيد إلى مقال عظيم.

لكنه ليس من غير المألوف أيضاً أن يتحول الصحفيون للعمل القائم على البحث في مراكز الأبحاث أو المنظمات غير الحكومية لكسب لقمة العيش. فهي طريقة رائعة للصحفيين المستقلين لتكملة دخلهم وبناء قاعدة عملائهم، إلى جانب سمعتهم.

ويتطلب التحرك بين الأمرين تركيزاً وخبرة. ويعد المحلل الإيطالي إميليو إي مانفريدي، أحد هؤلاء الأشخاص الذين نسجوا أداءً قوياً في كلٍ من الصحافة والبحث الاستقصائي. 
أقام مانفريدي في عدة دول في قارة أفريقيا لمدة 12 عام، سبعة منهم في إثيوبيا غطى خلالهم منطقة القرن الأفريقي، قبل أن يتنقل لفترات محدودة إلى كينيا وكوت ديفوار ومقر إقامته الحالي؛ داكار في السنغال.
كصحفي نشر مانفريدي  في لاسبرسو، ولاريبوبليكا، ومجلة لوموند، وغيرها الكثير. ولكن عمله في البحث وغيره لصالح مؤسسات مثل هيومن رايتس ووتش، والاتحاد الأوروبي، ومجموعة الأزمات الدولية (ICG)، هو الذي حظي باهتمام صانعي السياسات والدبلوماسيين.
شبكة الصحفيين الدوليين التقت مع مانفريدي عبر سكايب والبريد الإلكتروني أثناء سفره  في الرأس الأخضر (كاب فيردي) بعد عام مرهق تجول فيه في العديد من البلدان.

شبكة الصحفيين الدوليين: لقد كنت تعمل صحفيا بدوام كامل. هل يمكن أن تخبرنا بعض الشيء عن المكان الذي بدأت منه مشوارك المهني وما الذي دعاك للسفر لأفريقيا في الأصل، والأماكن التي ذهبت لها بسبب قيامك بالتغطية الصحفية؟

مانفريدي: بدأت مسيرتي المهنية كصانع مستقل للأفلام الوثائقية، عندما كنت لا زلت أدرس التاريخ في الجامعة. وصل أحد (الأفلام) إلى يدي مؤلف برنامج وثائقي في راي، ولفت انتباهه. وطلب أن يقابلني، وتوافقنا بشكل جيد، لذلك عرض علي وظيفة. انتهى بي الأمر للسفر معه لمدة عام، معظمه في أفريقيا وأمريكا اللاتينية. لكنني كنت صغيراً، وكان هناك أمران في ذهني: الأخبار العاجلة والكتابة. لذلك تركت البرنامج، وحزمت حقائبي وسافرت إلى دارفور بالسودان كصحفي مستقل، حيث كانت الكارثة وقتها تلوح في الأفق. ثم بقيت في أفريقيا.

أين ومتى بدأت في عمل الأبحاث ومع أي مؤسسات؟

بدأت في هيومن رايتس ووتش، حيث تم التعاقد معي كباحث في برنامج أفريقيا. وكلما كان الصحافة والبحث يتشابكان، كلما كنت أشعر أن الصحافة التي أمارسها تمضي في مسار خاطئ. في الواقع، كان المحررون الذين أعمل معهم يطلبون مني على نحو متزايد كتابة قصص مملة، حيث يريدون أن تظهر فيها نسخ "مبسطة" للواقع. 
لذلك، فكرت في الأمر لمدة لا بأس بها. وكان ترك الصحافة وتكريس (نفسي) للبحث معاناة. ومع ذلك، وعدت نفسي أن تحركني نفس القيم، وأن استخدم الخبرة والمعرفة التي اكتسبتها (كصحفي). في النهاية، كان من المهم التمسك بهدفي الأصلي: أن أروي قصصاً من الواقع، طالما كنت قادراً على فهمها.
أنت مقرك في داكار الآن. هل لك أن تخبرنا عن مشروعك البحثي الأخير لمجموعة الأزمات الدولية في منطقة الساحل، وكم من الوقت استغرق وما الذي قمت ببحثه؟
قريبا سيكون قد مر عام على تركي للسنغال، ولكنني ما زلت أسافر بشكل مكثف من الساحل الغربي لأفريقيا عودة إلى القرن. عملت كباحث ومحلل مع مجموعة الأزمات الدولية، ثم  كمستشار سياسي للصومال في وزارة الخارجية الإيطالية، ثم عدت إلى ICG العام الماضي كمستشار لمشروع مدته ثمانية أشهر في منطقة الساحل الوسطى. في هذا المشروع، بحثنا في منطقة واسعة من شمال نيجيريا وحوض بحيرة تشاد، مرورا بالنيجر وانتهاءً بجنوب ليبيا.

ما هي نقاط التشابه بين الصحافة والبحث؟

أستطيع أن أقول لك شيئاً، أعتقد أنه ذو صلة: عندما تقوم بتغطية قصة كصحفي عادة ما يكون لديك وقت أقل. بالتأكيد مقال أقصر من تقرير، إلا أن الأمر الضاغط بالنسبة لي كان دائما وجود القليل من الوقت لدراسة الموضوع قبل السفر، والقليل من الوقت على الأرض لمحاولة فهم الديناميات كما هي في الواقع وليس كما كنت أعتقد قبل السفر، وأخيرا كتابة قصة تشرح التعقيد الطبيعي من الأرض، ووجهات النظر المختلفة.
الخطر الذي أراه في الصحافة، خاصة هذه الأيام التي جعلت فيها التكنولوجيا الرقمية كل شيء سريعاً في حين تقل الموارد، هو الوصول إلى الأرض بفكرة (والتي عادة ما تكون غيرة دقيقة، إن لم تكن خاطئة) ومجرد جمع المعلومات لتأكيد ما تصوره الشخص. كقارئ وكمحترف أنا أقدر بشكل متزايد الصحفيين الموجودين على الأرض، والذين تواجههم حقائق محددة كل يوم ويختلطون مع الناس طوال الوقت، وغالبا ما يكون لديهم فهم عميق للقضايا المطروحة.

أخيراً، ما هي النصيحة التي تقدمها للصحفيين الراغبين في العمل في أي من دول منطقة الساحل الأفريقي؟ وبماذا تنصح الصحفيين الذين يسعون للتحول إلى البحث؟

لو أنهم جُدد على المنطقة، فنصيحتي الرئيسية هي حول السلامة الشخصية. أن يكون لديك اتصالات جيدة مع أشخاص على الأرض، قبل وأثناء التغطية، أمر حاسم. في منطقة الساحل اليوم، أصبح هذا أكثر أهمية حتى عن ذي قبل. الناس متشككون جدا والمشاعر مُستقطبة بسبب زيادة أنشطة مكافحة الإرهاب التي تقوم بها الدول الغربية في المنطقة، حيث يخشى السكان المحليون من أن تأخذ هذه الأنشطة صورة الأعمال الإنسانية أو الصحفية. يجب أن يكون هناك خليط من معرفة الواقع وقوة الملاحظة ونفاذ البصيرة، وعلينا أن نأخذ في الاعتبار أن نفاذ البصيرة مؤثر للغاية.

على الرغم من وجود احتياج شديد لمادة صحفية جيدة من المنطقة، لإلقاء الضوء على الأسباب المعقدة وراء عدم الاستقرار ولإعطاء فرصة للأهالي لسماع صوتهم، إلا أن الأمن الشخصي يظل النقطة الرئيسية، خاصة بعد مغادرة العواصم. أعتقد أن الصحفي الجيد يمكن أن يكون باحثاً جيداً، طالما أنه أو إنها يتبع القواعد الأساسية للصحافة: إبحث عن الحقائق والأدلة، وتشكك دائماً في ما تعتقد أنك فهمته.

صورة مشهد ساحل مرخصة لـCC على فليكر عبر سيفور.

تغطية الإنتخابات في بوروندي تشكّل تحديًا للصحفيين

إستطلاعات الرأي تقدّم دروسًا للصحفيين