مبادئ أساسية في التغطية الصحفية للشؤون الدينية

بواسطة نبيل الجبوري
Aug 8, 2022 في موضوعات متخصصة
صورة

هل فكرت جيدًا كصحفي قبل أن تتناول قضية لدين أو طائفة محددة؟ هل تمهلت قليلًا لاختيار أسلم الطرق وأكثرها موضوعية للكتابة بهذا الشأن أم أنك ستطلق العنان لمخيلتك وآرائك "الشخصية" لتلقيها على من يختلف معك بما تعتقد؟ انتبه جيدًا خلال هذا النوع من التغطية الصحفية، حتى لا توقد نيرانًا قد تكون أول ضحاياها.

رغم أنّ عددًا كثيرًا من العاملين بالصحافة أو المدونين لا يكترث لمثل هذا الأمر، ويعتبره انتصارًا لما يؤمن به لا سيما مع غياب الرقابة الذاتية والإدارية، إلا أنّ ذلك ليس بعمل الصحفي المتزن والمنضبط، فكتابة مواضيع ذات تماس مباشر بما يؤمن به الناس ينبغي أن تسلك مسارًا موضوعيًا وأخلاقيا وحذرًا في الوقت نفسه، لما لها من تأثير على التعايش السلمي والمحافظة على تماسك المجتمعات.

من هنا تتضح الحاجة لمبادئ وأخلاقيات تكون الوازع الأكبر لمنع التعدي على ما يؤمن به الآخرون، ولا تسلب الصحافة مهمتها السامية، ولأنّ مثل هذه المواضيع تثير الجدل بسبب الضياع بين ما يوهم به الشخص نفسه تحت مظلّة حرية التعبير وبين التعصب الذي يؤدي الى الالغاء نتيجة عدم تحديد الغاية من الطرح وغياب الإحاطة به.

في هذا الإطار، تحدّث الباحث والمدرب المختص بقضايا السلام والأقليات خضر الدوملي لشبكة الصحفيين الدوليين عن هذا النوع من الصحافة وكيفية طرح المواضيع المتعلقة بها قائلًا: "إنّ مفهوم الصحافة الدينية ينطلق من مبدأ الأخلاقيات والإنصاف والموضوعية والاعتدال المرتبط بعدم التسرع والأخذ بالأمر كسبق صحفي في الاهتمام بالمعلومة الحقيقية وليس الآراء الشخصية السطحية والاهتمام بما تريد الأديان أن تقدم نفسها فيها وعدم إضفاء أي مسميات أو تسميات وتصورات ذاتية من قبل الصحفيين" .

وأضاف أنّ "الصحافة الدينية هي الصحافة التي تعرّف بالأديان وتقدّمها للآخرين كمبدأ أساسي للوجود الإنساني والتي تعتمد كتابتها على الموضوعية والتوازن في الدرجة الأولى، غير أنّ بعض الصحفيين يفتقدون الى الخبرة بالكتابة عن هذا الموضوع بشكل دقيق وإظهار المشتركات بينها وتقديم الوجود الحقيقي لها".

ولفت إلى "تأثر الصحفيين بالانتماءات وبالتالي يقومون بإظهار الديانات على ضوء ما ينتمون إليه وليس كما هي عليه بالحقيقة"، منبهًا من موضوع الأجندة الموجهة في تغيير سياق معروف عن أقلية أو فئة بعينها ليضفي هوية جديدة عليها وهذا يؤثر كثيرًا ويؤدي إلى شعور الأقليات بالظلم‏. وشدّد على أهمية "تشريع قانون لمنع التحريض على الكراهية والتطرف الديني، وعلى الحاجة الماسة لمثل هذه القوانين لعموم الشعب العراقي وليس فقط لقضايا الأقليات الدينية".

وخلال حديثه عن التنوع الديني في العراق، أشار المدرب المختص بقضايا السلام والأقليات إلى ضرورة أن تطور المؤسسات الإعلامية سياساتها وقدرات العاملين فيها ليكون بإمكانهم تناول القضايا الدينية بدون خلطها بالصراعات السياسية وإعداد برامج وتقارير معلوماتية مكثفة ومستمرة على مدار السنة وليس فقط في موسم الأعياد وفي الطريقة التي يجب تغطيتها وتجنب الكثير من الصور النمطية.  

في السياق نفسه، تحدثت فاندا السعيد، المسؤولة في مشروع "مساواة " الإقليمي الذي تنفذه PAX وشركاؤها في العراق ولبنان وفلسطين، بتمويل من وزارة الخارجية الهولندية والذي يهدف لمكافحة التمييز والعنف والاضطهاد على أساس الدين أو المعتقد، عن الدور الذي من الممكن أن يلعبه المجتمع المدني في تبني الخطاب المعتدل ونشر مفاهيم السلام، مبينة أنّ المشروع يعمل على إشراك الشباب والشابات لمعالجة التمييز على أساس الدين والمعتقد الذي يحدث داخل المجالات الاجتماعية والقانونية والسياسية وكذلك على وسائل التواصل الاجتماعي ويهدف إلى تعزيز المفاهيم والأدوات الرئيسية مثل الحوار والمواطنة والحقوق المتساوية بين الناس بغض النظر عن الدين أو الجنس أو المعتقد أو العرق، مشيرة الى وجود "حاجة للتعاون بين المؤسسات والمنظمات المدنية وبين الصحفيين بشأن القضايا الدينية والتعددية حقوق الإنسان، فهو عمل مترابط في كثير من الأحيان".

خطوات قبل العمل

بداية أنت كصحفي لك الحق في التطرق وتناول كل المواضيع بما فيها الدينية وكشف الممارسات الخاطئة، لكن ضمن حدود قوانين الصحافة وأخلاقياتها وهناك نقاط ينبغي مراعاتها، نتطرق الى قسم منها:

  • للمضي بتقديم موضوع يخص فئة أو أقلية أو أكثرية، من الأفضل الإحاطة بالمحاور التي سيتم النقاش فيها لأنّ ذلك يمنحك القوة في الطرح والقبول عند المتلقي.  
  •   لا تلغي الآخرين ولا تصنفهم كمواطنين من الدرجة الثانية بحسب ما ترغب. كن منصفًا وموضوعيًا وعليك احترام وجهات النظر المختلفة.
  •   اجعل الضيف أو المصدر يشعر بتقبلك لكل ما يقوله حول ديانته ومعتقده ولا تناقشه بأي أمر يطرحه للدفاع عن دينك أو معتقدك أنت لأنّك ناقل وغير متبنٍّ.
  •  طبّع نفسك على النقاش العلمي الموضوعي وليس الجدل الفارغ النابع من رغبات شخصية.
  • كن من المدافعين عن التنوع الديني والعرقي ولا تسمح بترجمته الى اختلاف واقتتال.
  • على المؤسسات الإعلامية الابتعاد عن استضافة أشخاص لا يملكون الخبرة والمعلومات الكافية عن الأقليات والقضايا الدينية والسياسية في برامج حوارية وعلى العاملين فيها عدم الانزلاق بأجندات بعض المؤسسات‏، لا سيما تلك التي تتلقى مالًا سياسيًا.  
  •   هناك استحقاقات للمكونات الدينية يجب تغطيتها وتناولها بطريقة مهنية عالية حتى لا يتم زجها بالصراعات السياسية.
  • متابعة المراكز والشخصيات الأكاديمية التي تعنى وتكتب بالتنوع الديني وتؤمن بنشر المعرفة بهذا المجال.
  •  اعتماد مبدأ الأخلاقيات هو الأساس، ثم مبدأ القيم المهنية ‏والابتعاد عن نشر خطابات الكراهية.
  •  من المفيد أن تولي أقسام الإعلام في المعاهد والكليات اهتمامًا كبيرًا بهذا الموضوع وفتح دورات تطويرية وتخصصية للمراسلين ومحرري الأخبار ومقدمي البرامج.
  •  الحذر من جعل وسائل التواصل مساحة للانتقاص من أطراف والانجرار لقضايا طائفية وازدراء الأديان أو الإساءة لفئات لها عقائدها الخاصة.

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة كيلي سيكيما.