على الرغم من كل التغييرات التي تضرب عالم الصحافة، يبدو أن نشرات الأخبار التلفزيونية ما تزال تتمسك بتقاليدها، يقتصر الأمر فقط على عربات البثّ عبر (الأقمار الصناعية) والتي لطالما كانت موجودة.
"الأخبار التلفزيونية متمسّكة بالعقيدة التي تتّسم بالفراغ أو التفاهة"، بحسب ما كتب جيف جارفيس، المدون وأستاذ الصحافة والذي يتخذ من الولايات المتحدة مقراً له، في سلسلة من ثلاثة أجزاء حول إعادة النظر في البث الإخباري التلفزيوني.
نقلاً عن موقف عديم الأهمية المنبثق عن مواقع الأخبار، تمّ تحضير مقاطع مدرجة من العلاقات العامة والتي تمّ بثّها تحت ستار الصحافة والتبسيط للقضايا المعقّدة مثل كيف يتمّ خسارة بعض الموارد القليلة عن طريق الصحافة، مما يوضح أن جارفيس ليس من أكثر المعجبين بالأخبار التلفزيونية في وضعها الراهن.
"معظم نشرات الأخبار التلفزيونية سيئة"، كما كتب في إعادة النظر في الأخبار التلفزيونية، الجزء 1: ما تمّ كسره، ما هو ممكن. " لكنني لا أريد أن أطيل في ذلك." عوضاً عن ذلك، هو يوفر وسائل لسلك طريق ثابت في صحافة البث، ويشير إلى كاميرات الويب كبديل محتمل.
وأضاف "حالياً إن كاميرا الويب هي أكثر من مجرد زهيدة السعر، فهي كاميرا تعمل عن بعد من غير الاستعانة بشاحنة البثّ الفضائي"، كما كتب في الجزء 2، والذي يقدم من خلاله نماذج وأشكال جديدة للعمل على الأخبار التلفزيونية. " هو نافذة على عوالم جديدة من الشهود والخبراء والمعلقين، والأشخاص الذين تؤثر عليهم الأخبار: أصوات جديدة، آفاق جديدة."
هو يقترح على الصحفيين الاستفادة من قدرات كاميرات الفيديو المحمول مع جوجل هانغآوت فضلاً عن تصوير التقارير من الميدان. ويضيف إن واجهتم الأخبار العاجلة في لحظة الحدث، يقترح عليكم الاستفادة من المجتمع المحيط من خلال إجراء المقابلات مع السكان المحليين على الهواء مباشرةً عوضاً عن تسجيل المقابلات التي تظهر رؤوس المتحدثين المعتادة. ويقترح أيضا السماح للمواطنين المتضررين والذي تأثروا من جراء وقوع هذا الحدث الإخباري بطرح الأسئلة على الخبراء بأنفسهم. "هناك مليون كاميرا تلفزيونية الآن. هناك مليون احتمال."
وقد تمّت الإشادة بعمل الصحف والمجلات التي أضافت الفيديو إلى نموذج محتواها وقد أطلقوا عليهم لقب المبتكرين، لكن يعتقد جارفيس أن الابتكار نفسه في الأخبار المصوّرة سيكون "غير معترف به بالنسبة للتلفزيون." الإبداع الحقيقي سيتجلى بالاستفادة بشكل أفضل من شبكة الإنترنت عبر الخروج من النموذج التسلسلي التقليدي للسرد القصصي.
سأل جارفيس المنتج تيم بول في "فايس ميديا" عن رأيه حول ما يمكن أن يؤول إليه مستقبل الأخبار التلفزيونية، ولم يكن الفيديو أول الخيارات المطروحة.
"بدأ يتحدث عن الناس - عن شهود العيان والمعلّقين وكيفية العثور على أفضلهم وربطهم ببعضهم البعض - و حول التكنولوجيا وحول واجهات المستخدم. في هذه اللحظة بدأت أستشعر بدايات لرؤية جديدة للتلفزيون وللأخبار ككل ولم يقتصر دور الفيديو إلاّ على كونه أداة واحدة للاستخدام من بين كثر."
للتخلص من الثرثرة التي تعيد نفسها والتي تملأ دورة القناة الإخبارية على مدار 24 ساعة، اقترح جارفيس تبني نموذج ويكيبيديا للفيديو على شبكة الانترنت. يمكن للمواقع أن تحدّث من صفحاتها عندما يكون هناك مزيد من المعلومات لتقدمها بدلاً من إنشاء محتوى جديد غير مكتمل لنفس الحقائق التي تدور في العقدة نفسها.
"تخيّل لو أن خدمة إخبارية على الإنترنت قدمت لنا وعداً، مفاده (أ) تلخيص ما هو معروف عن قصة عاجلة، (ب) إجراء أي تحديث فقط في حالة معرفة أي جديد، و(ج) تنبيهنا عند حدوث ذلك فضلاً عن منحنا الخيار لمشاهدة آخر تحديث" ، بحسب ما كتب جارفيس.
لذلك فكّر بالتدوين الحي أو المباشر على شكل فيديو، وتطبيق نموذج التنبيهات الإخبارية المماثل "لسيركا" لإبقاء المستخدمين على اطلاع دائم بآخر تطورات القصص.
لمساعدة المستخدمين، الذين يطلعون على القصة في منتصفها، على ربط النقاط ببعضها البعض، ينصح جارفيس الوسائل الإعلامية على ابقاء "مخزن للمفسّرين والمعلومات الأساسية... وهي عبارة عن موجودات يمكن أن تزيد من نسبة المشاهدين والصلات مع مرور الوقت، مما يساهم في بناء قيمة وسمعة المؤسسة".
هو لا يقصد بكلامه رسومات الغرافيك المبهرة أو التفاعلية، بل يشير إلى نموذج المراسل الذي يعرف قصته جيداً ويمكنه شرح المعلومات حول خلفية هذه القصة في جزء مستقل، مستفيداً من قدرة الفيديو لشرح وإظهار الأشياء بشكل واضح.
يقترح جارفيس أفكاراً كإدخال الفيديو المحمول الصامت مترافقاً مع نص كبير، فضلاً عن إضافة عمق إلى المقابلات. ولكن الرسالة الرئيسية التي يحملها، هي أن الوقت قد حان لنشرات الأخبار التلفزيونية لتطهير البث من الأشكال القديمة المتواجدة في الإعلام المرئي.
"نحن بحاجة للتخلص من موروثات التي مفادها أن الأخبار التلفزيونية الحقيقية، والأخبار التلفزيونية المهنية يجب أن تتضمن وقوف المراسل أمام الكاميرا لنقل الخبر، ما يعرف ب "ستاند أب" واللقطات الواسعة التي تعرّف عن مكان وقوع الحدث "establishing shots"، بالإضافة إلى المشاهد المعدّة سلفاً ما يعرف ب "staged b-roll"، كذلك الانتقال من لقطة إلى أخرى بطريقة واهية، ما يعرف ب "frothy transitions"." نحن بحاجة لإزالة هذه التقنيات القديمة المستخدمة في تحرير الموارد وذلك لتوفير المزيد من الوقت لجعل النشرات الإخبارية التلفزيونية أفضل، لأن ذلك ممكن."
مارغريت لوني، مساعدة التحرير في شبكة الصحفيين الدوليين، تكتب حول آخر الصيحات والموارد الإعلامية، وأدوات التغطية الصحفية.
بواسطة باز ماشين
تحمل الصورة رخصة المشاع الإبداعي على فليكر، بواسطة سموكي غوست.