تقدر منظمة الصحة العالمية أنّ حوالي امرأة من بين كل ثلاث نساء (%30) على مستوى العالم قد تعرضت في حياتها للعنف الجسدي أو الجنسي، لذلك فإن اشتغال الصحفيين على موضوع العنف الممارس ضد النساء ليس بالمهمة السهلة، فهو موضوع حساس يستلزم عند العمل عليه التفكير بالمجتمع ومواجهة التحديات التي قد تعتريه.
في هذا السياق، أكّد بحث أعدّه المركز الدولي للصحفيين لصالح منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) تزايد العنف وحملات الكراهية ضد الصحفيات على الإنترنت، بسبب العنصرية والتعصب الديني والتحيّز السياسي وغيره من أشكال التمييز.
ويمتلك الإعلام القدرة على توجيه النقاش حول العنف الممارس ضد النساء وتغيير نظرة المجتمع إليه، إذ يلعب الصحفيون دورًا مهمًا لضمان وصول صوت المرأة من خلال طريقة سرد حكايتها مع العنف. لهذا، اجتمعت كل من منظمة "شبكات من أجل التغيير" و"منظمة شركاء للتعبئة حول الحقوق" (امرأة) لتطوير دليل للصحفيين والصحفيات، العاملين والعاملات في مختلف قطاعات الإعلام، للاستلهام منه عند مواجهتهم/ن للتحديات المصاحبة لإعداد التقارير الصحفية حول العنف الممارس ضد النساء.
وحسب القائمين على هذا الدليل، فقد أخذوا على عاتقهم أمر إعداد دليل عملي، بلغات متعددة، لفائدة الصحفيين والصحفيات، سواء المبتدئين والمبتدئات منهم/ن أو ذوي وذوات الخبرة الطويلة في الصحافة، لمساعدتهم/ن على التعامل مع المواضيع المعقدة المتناولة عند العمل على هذه التغطية، مع الأمل بأن يجد كلٌّ من الصحفي والصحفية والصحفي المصور والصحفية المصورة والمحرر والمحررة ورئيس ورئيسة التحرير ومعاهد الصحافة والجمعيات ومسؤولو ومسؤولات وسائل الإعلام هذا الدليل مصدرًا مفيداً لهم/ن.
يعزّز هذا الدليل محتوىً مبنيًّا على مبدأ المساواة بين الجنسين وعلى البيانات والمعطيات الدامجة لمبادئ حقوق الإنسان في إعداد التقارير الصحفية، كما يقدم معلومات لتحسين فهم العنف الممارس ضد النساء، ومبادئ توجيهية عملية تهمُّ المعايير الأخلاقية والممارسات الفضلى والمصطلحات المناسبة وكيفية إجراء المقابلات التي تراعي حالة المرأة ومعاناتها، كما يشمل فصلًا خاصًا بالمصادر مع بعض الروابط المختارة بعناية التي قد تفيد الصحفيين والصحفيات والمحررين والمحررات في العمل على موضوع العنف الممارس ضد النساء.
وحسب ما ورد بالدليل فالهدف منه كالآتي:- تجويد التغطية الصحفية للعنف الممارس ضد النساء في مختلف قطاعات الإعلام، لتكون متمحورة حول المساواة بين الجنسين، مؤطرة بالمعطيات ومبنية على مبادئ حقوق الإنسان عند تغطية العنف الممارس ضد النساء.
- زيادة معرفة وصقل المهارات التقنية للمحررين، الصحفيين وطلاب معاهد الإعلام ليتمكنوا من إنتاج مادة إعلامية - حول العنف الممارس ضد النساء - تسودها الدقة واحترام أخلاقيات المهنة.
- توطيد العلاقات بين الإعلام والنساء ضحايا العنف ومنظمات المجتمع المدني ومزودي الخدمات العمومية لتحسين التغطية الإعلامية للموضوع كمًا ونوعًا.
- تحفيز الحوار العام حول العنف الممارس ضد النساء باعتباره قضية تخص حقوق الإنسان، وإعادة النظر في السلوكيات والمواقف التي تشجع وتديم الإفلات من العقاب حول جرائم العنف الممارس ضد النساء.
وقدّم الدليل نصائح للصحفيين العاملين على العنف الممارس ضد النساء من قبيل تقديم معلومات حول السياق الاجتماعي أو الدوافع الكامنة وراء العنف، ماذا تكشف هذه الحالة الفردية عن الثقافة العامة السائدة وعن استغلال النساء وتشييئهن؟.
ومن أجل فهم أفضل لكيفية تأثير بيئة ومحيط وسائل الإعلام في صياغة تقارير حول العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء، أظهر استطلاع للرأي قامت به المنظمتان كيف يمكن للصور واختيار الكلمات في التغطية أن تنشر دلالات سلبية وصورًا نمطية، حيث سألت مجموعة من الصحفيين عن خطوات المنبر الإعلامي في تعديل أو حذف التعليقات التي بها صور نمطية عن المرأة، فكانت الإجابة بأن 38% تخضع التعليقات للمراجعة بعد النشر فيما يقوم 26% بمراجعة التعليقات قبل نشرها ويرى 19% أن الجمهور لا يمكنه التعليق بدون مراقبة.
وحسب الاستطلاع نفسه، وتحديدًا عن أنواع الصور التي يستخدمها الصحفيون في تغطية العنف القائم على النوع الإجتماعي، فإنّ الغالبية تعتمد صورة نموذجية عامة تصوّر مفهوم العنف، فيما ذهب 19 صحفيًا الى اعتماد صورة المرأة بوجه مظلم، أما الأقلية فتعتمد الصورة بدون تغيير فيما للبعض رأي آخر مثل عدم وضع صورة أو وضع صورة بوجه ضبابي وصوت معدل بالفيديو.
وللحصول على المعلومات الخاصة بالقوانين المتعلقة بالعنف ضد النساء بمقالاتهم، فيتم الاعتماد على المنظمات غير الحكومية والخبراء والمسؤولين الحكوميين، بينما يرى البعض أن التغطيات الإخبارية أو وسائل التواصل الاجتماعي والبحث المرتبط بالقصة ذاتها أو من خلال المحامين والمواقع الحكومية.
وورد بالاستطلاع أنه عند التفكير في المصطلحات المستخدمة في تغطية العنف القائم على النوع الإجتماعي، فإنّ تأثير اختيار الكلمات المستخدمة لوصف القصة، يكون من طرف المراسل أو الضحية أو المجتمع المدني أو رئيس التحرير، فيما رأى البعض بنسبة أقل أن العائلة أو الخبراء أو سكرتير التحرير هو من يقوم بذلك، بينما ترى الأقلية أنّ النيابة العامة أو الشرطة أو المصحح هم المؤثرون باختيار تلك الكلمات.
وكخلاصة فإنّ الاستطلاع بشكل عام أكد أن التغطية الإعلامية تعكس الصور النمطية حول العنف القائم على النوع الإجتماعي وحول النساء المعرضات له إذ عبّر 47% أن التغطية الإعلامية تعكس الكثير من الصور النمطية، بينما ذهب 45% الى أنه ينقل بعض الصور النمطية، بينما 8% كانت إجاباتهم بأنهم غير متأكدين من الأمر.
مهنيًا، منحَ الدليل 10 نصائح للصحفيين العاملين على العنف الممارس ضد النساء كالآتي:
- لا تقدم مواضيع العنف الممارس ضد النساء فقط عندما يرتكب العنف.
- قدم معلومات حول السياق الإجتماعي أو الدوافع الكامنة وراء العنف.
- أنجز تحقيقات عن أشكال أخرى من العنف الممارس ضد النساء.
- تابع الحالة حتى النهاية.
- استخدم لغة دقيقة.
- قم بتضمين معلومات الإتصال الخاصة بالمصالح المعنية.
- قم بتضمين رابط للتقارير الأصلية.
- قم بالتحقيق في الإجابة المؤسسية للعنف ضد النساء.
- لا تستخدم صور مشاهد عامة.
- مارس صحافة الحلول.
وقدم الدليل مجموعة من النصائح للمحررين والمحررات لأخذها بعين الإعتبار من قبيل ضرورة الإبلاغ عن الحادث من البداية الى النهاية، عدم استخدام العناوين المثيرة، عدم وضع مواضيع العنف الممارس ضد النساء حيث لا يمكن ملاحظتها، تشجيع الصحفيين على أن يصبحوا متخصصين، جعل حماية الخصوصية أولوية، منح تكوينات للصحفيين والصحفيات، القيام بإعداد دليل للضوابط التحريرية حول الموضوع، وأخيرًا ضرورة مراقبة التعليقات على الإنترنت.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة كيلي سيكيما.