عدم التحيّز في الصحافة

بواسطة David Brewer
Oct 30, 2018 في أساسيات الصحافة

أن تكون غير منحاز، يعني ذلك ألا تكون لديك أفكاراً مسبقة، مؤيدة أو مناهضة لأي جهة معينة، وأن تكون عادلاً ومتوازناً.

وهذا أمر صعب جداً. فجميع الصحفيين لديهم وجهات نظرهم الخاصة. لذلك، ولتوفير تغطية شاملة وموثوق بها من الأخبار والشؤون الجارية، عليهم الترفّع عن وجهة نظرهم الشخصية. يمكنهم ذلك فقط من خلال ابراز التنوع في الرأي بإنصاف وبدقة، حينها يمكن أن نأمل بنقديم صورة حقيقية لما يحدث حقاً.

يظهر ذلك بشكل خاص في القضايا المثيرة للجدل. ففي ظروف مماثلة، يحتاج الصحفيون لأن يكونوا دقيقين وغير منحازين، وأن يحتفظوا بآرائهم الخاصة بحزم طيّ الكتمان. الحياد (عدم التحيّز) يعني :

  • توفر التوازن في القضايا والآراء.

  • عكس مجموعة واسعة من الآراء.

  • استكشاف وجهات نظر متعارضة.

  • ضمان عدم إغفال أي فكرة مهمّة من أن تمثّل.

من حيث حرية التحرير، على الصحافيين أن يكونوا أحراراً في :

  • تغطية أي موضوع، إذا كانت هناك أسباب تحريرية جيدة للقيام بذلك.

  • نقل تقرير على جانب محدد من قضية ما.

  • إعطاء فرصة لعرض وجهة نظر وحيدة.

  • تجنب التحيز، أو ترك أي خلل في توازن وجهات النظر.

  • تغطية المواضيع التي قد تسيء الى جزء من الجمهور.

  • أن يكونوا منصفين بحق المشاركين ويسمحوا لهم بالرد على الأسئلة التي يوجهها الصحفيون.

على أية حال، علينا أيضاً أن نكون مستعدين للسماح بحق الرد. وفي سعينا لعدم التحيّز، علينا ألا نفترض أن الأكاديميين والصحفيين والمشاركين الآخرين، الذين ادخلوا في الموضوع ليوفروا التوازن والتعليق، هم في حدّ ذاتهم، محايدون.

إن عدم التحيز يجب أن يكون كافياً ومناسباً. فليس من الضروري، لتمثيل كل حجة في كل مناسبة، أو لتوفر المساواة، أن يتوزع الوقت عينه لكل وجهة نظر. إن المناقشات السليمة في غرفة التحرير مع كبار الزملاء، ستساعد على صياغة سياسة معينة لكل حالة على حدة. ولا ينبغي أن يعاني الصحافي من ذلك وحده.

إن المواضيع المثيرة للجدل تشمل : السياسة، الدين، الممارسات الجنسية، العلاقات البشرية والمعاملات المالية. في جميع الحالات، يجب أن نضمن مجموعة واسعة من الآراء ووجهات النظر وهي التي ستمنح الوزن المناسب.

ونحن بحاجة أيضا، للتأكيد والتمييز بوضوح بين الرأي والوقائع. وربما نحن بحاجة أيضاً، إلى التشدد في ابراز كل الآراء الرئيسية في انتاجنا، حتى لو كنا نجد بعضها مثيراً للاشمئزاز. وعلينا واجب إعلام الجمهور بغض النظر عن وجهات نظرنا الشخصية أو الأمور التي نفضلها.

وعندما تصبح مؤسستنا الاعلامية الخاصة موضوع الساعة، ربما أخباراً عن أوضاعها المالية السيئة، أواقالة، أو فضيحة مخدرات، أو تقييمات سلبية من القراء...الخ، علينا أن نكون على استعداد أن نكتب تقريراً عن الأخبار التي تؤثر علينا، كما نفعل عند كتابتنا عن أخبار تؤثر على آخرين.

أحيانا، يكون من غير الممكن توفير التوازن والحياد في موضوع واحد. قد تكون القصة تحتمل جانباً واحداً لا غير، فتصبح محاولة تقديم التوازن والحياد، مثيرة للسخرية. في حالات مماثلة، ينبغي أن نسعى الى تقديم التوازن، ضمن الوجهة العامة للبرنامج أو في النشرة التي تلي.

يمكن تقديم وجهة النظر الشخصية من جانب واحد، لإضفاء نظرة جديدة لموضوع معين، ويستخدم ذلك في كثير من الأحيان، للمساهمة في تقديم إضافة جديدة من قضية ما للمساهمة في فهم الجمهور للمسائل، وتشجيع النقاش الصحي. وهذا يصلح خصوصاً، كمساهمة في تعزيز فهم الجمهور، وإنفتاح اذهانهم على وجهات نظر جديدة.

ويمكن أن يشمل ذلك، وجهات نظر الضحايا، وأولئك الذين يشعرون بأنهم، هم أو غيرهم، وقد ظلموا (وأسيء اليهم). يمكن أن تكون هذه الآراء الشخصية متحيزة للغاية. في مثل هذه الحالات، من المهم أن نشير بوضوح إلى ذلك لنضمن أن الجمهور قد ادرك أن الآراء التي أُعرب عنها، تقدّم جانباً واحداً فقط من القصة.

مرة أخرى، يجب التذكير بأنه من مسؤوليتنا ايجاد نقطة توازن خلال عرض الأراء داخل البرنامج نفسه أو في النشرة التي تلي. في جميع الحالات يجب علينا أن :

  • نحافظ على احترام دقة الوقائع.
  • نحرص على ابراز وجهات النظر المتعارضة، عند الاقتضاء.
  • نعطي فرصة للرد.
  • نحرص على أن يشمل الخبر على مجموعة واسعة من الآراء ووجهات النظر.
  • نحرص على أن تبث وجهات النظر في وسائل مماثلة، وطبقاً للاجراءات عينها لجهة التوقيت واليوم.

أما بالنسبة للمناقشات عبر الانترنت، فإننا نحتاج الى حماية الجمهور من الاعتقاد بأن مؤسستنا الاعلامية تؤيد الآراء التي تجري مناقشتها من قبل المشاركين. ولذلك علينا أن:

  • لا نؤيد أو ندعم أي من الآراء الشخصية أو الحملات الدعائية.
  • أن نفرق بشكل واضح بين المحتوى الذي ننشره والمحتوى الذي أضيف من قبل الجمهور.
  • أن نشير بشكل واضح الى المصادر التي اعتمدناها.

تمارين:

  • هل هناك حالات يؤدي فيها إظهار التوازن وعدم الانحياز خلال خبر ما إلى تعرض تغطيتنا للسخرية؟

  • كيف يمكن للصحفيين أن يبرزوا حيادهم عندما لا تتوفر وجهة نظر أخرى؟

اعتمد هذا المقال على ما ورد في موقع الـ"بي.بي.سي." من قواعد أساسية متبعة في التحرير في ما يتعلّق بالقيم والاخلاقيات الصحفية. وقد حصلنا على الاذن لإقتباس عدد من هذه المبادىء، وقمنا بتطويرها الى درجة لم تعد تشكل انعاكساً دقيقاً لموقف الـ"بي.بي.سي.". وتحتوي هذه المبادئ التوجيهية (المنشورة أعلاه) على مزيج من الخبرات الإقليمية والأمور الدقيقة والحساسة، التي تم استخدامها لإضفاء الطابع المحلي عليها. ومن الجدير ذكره أن هذه المبادىء غير منشورة من قبل الـ"بي. بي. سي.".

تودّ جمعية "الإعلام لمساعدة وسائل الاعلام" أن تتوجه بالشكر للـ"بي.بي.سي." للسماح لنا باستخدام موادها.


نشر هذا الموضوع لأول مرة على موقع الإعلام لمساعدة وسائل الإعلام (Media Helping Media). ونُشرعلى شبكة الصحفيين الدوليين بعد الحصول على الإذن بذلك. وموقع الإعلام لمساعدة وسائل الإعلام هو موقع تدريبي يوفر المعلومات لوسائل الاعلام الحرة، ومصادر للصحفيين العاملين في الدول التي تمر بمرحلة انتقالية، والدول التي تمر بمرحلة ما بعد النزاع، والمناطق التي تكون فيها حرية التعبير وحرية وسائل الإعلام مهددة.

كتب هذا المقال، الصحفي ديفيد بروير، وهو مدير موقع الإعلام لمساعدة وسائل الإعلام ومستشار استراتيجي لوسائل الاعلام. ويدير أيضا Media Ideas International Ltd وموقع تويتر للتدوين المصغر helpingmedia@.

الصورة التقطتها عدسة جستان بيكار، ونشرت هنا بإذن من Creative Commons.