تعرّفوا إلى إذاعة "شمس" لتمكين ذوي الإعاقة البصرية في غزة

Mar 23, 2023 في موضوعات متخصصة
صورة

في الوقت الذي تزايدت فيه أعداد خريجي الإعلام من الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية وعدم وجود بيئة إعلامية تحتضنهم، تأسست إذاعة شمس الإلكترونية في قطاع غزة بفلسطين في العام 2019 بهدف تأهيل الخريجين من أقسام الإعلام من ذوي الإعاقة البصرية. 

في هذا الإطار، عملت سارة النجار (26 عامًا) وهي من ذوات الإعاقة البصرية على إعداد وتقديم عدد من البرامج في الإذاعة، وتعتقد أنّ "الوسائل الإعلامية بشكل عام لا تعطي ذوي الإعاقة حقهم بتغطية قضاياهم وإن وجد فإنه يفتقر إلى أي معايير قانونية أو مهنية دقيقة إضافةً إلى استخدام المصطلحات الخاطئة التي تزيد الصورة النمطية عن ذوي الإعاقة وتجسد نظرة الرحمة والشفقة تجاه هذه الفئة".

سارة وغيرها من ذوي الإعاقة يؤكدون أنهم لا يستحقون هذه النظرة الناتجة عن قلة برامج التوعية الإعلامية في هذا المجال، لذلك فإنهم يواجهونها بقدراتهم الإعلامية. وقد أتيحت لهم في هذه الإذاعة فرصة مناسبة تمكنهم من التعبير عن قضاياهم وصقل مواهبهم وتأهيل أنفسهم في مختلف المهارات الإذاعية ليتمكنوا من كسر حاجز الخوف واكتساب الخبرة التي تساعدهم في الانطلاق إلى أعمال أكبر والاندماج في المجتمع الإعلامي ليكونوا سفراء لقضيتهم. 

من جهته، يقول الدكتور حسين أبو منصور (39 عامًا) وهو من ذوي الإعاقة البصرية ويعمل مستشاراً للإذاعة إنّ "الأهداف الرئيسية لإنشاء إذاعة شمس كانت عديدة أهمها: تأهيل وتدريب المكفوفين على العمل الإعلامي، بالإضافة إلى الحاجة إلى وجود منبر للدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة، وتوفير فرص عمل للأشخاص ذوي الإعاقة الخريجين والموهوبين في المجال الإعلامي خاصةً وأن نسبة البطالة تزيد عن 91% بين أوساط ذوي الإعاقة في غزة". 

ولأنّ الشمس هي المصدر الأول للنور في هذا الكون، فقد أحب العاملون تأسيس الإذاعة وتسميتها بهذا الاسم، وذلك بحسب سارة لأنّ "الإذاعة تعتبر بمثابة النور للفئة المستهدفة الإعاقة". وتبث الإذاعة برامجها عبر صفحتها في فيسبوك وتمتلك أستوديو إذاعيًا وبعض الأدوات البسيطة الخاصة بالإنتاج والمعالجة الصوتية، وتتبع لجمعية الخريجين من ذوي الإعاقة البصرية. 

يقول القائمون على إذاعة شمس الإلكترونية إنّ المحتوى المقدّم يركز على مناقشة قضايا الإعاقة من منظور حقوقي لا يعزل هذه الفئة عن أبناء المجتمع كما أنّ برامج الإذاعة تغطي قضايا عامة ترتبط بسكان قطاع غزة بشكل عام. وتؤكد سارة النجار أنّ "الإذاعة ومنذ إنشائها بدأت أولاً بالحديث عن قضايا الإعاقة، ثم تطورت إلى أن أصبحت تناقش مواضيع تتعلق بأهالي ذوي الإعاقة، أما الآن فإنّ المحتوى يهتم بالمجتمع بشكل كامل وبهذه الطريقة تكون الإذاعة قد انتهجت نهجاً يدمج قضايا ذوي الإعاقة ضمن قضايا المجتمع بكل مكوناته". 

يعمل في الإذاعة 10 من المتطوعين، نصفهم من ذوي الإعاقة البصرية والنصف الآخر من غير ذوي الإعاقة ويختلف عدد الفريق من وقت لآخر بسبب اختلاف الظروف وانتقال بعض المتطوعين إلى العمل في وسائل إعلامية أخرى. في هذا السياق، يقول حسين أبو منصور إنّ الإذاعة تستقبل سنوياً مختلف المبدعين والموهوبين وتمثل بداية المشوار للكثير من خريجي الإعلام حيث يتم استيعابهم وتدريبهم على أساسيات الإعداد والتقديم والهندسة الصوتية وبعدها يعملون على تطبيق ما تعلموه على الهواء من خلال الفضاء الإلكتروني للإذاعة.

ويضيف أبو منصور: "تمثل الإذاعة منطلقًا للكثير من الإعلاميين للعمل في وسائل إعلامية كبرى"، لافتًا إلى أنّ أحد المذيعين انتقل للعمل في إحدى الإذاعات في فلسطين، وقد تعلم قراءة وتحرير الأخبار بواسطة جهاز "برايل سينس" وهو مساعد آلي يعمل على تحويل النصوص المكتوبة إلى طريقة برايل [الطريقة التي يستخدمها فاقدو البصر في القراءة والكتابة] ليسهل عليه لمسها وقراءتها. 

إضافةً إلى تطوعها في إذاعة شمس، تعمل سارة حالياً مذيعةً في إحدى محطات التلفزة الفلسطينية، وتقول إنّ "تجربتها في الإذاعة عززت ثقتها بذاتها وأكسبتها خبرات مهمة وهي بدورها تنقل هذه الخبرة إلى غيرها من الإعلاميين ذوي الإعاقة البصرية"، مضيفةً: "تشكل الإذاعة حاضنةً لإبداعاتنا كخريجين، كما أنها بيئة لتبادل الخبرات والنقاشات وتعدّ ملتقى معرفيًا وثقافيًا للخريجين/ات من ذوي وذوات الإعاقة البصرية".

يذكر أن الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية في مختلف الدول العربية يميلون إلى الاستماع إلى الإذاعة ويحبون المشاركة في برامجها، ويجدون فيها رفيقاً وفياً ومدرسةً يتعلمون منها وتعدّ أداةً تنقلهم إلى ما يحدث في العالم من حولهم وهذا يفسر وجود الموهبة الإذاعية عند الكثير منهم. 

وتحدث أبو منصور عن أهم البرامج التي يتم تقديمها إلى الجمهور، قائلًا: "تنقسم البرامج التي تنتجها إذاعة شمس إلى برامج عامة لكل أفراد المجتمع مثل البرنامج الصباحي "إشراقة شمس" الذي يقدم محتوى مجتمعيًا يهم كل أبناء قطاع غزة وفلسطين ويشارك في إنتاج البرنامج أشخاص من ذوي الإعاقة ومن غيرهم وهذا يجعلنا نجسد مفهوم الدمج المجتمعي شكلاً ومضموناً".

أمّا القسم الثاني الذي يتحدث عنه أبو منصور فهو قسم البرامج المتخصصة ومنها برنامج "أنا ريادي" الذي يعرض قصص نجاح للأشخاص ذوي الإعاقة ويتحدث عن مختلف المحطات التي مروا بها حتى وصلوا إلى ما هم عليه، ويوجه البرنامج رسائل مهمة للجمهور حول ضرورة الكفاح وتحدي المعيقات وتجاوزها. ويضيف: "من البرامج الأخرى الموجودة ضمن خارطة الإذاعة برنامج "قعدة وحدوتة" الذي يسلط الضوء على قضايا وقصص متعلقة بالأشخاص من غير ذوي الإعاقة ويركز على أصحاب الإلهام والنجاح، إضافةً إلى برامج موجهة للأطفال وأخرى متعلقة بالهموم اليومية للمجتمع المحيط". 

وعن الأثر الذي حققته الإذاعة يقول منصور: "أصبحت الإذاعة من جهات المناصرة المهمة لقضايا ذوي الإعاقة المختلفة ومنصةً لإظهار إبداعات ومواهب هذه الفئة وإيصال أصواتهم إلى الجهات المختصة وصناع القرار، كما أنها احتضنت مختلف المبدعين الإعلاميين الذين أصبحوا يعملون في وسائل إعلامية كبيرة وأعطتهم الثقة بأنفسهم وبما يملكون من قدرات".

الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة جاسيك ديلاج.