تعرف إلى تجربة منصة "إنسان" في التغطية أثناء الحرب 

May 20, 2024 في تغطية الأزمات
صورة

منذ الأيام الأولى للحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، برزَ دور منصة إنسان بشكل لافت من خلال تقديم محتوى مهني ذي صبغة إنسانية، بعيدًا عن العرض الدامي وانتهاك خصوصية الضحايا، مع الالتزام بالمعايير الأخلاقية ومبادئ العمل الصحفي. 

وتتعدد أشكال المحتوى الذي تقدمه "إنسان" ما بين إنتاج القصص الرقمية والتغطيات المصورة، فضلًا عن برنامج البودكاست "صوت الحرب" والجرافيك والانفوجرافيك، بالإضافة إلى المتابعات الإخبارية في منصات التواصل الاجتماعي والتقارير الميدانية. 

وانطلقت المنصة، تحت شعار "ثمة قصة لكل إنسان"، وهو ما تحدثت عنه مؤسسة المنصة الإعلامية إسراء المدلل، قائلةً: "الإنسان هو أصل الحكاية، لنعرف ما الذي يجري يجب أن نتعرف عليه ونعترف بإنسانيته ونتفاعل معه ونكون جزءًا من قضيته". 

وتضيف المدلل لشبكة الصحفيين الدوليين: "الهدف الأبرز من إطلاق المنصة هو أنسنة قضية فلسطين ونقل الحقيقة مجردة عبر ترك المجال للجمهور لمشاهدة الصورة الحية والاستماع لصاحب القصة، وفي ذات الوقت تهتم المنصة برواية الإنسان الضحية أينما كان كي لا يكون مجرد خبر". 

والمحتوى الإنساني يكون له تأثير أكبر وصبغة احترافية أكثر، أي عند نقل الخبر للطرف الآخر بشكل مجرد من الأجندات والمصالح السياسية أو الأيدولوجيات المنحازة، وحينها تتضح الصورة لدى الجمهور ويصبح عنده الإدراك الأشمل والأوسع للقضايا، ليبدأ بطرح الأسئلة ويبحث ويقرأ ويتخذ موقفًا بنفسه. 

وفي هذا الصدد، تقول المدلل: "بدورنا في منصة إنسان نبحث عن القصص ونسعى وراء التحقق من المصادر والوصول إلى صاحب القصة ووضعها بالقالب الفني والتحريري المناسب للقصة ولمعايير السوشيال ميديا، لما في ذلك أهمية في نجاح وانتشار القصة بين الجمهور". 

وبالإمكان حصر صفات المحتوى الإنساني الإخباري الناجح، بأربعة عناصر، أولًا وجود قصة حقيقية تتمثل بإنسان يروي حكايته بعيدًا عن الإشاعات أو التضخيم، وثانيًا الاهتمام بالمشاهد المصورة التي تعكس الظروف والمشاعر الدقيقة، فتلك التفاصيل هي التي تقلل الفجوة بين المحتوى والمتلقي، وتجعل الأخير يعيش الحدث وكأنه وليد اللحظة إلى أن يصبح جزءًا من المشهد وإنساناً متفاعلاً وليس متفرجًا". 

ويتعلق العنصر الثالث بأهمية ذكر المكان والزمان وتاريخ القصة وكل ما يتعلق بالشفافية المهنية، فضلًا عن تدقيق المعلومات بالبحث والتقصي وراء الأحداث وتداعياتها، ويرتبط العنصر الأخير بالصحفي ذاته إذ يتوجب عليه أن يضع الخبر في سياقه الواقعي، بحيث لا يستخدم مصطلحات ومفردات تعبر عن آرائه الشخصية، كي لا يجري تحريف متعمد أو توجيه للحدث. 

وأضافت المدلل: "في أوقات الكوارث والمآسي الكبرى كالحروب مثلًا، يمكن أن يأتي عابر طريق ويلتقط صورًا أو فيديوهات لحدث دامٍ ثم ينشره مباشرة على حساباته في منصات التواصل الاجتماعي، سواء الغاية كانت مجرد النشر والتوثيق أم كسب المتابعين ورفع معدل المشاهدات. ويأتي دور الصحفي هنا في وضع المحتوى بسياق قانوني ومهني يحترم حرمة الإنسان وخصوصيته ومشاعر ذويه، ثم إعادة نشر القصة بعد المعالجة وتضليل الأجزاء الدامية".

 

وفي هذا الصدد، تشير المدلل إلى حساسية استخدام المؤثرات الصوتية والبصرية، موضحةً "لا نعارض المعالجات البصرية التي تتوافق مع السياق ولا تؤثر على الحقائق، وأحيانًا نرفق الموسيقى مع المشاهد غير العادية، بهدف لفت انتباه الجمهور لأهميتها أو خطورتها، وتلك المؤثرات الصوتية قد تجعل الإنسان متعاطفًا أو حزينًا ويتفاعل مع الفيديو خلال مشاهدته، بدون تأثير جوهري في مواقفه وأفكاره الراسخة". 

وبحسب المدلل فـ"المرفوض هو عندما تكون المؤثرات البصرية تؤثر وتغير في أصول الفيديو، كإضافة صوت صراخ لأطفال ونساء غير موجود بالأساس، أو عندما يتم تشويش على جزء من المشهد بشكل مقصود، أو حينما يتم حذف بعض المقاطع فتتغير على إثرها الرواية".

ويواجه العاملون في منصة إنسان، البالغ عددهم 5 صحفيين ومنتجي أخبار، عدة تحديات، أبرزها ارتفاع مستوى الخطر في بيئة العمل داخل قطاع غزة وغياب أدنى مستويات الحماية للطواقم الصحفية، فضلًا عن أزمة انقطاع شبكة الاتصال والإنترنت، واللجوء إلى بدائل أخرى أقل جودة وتستنزف أوقاتًا وأموالًا أكثر لإنجاز العمل. 

من جانبه، قال المصور أحمد الوحيدي المتعاون مع منصة "إنسان": "نواجه تحديًا متعلقًا بالتقييد القائم من السوشيال ميديا على المحتوى الفلسطيني حيث نعاني من حد وحجب دائم لصفحاتنا وما ننشره، وقد خسرنا صفحة قمنا ببنائها والعمل عليها منذ بداية الحرب، مما يؤثر في إيصال المحتوى للجمهور ومحدودية التفاعل". 

ويشير الوحيدي لـ"شبكة الصحفيين الدوليين" إلى أنّ طبيعة العمل تتطلب من الفريق تواجدًا على مدار الساعة؛ ولأننا منصة غير ممولة وغير ربحية ونعمل بشكل تطوعي، فإن التزام الفريق بساعات العمل يعد تحديًا في ظل تسارع الأحداث وحجم الإرهاق الناتج عن ذلك طوال نصف عام وأكثر من التغطية في ظل ظروف حياتية صعبة". 

ويوضح الوحيدي التحدي الأخير قائلًا: "المشاهد التي نتعامل معها في غزة جميعها مهمة للتوثيق والنشر لكن لا تصلح أن ننشرها بدون مونتاج بسبب خصوصية الإنسان وتقدير واحترام قيمته وهذا أمر ثقيل علينا حيث أننا نحاول أن ننتقي وننوع في المحتوى لأن الجمهور متغير أيضاً".

ورغم مختلف التحديات التي قد تواجه صانعي المحتوى الإخباري الإنساني، إلا أنّ هناك سبع نصائح تقدمها المدلل للصحفيين من كاتب ومصور إلى محرر فيديو وصولًا إلى الناشر، وهي: 

  1. الالتزام بأخلاقيات المهنة الصحفية وأبرزها المصداقية، الشفافية، الموضوعية.  
  1.  البحث والتأكد من وجود مصدر وذكره أو الإشارة إليه. 
  1.  الحفاظ على خصوصية الإنسان الذي يتم تصويره ويجب التأكد من موافقته مسبقًا قبل التصوير وإذا كان هناك أي مشاهد خاصة يتم إخفاؤها. 
  1. يجب أن يكون هناك نص واضح، إذا كان الراوي صاحب القصة يتحدث فيجب أن يتم الإشارة إلى مكانه وموقعه وتاريخ التصوير، ونقل ما يقوله كنص على الشاشة. 
  1.  قبيل نشر المحتوى وعند كتابة نص مرفق (كابشن)، لا بد أن يتم توضيح الموضوع وإضافة خلفية عن الحدث بشكل عام تجيب على تساؤلات الجمهور، بحيث يكون هناك تكامل بين جميع أجزاء القصة
  1. التعامل مع كل مادة إنسانية على أنها تعبر عن الشخص الراوي للقصة أو صاحب القصة حصرًا. 
  1. إخراج المادة بدون إضافات تؤثر على المحتوى والصورة وتغير من معالم المكان أو تستعطف الجمهور بطريقة غير مهنية. 

وتختم المدلل حديثها بالقول: "في الحروب على كل شخص تحمل مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية تجاه وقائع الحرب لأنه جزء من هذا العالم، وتلك المسؤولية تتضاعف على عاتق الصحفيين من أجل تعزيز الحق في الوصول إلى المعلومة وتوثيق الخبر". 

الصورة الرئيسية من قبل إدارة منصة إنسان.