تجربة في إسبانيا للتفاعل مع المجتمع عبر واتسآب

بواسطة Laura Laplana
Nov 16, 2023 في الإعلام الإجتماعي
 رجل يحمل هاتفًا وتظهر مكالمة واتسآب على الشاشة

أصبح تطبيق واتسآب ثاني أشهر مصدر على الإنترنت لقراءة الأخبار في إسبانيا، وقال أكثر من ربع المشاركين في استطلاع للرأي في تقرير الأخبار الرقمية لعام 2023 الصادر عن معهد رويترز لدراسة الصحافة، إنهم يستخدمون التطبيق لمعرفة المعلومات، أما فيسبوك فهو الوحيد الذي يُعد الأكثر استخدامًا لمعرفة الأخبار في البلاد.

ونتيجة لذلك، تلجأ المؤسسات الإعلامية إلى واتسآب للوصول إلى جماهيرها. وتوفر Maldita وNewtral خدمات تدقيق المعلومات على التطبيق، ومنذ إطلاق واتسآب خاصية "القنوات" الجديدة في يونيو/حزيران 2023، أنشأت المؤسسات الإعلامية مثل El Pais، وABC، وelDiario.es، وAs، وLa Sexta، قنوات لنشر قصصهم.

وفي الشهر نفسه، أُطلقت بامبلونيوز Pamplonews وهي تُدير نشرة بريدية يومية محلية حصريًا على واتسآب لسكان بامبلونا، عاصمة مقاطعة نافارا الواقعة في شمال شرق إسبانيا. وتُنظم أنشطة لقرائها مثل الحفلات الموسيقية والمعارض. كما تُقدم تحديثات عن المعلومات العملية مثل التغييرات في أسعار تذاكر النقل العام أو الإعانات العامة المتاحة للناس وكيفية التقديم عليها، واجتذبت بامبلونيوز أكثر من 9,100 مشترك في أقل من ستة أشهر.

إشراك القراء

وبالنسبة للمؤسسين خوان أندريس مونيوز ودييجو ماكايا، تفعل بامبلونيوز ما هو أكثر من مجرد إذاعة الأخبار، وشرح مونيوز: "فلسفتنا أنّها ليست مجرد وسيلة تُرسل المعلومات للناس لاستهلاكها، وإنّما طريقة لخلق علاقة متعددة الاتجاهات ومجتمع"، مضيفًا "تكمن الفكرة في محاولة مساعدة الناس على العيش بصورة أفضل وتحقيق الاستفادة القصوى من مدينة بامبلونا من خلال المعلومات عالية الجودة والجديرة بالثقة والموثوقة.

ويبلغ عدد سكان بامبلونا 200 ألف نسمة، وصُنفت بأنّها المدينة التي تتمتع بأفضل جودة للحياة في إسبانيا، وتفخر بمركزها التاريخي المصون بشكل جيد، وكرم ضيافتها للذين يسيرون على طريق كامينو دي سانتياغو الفرنسي، وفاعلية الركض أمام الثيران في الشوارع المشهورة عالميًا والتي تحدث في مهرجان سان فيرمين كل يوليو/تموز.

وقال مونيوز: "نحاول تسليط الضوء على الإيجابيات، والأمور الجيدة، وما يخلق المجتمع، وما يوحد الناس معًا".

ويُشكل الاستماع إلى المشتركين أمرًا أساسيًا في نجاح بامبلونيوز، فغالبًا ما يكتب المشتركون تعليقاتهم، ويقترح البعض قصصًا لتغطيتها من أحيائهم. فعلى سبيل المثال، أرسل مشترك صورًا لشجرة ساقطة على شارع رئيسي في المدينة، والتي نشرتها بامبلونيوز في المقابل في نشرتها البريدية. وفي قصة أخرى، كتب الفريق عما يُمكن أن يفعله القراء في حال مصادفتهم حيوانًا بريًا أو تعرضهم للهجوم، وذلك بعد إعلان السلطات وجود خنزير يتجول في مدينة قريبة.

وفي كثير من الأحيان، يُنظم مونيوز وماكايا قوائم بناء على توصيات القراء، مثل "أفضل بينتكسو في وسط المدينة". وبمناسبة الذكرى الـ 600 على تأسيس بامبلونا، شجعا المشتركين على مشاركة مقاطع الفيديو التي تعرض الاحتفالات المختلفة التي تُقام في المدينة لنشرها فيما بعد في بامبلونيوز.

وتُكتب النشرات البريدية بلغة غير رسمية ومباشرة وودودة، وتُقدم المقالات بعناوين لافتة وباستخدام "الإيموجيز"، وغالبًا ما تتضمن روابط مفيدة للمصادر الأصلية، كما أنّها جذابة بصريًا، وسهلة الاستيعاب، وقصيرة، إذ يستغرق قراءة كل منها بضع دقائق.

لماذا واتسآب

استقر مونيوز وماكايا على استخدام واتسآب لنشر نشرتهما البريدية نظرًا لشهرة التطبيق في إسبانيا، والقدرة على إشراك القراء مباشرة من خلاله.

وشرح مونيوز: "عادة لا يكون الناس على استعداد لتنزيل تطبيق جديد ويُشكل واتسآب أداة ملائمة لأنّ الجميع في إسبانيا يستخدمونه عدة مرات في اليوم، من الشباب إلى كبار السن"، موضحًا "وبدلًا من استخدام هذا كإضافة وكشيء يساعد في انتشار الرسالة، فكرنا بجعل الرسالة هي الوسيلة".

وتستفيد بامبلونيوز من "مجتمعات واتسآب"، وهي أداة مُصممة لمجموعات المراسلة الكبيرة التي تتشارك الاهتمامات نفسها وتتفاعل في المناقشات الجارية. وبإمكان المديرين فقط إرسال الرسائل، ولكن بإمكان الأفراد الرد على مونيوز وماكايا عبر الرسائل الخاصة. وفضّل المؤسسان هذه الخاصية مقارنةً بخاصية "القنوات" الأحدث على المنصة، والتي تم تصميمها كأداة بث من فرد إلى عدة أفراد، ولا تسمح للأفراد بإجراء محادثات مع المديرين. وأوضح مونيوز: "تسمح خاصية القنوات بانضمام عدد أكبر من المشاركين، ولكن من الناحية الأخرى، فهي تشبه البث وقد يبدو ذلك غير شخصي للغاية بالنسبة للقراء".

ومن بين سلبيات استخدام واتسآب هو عدم توفيره الكثير من المعلومات عن الجمهور، ويحاول ماكايا ومونيوز معالجة ذلك من خلال منح الناس خيار الاشتراك في النشرة البريدية عبر استمارة على صفحة ويب منفصلة، حيث يتم تشجيعهم على تقديم أرقام هواتفهم وأسمائهم والرموز البريدية.

وقال مونيوز إنّه مع ذلك، انضم 10٪ فقط من خلال هذه الصفحة، واستخدم الغالبية العظمى من المشتركين الرابط المباشر لمجتمع واتسآب للتسجيل، موضحًا "على الرغم من صغر هذه العينة إلا إنّها تعطينا بيانات، وباقترانها مع المعلومات التي لدينا من التفاعلات مع القراء، تمنحنا فكرة عن شكل الجمهور"، مشيرًا إلى تنوع القراء في العمر والنوع، وهم في المقام الأول من السكان المحليين.

مفاتيح النجاح

وسلط مونيوز الضوء على أهمية التفاعل مع القراء على المستوى الشخصي كمفتاح لنجاح النشرة البريدية، شارحًا "عندما يكون لديك جمهور يكتب لك، وتجيب عليه على الفور برسالة شخصية بدلًا من البوت، فأنت تخلق مشاركة وقربًا فريدًا من نوعه".

كما تُشكل استطلاعات الرأي والتعاون استراتيجيات قيّمة لإشراك المشتركين بشكل فعال في محتوى النشرة البريدية، فعلى سبيل المثال، تُخطط بامبلونيوز لإجراء "مقابلة مجتمعية" مع عمدة بامبلونا، حيث سيطرح ماكايا خلالها أسئلة المشتركين.

ولتعزيز ارتباطها الوثيق بالمشتركين، قدمت بامبلونيوز مؤخرًا تنسيقات جديدة ضمن النشرة البريدية، مثل الرسائل الصوتية، حيث "يقرأ" ماكايا المقالات، كتذكير بالأشخاص الذين يقدمون المحتوى، واستجاب القراء بشكل إيجابي للرسائل الصوتية، مما ألهم ماكايا ومونيوز لإطلاق بودكاست.

وفي إطار التطلع إلى المستقبل، تُفكر بامبلونيوز في إنشاء موقع إلكتروني لاستكشاف تنسيقات لا يدعمها تطبيق المراسلة وللتسهيل على المشتركين في إيجاد الإصدارات السابقة من النشرات البريدية. وربما يتعاون ماكايا ومونيوز مع شركات ومؤسسات محلية أيضًا لرعاية المحتوى، وتنظيم فعاليات على أرض الواقع للتفاعل مع مجتمعها، والحفاظ على استدامة المشروع بشكل أفضل على المدى البعيد.


الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة ميكا بوميستر.