عالميًا، تقتل أحداث الطقس المتطرفة - مثل موجات الحر والأمطار الغزيرة - الناس وتُفاقم عدم المساواة وتُؤجج النزاعات. وبسبب التغير المناخي، تتكرر هذه الأحداث أكثر من أي وقت مضى.
واشتدت موجات الحر في السنوات الأخيرة في الهند، على سبيل المثال، وتُوفي ما لا يقل عن 96 شخصًا أثناء موجة حارة واحدة في يونيو/حزيران.
وقالت الناشطة في قضايا المناخ والمؤسسة المشاركة لمؤسسة Green Republic Farms في لاغوس، نيجيريا، بلقيس صلاح الدين-إبراهيم، إنّ التغير المناخي يؤثر على إنتاج الغذاء أيضًا، شارحةً "تخيل أنّ كل مزارع حول العالم يواجه هذه المشكلة، وهذا يعني أنّه سيكون لدينا توزيع قليل أو معدوم للمنتجات الزراعية في السوق نتيجة الظروف المناخية"، مشيرة إلى أنّ مزرعتها لم تتمكن من إنتاج مقدار ما كانت تنتجه في السابق جرّاء ظروف الطقس القاسية.
وفي أماكن أخرى، يؤجج التغير المناخي النزاعات في حوض بحيرة تشاد وعلى الأراضي الزراعية في نيجيريا.
واستجابةً لهذه التطورات المُقلقة، يبتكر الناس، وتسلط غرف الأخبار الضوء على الجهود المبذولة، وتُعد مبادرة فيوتشر بلانيت Future Planet، التابعة لشبكة "بي بي سي"، والتي انطلقت في 2020، واحدة من مبادرات التغطيات الصحفية تلك.
قصص تُلهم المزيد من القصص
وتعتبر الحاجة المُلحة لإيجاد حلول لمواجهة التغير المناخي وتبعاته هي القوة الدافعة وراء تغطية فيوتشر بلانيت، والتي تهدف إلى تسليط الضوء على كيفية بناء الناس حول العالم القدرة على الصمود في مواجهة الأزمة المناخية.
وقال المحرر في "بي بي سي" ورئيس فيوتشر بلانيت، ريتشارد جراي، إنّ "التغير المناخي ربما يكون واحدًا من أكبر التحديات التي ستواجه البشرية في القرن المقبل، وبالنسبة لي ولفريقي دائمًا ما شعرنا أنّه قصة مهمة للغاية ينبغي روايتها".
وفي يونيو/حزيران، قدمت الصحفية المستقلة فاندانا ك، تقريرًا حول استخدام النساء في الهند الطلاء الأبيض العاكس لأشعة الشمس على أسطح منازلهن للمساعدة في خفض درجات الحرارة وسط موجات الحر الأكثر حدة.
وأضاف جراي: "نبحث عن حلول تستند إلى الأدلة"، موضحًا: "على وجه التحديد، تلك الحلول ذات التأثير الملموس والتي لا تتواجد فقط في المعمل أو في ورقة بحثية".
ويُمكن استنساخ بعض هذه الحلول بسهولة، ففي إحدى القصص، سلطت "فيوتشر بلانيت" الضوء على بناء مدينة ميديلين، كولومبيا، "ممرات خضراء" من النباتات والأشجار لتبريد درجة حرارة المدينة وتقليل تلوث الهواء.
وأشارت صلاح الدين-إبراهيم إلى أنّه بإمكان مثل هذه المقالات تحفيز الابتكارات الجديدة، موضحة " تُلهم القصص المزيد من القصص، كما تُلهم الأشخاص الذين يعانون من التحدي نفسه الذي مرّ به الشخص سارد القصة، وكيف تمكن من تجاوزه".
تقليل البصمات الكربونية
كما يمتد التزام "فيوتشر بلانيت" بمواجهة التغير المناخي ليشمل ممارساتها المتعلقة بالتغطية الصحفية أيضًا.
وفي فبراير/شباط 2022، شرعت الصحفية البارزة في "بي بي سي"، إيزابيل جيريتسين، في كتابة قصة عن لاجئين محتملين بسبب المناخ في المملكة المتحدة والذين رفضوا مغادرة قريتهم الساحلية على الرغم من وجود تحذيرات بارتفاع منسوب البحر. وتطلب إعداد تقريرها الذهاب في رحلة إلى جنوب لندن والتي كانت ستستغرق خمس ساعات بالسيارة، ولكن جيريتسين سافرت بالقطار لتقليل البصمة الكربونية الناتجة عن تغطية قصتها، قائلة: "لقد استغرقت أكثر من 9 ساعات للوصول إلى هناك - أكثر من 7 ساعات بالقطار وساعتين في إحدى خدمات استبدال الحافلات".
ويركب بعض الصحفيين في "فيوتشر بلانيت" الدراجات عند السفر لإعداد قصصهم، وذلك في إطار الجهود المبذولة لتقليل بصماتهم الكربونية. ويتم إدراج كمية الكربون المُستهلك أثناء عملية إعداد التقارير كملاحظة في نهاية مقالات "فيوتشر بلانيت".
وقال جاري: "إذا كان على الصحفي السفر لتغطية قصة ما، دائمًا ما نفكر ونسأل أنفسنا إذا كانت هناك طريقة أخرى للقيام بذلك"، شارحًا "هل هناك نهج آخر؟ هل هذا هو الشيء الصحيح؟ هل هناك أمور أخرى يُمكننا القيام بها لتقليل البصمة الكربونية؟".
حراس المناخ
أطلقت "فيوتشر بلانيت" مؤخرًا سلسلة "حراس المناخ Climate Guardians" الجديدة؛ لتسليط الضوء على قصص الأشخاص في الجنوب العالمي الذين يواجهون الأزمة المناخية بطرق ملموسة ويساعدون مجتمعاتهم على التأقلم.
وقال جراي: "تعتبر التغطية التي نقدمها أمرًا قد يساعد المناخ والبيئة وكذلك الناس وصحتهم أو يُحسّن قضايا عدم المساواة والتعليم وغيرها من الأمور"، مختتمًا "من الجيد رؤية حلول لها هذه التأثيرات".
إقرأوا المزيد من المقالات لـ
