فازت البنيّة التونسية، لينا بن مهني بجائزة "البوبز" التي تنظمها مؤسسة دولتشه فيله الإعلامية الألمانية، للسنة السابعة على التوالي، لتكريم أفضل مدونة عالمية.
لينا تقوم بالتدوين منذ العام 2007، تُدرّس في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة تونس، وتراسل موقع "غلوبال فويسز". عندما سألتها شبكة الصحفيين الدوليين بأن تعرّف عن نفسها قالت انها "مناضلة من اجل الدفاع عن حريّة التعبير وضدّ إعتقال الناس بسبب آرائهم". وأضافت :"أحارب ايضاً من أجل التوعية ومن أجل التبرّع بالأعضاء".
لدى مدونة لينا، وتحت عنوان : "بنيّة تونسية" 19.768 معجباً بصفحتها على فيسبوك؛ ولغاية كتابة هذه السطور لديها 4.983 صديق على فيسبوك، و3.983 متتبع لأخبارها على تويتر.
لينا ذات الـ27 ربيعاً، دوّنت المخاض الذي قاد الى ربيع تونس، وثورة ياسمينها. كتبت بكثافة عن الاحتجاجات ما بين كانون الأول 2010 ولغاية كانون الثاني 2011. كانت الصحفي المواطن بإمتياز، متنقلة بين المناطق التونسية المختلفة وناقلة أخبار سيدي بوزيد والقصرين، موثّقة القمع وعمليات القتل التي جرت.
فازت مدونتها بجائزة لجنة الحكم لأفضل مدونة عالمية، الى جانب صفحة كلنا خالد سعيد، التي حصدت جائزة أفضل حملة تحرك اجتماعي.
هذا، وستتسلم لينا بن مهني جائزتها رسمياً في حفل سيقام في شهر حزيران/يونيو المقبل في بون، ألمانيا. للمناسبة، قامت شبكة الصحفيين الدوليين بطرح بعض الأسئلة على "البنيّة التونسية" عبر الانترنت، وكان الحوار الآتي :
شبكة الصحفيين الدوليين : مبروك الجائزة، اخبرينا كيف تلقيت الخبر؟
لينا بن مهني: شكراً جزيلاً. عندما علمت أني فزت بجائزة أفضل مدونة في العالم. قفزت من شدة الفرح. لم أكن أتوقع أن أربح الجائزة.
شبكة الصحفيين الدوليين : أخبرينا كيف تمّت عملية ترشيحك في البداية؟ كيف جرى ذلك، خصوصاً وقد تمّ إختيار مدونتك من بين مدونات شهيرة كـ"كلنا خالد سعيد" و مدونة "نواة"، ومدونة منى الطحاوي؟ وما كان اثر ذلك على حياتك الشخصية والمهنية؟
لينا بن مهني: تلقيت رسالة عبر بريدي الالكتروني، بأنه تمّ ترشيحي لنيل جائزة الدوتشه فيله لأفضل المدونات. فما كان مني الاّ أن وضعت اللينك على صفحتي على فيسبوك وعلى مدونتي. ومن ثم تلقيت رسالة أخرى تُعلمني بأني فزت بالجائزة.
شبكة الصحفيين الدوليين : متى بدأت بالتدوين؟ وما الذي أطلق عندك الرغبة في ذلك؟
لينا بن مهني: بدأت التدوين في العام 2007. بدأت بالتدوين بالصدفة. قرأت مقالة عن التدوين وانجذبت اليها، إذ كانت لدي عادة كتابة افكاري على الورق، ولطالما رغبت بمشاركتها مع أشخاص آخرين. فكان ذلك عبر الانترنت. كنت ارغب بالتعبير عن نفسي.
شبكة الصحفيين الدوليين : أنت تمثلين عدداً كبيراً من بنات جيلك، تقولين الأشياء بصوت مرتفع ولديك موهبة الكتابة، ما هي مشاريعك المستقبلية؟ في تونس أم في مكان آخر؟
لينا بن مهني: سأواصل التدوين كما فعلت قبل 14 كانون الثاني/يناير 2011. هذا ما اجيده، وأحب القيام به: الكتابة، أن أفضح ما يتمّ التعتيم عليه في بلدي، وأن اساهم في التوعية. سأبقى في بلدي. لم، ولا أرغب في أن أكون في مكان آخر. بلدي بحاجة الى شبابه لبناء الديمقراطية.
شبكة الصحفيين الدوليين: هل بإمكانك أن تخبريننا بإختصار عن الظروف التي احاطت حرية التعبير في تونس، قبل رحيل بن علي عن السلطة؟
لينا بن مهني: لم يكن هناك حرية تعبير عندما كان بن علي في السلطة. من تجرّأ عن التحدّث بحريّة، كان يخضع إما للحجب، أو للإعتقال أو للتهديد والمضايقات. أما وسائل الإعلام التقليدية فكانت بوقاً لبروباغندا بن علي.
شبكة الصحفيين الدوليين: في إحدى مقالاتك، التي تكتبيها باللغة الفرنسية، تقولين أنه منذ عام تقريباً، "تعرّضت للإغتصاب" مستخدمة التعبير مجازاً - هل بإمكانك أن تطلعينا كيف تبدّلت الأمور بالنسبة للمدونيين في تونس بعد سقوط بن علي؟
لينا بن مهني: الأمور تغيّرت. مدونتي ومدونات أخرى لم تعد تخضع للحجب. ان رفع يد الرقابة هو إنجاز كبير. ولكننا لا نزال نلاحظ وجوداً للشرطة السياسية في الطرقات. في شباط/فبراير الماضي، تمّ الإعتداء على أحد المدونيين. وتبيّن أن الاعتداء كان مفتعلاً من قبل عضو من الشرطة السياسية. ولكننا بالطبع نشعر بحريّة أكبر. نكتب عن كافة الأمور التي نود الكتابة عنها بشكل مباشر، وليس كما كنّا نفعل في السابق، مستخدمين الصور المجازية والتهكّم والسخرية.
شبكة الصحفيين الدوليين: هل للمدونين في تونس مجتمعاً خاصاً بهم؟
لينا بن مهني: يعرف المدونون التونسيون بعضهم البعض. وقد شاركوا بحملات مشتركة. فإنتقلوا من التعرّف الافتراضي الى التعرّف وجهاً لوجه. نعم، نحن نشكل مجتمعاً.
شبكة الصحفيين الدوليين : أخبرينا عن تجربتك مع "غلوبال فويسز"؟ هل تعتبرين أنه عليك أن تتلقي أجراً، كما طالب مؤخراً بعض المدونيين من آريانا هافينغتون؟
لينا بن مهني: أنا متطوعة في "غلوبال فويسز" ولا أتقاضى أجراً. اذا، هذا ليس بعمل صحفي. أنا مدونة.
شبكة الصحفيين الدوليين: هل تودين أن تصبحي صحفية؟ وما الفرق برأيك بين الصحفية والمدونة؟
لينا بن مهني: لا أعتقد أنني سأصبح صحفية. فليس لدي خلفية صحافية. أنا مدونة. ولا أحد يحدد لي ما يجب أن أغطي أو اتابع من أخبار، أكتب ما أريد كتابته.
شبكة الصحفيين الدوليين: ما هي الرسالة التي تودين مشاركتها مع المدونيين الذين لا يزالون في السجون، في بلدان عربية أخرى كسوريا والبحرين...الخ؟
لينا بن مهني: أقول لهم : لستم وحدكم. نحن معكم. كل الديكتاتوريات لابدّ أن تسقط. وأنه عندما نصبح أحراراً، لا يجب أن نتخلى عن النضال، واستخدام الكلمات من أجل فضح تعديات السلطة. الكلمة هي سلاح لمحاربة الديكتاتوريات أينما حلّت.
نصائح للمدونيين
شبكة الصحفيين الدوليين : هل لديك نصائح للكتابة الإلكترونية الجيدة؟
لينا بن مهني: إكتب ما تشعر به. اكتب ما تراه. كنّ دقيقاً، كنّ مختصراً. لا تنسى أن تضمّن ما تكتبه صوراً وأن تحمّل اشرطة فيديو في مدونتك، ستحتاجها لأنها وثائق تساعدك في تقديم المصداقية لما تكتبه.
شبكة الصحفيين الدوليين: كيف تحافظين على تألق مدونتك، عندما لا يكون هناك من أخبار "عاجلة" لتغطيتها؟
لينا بن مهني: مدونتي متنوعة. أنا لا أغطّي حدثاً معيناً، قد أكتب عن كتاب طالعته، أو عن فيلم شاهدته. أحيانا، أكتب الشعر.
شبكة الصحفيين الدوليين : تُعلنين أنك ضدّ الرقابة، هل تعتبرين أنك ربحت المعركة؟
لينا بن مهني: المعركة ضدّ الرقابة لا تنتهي. علينا أن نحافظ على حريتنا الجديدة في تونس، وأن نحارب الآن، ضد الرقابة الذاتية.