إنّ هذا المقال هو الثاني الذي تعدّه الكاتبة لويزا اورتيز بيريز، ضمن سلسلة Chicas Poderosas، أي فتيات قويات باللغة العربية، وهي مجموعة عالمية تروج لقيادة النساء، يمكنكم الإطلاع على المقال الأول ومتابعة هذه السلسلة عبر تويتر، إنستجرام وفايسبوك.
ونقلت الكاتبة ما قالته مراسلة صحيفة "نيويورك تايمز" كيم باركر بعد كتابتها حول تجربتها مع التحرش الجنسي في ميدان العمل، حين لفتت الى أنّ أحد الناشطين على الإنترنت وصفها بأنها "سمينة" و"غير جذابة"، مضيفًا "لا أحد يريد اغتصابك".
وأشارت الكاتبة الى أنّ العنف يرتبط بعمل النساء والقضايا التي تهتم بها الصحفيات، لا سيما بعد نجاحهن في إعداد التقارير، مضيفةً أنّ "كل شخص يعمل في عالم الأخبار يتعرض للعنف، ولذلك يتعين على المرأة أن تصبح أكثر خشونة في العمل أو أن تبتعد عن المواضيع المثيرة للجدل.
العنف الجندري على الإنترنت
تُعرّف الأمم المتحدة العنف على الإنترنت ضد المرأة بأنه "أي فعل من أعمال العنف يرتكب ضد المرأة وتساعد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تفاقمه، مثل الهواتف الذكية والإنترنت أو منصات التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني ضد امرأة".
وقالت الكاتبة: "عملت في عام 2018، مع استريلا سوريا لدراسة قضايا النساء وسعيهن لمكافحة العنف الجندري على الإنترنت في أميركا اللاتينية، وتركزت النتائج التي توصلت إليها، والتي نُشرت باسم Hacks de Vida (إختراق الحياة في اللغة العربية) ، حول تأثيرات العنف الجندري على المجتمع الصحفي، لا سيما على حياة الصحفيات والمحررات والمديرات ومالكات وسائل الإعلام"، وأضافت: "أبلغت الصحفيات اللواتي قابلناهن خلال إعداد الدراسة عن تعرضهن لشكل من أشكال المضايقة على الإنترنت، والتي تركزت على شخصهن أو جنسهن أو حياتهن الجنسية".
من جانبها، أعدّت ماسولو شين، وهي محررة في وكالة ألمانية دراسة بعنوان: "الصحفيات والتحرش على الإنترنت"، ونشرها مركز التفاعل الإعلامي، وقالت: "ما تعرضت له لم يكن انتقادًا لعملي، بل كان تدميرًا لشخصي".
كما أصدرت الباحثة ميشيل فيرير، تقرير "الهجمات والتحرش" حول العنف ضد الصحفيين والمستقلين، ولفتت الى أنّ معظم المشاركين في تقريرها، شهدوا خلال السنوات الخمس الماضية ارتفاعًا في أنواع التهديدات - الجسدية وعبر الإنترنت.
وبعد هذا السرد، أوضحت كاتبة المقال أنّه يتم تعليم الصحفيات عن ثقافة غرفة الأخبار والمجتمع بشكل عام، ويُبلغن بأن العنف والتحرش جزء من العمل، كذلك قد يكون من الصعب على النساء الاعتراف والتعبير عمّا تعرضن له.
توازيًا، قال صحفي من أميركا اللاتينية عن معاناة زميلته من التحرش بمقابلة مع Hacks de Vida: "لم ارها أبدا تنهار بهذا الشكل من قبل، فهي تبلغ من العمر 50 عاما تقريبًا وقد كشفت ما كان يحدث لها ولزميلاتها"، مضيفًا أنّ "ما كانت تعانيه هو عنف وشكل تحديًا لها".
التبليغ عن العنف
قالت كاتبة المقال: "ما لاحظناه في معظم الحالات هو فقدان المرأة لمصداقيتها بعد التحدث علناً عن تعرضها للمضايقة، فضلاً عن تعرضها للأذى من جديد"، وأضافت: "هناك حساسية شديدة بأن تعترف صحفية بالعنف الذي تعرضت له على الإنترنت، فهذا الأمر يغيّر كل شيء في حياتها إذا قررت أن تعلن للجمهور أسماء وتفاصيل عن تجربتها، ويمكن أن يكون لها تأثير كبير على صحتها بما في ذلك إعادة صدمها، ما يغير الطريقة التي ترى بها مهنتها.
من جهتها، تقول صحفية من أميركا اللاتينية في مقابلة لـ Hacks de Vida، إنها تتلقى في بعض الأحيان رسائل من من فايسبوك تعلمها أن هناك من دخل إلى صفحتها من مدينة أخرى وتضيف: "لقد حصل ذلك 4 أو 5 مرات، وأسجل الأنشطة غير المعتادة في سجل أحتفظ به، أو أحتفظ بالرسالة في بريدي الخاص على GMAIL". وتتابع: "أفعل الامر ذاته عندما يحاول أحدهم الدخول إلى بريدي على Gmail وتغيير كلمة السر، بعدها أغير كل كلمات السر وأتابع عملي".
وتؤدي صعوبة الاعتراف بالتحرش عبر الإنترنت والطبيعة المعقدة للتبليغ عن الموضوع إلى السلطات المعنية إلى استنتاج مفاده أن الإرادة السياسية واستراتيجيات الموارد البشرية ليست كافية لمكافحة العنف الجندري عبر الإنترنت، والمطلوب هو التغيير الثقافي في غرفة الأخبار والحماية الفعالة ونظام الدعم للواتي يواجهن العنف عبر الإنترنت، وفقًا لكاتبة المقال.
إستكشاف الحلول
وفي حين أن العديد من المنصات التقنية قد قدمت الدعم، فإن قلة قليلة من الصحفيات أو المحررات يعتمدن على التكنولوجيا للتصدي للعنف على الإنترنت.
وفي هذا السياق، قالت إحدى المدافعات عن حقوق المرأة: "في أميركا الوسطى، لا نتوقع أن يقدم لنا فايسبوك أو تويتر أو غيرهما الدعم عند تعرض أي سيدة للمضايقة عبر الإنترنت، والطريقة التي يتم بها توفير الدعم الرقمي تأتي بنتائج عكسية أو غير مفيدة أو إعادة الإيذاء، فالاعتقاد بأنه يمكن التراجع عن العنف بنقرة واحدة على زر على منصات التواصل الاجتماعي هو أمر مخادع وغير واقعي، كما تم الكشف عن ذلك عند التحدث إلى خبراء في العنف الجندري عبر الإنترنت في Hacks de Vida.
وترى الكاتبة أنّه لا يوجد حلّ موحد ينطبق على جميع حالات التحرش بالصحفيات على الإنترنت، فكلّ مرتكب لفعل التحرش يختلف عن غيره، وكذلك الأمر بما يتعلق بالضحايا، ولذلك فمن المهم تأمين مساحات مشتركة للصحفيات لتبادل تجاربهن والتوصل الى حلول.
وتابعت الكاتبة أنّ الاعتقاد بأن الدعم المجتمعي والتعاطف هو المفتاح لكشف تعقيدات العنف عبر الإنترنت هو ما أدى إلى إنشاء Vita Activa، الذي يعمل كخط مساعدة ومختبر للحلول للنساء الصحفيات والناشطات والمدافعات عن حقوق النساء اللواتي يواجهن العنف عبر الإنترنت ويردن تغيير الطرق التي يواجهنها ومكافحة الجناة والهجمات. ويعمل المدربون على تقديم المعالجات الأولية النفسية وحل النزاعات والتفكير الاستراتيجي مع الصحفيات اللواتي واجهن المضايقات بهدف الوصول الى حلول مخصصة لحالاتهن.
ومن المحتمل ألا تنتهي الحرب ضد العنف على الإنترنت ضد الصحفيات قريبًا، فوفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة ومتمحور حول العنف ضد المرأة، فإن "التطور السريع للتكنولوجيا الرقمية، بما في ذلك من خلال الذكاء الاصطناعي، سيؤدي حتمًا إلى ظهور مظاهر مختلفة وجديدة للعنف ضد المرأة على الإنترنت".
يمكن التواصل مع Vita Activa عبر البريد الإلكتروني أو على وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام #VitaActiva أو عن طريق إرسال رسالة عبر سيجنال أو تيليجرام أو واتسآب على الرقم +521-55 8171 1117.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة سيرجي زولكين.