المشهد الإعلامي الباكستاني جديد على استخدام التكنولوجيا في غرف الأخبار. واحد من أكبر التحديات يكمن في تسوية الخلافات بين الثقافات المختلفة التي تتعارض في سيرها على طريق التكنولوجيا والصحافة والبيانات.
مجتمع التكنولوجيا الباكستاني ينبض بالحياة وقد ارتبط بشكل واسع بالتجارة وبالتالي حظي مجتمع المطورين بخبرة محدودة في التفاعل مع احتياجات الإعلام والمؤسسات المدنية وفهمها.
منظمات الإعلام الباكستاني ذاتها حظيت بتاريخ طويل من التفكير بالتكنولوجيات كحاجة أساسية لكن كأداة تلامس ضرورة للنشر. الصحافة عبر الإنترنت جديدة وعديمة الخبرة وتعتبر جانبية وثانوية لدى غالبية المؤسسات الإعلامية الرئيسية. مؤخراً فقط، بدأت ذا إكسبرس تربيون ودون ومؤسسات إعلامية رئيسية أخرى بتدعيم المنصات عبر الإنترنت الخاصة بها كمصدر رئيسي للنشر مع بقاء الآخرين مراقبين وملاحظين ويتوسعون ببطء.
العمل مع البيانات في باكستان
يضاف لهذا المشهد الإعلامي والتكنولوجي تحديات العمل بالبيانات في باكستان. كبداية، فإن الدولة تجمع وتتحكم بالبيانات المرتبطة بالمؤسسات المدنية والاجتماعية. بالرغم من التغييرات في السياسة الجديدة التي تعطي العامة ولوجاً أوسع لهذه البيانات إلا أن صيغة ونوعية البيانات تبقى عرضة للصعوبات من حيث سرعة وفعالية استخدامها في تشكيلها ومعالجتها.
في أيار/ مايو الماضي، أجري أول معسكر تدريب باكستاني للبيانات في مركز التميز الصحفي في كاراتشي، حضره ما يقارب الستون شخصاً من ضمنهم مجموعة من الصحفيين والمطورين والمصممين والناشطين المدنيين من جميع أرجاء باكستان.
في اليوم الأخير من معسكر دي التدريبي الذي امتد على مدى ثلاثة أيام، تم تنظيم حلقة نقاش ضمت القادة الرئيسيين العاملين في مجال البيانات في باكستان وكانت برئاسة كورام حسين المحرر المساعد في "دون"، تركز النقاش على التحديات التي يواجهها المشاركون في العمل على البيانات في باكستان.
صرح سامان ناز من أليف إيلان، وهي حملة مناصرة للبيانات المتعلقة بالتعليم أن نوعية البيانات التعليمية هي المشكلة. أسيف سعيد ميمون زميل مشارك في معهد تنمية السياسة المستدامة (إس دي بي آي) الذي يدير بوابة البيانات الرقمية الوحيدة في باكستان (data.org.pk) أشار أن هذا يقدم صورة مشوهة عن الحالة ككل ويضعّف من القرارات السياسية التي يمكن أن تتخذ. بصرف النظر عن الأنماط الموحدة والدّقة، كما عدم تحديد وجهة زمنية معينة ونقص البيانات يشكلان عوائق إضافية. لم يكن لباكستان تعداد للسكان منذ عام 1998.
فهيم زمان، وهو إداري سابق في كاراتشي، يدير مشروع البيانات لمجموعة داون الإعلامية أشار أنه بالرغم من أن الأمر غير دائم لا بل متعارض في بعض الأحيان إلا أن البيانات الحكومية موجودة. على الرغم من ذلك إن الوصول إلى هذه البيانات يشكل مشكلة أخرى ليس بسبب البنية البيروقراطية المعقدة والإجراءات لكن أيضاً بسبب الخوف من المساءلة.
كشف برهان راسول، مدير الهندسة البرمجية لمجلس بنجاب لتكنولوجيا المعلومات (PITB) التحديات الحكومية المتعلقة بجمع البيانات وإدارتها. الخطوة الأولى بالنسبة له هي وضع سياسات مبنية على البيانات، تُنشىء أنظمة لجمع البيانات وتدقيقها في الحكومة.
مشاريع معسكر (d|Bootcamp) دي التدريبي
بالرغم من الولوج المحدود للبيانات الموحّدة في باكستان، إلاّ أن معسكر دي التدريبي شكل خطوة إيجابية أولى ليس في بدء الحديث عن أهمية البيانات المتاحة والحكومة المنفتحة في باكستان فحسب بل أيضاً خلق الروابط بين التقنيين والصحفيين.
كان هذا الجانب متعدد التخصصات هو محور المعسكر التدريبي بكل تأكيد، إذ لم يلتقِ المشاركون من خلفيات مختلفة معاً فحسب ليتعلموا ويتعاونوا معاً وإنما عملوا على خلق مشاريع متنوعة ومذهلة تركز على البيانات ومعالجتها مدنياً، كل هذا خلال ثلاثة أيام.
من الـ58 مشاركاً والـ49 فكرة مشروع مقترحة اختار المشاركون عشرة من هذه الأفكار وتم تشكيل فرق عمل من تخصصات متنوعة للعمل على النماذج المبدئية بمساعدة المدربين والمراقبين. من هذه العشرة تأهلت أفضل خمسة لبرنامج لاحق ليمكنهم من تطوير تطبيقات وأدوات عبر الشبكة العنكبوتية والهواتف المحمولة كلها مبنية على تلك النماذج الأولية.
تغطي المشاريع الفائزة عدداً من المواضع: العنف ضد النساء، ومقارنة الأسعار للسلع اليومية، والتخطيط للجريمة ووضع الأقليات في باكستان.
بوجود هذه المشاريع الخمسة الفائزة نامل ببداية مشرقة لالتقاء البيانات مع الإعلام المدني ومع التكنولوجيا في باكستان. ستتشارك المشاريع مع مؤسسات إعلامية ومدنية رئيسية لإعطاء المواطنين قدرة الوصول للمعلومات المفيدة. نأمل أيضاً أن يفتحوا الطريق لوقائع مشابهة من شأنها أن تشجّع المختصين الإعلاميين للتعاون مع التقنيات لاستكشاف طرق أفضل، ليس لرواية القصص فقط وإنما بتصور كيفية استهلاك واستخدام المعلومات في باكستان.
الصورة مأخوذة من موقع معسكر دي التدريبي.