تُعد غرفة الأخبار البولندية غير الربحية Outriders مثالاً بارزًا يوضح دور الابتكار في تطوير الصحافة. فمن خلال الجمع بين التنسيقات المبتكرة، والنهج المُعمق في اختيار القصص، والتعاون الفعّال مع المراسلين المحليين، تكتشف منصة Outriders طرقًا جديدة لإشراك جمهورها في القضايا العالمية.
ولا يقتصر هدف منصة Outriders على تقديم المعلومات فحسب، بل تسعى أيضًا إلى إنشاء قصص متعددة الأبعاد وتفاعلية غالبًا والتي تُلهم جمهورها على التأمل. ويبحث فريق العمل عن قصص من جميع أنحاء العالم قد تلقى صدى لدى جمهورها، حول موضوعات مثل الثورات، والحروب، والانتخابات، وأزمة المناخ، وقضايا النوع الاجتماعي.
من جانبه، قال جاكوب جورنيكي، المُؤسس المشارك لمنصة Outriders: "نركز بشكل أساسي على القصص التي يجدها جمهورنا، ومعظمه من المقيمين في بولندا، مثيرة للاهتمام". وفي السنوات الأخيرة، غطى المشروع الاحتجاجات في بيلاروسيا، والغزو الروسي لأوكرانيا والأزمات في القوقاز، إلى جانب العديد من القصص الأخرى.
وإليكم كيف يستخدم الفريق أساليب مبتكرة لسرد هذه القصص:
نهج مبتكر
وتسعى منصة Outriders إلى تقديم تقارير بطريقة تُثري المعرفة، وتُحفز التفكير النشط، وتُلهم التغيير. وأوضح جورنيكي: "في عام 2017، كان الاهتمام بالصحافة العالمية يتراجع بشكل عام بالنسبة للعديد من وسائل الإعلام، وكان ذلك أحد السببين الرئيسيين لإطلاقنا هذا المشروع"، أما السبب الثاني الذي ذكره جورنيكي، فهو البحث عن شكل جديد للتقارير، موضحًا: "أعتقد أن ما نفتقده حقًا هو نهج مختلف في تغطية القصص العالمية والذي يُمكننا من التفاعل بشكل أفضل مع الجمهور".
وأشار جورنيكي إلى أن منصة Outriders تستخدم حاليًا أدوات التمثيل البصري للبيانات وصحافة الموبيل لتقديم تقاريرها إلى الجمهور، كما أن لدى المنصة فريق عمل منظم جدًا، ويتولى إعداد كل قصة مجموعة مختلفة من الأشخاص بناءً على متطلبات القصة.
ويقول جورنيكي: "نحاول العثور على الأشخاص المناسبين لكل قصة"، مضيفًا: "لدينا شبكة واسعة من الاتصالات، وبناءً على ما هو مطلوب في الوقت الحالي- سواء المعرفة بالموضوع، أو المعرفة الميدانية، أو القدرة على العمل بصيغة معينة - نقوم بتشكيل الفريق وفقًا لذلك. بالإضافة إلى ذلك، نحرص دائمًا على إشراك الصحفيين المحليين ككتاب مشاركين في المنصة".
كيف تختار منصة Outriders قصصها
أوضح جورنيكي أنّ المنصة لا تمتلك الموارد الكافية لتغطية كل القصص المهمة، لذلك اختاروا التركيز على الموضوعات الأكثر إلحاحًا وأهمية للقراء البولنديين.
وقد أعطى جورنيكي مثالاً أوضح فيه قيام فريق العمل مؤخرًا بتغطية الاحتجاجات في جورجيا، وهي دولة ذات أهمية للجمهور البولندي، خاصة مع انتقال العديد من الجورجيين إلى بولندا مؤخرًا، كما تُشكل قضايا الأمن مجالًا آخر للاهتمام في المنصة، وهو ما ذكره قائلاً: "نناقش كيفية تعزيز الدولة لقدراتها الدفاعية وكيف يمكن للأحداث العالمية أن تهدد أمن بولندا".
رصد تفاصيل الحياة اليومية أثناء غزو روسيا لأوكرانيا
وفي هذا السياق، أشار جورنيكي إلى أن القصة الأكثر تأثيرًا التي قدمتها منصة Outriders هي مشروعها عن الحياة في مدينة كراماتورسك، التي تقع في منطقة حرب نشطة في شرق أوكرانيا. وأوضح التقرير كيف تغيرت الحياة اليومية لسكان المدينة وسط التهديد المستمر من روسيا.
وأظهرت المقالات، والصور، ومقاطع الفيديو، والقصص الشخصية عن السكان المحليين الذين يعيشون وسط القتال كيف يتأقلمون مع الدمار، والخسائر، والتغيرات الناجمة عن الحرب.
وقال جورنيكي: "اليوم، تقع كراماتورسك على بُعد 25 إلى 27 كيلومترًا من خط المواجهة. لقد غادر العديد من السكان المدينة، فيما اندمج من تبقى مع القوات العسكرية"، مضيفًا: "لقد هيمن الطابع العسكري على المدينة، وهو ما يتضح في الشوارع. لكل مدينة ديناميكياتها الخاصة، وكانت فكرتنا هي إظهار كيفية عمل البنية الحضرية أثناء الحرب والتأثيرات التي خلفتها الحرب عليها".
كان هذا المشروع من أوائل المشاريع التي أطلقتها منصة Outriders لإعطاء الأولوية للصحافة من خلال توظيف الهواتف المحمولة، ومقاطع الفيديو بزاوية 360 درجة، وتقنية الواقع الافتراضي. ويساعد استخدام التكنولوجيا الغامرة مثل الواقع الافتراضي المشاهدين على التفاعل مع كيفية تغيّر المدينة بسبب القتال المستمر، مما يجعل تجربة الجمهور أكثر شخصية وتفاعلية.
ووصف جورنيكي المشروع بأنه كان نقطة تحول كبيرة لمنصة Outriders، فقد حققت القصص التي أُصدرت لاحقًا بنفس التنسيقات مئات الآلاف من المشاهدات.
نصائح للصحفيين المستعدين لخوض التجارب
نصح جورنيكي الصحفيين الشباب الذين لديهم أفكار جريئة في تقاريرهم، بالاعتماد على التجربة المستمرة قائلاً: "جرّبوا، جرّبوا، جرّبوا! هذا هو الأساس. لا تخافوا من المحاولة بأنفسكم. إنه مثل التمرين: إذا أردتم التعلُم، عليكم بالممارسة".
وأضاف أنّ التعاون المتكرر هو أيضًا عامل أساسي، واختتم جورنيكي حديثه قائلاً: "أعتقد أنه من المهم جدًا أن يكون لديك شبكة من الأشخاص للعمل معهم، فهذا سيجعل حياتك أسهل بكثير، سواء كنت ترغب في التعاون مع شخص ما أو كنت تحتاج أحيانًا إلى نصيحة بشأن قضايا محلية، فإنّ هذين الأمرين مهمان حقًا".
الصورة الرئيسية مُقدمة من مريم تاشجيان.
نُشرت هذه المقالة في الأصل على موقع شبكة الصحفيين الدوليين باللغة الروسية وترجمتها ألكسندرا تيان إلى اللغة الإنجليزية.
إقرأوا المزيد من المقالات لـ
