هذه المقالة نُشرت في الأصل كمورد في مجموعة أدوات وسائل الإعلام في المنفى التي نقدمها، والتي أُنتجت بالشراكة مع شبكة وسائل الإعلام في المنفى، وبدعم من صندوق جويس بارناثان للطوارئ للصحفيين.
هناك الكثير من التحديات التي تواجهها وسائل الإعلام في المنفى يوميًا، من أبرزها، الالتزام بالأسلوب النقدي، والاستقلالية، والاستدامة المالية.
ويعد جمع التبرعات ضروريًا لتغطية التكاليف التشغيلية والتنظيمية، وسيُحدد هذا المورد إستراتيجيات عملية حول كيفية جمع التمويل اللازم لإنتاج محتوى إخباري في المنفى:
جمع التبرعات لوسائل الإعلام في المنفى
عادة ما تُحرم وسائل الإعلام في المنفى من الوصول إلى الإعانات المالية المخصصة لإنتاج المحتوى الإخباري بمهنية، والتي تستفيد منها الوسائل الإعلامية العامة في الأنظمة الديمقراطية المستقرة. ويمثل أيضًا إيجاد التمويل في المنفى تحديًا، لأنّ قطاع المساعدات الدولية والتنمية لا ينظر إلى الصحافة غالبًا باعتبارها هدفًا إنمائيًا في حد ذاته، بل باعتبارها "أداة" للوصول إلى الجماهير الكبيرة. ويُعد العثور على مانحين يعترفون بأن الوصول إلى المعلومات الموثوقة هو حق أساسي من حقوق الإنسان يُشكل أمرًا بالغ الأهمية.
وينبغي على وسائل الإعلام في المنفى أن تُحدد أيضًا ما إذا كان المانحون الذين يسعون إليهم على استعداد لتقديم الدعم على نطاق عالمي أم قاري، أو ما إذا كانت مساهماتهم مقتصرة على بلد أو منطقة معينة.
وهناك نقطة يجب أخذها في الاعتبار، وهي ضرورة معرفة ما إذا كانت مهمة المانح المحتمل تُتيح له تقديم الدعم بدون قيود جغرافية صارمة وذلك قبل الاتصال به.
وتُقدم غالبية صناديق التنمية الدولية نوعين من التمويل:
- التمويل الأساسي - وهو مبلغ ثابت يُغطي التكاليف التشغيلية على مدى فترة زمنية طويلة (عادة من سنة إلى ثلاث سنوات)، ويتضمن قدرًا من المرونة في التصرف بالميزانية.
- تمويل المشروع - ميزانية محددة مُخصصة لنشاط معين خلال فترة زمنية قصيرة (تتراوح عادة من ستة إلى اثني عشر شهرًا).
تتطلب إدارة غرف الأخبار في المنفى العمل مع شبكة سرية من المراسلين داخل الوطن، وهي عملية معقدة تشمل الكثير من العوامل التي لا يمكن التنبؤ بها، مما يجعل إعداد ميزانية دقيقة على المدى البعيد شبه مستحيل. وبالتالي، يُعد التمويل الأساسي الذي يُغطي التكاليف التشغيلية مثل الرواتب، أمرًا بالغ الأهمية حتى تتمكن وسائل الإعلام من الحفاظ على تدفق مستمر للمحتوى الإخباري.
ومع ذلك، فإنّ الحصول على تمويل أساسي طويل الأجل نادر، فمعظم الدعم المخصص "لتعزيز استدامة المنظمات" يكون في الواقع متاحًا لفترات قصيرة. ومن الناحية الأخرى، يُعد تمويل المشاريع أكثر شيوعًا وأسهل في الحصول عليه، لكن غالبًا ما يكون التمويل بمبالغ أصغر ولهدف أو مشروع محدد قصير الأجل، مما يسهل على الجهات المانحة مراقبته وتبرير تمويله.
أسس التعامل مع الجهات المانحة
لقد أظهرت لنا التجربة أنّ العلاقات مع المانحين ينبغي أن تُبنى بشكل فردي، لأنها تتطلب قدرًا من السرية والمرونة للتعامل على المخاطر وعدم اليقين الناتج عن العمل في المنفى.
على سبيل المثال، فإنّ التمويل كجزء من اتحاد أكبر غالبًا ما يستغرق مزيدًا من الوقت في التنسيق، ويتيح مرونة أقل في تنفيذ خطط المشاريع، كما أنّ المنح الصغيرة التي تمول محتوى موضوعيًا محددًا تستغرق عادة وقتًا أطول للتنفيذ، مما يؤثر على سير العمل ككل. وعلى صعيد آخر، قد يكون "التمويل الجزئي" للمحتوى على المدى الطويل من خلال عقد الشراكات الإعلامية مع منظمات المجتمع المدني المحلية و/أو المنظمات غير الحكومية أكثر فائدة.
وينبغي على الجهات الممولة لوسائل الإعلام المستقلة أن توافق على الاحترام الكامل للاستقلالية التحريرية. وقد يكون من الصعب على بعض صناديق تطوير وسائل الإعلام قبول ذلك الأمر، ولكن غياب الاستقلالية سيؤثر سلبًا على ثقة الجمهور في وسيلتك الإعلامية.
وتمتلك وسائل الإعلام في المنفى التي تكون عُرضة للمخاطر ميزة قيّمة، وهي: الثقة، وبمجرد أن يشك الجمهور في مصداقية أخبارها، تفقد قيمتها بسرعة، وبالتالي يجب التأكيد على أن الاستقلالية التحريرية غير قابلة للتفاوض.
ضع في اعتبارك هذه النصائح عند التعامل مع المانحين:
- في البداية، ينبغي أن تكون على دراية بالقيم الأساسية للمانح المُحتمل.
- قدم خطة أصلية ومبتكرة، ولكن لا تبالغ في الوعود، لتجنب توقعات غير واقعية حول التأثير.
- لا تتفاوض أبدًا بشأن استقلاليتك التحريرية.
- احرص على الالتزام بالمواعيد النهائية لتسليم العمل.
- كن مرنًا عندما لا تسير الأمور كما هو مُخطط لها.
البحث عن صناديق وسائل الإعلام
هناك أنواع مختلفة من صناديق وسائل الإعلام حول العالم. وتُقدم بعض وزارات الخارجية تمويلاً مباشرًا لوسائل الإعلام في المنفى أو عبر سفاراتها، وقد تلتزم بتوفير الأموال لعدة سنوات.
وفي الوقت نفسه، تتعاون منظمات تطوير الإعلام الأخرى- والتي تُمول بشكل كبير من قبل الإدارات الحكومية أو المؤسسات الحكومية الدولية - مع وسائل الإعلام في المنفى من خلال تمويل مشاريع تمتد غالبًا لعام واحد، وتتطلب هذه الشراكات الكثير من التدريب وقياسات التأثير.
وهناك أيضًا عدد قليل من الصناديق غير الحكومية أو المستثمرين من شركات التكنولوجيا الكبرى أو الجمعيات الخيرية الثرية يدعمون مبادرات إعلامية مختارة بعناية. وغالبًا ما يهدف هؤلاء "المستثمرون في مجال الإعلام" إلى دعم الابتكارات التي قد تكون مربحة، وهو ما يجعل وسائل الإعلام في المنفى مُؤهلة للحصول على دعم أو لا ينطبق عليها ذلك.
أشكال أخرى من جمع التبرعات
إذا كان لديك مؤسسة إعلامية مهنية تعمل في المنفى، فمن المحتمل أن تلجأ إلى العمل مع مزيج من المانحين الكبار والصغار الذين يقدمون تمويلًا أساسيًا، والتمويل المُخصص للمشاريع، ويمكن تمويل الجزء غير الممول من الميزانية من خلال منصات التواصل الاجتماعي مثل إعلانات جوجل على موقع الإلكتروني وإيرادات "يوتيوب".
وتمكنت بعض وسائل الإعلام في المنفى من تحقيق إيرادات كبيرة من خلال برامج العضوية (مثل توفير فرصة الوصول إلى المحتوى المتميز للمشتركين) أو عن طريق جمع التبرعات من خلال فعاليات محلية تستهدف جماهير الشتات، وقد يكون هذا الأمر مفيدًا، لكنه غالبًا ما يكون دخلًا عرضيًا.
وضع في اعتبارك أيضًا هاتين الطريقتين الإضافيتين لجمع التبرعات:
التمويل الجماعي
توجد العديد من الطرق لجمع مبالغ صغيرة، ومتوسطة، وكبيرة من التمويل من جمهورك، بعيدًا عن مواقع التمويل الجماعي المعتادة والتي غالبًا ما تأخذ نسبة كبيرة. تأكد من أنّ زر التبرع على موقعك يعمل بشكل سلس، وفكر في تنظيم فعاليات محلية لجمع التبرعات مثل عروض الأفلام أو المؤتمرات الصحفية أو نشر الكتب الإلكترونية التي كتبها الموظفون أو إنشاء محتوى مميز عالي الجودة مُتاح للأعضاء الذين يدفعون فقط.
التمويل الطارئ
نظرًا لأنه لا يمكن التنبؤ بالكوارث، فإنّ هذا النوع من التمويل لا يمكن التخطيط له مُسبقًا. ومع ذلك، فمن الحكمة أن تكون هناك إستراتيجية جاهزة تحسبًا لأي طارئ.
غالبًا ما تصبح الأزمات في البلدان التي تفتقر إلى الحرية الإعلامية أكثر كارثية بعد الحدث، وذلك بسبب غياب الأخبار الموثوقة. وفي تلك الحالة، يمكن لوسائل الإعلام في المنفى إنقاذ الأرواح، وتصبح حملات جمع التبرعات أكثر فعالية.
ويحتاج التمويل الطارئ إلى تقديمه بسرعة، ويتطلب من المانحين أن يسمحوا بالمرونة في التخطيط، والميزانية، والتبرير. وغالبًا ما يغطي هذا الدعم المستهدف تكاليف الإنتاج الإضافية فقط (مثل رسوم تردد الموجات القصيرة) التي لا تساهم في العملية الأساسية، ولكنها قد تساعد في إنقاذ الأرواح وتعزيز علامتك التجارية.
أولي شافانيس هو مطور إعلامي في صوت بورما الديمقراطي (DVB).