نصائح لتغطية العنف المسلح

Nov 17, 2022 في تغطية الأزمات
لافتة تدعو إلى وقف العنف المسلح

خلال عام 2022 وحده، قُتل أكثر من 31,000 شخص حتى الآن بسبب العنف المسلح في الولايات المتحدة. وخلال الفترة نفسها، انتحر حوالي 17,000 شخصًا باستخدام الأسلحة النارية، بينما وقعت هذا العام أكثر من 480 عملية إطلاق نار جماعي – أي مقتل ثلاثة أشخاص أو أكثر في واقعة إطلاق نار واحدة.

وقد يسمع الكثيرون عن إطلاق النار الجماعي على وجه الخصوص، لكن الحقيقة أنّ غرف الأخبار لا تغطي كل الحوادث – ولا سيما العنف اليومي بالأسلحة النارية. ونتيجة لذلك، قد يقلل الرأي العام من تقديره لشدة الوضع.

ولكن العنف المسلح لا يشكل مصدرًا للقلق في الولايات المتحدة فحسب، بل إنّه يؤثر على دول أخرى كذلك، وخاصة في أميركا الوسطى والجنوبية.

وفي ويبينار أقامه مؤخرًا المركز الدولي للصحفيين ضمن منتدى تغطية الأزمات العالمية بعنوان "العنف المسلح وكيفية تغطيته"، قدّمت أبينيه كلايتون – الصحفية الرئيسية لدى سلسلة "الأسلحة النارية والأكاذيب" التابعة للنسخة الأميركية من صحيفة الجارديان، والتي تركز على العنف المسلح في ولاية كاليفورنيا – بعض الأدوات والإرشادات لمساعدة الصحفيين في تحسين تغطيتهم للموضوع.

 

تغطية العنف المسلح في بداية المسيرة الصحفية

في بداية مسيرتها المهنية، غطّت كلايتون اجتماعات البلدية ومبادراتها، مثل الجهود المبذولة لتوفير الأطعمة الطازجة وتحفيز تنمية المجتمع. وفي هذا الصدد، قالت الصحفية: "لم أخطط قط لتغطية العنف المسلح. ولكنني دائمًا ما كنت أفكر في أن بإمكان ذلك المساهمة في تقليل العنف المسلح".

وقد بدأت كلايتون في تغطية العنف المسلح عام 2019، مع التركيز على مسقط رأسها في ريتشموند بكاليفورنيا، حيث كتبت عن المجتمعات الأكثر تضررًا من حوادث إطلاق النار وجرائم القتل.

وأوضحت أنّه أثناء نشأتها، "كل ما كنت أعرفه هو أن العنف المسلح أصبح مشكلة. ففي سن معين، تبدأ في سماع القصص عن إطلاق النار على الشباب وقتلهم". وأضافت كلايتون، ذات البشرة السمراء: "كنت معتادة على سماع الطلقات النارية، وكنت أعلم دائمًا أنها تستهدف الأشخاص الذين يشبهونني أكثر من غيرهم".

وأشارت إلى أنّ معظم حوادث العنف المسلح لا تصل إلى حجم إطلاق النار الجماعي، موضحة أنّ "الانتحار يمثل أغلبية حوادث العنف المسلح في الولايات المتحدة، إذ تبلغ نسبته حوالي 50%. وبعد ذلك نشهد ما نطلق عليه ’العنف المسلح المجتمعي‘". ويشير ذلك إلى النسب المتفاوتة للوفيات الناجمة عن استخدام الأسلحة النارية في أحياء معينة، لا سيما في مجتمعات السود وذوي الأصول الأسبانية الذين يعانون من نقص الموارد، "وهذه هي الحوادث التي أقصدها عندما أتحدث عن العنف المسلح".

وأكدّت على أنّها تتحدث عن "العنف المسلح المجتمعي بشكل خاص"، مضيفة أنّ زميلتها "لويس بيكيت، الصحفية لدى صحيفة الجارديان، شهدت ظاهرة مشابهة، حيث كان هناك تركيز مكثف للغاية على عمليات إطلاق النار الجماعية، ما غطّى على العنف المسلح اليومي الذي عانى منه الناس".

وقد قررت بيكيت التقديم إلى منحة من مؤسسة كاليفورنيا للصحة من أجل تمويل سلسلة "الأسلحة النارية والأكاذيب"، المستمرة حتى الآن منذ تسعة أشهر.

كيفية الحفاظ على التغطية الهامة للوفيات الناجمة عن الأسلحة النارية

يُمثل العنف المسلح مشكلة مُلحة، ولكن قد يكون من الصعب تغطية الموضوع بشكل يؤثر على القراء.

ومن بين الطرق التي اقترحتها كلايتون لتحقيق ذلك هي تحليل حوادث العنف المسلح التي تتجاهلها دورة الأخبار وإعداد ملخص عنها كل بضعة أشهر، بما في ذلك التحدث إلى الأشخاص المعنيين أو المتضررين، "وقد وجدت أن هذه طريقة ناجحة لتجديد الأمور وجذب الاهتمام إليها".

كما ينبغي على الصحفيين أن يركزوا في تغطيتهم على الأشخاص الذين تتجاهلهم الأخبار. وفي هذا السياق، قالت كلايتون: "أعتقد أن القصص التي تتمحور حول الفقراء أو أصحاب البشرة السوداء أو البنية لا تحظى بالتغطية الكافية. ولكنني وجدت أنّ هذه القصص دائمة التجدد، ودائمًا ما يتفاجأ الناس عندما أحصل على رواية مباشرة من أحد الأشخاص الذين فقدوا ابنًا أو ابنة".

وفي أغلب الأحيان، توجد فرصة للتعمق أكثر في تغطية الأحداث الكبرى بما يتجاوز العناوين الرئيسية. ففي حالة إطلاق النار الجماعي على سبيل المثال، فكر فيما شهده المجتمع من حيث العنف المسلح اليومي، بعيدًا عن الحادث الفردي. وأضافت كلايتون: "كصحفي، يمكنك الذهاب إلى المجتمعات المجاورة أو إلقاء نظرة على الولاية أو المقاطعة، والبحث في المكان الذي يتركز فيه معظم العنف المسلح. فهؤلاء هم الأشخاص الذين يحاولون فعل شيء حيال ذلك".

وقد عملت كلايتون منذ بضعة أسابيع على قصة من زاوية مختلفة، مركزة على ارتفاع عدد حواث إطلاق النار على الطرق السريعة، وقالت: "نادرًا ما يتسنّى لنا الاستماع بشكل مباشر إلى الأشخاص المعنيين أو إلى الشرطة حول الأسباب وراء هذه الحوادث".

تسييس التقارير حول العنف المسلح

نصحت كلايتون الصحفيين بإعطاء الأولوية للضحايا في تغطيتهم الصحفية، وذكرت مثالًا على "قصة حول شاب قُتل بطلق ناري في مدينة لوس أنجلوس، وكان والده من مراقبي الشرطة. ولم تذكر الأخبار سوى القليل عن الضحية وعن تصريحات أسرته".

ونظرًا لمدى استقطاب القضية، يمكن أن تكون لمؤسسات الأخبار مجموعات مختلفة من القيم ووجهات النظر فيما يتعلق بتغطية العنف المسلح. وفي هذه الحالة، نصحت كلايتون الصحفيين بإعطاء الأولوية لاستقلالهم الصحفي دائمًا، والتركيز على حقائق القصة وتفاصيلها في المقام الأول.

واختتمت قائلةً: "إذا كنت تغطي العنف المسلح وتقلق بشأن كونك جزءًا من الفوضى [أي التغطية المسيسة للعنف المسلح]، فركز على استخدام البيانات الصحيحة والتحقق المزدوج من المعلومات والاستعانة بخبراء الجريمة والقانون حتى تكون قصتك سليمة وقوية".


الصورة الرئيسية من انسبلاش بواسطة تشيب فنسنت.