شارك الصحفي التونسيّ عبد المالك بن عبدالله، في برنامج مركز التوجيه للمبادرات الإعلاميّة الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتابع لشبكة الصحفيين الدوليين في العام 2014.
الانطلاق نحو الحلم
بدأ حبّ عبد المالك لمجال الإذاعة منذ العام 2009، فقام بإنشاء رابط بث إذاعي لبعض الأغنيات والإهداءات للأصدقاء على الإنترنت لمدة عامين من خلال برنامج أطلقَ عليه إسم "إهداء خاص". فيما بعد، تطوّرت الفكرة وأصبحت بثًا مباشرًا مع الفيديو عبر "يوتيوب". ومع وصول الخدمة لعدد أكبر من الجمهور لا سيما إلى التونسيين الذين يعيشون خارج البلاد، أنشأ عبد المالك مدونة أطلق عليه إسم "راديو تي إن"، وانطلقَ في نشر بعض الأخبار المحلية التي تهمّ سكان محافظة المهدية.
في أواخر العام 2010، قام الصحفي التونسيّ بإنشاء صحيفة الكترونية إسمها "الكلمة الحرة"، لنقد بعض أوضاع البلاد تحت اسم مستعار نظراً لضيق مساحة حرية التعبير. لكن بعد الثورة، تغيّر الوضع وتنشقّت تونس الحرية وزاد السماح بإنشاء مؤسسات إعلامية، ممّا فتح الباب أمام عبد المالك لتحقيق حلمه القديم المتمثّل بإنشاء إذاعة محليّة باسم "راديو المهدية" عبر صفحة فيسبوك مجانية، وذلك في العام 2012.
في حديثه لشبكة الصحفيين الدوليين، يوضح عبد المالك أنّ الفكرة كانت جديدة بالنسبة للأهالي، قائلًا: "كانت صفحة الإذاعة محلية، تتحدّث بلسان الأهالي وتقدّم معلومات وصورًا عن أماكن مختلفة بالمحافظة، وبدأت شرارة التفاعل مع الجمهور، لتتحوّل من 100 إلى 7000 متابع في فترة وجيزة. ولأنّ الجمهور كان مولعًا بالرياضة، اقترح علينا البعض تقديم تغطية مباشرة لفعاليات رياضية محلية، وهذا ما حصل، فقد انطلقنا في بث المباريات والتعليق عليها لمدة 5 ساعات من البث".
وعن انطلاقه على الرغم من التحديات التي اعترضته في بداية الطريق، يقول: "كنّا في البداية أنا وصديقي في الحي، حيث تشاركنا الرؤية بأنه على الرغم من أنّ إمكاناتنا بسيطة لكنّ حلمنا وحماسنا كبيران، وسنصل في نهاية الطريق لما نصبو إليه".
وقال عبد المالك: "من يستمع إلينا يظن أنّ وراء البث فريقًا متكاملًا واستوديوهات ضخمة ومعدات احترافية، لكنّ المحرك الأساسي كان الإيمان بالفكرة والرغبة في خدمة أهل المنطقة. لم يكن صوتنا نحن، بل صوت الأهالي في ظلّ مناخ جديد يحلم بالحرية ويؤمن بدور الإعلام في تحقيق التنمية ووضع أجندة الجمهور المحلي ضمن أولوياته".
كان تأمين مقرّ للإذاعة من أبرز وأوّل محطات النجاح، وتبعه الشروع في إجراءات تأسيس الجمعية المتوسطية للتبادل الثقافي والفكري، وتوفير رأس المال اللازم لاستصدار الأوراق الرسمية لتحويل الصفحة الإلكترونية المجانية إلى موقع تفاعلي يضمن نشر تقارير الفيديو وتغطيات حية تنقل صوت المواطن في الشارع التونسي.
وفي شباط/ فبراير 2012، بدأ بث الراديو المجتمعي الأول على الإنترنت في محافظة المهدية لتبدأ معه صفحة جديدة من التميّز.
برنامج مركز التوجيه للمبادرات الإعلامية
شارك عبد المالك في برنامج مركز التوجيه بدورته الأولى في العام 2014، وجاء اختيار مشروعه راديو المهدية ليكون ضمن 10 مشاركين بالبرنامج من إجمالي 100 مشروع. وكان التدريب عن طريق الإنترنت مع التكليف ببعض المهام والمشاركة في توجيه الأفكار ووضع الاستراتيجيات. ساعد البرنامج في تقديم منحة مالية بسيطة للمشروع، ولكنها كانت بمثابة نقطة الانطلاق الحقيقية، لأنها مكّنت فريق العمل من شراء بعض التجهيزات الاحترافية. واستمرّ الإشراف والتوجيه لمدة عام كامل تخلّلته زيارات ميدانية للموجه، وتقديم نصائح عملية لتطبيق المعرفة النظرية.
يقول عبد المالك: "من الأمور التي لن أنساها في برنامج التوجيه هو تقديم أول مبلغ لشراء معدات وميكروفونات وحيز خاص بالبث. كانت منصتنا أول إذاعة مجتمعية محلية في الساحل التونسي، وبنهاية 2015 أنشأنا أول استوديو".
محطات النجاح
شراكات وتعاون
تحديات كثيرة
مع نجاح المشروع في بداياته عام 2012، تقدّم رجل أعمال بعرض كبير لتبني ودعم المشروع ماديًا وإنشاء استوديوهات إذاعية ووعد بتأسيس شركة مشتركة للإنتاج الإعلامي وبالفعل تعاون الفريق معه لمدة 5 أشهر. لكنّ الوعود تبخرت فيما بعد.
بدأ الفريق من الصفر للمرّة الثانية، وأسّس أعضاؤه راديو المهدية 1 وواجه تحديات كبيرة وعقبات لكي يتوقّف عن العمل، لكنّ الفريق آمن بفكرته حتى النهاية ولم يستسلم على الرغم من الظروف الصعبة.
عام 2015 قام راديو المهدية 1 بتغطية عدد من القضايا المحلية الحساسة مثل الرشوة وتهريب الآثار، وتعرض فريق العمل لعدد من المضايقات وتم إغلاق مقر الراديو وواجه تهديدات، فانتقل المؤسس إلى الإقامة في العاصمة تونس بعدما تقدم بشكوى رسمية للشرطة.
استغلّ عبد المالك تلك الفترة في بناء علاقات مع مؤسسات أخرى وتطوير قدراته المهنية والتدريبية حتى استطاع الحصول على عضوية انتساب ثم عضوية بنقابة الصحفيين لتوفير غطاء الحماية عام 2017 وتقديم العون القانوني والإرشادي.
صوتنا.. قوتنا
نبذة عن راديو المهدية 1: أول راديو جمعياتي بولاية المهدية والساحل التونسي، متخصص في السياحة والثقافة وحاصل على رخصة بث موجة إف إم، ليستهدف الشباب من عمر 18 إلى 30 سنة.
استراتيجية الموقع: متابعة قضايا الشارع ومشكلات المواطنين في المنطقة المحلية، سواء عبر الموقع نفسه أو عبر شبكات التواصل الاجتماعية مما ساهم في جذب الجمهور المحلي وشجع مختلف الفئات على التواصل مع الراديو عبر وسائل مختلفة مثل الاتصالات المباشرة والاستبيانات والرسائل والتعليقات عبر منصات فيسبوك ويوتيوب.
الرؤية المستقبلية: تكوين مجلس حكماء لتقييم للبرامج من خلال المجتمع المدني والمواطنين وأن تكون الإذاعة الأكثر استماعًا في المحافظة ويمتدّ تأثيرها ليشمل مناطق أخرى بتونس.