إرشادات للمؤسسات الإخبارية العاملة مع المُبلغين عن المخالفات

بواسطة Patrick Butler
May 1, 2024 في السلامة الرقمية والجسدية
صافرة فوق قميص أزرق

في 9 مارس/آذار، عُثر على جون بارنيت ميتًا في سيارته في تشارلستون، كارولينا الجنوبية، نتيجة ما وصفه الطبيب الشرعي بالمقاطعة بأنّه إصابة بعيار ناري ذاتي. وفي الأيام السابقة لوفاته، قدّم بارنيت أدلة في محاكمة الإبلاغ عن المخالفات ضد شركة بوينغ للطائرات.

وبينما من المستحيل الجزم بالسبب الذي أدى إلى الانتحار الظاهر، إلا أنّ والدة بارنيت قالت في مقابلة مع "سي بي إس نيوز" إنّها تلوم شركة بوينغ جزئيًا على وفاة ابنها. وأوضحت أنّه كان يشعر باليأس جرّاء استهداف الشركة له بلا هوادة بسبب اتهاماته بأنّها تجاهلت عن عمد مشكلات السلامة في المصنع حيث كان يعمل.

وتسلط هذه المأساة الضوء على قضية أخرى أيضًا: المسؤوليات الأخلاقية التي تقع على عاتق المؤسسات الإخبارية التي تتناول ادعاءات المُبلغين عن المخالفات. وقد تكون وفاة بارنيت حالة متطرفة، ولكن تحدّث غيره من المُبلغين عن المخالفات علنًا خلال العام الماضي حول كيف أنّ تحدثهم إلى وسائل الإعلام تركهم عاطلين عن العمل، ومفلسين، ومستهدفين، ومنبوذين، ومكتئبين.

صدمة الإبلاغ عن المخالفات

وفي جلسات نقاشية في مؤتمر اتحاد الأخبار الإلكترونية في أغسطس/آب ومنتدى نايت للإعلام في فبراير/شباط، تحدّث أربعة من المُبلغين البارزين عن المخالفات، عن تجاربهم في التعامل مع وسائل الإعلام، وبعضها كان إيجابيًا والبعض الآخر كان سلبيًا، وقالوا إنّ الصحفيين في حاجة إلى فهم مدى الصدمة التي يُمكن أن يسببها الإبلاغ عن المخالفات.

وقالت أنيكا كولير نافارولي، الخبيرة السابقة في مجال السلامة في منصة تويتر والتي كشفت معلومات سرية عن دور المنصة في أحداث التمرد في الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021: "ينشر الصحفيون القصة ثم ينتقلون للقصة التالية، ولكن عندما تكون المُبلغ عن المخالفات، تبدأ قصتك حقًا عندما تُنشر القصة"، موضحةً "ومن أصعب العواقب المترتبة على الاضطرار إلى القيام بذلك هو لملمة الأمور بعد ذلك، وأن تقول (لقد دمرت حياتي بأكملها للتو، ودمرت مسيرتي المهنية بالكامل.. ماذا أفعل الآن؟)".

وتأسست المنظمة غير الربحية والتي مقرها في الولايات المتحدة، The Signals Network، في 2017؛ لمساعدة المُبلغين عن المخالفات على التعامل مع العواقب القانونية والمالية والنفسية والاجتماعية الناجمة عن اتخاذ إجراء، وأوضحت المديرة التنفيذية للمنظمة، دلفين هالجاند-ميشرا، أنّ المنظمة يُمكن أن تكون مفيدة أيضًا للمؤسسات الإعلامية التي تنشر معلومات من المُبلغين عن المخالفات.

وشرحت هالجاند-ميشرا: "نقدم الدعم للمُبلغين عن المخالفات، وبإمكان الصحفيين التركيز على عملهم، ويُمكننا أن نلعب دور الدعم القانوني كي لا يضطر الصحفيون للقيام بذلك، وهو ما لا يُمكنهم القيام به لأسباب أخلاقية".

وأشارت هالجاند-ميشرا إلى أنّ المنظمة قدمت الدعم المباشر لـ 45 مُبلغًا عن المخالفات في 2023، وتتلقى الآن نحو طلبين للمساعدة أسبوعيًا، كما تدعو المنظمة لوضع قوانين أفضل لحماية المُبلغين عن المخالفات، مما يساعد في نهاية المطاف الصحفيين الذين يعتمدون على هذه المصادر لكشف المخالفات. ومن جانبه، مرر الاتحاد الأوروبي توجيهًا لتوفير حماية أفضل للمُبلغين عن المخالفات في 2019، كما وافق مجلس النواب الأميركي على قانون فيدرالي سيحمي الصحفيين ومصادرهم، ويُنتظر اتخاذ قرار بشأن القانون في مجلس الشيوخ.

كيف تحمي المُبلغين عن المخالفات؟

وأقدم إليكم بعض الطرق التي بإمكان الصحفيين استخدامها للحصول على القصص المهمة التي لا يستطيع تقديمها سوى المُبلغين عن المخالفات، مع تقليل الضرر الذي يلحق بأولئك الذين يخاطرون مخاطرة شخصية كبيرة لكشف المخالفات.

  • تعامل مع المُبلغ عن المخالفات بحساسية، مدركًا أنّه بينما قد تساعد هذه القصة في تقدم مسيرتك المهنية، قد تكون نهاية المسيرة المهنية للمُبلغ عن المخالفات. وقال المصدر الرئيسي وراء كشف ملفات أوبر، مارك ماكغان، إنّه تعامل مع بعض الصحفيين غير الأخلاقيين، ولكن تواصله الأول مع صحفي من الجارديان وضع معيارًا للتميز: "لقد تحدث عني وعن عافيتي، وهل لدي عائلة، وكيف حال صحتي؟ وإذا كنت سأمضي قدمًا في الكشف عن المخالفات، فهل هناك آليات للسلامة يمكن وضعها حتى أكون محميًا؟".
  • لا تستغل ضعف المُبلغ عن المخالفات. قالت آلي ديركس، وهي المحامية التي كشفت عن نية قناة CBS، إخفاء تقرير عن تحرش جنسي ارتكبه المدير التنفيذي السابق للقناة، ليز مونفيس، إنّها شعرت بارتياح بالغ في التحدث مع صحفي "نيويورك تايمز" لدرجة أنّها اعتبرته صديقًا لها، والشخص الوحيد الذي بإمكانها ائتمانه على أسرارها إلى جانب زوجها، وقدّرت فيما بعد توضيح الصحفي لها أنّ أهدافهما مختلفة وأنّها تحتاج لتلقي الدعم القانوني والعاطفي من مكان آخر.
  • تأكد من أنّ المصدر يفهم القواعد. وقالت هالجاند-ميشرا إنّه يتحتم على الصحفيين أن يشرحوا للمُبلغ عن المخالفات معنى تصريح للنشر وتصريح ليس للنشر وغيرها من المصطلحات ذات الصلة، كما ينبغي على المصدر فهم أنّه يجب على الصحفي التحقيق في جميع الادعاءات بدقة، وسينظر في خلفية المصدر، وسيتعين عليه الذهاب إلى الشركة للاستماع إلى جانبها من القصة.
  • ضع بروتوكولات لكيفية تعامل غرفتك الإخبارية مع المُبلغين عن المخالفات. تتجه وسائل الإعلام بشكل متزايد إلى توفير قنوات إبلاغ آمنة، ولكنّها لم تفكر دومًا في الكيفية التي ستقدم بها الحماية لمستخدميها.
  • السلامة قبل أي شيء. استخدم قنوات اتصال آمنة، ضع حدًا لعدد الأشخاص المتواجدين في غرفة الأخبار الذين يعرفون هوية المصدر، ولا تضغط لإجراء مقابلة مع المُبلغ عن المخالفات في منزله.
  • وإذا أراد المصدر أن يبقى مجهولًا الهوية، فكن حذرًا بشأن المعلومات التي تكشفها قصتك، وقالت هالجاند-ميشرا إنّ بعض القصص قدمت تفاصيل كثيرة لدرجة أنّ الشركة الخاضعة للتحقيق تمكنت من التعرف على هوية المصدر فورًا.
  • افهم سياق الدولة حيث تعمل. فبينما أغلب المُبلغين عن المخالفات التي تعمل معهم The Signals Network، متواجدين في الولايات المتحدة وأوروبا، يمد المُبلغون عن المخالفات الصحفيين بقصص من الجنوب العالمي أيضًا، حيث يُمكن أن تكون العواقب أكثر خطورة بكثير، بما في ذلك التهديدات للسلامة الجسدية.

ولم يُعرب أي مُبلغ عن المخالفات من الذين تحدثوا في الجلسات النقاشية عن ندمهم على كشف المخالفات علانية، ولكن من أجل مصلحة أولئك الذين سيحذو حذوهم، فهم يريدون من الصحفيين فهم المخاطر.

وقال ويندل بوتر، الذي "كشف مخالفات"، ضد جهة عمله آنذاك، CIGNA، وغيرها من شركات التأمين الصحي: "إذا كنت تقوم بشيء ما كمُبلغ عن المخالفات ولم يسبق لك العمل مع وسائل الأخبار، يُمكن أن يكون الأمر مُرهقًا"، مختتمًا "لذا، كن على علم بأنّ كل هذا يحدث لشخص يحاول فعل الصواب ومستعد لفعل ذلك بتكلفة باهظة".


​​​​​​الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على Pexels بواسطة استوديو كوتونبرو.