يتوجه المراسلون الحربيون لتغطية الأحداث في مناطق النزاع والكوارث مثقلين بدورات متخصّصة تدرّبهم على كيفية الحفاظ على سلامتهم الشخصيّة، ورفع مستوى إدراكهم للأخطار المحيطة، بالإضافة إلى كيفية التدبّر عند التعرض للأزمات.
روى في هذا الصدد، أحمد حسن مراسل صحيفة "الوطن" المصريّة تجربته، مؤكداً أنه خضع لدورات تأهيل قبل العمل كمراسل حربي في تغطية أحداث الثورتين المصرية والسورية، في بورسعيد والصعيد وفي دمشق ودرعا على التوالي. وكان أهم ما تعلّمه إجراء الإسعافات الأوليّة له ولمن حوله، واختيار المكان الآمن للتصوير، والتعامل مع اللّحظات الحرجة كالاختطاف وغيرها.
وقال عن دور المؤسسات التي عمل فيها سابقاً أن موقع "مصراوي" قام بتدريبه على يدّ مدرّب من "واشنطن بوست"، كما ساهمت جريدة "الوطن" التي يعمل لصالحها حالياً في تغطية تكاليف تدريبه في ألمانيا.
وذكر أن المدرّب عادةً ما يكون مراسلاً حربياً سابقاً ذو خبرة، وأكّد أن القواعد الموصى بها للمراسلين الحربيين في كتب وأدلّة العمل الصحفي لا يُعمَل بها على أرض الواقع. فمثلاً في حال حدوث قصف أو إطلاق نار "ينخرط الصحفيون مع المدنيين" إلا أنه لم يستطع تطبيق هذه القاعدة في سوريا حيث لا مراعاة للقانون الدّولي ولا احترام للصحفيين، ويمكن لأي إنسان أن يُعتبر هدفاً محتملاً.
هذه بعض من مواصفات المراسل الحربي
-
السرعة
-
اللياقة البدنية
-
الدراية بالإسعافات الأولية
-
القدرة على تحمّل العمل في ظروف وأماكن خطرة
-
قدرة احتمال عالية إذا من المرجّح التعرّض لمشاهد مؤلمة
- يفضّل أن يكون الصحفي قد أدّى الخدمة العسكرية.
وأضاف حسن "في مصر اضطررنا للتخفّي ونَسب أنفسنا إلى وكالات عربية وأجنبية، وهذا نوع جديد من الكذب استخدمناه لحماية أنفسنا وذلك بسبب استهدافنا من طرفي التنازع في الأحداث، وأصبحت الكاميرا سلاحًا يستخدمه المراسل ليحمي نفسه ومن حوله وليظهر الحقيقة."
وبسؤال شبكة الصحفيين الدوليين لسهى النقّاش الأستاذة في كليّة الإعلام في جامعة "مصر للعلوم والتكنولوجيا" والإعلامية في التلفزيون المصري عن تأهيل المراسل الحربي، قالت النقّاش "لا يوجد مراسلون في المحافظات حتى نؤهل مراسلين حربيين، وهذا الإهمال تسبّب في إرسال صحفيين غير مؤهلين لأماكن النزاع كفلسطين".
وتابعت النقّاش قولها "لقد تعرّضت المذيعة أماني الخياط لقصف مفاجئ لم تدرك كيفية التعامل معه لأنها غير مدرّبة كمراسلة حربيّة، كما عاد المنتج والصحفي عمر حسنين من سوريا بأضرار نفسية وجسدية لنفس السبب".
وقدّم أحد المصادر من وكالة "رويترز" النصائح للمراسلين المحليين عند تغطية المظاهرات وأعمال الشغب، تضمّنت حمل الصحفي لبعض الأدوات المفيدة كقناع الغاز وإسعافات أولية بسيطة، والحرص على تفقد مكان الحدث فور الوصول؛ لدراسته من حيث وجود طرق للإخلاء وانتشار القناصة على الأسطح. وأكّد المصدر على عدم تحرّك المراسلين من أماكن تواجدهم إلا بعد التأكّد من وجود شخص من سكان المنطقة، يكون بمثابة دليل وجواز مرور أمام الأمن وأهالي المنطقة. كذلك يجب على الصحفي أن يأخذ في عين الاعتبار كون الناس والأمن في أقصى حالات الريبة والحذر من أي شخص غريب عن المنطقة.
من جهة أخرى، رفض المصدر أن ينكر المراسل هويته كصحفي، داعياً في نفس الوقت إلى التمتّع بالذكاء وتجنب الإجابة أو الإفصاح إلا إذا كان مرغماً على ذلك. كأن يتمّ القبض عليه من قبل الأمن، حيث يجب عليه في هذه الحالة التعريف بنفسه ومهنته وتقديم ما يثبت موافقة رئيس التحرير على التغطية وتكليفه بها.
من أهم القواعد المنصوص عليها في دليل "لجنة حماية الصحفيين" للمراسلين عند تغطية الحروب والكوارث.
أولاً، التحضير الجيد: التدريب، ارتداء معدات الوقاية كالدروع الواقية والخوذة العسكرية، والتأكد من أن تكون كلمة صحافة على الملابس ووسائل النقل ظاهرة وواضحة. أيضاً، حمل بطاقة تعريف كصحفي وتصاريح المرور العسكرية، ووجود حقيبة إسعافات أولية، وحمل بطاقة تعريف طبيّة تحتوي الزمرة الدموية أو فئة الدم والأمراض المزمنة إن وجدت، بالإضافة إلى الحرص على تغطية التأمين الصحي لإصابات الحروب والكوارث.
ثانياً، في الميدان: العمل مع شركاء وطبعاً عدم حمل السلاح، وارتداء ملابس لا تشبه ملابس الأطراف المتنازعة ولا تثير الريبة، وتوافر مترجم وتعلّم لفظ كلمة صحفي أو صحافة بلغة المكان أو اللّهجة المحلّية، ومعرفة المنطقة جغرافياً حيث تقوم بحفظ أمن الطرق للتحرّك والهرب وأماكن توافر الخدمات الطبيّة.
يضاف إلى ذلك، البقاء على اتصال مع رئيس التحرير وصحفي واحد على الأقل في الميدان، وتزويدهم بالمعلومات عند الخروج للتغطية. تتضمن هذه المعلومات: أين، ومع مَن، وإلى متى، وما هي خطة الطوارئ التي يجب العمل بها في حال الاختفاء أو التأخّر في العودة، تتضمّن هذه القائمة لائحة بأسماء من يجب الاتصال بهم ومن ضمنهم مؤسسات حرية الصحافة والدفاع عن الصحفيين.
الصورة لسعيد القاق.