Icfj 的一个项目

لغة بايثون.. مفتاح الصحفي لعالم البيانات

Feb 28, 2025 发表在 موضوعات متخصصة
صورة

هل تصوّرت يومًا أن تُصبح لغة البرمجة أداةً أساسية في يد الصحفي، تُمكنه من الغوص في أعماق البيانات، واستخراج القصص المُخبأة بين أكوام الأرقام والجداول؟

ففي عصرٍ تُسيطر عليه البيانات، وتُشكّل فيه المعلومات الرقمية عصب الحياة، لم تعد مهارات الصحفي التقليدية كافيةً لمواكبة هذا التطور الهائل. فاليوم، يحتاج الصحفي إلى أدوات جديدة تُمكنه من تحليل وفهم هذه البيانات وسرد القصص بشكلٍ مُبتكر يجذب انتباه الجمهور.

في جلسة نظّمها منتدى شبكة الصحفيين الدوليين لتغطية الأزمات، التقى المشاركون مع عمرو العراقي الخبير في علم البيانات ومُؤلف كتاب "لغة بايثون للصحفيين"، والذي اصطحبنا في رحلة مثمرة اكتشفنا خلالها عالم صحافة البيانات، وتعرفنا على فوائد لغة بايثون للصحفيين.
 

لماذا تُعد لغة البرمجة أساسية للصحفي في العصر الرقمي؟

قال عمرو العراقي، إنّ اللغة، بمفهومها العام، هي أداة التواصل والفهم، ووسيلة لتبادل الأفكار والتعبير عن الذات. وكما أن الإنسان يحتاج إلى تعلُم لغات جديدة للتواصل مع ثقافاتٍ مختلفة، فإن الصحفي في عصرنا الحالي يحتاج إلى لغة البرمجة للتواصل مع عالم البيانات وفهم لغة الآلة.

فمع تزايد اعتمادنا على التكنولوجيا في حياتنا اليومية، أصبحت البيانات تُشكّل كنزًا دفينًا من المعلومات التي تنتظر من يكشف أسرارها. ولكن كيف يمكن للصحفي أن يُبحر في هذا المحيط الهائل من البيانات بدون امتلاك أدواتٍ تُساعده على التنقل بينها وفهمها وتحليلها؟

أوضح العراقي أنّ أهمية لغة البرمجة، وبالتحديد لغة بايثون، تُتيح للصحفي فرصة فريدة للتعامل مع البيانات بطريقةٍ فعّالة ومُبتكرة، فتُمكّنه من:

  • تحليل البيانات الضخمة التي تتجاوز قدرات برامج جداول البيانات التقليدية مثل إكسل.
  • التمثيل البصري للبيانات بشكلٍ جذاب من خلال إنشاء رسوم بيانية تفاعلية وخرائط معلوماتية تُسهّل فهم المعلومات المُعقدة وتُلفت انتباه الجمهور.
  • أتمتة المهام المُتكررة التي تستغرق وقتًا طويلًا، مثل جمع البيانات من مواقع التواصل الاجتماعي أو تصنيف الأخبار.
  • استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل النصوص والصور والكشف عن المعلومات المُضللة.

بايثون: لغة سهلة ومُتعددة الاستخدامات

قال العراقي إنّ لغة بايثون تتميز بسهولة تعلمها وتعدُد مكتباتها التي تُسهّل مهام تحليل البيانات وتُلبي احتياجات الصحفيين في مختلف المجالات. كما أنها لا تتطلب بيئة برمجة مُعقدة، مما يُتيح للصحفيين البدء في استخدامها بسهولة دون الحاجة إلى امتلاك خبرة تقنية مُتقدمة.

أوضح العراقي أن الصحفي يواجه تحدياتٍ جديدة تتطلب مهاراتٍ مُتقدمة للبقاء في صدارة المشهد الإعلامي. ومن أهم هذه التحديات:

  • التعامل مع كميات هائلة من البيانات: فقد أصبح على الصحفي أن يُفلتر ويُحلّل كميات كبيرة من البيانات لاستخلاص المعلومات القيّمة وسرد قصص قائمة على الأدلة.
  • مواجهة المعلومات المُضللة: مع انتشار الأخبار الكاذبة والتلاعب بالحقائق، أصبح من الضروري للصحفي أن يتحقق من صحة المعلومات وتقديم الحقيقة للجمهور.
  • تقديم المعلومات بشكلٍ جذاب ومُبتكر: في عالم يُسيطر عليه المحتوى البصري، يحتاج الصحفي إلى إيجاد طرق جديدة لعرض المعلومات بشكلٍ يُلفت الانتباه ويُشجع على التفاعل.

وهنا تأتي لغة بايثون لتُقدم حلولًا فعّالة لهذه التحديات، من خلال:

  • تمكين الصحفي من تحليل وتصنيف كميات كبيرة من البيانات بسرعةٍ ودقة.
  • توفير أدوات للكشف عن الأنماط والمُفارقات في البيانات، مما يُساعده على اكتشاف قصصٍ مُهمّة قد لا تكون واضحة في البداية.
  • مساعدته على التمثيل البصري للبيانات بشكلٍ مُبتكر يُسهّل فهمها ويُعزّز من تأثيرها على الجمهور.
  • تزويده بوسائل أكثر فعالية للتحقق من صحة المعلومات ومكافحة الأخبار الكاذبة.

هل كل الصحفيين بحاجة إلى تعلُم "بايثون" أو لغات البرمجة؟

قال العراقي، إن الصحافة في الماضي كانت تعتمد بشكل أساسي على مهارات الكتابة، مثل إتقان اللغة العربية وصياغة الجمل بطريقة جذابة ومؤثرة. وكانت تُضاف إلى هذه المهارات بعض القواعد المهنية والأخلاقية في غاية الأهمية للعمل الصحفي، مثل الالتزام بالدقة والموضوعية وتجنب التشهير أو التشويه.

لكن مع تطور وسائل الإعلام وظهور الإنترنت، أصبح الصحفي بحاجة إلى اكتساب مهارات جديدة لمواكبة هذا التطور. ومع زيادة الاعتماد على الكمبيوتر، ظهرت الحاجة إلى مهارات كتابة التقارير بمساعدة الحاسوب. ومع تزايد حجم البيانات المُتاحة، برز مفهوم صحافة البيانات كأداة هامة لتحليل وفهم الأحداث. ومع ظهور الهواتف المحمولة، أصبح من الضروري للصحفيين إتقان مهارات إنتاج محتوى الفيديو وهنا برز وجود ما يعرف بـ"الموجو".


بايثون: لغة سهلة التعلُم

قال العراقي إن بايثون من اللغات السهلة التعلُم، فهي تتميز ببساطة تركيبها اللغوي وقربها من اللغة الإنجليزية المُستخدمة في حياتنا اليومية. كما أنها تُتيح للمُستخدمين إمكانية الكتابة مباشرةً عبر المُتصفح من خلال منصات مثل Google Colab، مما يُسهّل على الصحفيين البدء في تعلمها دون الحاجة إلى تثبيت برامج مُعقدة على أجهزتهم.


مكتبات بايثون: كنوز معرفية في متناول يديك

وحول مميزات لغة بايثون، أوضح العراقي أن لغة بايثون تتميز بوجود مكتبات ضخمة تُغطي مختلف المجالات، مما يُسهّل على الصحفيين العثور على الأدوات التي يحتاجونها لإنجاز مهامهم. مثل:

  •  استخراج البيانات: إذا كنت ترغب في جمع بيانات من موقع إلكتروني، مثل أرشيف الأخبار، ستحتاج إلى مكتبة مُخصصة لذلك، مثل BeautifulSoup.
  • تحليل البيانات: لتحليل البيانات واستخلاص النتائج، ستحتاج إلى مكتبات مثل Pandas وNumPy.
  • التمثيل البصري للبيانات: لعرض البيانات بشكلٍ جذاب، يمكنك استخدام مكتبات مثل Matplotlib وSeaborn.

كيف يمكن استخدام بايثون في استخراج وتحليل البيانات؟

قال العراقي إن لغة بايثون تُتيح للصحفيين إمكانية استخراج وتحليل البيانات من مُختلف المصادر، بما في ذلك مواقع التواصل الاجتماعي. ولكن يجب مُراعاة أن كل منصة من منصات التواصل الاجتماعي لديها سياسات خاصة بها للحصول على البيانات، وغالبًا ما تتطلب الحصول على موافقة أو مفاتيح خاصة (API keys).

وأعطى مثالاً: إذا كنت ترغب في استخراج بيانات من منصة إكس، فستحتاج إلى الحصول على مفتاح API من إكس، وهو ما قد يكون مُكلفًا ماديًا. لذلك، من المُهم للصحفي الذي يرغب في استخدام بايثون في جمع وتحليل البيانات من مواقع التواصل الاجتماعي أن يكون على دراية بسياسات هذه المواقع وأن يحصل على التراخيص اللازمة قبل البدء في جمع البيانات.


الخوارزميات والأتمتة: أدوات فعّالة في يد الصحفي

أوضح العراقي أن الخوارزميات هي مجموعة من الخطوات الرياضية أو المنطقية التي يتم اتباعها لحل مُشكلة مُعينة. وهي تُشبه "وصفة الطعام" التي تُحدد مقادير المكونات وخطوات إعداد الطبق.

أما الأتمتة فهي استخدام التكنولوجيا لتنفيذ مهام مُتكررة بشكل تلقائي، بدون الحاجة إلى التدخل البشري.

على سبيل المثال، إذا كنت تريد تصنيف مجموعة من الأخبار إلى فئات مُختلفة، مثل "سياسة"، و"اقتصاد"، و"رياضة"، فيمكنك استخدام خوارزمية لتحليل نصوص الأخبار وتحديد الفئة التي ينتمي إليها كل خبر.

أما إذا كنت تريد جمع الأخبار من مواقع إلكترونية مُختلفة بشكل يومي، فيُمكنك استخدام أداة أتمتة لتنفيذ هذه المهمة بشكل تلقائي.

هل سيقضي الذكاء الاصطناعي على عمل الصحفيين؟

قال العراقي إنّ التطور السريع للذكاء الاصطناعي يُثير تساؤلاتٍ مُلحة حول مستقبل العديد من المهن، ومن بينها الصحافة. فهل ستتمكن الآلة من أن تحل محل الإنسان في هذا المجال؟

أعتقد أن للصحافة خصائص فريدة تجعلها مُتميزة عن غيرها من المهن، وهي خصائص يصعب على الذكاء الاصطناعي محاكاتها أو استبدالها بالكامل.

أولًا، عنصر "الآنية"

تتميز الصحافة بقدرتها على نقل الأحداث في اللحظة التي تحدث فيها، وهو ما يُعرف بـ"الآنية". فإذا تخيلنا، على سبيل المثال، حدثًا مُفاجئًا مثل حريق أو مُظاهرة، فإن الصحفي الميداني سيكون هو المصدر الأول والأهم للخبر، بينما سيعتمد الذكاء الاصطناعي على المصادر الثانوية التي قد تكون غير دقيقة أو مُتأخرة.

ثانيًا، مبدأ "الحياد"

من أهم مبادئ العمل الصحفي هو الالتزام بـ"الحياد" و"الموضوعية" في تغطية الأحداث. وهذا ما يفتقر إليه الذكاء الاصطناعي حتى الآن. فالذكاء الاصطناعي، بطبيعته، يعتمد على "الخوارزميات" التي يتم تدريبها على كميات هائلة من البيانات. وهذه البيانات قد تكون مُنحازة لجهةٍ مُعينة أو وجهة نظرٍ مُحددة، مما يُؤثر على مخرجات الذكاء الاصطناعي ويجعلها غير مُحايدة.


لا حدود لتعلُم البرمجة

أكد العراقي أنه لا يوجد عمر مُحدد لتعلم البرمجة، فكلما بدأنا مُبكرًا، كان ذلك أفضل. ففي عالمنا المُتغير باستمرار، تظهر اختراعات جديدة كل يوم، مما يتطلب منا مواكبة هذه التغيرات وتعلُم مهارات جديدة لمواجهة التحديات المستمرة.

واختتم العراقي الجلسة بمجموعة من النصائح:

  • ابدأ الآن وتعلم شيئًا جديدًا كل يوم، وابحث عن مصادر التعلُم المناسبة لك، مثل فيديوهات اليوتيوب.
  • لا تخف من التحديات واكتسب مهارات جديدة، حتى لو بدت صعبة في البداية.
  • استمر في التعلُم وحوّل كل مشكلة إلى فرصة لتعلُم شيء جديد، ولا تستسلم أبدًا.

الصورة الرئيسية مُولدة بالذكاء الاصطناعي بواسطة ChatGpt4.