Icfj 的一个项目

تدقيق المعلومات وأبرز التحديات لعام 2025

Dec 30, 2024 发表在 مكافحة التضليل والمعلومات الخاطئة
صورة

تكمن وظيفة الصحفي الأساسية بالتحقق من المعلومة قبل نشرها والتواصل مع مصادر موثوقة لتدقيقها، ولكن مع تسارع وتيرة المعلومات في عصرنا الحالي وتزايد تعقيد الأخبار والبيانات المتداولة في ظلّ الحروب والأزمات التي يشهدها العالم، إضافةً إلى الانتخابات، زادت مسؤولية الصحفيين وبرز دور مدققي المعلومات كعنصر حيوي في الحفاظ على الحقيقة وحماية المجتمعات من آفة الأخبار الكاذبة والمُضللة. 

خلال العام 2024، شهدنا تطورات ملموسة في مجال تدقيق المعلومات، حيث أصبحت المنصات التكنولوجية والأدوات الذكية أكثر تقدُمًا ودقة في كشف الزيف وتصحيح المغالطات. وفي هذا السياق، اجتمع عدد كبير من مُدققي المعلومات في الملتقى السنوي الذي نظّمته "إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية" (أريج) وناقشوا التحديات التي يواجهها مدققو المعلومات، وأبرزها: 

  • زيادة انتشار المعلومات المُضللة وانخفاض الثقة العامة في المصادر الرسمية.
  • ينبغي على مُدققي المعلومات الالتزام بالشفافية في الكشف عن المصادر وشرح طرق التحقق المستخدمة، مع تعزيز التعاون مع الجمهور دون التأثير على استقلالية القرارات التحريرية.
  • من الضروري بناء علاقة مستدامة مع الجمهور من خلال توضيح آلية التحقق من معلومة معينة، مما يُعزز العلاقة مع الجمهور.
  • يبرز الدور النشط  لمُدققي المعلومات خلال الانتخابات حيث يساهمون في دعم العملية الديمقراطية من خلال الكشف عن الحقائق، وتصحيح المعلومات المُضللة
  • النقاش حول كيفية استخدام الأدوات التكنولوجية في المستقبل لتعزيز قدرات التحقق من المعلومات، ومواجهة انتشار الأخبار المُضللة.

من جانبها، شددت إنجي هولان، مديرة الشبكة الدولية لتدقيق المعلومات على صعوبة عملية التحقق من المعلومات، قائلةً: "أعتقد أنّ هذا العمل سيصبح أكثر تحديًا، مما يتطلب منا تبني أساليب إبداعية في التعامل معه"، وأضافت في حديثها لشبكة الصحفيين الدوليين: "أعتقد أنّ الصحفيين المختصين بتدقيق المعلومات في عام 2025 سيواجهون تحديات متزايدة تتعلق بكمية المعلومات المُضللة التي يجب عليهم معالجتها وكيفية التعامل مع الجمهور الذي يمتلك ثقة منخفضة بالمصادر الرسمية. لمعالجة ذلك، نحن بحاجة إلى الحفاظ على معايير الشفافية في الكشف عن مصادرنا، وشرح آلية التحقق من الادعاءات، وضرورة الالتزام بالشفافية عند اختيارنا للادعاءات، وكيف نستقبل اقتراحات الجمهور ونتفاعل معها".

وتابعت هولان: "يجب أن يعمل مُدققو المعلومات مع الجمهور، مع أهمية الاستماع إلى مدخلاتهم  مع الحفاظ على الاستقلالية التحريرية، وذكرت أن فهم الجمهور لكيفية الوصول إلى الاستنتاجات، وأسباب اختيار التحقق من ادعاء معين، يُعزز الثقة ويخلق علاقة أكثر استدامة مع الجمهور".

من جهتها، تحدثت د. أروى الكعلي وهي أستاذة مساعدة بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار بتونس، ومدربة في صحافة البيانات والتحقق من الأخبار لشبكة الصحفيين الدوليين، وأوضحت قائلةً: "عام 2024 كان عام الانتخابات بالأساس، ومع اقتراب عام 2025، ستشهد بعض دول العالم استحقاقات انتخابية جديدة، وهي فترات تشهد عادةً انتشارًا واسعًا للمعلومات المُضللة، إلا أن الوضع في منطقتنا متصل بالأزمات والحروب والتحولات السياسية وغيرها من الأحداث المُتسارعة التي تُشكل بيئة خصبة لازدهار المعلومات الخاطئة والمُضللة، وإلى جانب الجهات المستفيدة من حملات التضليل المُمنهجة، هناك أيضًا حالة القلق وعدم الوضوح التي تُحدثها الأزمات وتُساهم في انتشار التضليل".

وأضافت الكعلي: "أسهمت الأزمات التي نعيشها في تأجيج البروباجندا وتعزيز التضليل الإعلامي، مما أدى إلى تراجع الثقة في الصحافة بشكل متزايد، وجعل المسؤولية أكبر على عاتق وسائل الإعلام من أجل استعادة هذه الثقة وقد نحتاج إلى العودة إلى المعايير المهنية والأخلاقية أكثر من أي وقت مضى، كما أن حالة الاستقطاب التي أفرزتها الأزمات تشير بوضوح إلى ارتباطها بتصديق نظريات المؤامرة".

وتابعت: "النقطة الأخرى التي يجب أن ننتبه إليها أيضًا هي تصاعد تقنيات التزييف العميق وتطوّر أدوات توليد المحتوى المرئي المدعومة بالذكاء الاصطناعي، فمن المتوقع أن يتزايد انتشار هذا المحتوى سواء بهدف تحسين الجوانب الجمالية في إنتاج المستخدمين أو كوسيلة للدعابة، ولكنه أيضًا أداة فعالة في التضليل، ويمكن أن يتوسع لاستهداف مُمنهج لشخصيات معينة، كما يُمكن أن يُستخدم في عمليات التحايل والابتزاز، ولكن في المقابل سنكون بحاجة ماسة إلى تطوير منهج التربية الإعلامية من خلال توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي، كما أن الاستخدام المُتزايد لمنصات التواصل الاجتماعي كمصدر للأخبار، والاعتماد الكبير على أدوات توليد المحتوى بالذكاء الاصطناعي قد يكون له تأثيرات سلبية على قدرة المستخدمين على تكوين صورة سليمة عمّا يحدث حولهم، ويؤثر بالطبع على جودة المعلومات المُتداولة، ويُضعف من قدراتهم النقدية على المدى البعيد، لذلك من المهم دعم حملات التربية الإعلامية والمعلوماتية بهدف توعية المستخدمين بالتأثيرات الإيجابية والسلبية لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يُمكن أن يولد محتويات غير دقيقة ومُنحازة".

كما قابلت شبكة الصحفيين الدوليين أحمد جمال، وهو مُدرب في مجال تدقيق المعلومات، ورئيس قسم التحقق من المعلومات في مرصد "أخبار ميتر"، الذي يُشرف أيضًا على مواد التحقق بمنصة "شييك" اللبنانية الأردنية، وهو عضو ضمن فريق المساعد الرقمي (الشات بوت) التابع للشبكة العربية لمُدققي المعلومات (AFCN)، ويملك خبرة واسعة في تدريب الصحفيين على تقنيات وأساليب تدقيق المعلومات، خاصة في سياق الانتخابات.

وقال جمال: "من أبرز التحديات التي ستواجه مُدققي المعلومات في العام 2025 هو التطور المُستمر لتقنيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في تزييف الصور والفيديوهات (Deepfakes). هذا التطور يزيد من تعقيد التمييز بين المحتوى الحقيقي والمُزيف، خاصة مع نقص الأدوات المجانية القادرة على مواجهة هذا النوع من التضليل. إضافةً إلى ذلك، يعاني العديد من المُدققين من نقص الخبرة اللازمة لاستخدام خاصية البحث العكسي بفعالية والوصول إلى المصادر الأولية التي تُفند الادعاءات بشكل نهائي. على سبيل المثال، خلال تغطيتنا للانتخابات الأردنية السابقة عبر منصة "شييك"، رصدنا العديد من حالات التضليل المرتبطة بالصور والفيديوهات. من بين أبرز الحالات، صور تم نشرها تُظهر لافتات انتخابية على أعمدة الشوارع، قيل إنها تخص مرشحين أردنيين، ولكن من خلال البحث اكتشفنا أنّ الشخصيات الظاهرة هم أبطال المسلسل الأميركي الشهير The Boys. رغم أنها كانت مجرد سخرية من بعض الأشخاص، إلا أنها تحولت لمعلومة مُضللة انتشرت بشكل واسع".

وأوصى جمال مُدققي المعلومات بالاستمرار في تطوير مهاراتهم، خاصة في مجالات البحث العكسي وتحليل البيانات البصرية، كما نصح بالعمل على تعزيز التعاون بين المُدققين والمنصات المعنية لمشاركة الخبرات والموارد. وقال: "أتمنى أن تتوفر للمُدققين الأدوات والوسائل التي تُسهل عملهم، مما يضمن تقديم عمل دقيق، واحترافي، ومهني يُساهم في بناء ثقة الجمهور".

وفي السياق نفسه، نشر موقع مختبر نيمان للصحافة مقالاً لكريستينا تارداغيلا وهي مُؤسسة Lupa، التي تُعدّ من أكبر مبادرات مكافحة المعلومات المُضللة في البرازيل، والتي عملت سابقًا كمديرة برامج أُولى في المركز الدولي للصحفيين، قالت فيه: "في عام 2015، عندما أسستُ لوبا، كان مصطلح "الأخبار الزائفة" غير شائع، وكان التحقق من المعلومات غير معروف إلى حد كبير في البرازيل. في ذلك الوقت، كانت مهمتنا مُلحة وواضحة: كشف الأكاذيب، وفضح المسؤولين عنها، والمُطالبة بالمساءلة. شعرت بأنّ العمل كان ثوريًا"، مُضيفةً أنّ "التركيز العالمي على المعلومات المُضللة لا يمكن إنكاره، وهذه خطوة إيجابية. ولكن المجال أصبح مُكتظًا بالعديد من الأطراف التي تُعطي الأولوية للأفعال الأدائية على حساب النتائج القابلة للقياس. وبعد ما يقرب من عقد من الزمان في هذه المعركة، علقنا على ذلك الأمر في دورة إعادة صياغة الاستراتيجيات القديمة ونحن في أمس الحاجة إلى إعادة التقييم". وتساءلت: "كم من المبادرات التي شهدناها مؤخرًا تروّج للتفنيدات المُسبقة، التحقق من المعلومات، أو الشروحات كحلول نهائية للمعلومات المُضللة؟ كم من ورش العمل حول محو الأمية الإعلامية التي تستهدف تحصين الناس ضد الأكاذيب؟ وكم من أدوات الذكاء الاصطناعي القوية للغاية؟ بينما هذه المبادرات ذات قيمة، فإنها لم تعد مُبتكرة. نحتاج إلى أن نسأل أنفسنا: ما الخطوة التالية؟".

وفي معرض حديثها عن المعلومات المُضللة وطرق مكافحتها في العام 2025، قالت تارداغيلا:

أولاً، نحتاج إلى تحول ثقافي داخل مجتمع مكافحة المعلومات المُضللة. حان الوقت للتوقف، وإعادة التقييم، والاستثمار في بحوث أعمق. من منظور صحفي، يعني هذا الغوص في الآلاف من التحقيقات، والتفنيدات المُسبقة، والشروحات التي أنتجناها بالفعل لاستخراج معلومات قابلة للتنفيذ.

ثانيًا، يجب أن نستمع إلى جمهورنا باستخدام تقنيات من مجالات أخرى. الاستطلاعات والبحوث ضرورية لفهم المعلومات المُضللة التي يواجهونها، والمعتقدات التي يحملونها، والأدوات التي يحتاجونها.

وأخيرًا، نحتاج إلى اعتماد علم السلوك ورد فعل البشر على الأكاذيب والحقائق. من خلال فهم هذه الديناميكيات المعرفية، يُمكننا تصميم استراتيجيات فعّالة.

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة Li Zhang.