عادل إقليعي، واحد من أوائل الصحفيين المغاربة الذين عملوا في المجال الإلكتروني منذ بداية الألفية الثالثة، ارتبط اسمه كثيراً بالرابطة المغربية للصحافة الإلكترونية التي أشرف على تأسيسها من أجل لم شمل العاملين في هذا الميدان. كما كان من بين المساهمين في صياغة "الكتاب الأبيض" الذي كان أوّل كتاب تصدره وزارة الاتصال المغربية حول الصحافة الرقمية.
في هذا الحوار مع شبكة الصحفيين الدوليين، يتحدث اقليعي عن التحديات التي تواجه الصحافة الإلكترونية المغربية، وعن الحلول التي قد تمكّنها من تجاوز هذه المرحلة، معرجًاً على أسباب فشل الرابطة في أهدافها، وعلى تجربته كأستاذ للصحافة الرقمية بمدينة الدار البيضاء.
شبكة الصحفيين الدوليين: أين تندرج أهمية الكتاب الأبيض الذي أصدرته وزارة الاتصال المغربية سنة 2013؟
بداية أتى إصدار الكتاب الأبيض في سياق تأهيل ورسم خطة طريق لتأهيل المقاولات الإعلامية الإلكترونية المغربية، خاصةً مع تزايد إنشائها في السنوات الأخيرة. وقد انكبت لجنة مكوّنة من خبراء وممارسين طيلة شهور على إنضاج جملة من التصوّرات والأفكار التي من شأنها تطوير تجربة الصحافة الإلكترونية المغربية وإخراجها من الهواية إلى الاحتراف.
شبكة الصحفيين الدوليين: انطلاقًاً من عملك داخل لجنة إعداد هذا الكتاب، ما هي أهم المعيقات التي ترى أنها تواجه الصحافة الإلكترونية المغربية؟
كنا خلال سنواتٍ من العمل في هذا المجال نرصد عدداً من هذه المعيقات، وقد خلُصنا في دراسة ميدانية أنجزتها الرابطة المغربية للصحافة الإلكترونية بدعم من منظمة الايسيكو، أن هناك أربعة تحديات أساسية:
إشكال الفراغ القانوني الذي ساهم في إنتاج تجارب مشوّهة ودخول "من هبّ ودبّ" للقطاع، ناهيك عن متابعة عدد من الإعلاميين والنشطاء الإلكترونيين بقانون الإرهاب والقانون الجنائي المغربي. ثانياً موضوع الدعم المادي الذي هو حق وليس إكرامية من الدولة، خاصة وأن أغلب التجارب الصحفية الإلكترونية مرتبطة بالأفراد مالياً في غياب الدعم الإعلاني. ثالثاً إشكالية التكوين أو التعليم حيث أنّ أغلب المعاهد الخاصة للإعلام قبل سنة فقط، لم تكن تُدرّس هذه المادة. وأخيراً مسألة الملكية الفكرية، فنحن أمام عالم إلكتروني، يتكل في صناعته على مداولة المعلومة في رهان مع حفظ الحقوق لأصحابها. ونعتقد أن هذه النقطة ستظل لسنوات موضوع نقاش وتجاذب وأحياناً حتى خصام بين عدد من الشركاء والفرقاء حتى يصلوا لحل يرضي الطرفين.
شبكة الصحفيين الدوليين: خرج الكتاب الأبيض بمجموعة من التوصيات لتجاوز هذه المعيقات، في نظرك ما هي أهمها؟
اقترحنا عدداً من التوصيات لتجاوز هذه العراقيل، من أهمها فتح ورش التشريع القانوني والتنظيمي لتأهيل قطاع الصحافة الإلكترونية، وبالفعل فُتحت هذه الورش، لكن للأسف مدوّنة الصحافة والنشر التي وإن كانت خالية من العقوبات المهددة بالسجن، إلّا أنها تحتوي على مواد ونصوص لا زالت مطاطية، ويلفّها غموض كبير.
لقد قدّمنا توصياتنا ومقترحاتنا للجنة صياغة هذه المدونة عندما كنا نعمل على إصدار الكتاب الأبيض، وقد سمعنا أن عدداً من أعضاء هذه اللجنة غير راضين عمّا تضمنته بنودها، لذلك فنحن نتساءل من أين جاءت تلك النصوص التي لم يحصل إجماع عليها.
كما قدّمنا توصيات أخرى من أهمها الاهتمام بمجال التكوين والتدريب لتخريج صحفيين متخصصين في المجال، فنحن أمام صحافة متلقيها مختلف وصانعها أيضاً مختلف، ولا عيب أن يكون هناك إبداع وتميز على مستوى إنتاج مضامينها.
شبكة الصحفيين الدوليين: سبق أن كانت لك تجربة في محاولة لمّ شمل الصحفيين المشتغلين في الميدان الإلكتروني، لكنها لم تحقق أهدافها بعدما استقلت منها. في نظرك، ما هي الصعوبات التي ترافق تشكيل تنظيم من هذا النوع؟
فعلاً، لقد كنا سباقين بمعية عدد من الزميلات والزملاء إلى التفكير في مثل هذا الإطار، وكان ميلاد الرابطة المغربية للصحافة الإلكترونية سنة 2009. لكن للأسف هناك من ترّصد هذا النجاح ورغب في أن تبقى الصحافة الإلكترونية مجرّد "قذارة إلكترونية، تُلعن صباحاً ومساءً". فلا بد من تضافر الجهود ولا بد للمقاولات الصحفية الإلكترونية الجادة أن تنتظم في إطارات حتى تُوصل صوتها، وإلا ستبقى مجرد ديكور يتم استخدامه عند الحاجة وفي المناسبات.
شبكة الصحفيين الدوليين: مقارنة بالدول العربية، كيف ترى واقع الصحافة الإلكترونية المغربية؟
الصحافة الإلكترونية المغربية تسير على خطى ثابتة، وهناك صحف وصحفيين إلكترونيين مغاربة استطاعوا الفوز بجوائز عربية ودولية هذا في غياب الظروف الطبيعية للعمل. مع العلم أن أغلب الدول العربية لا زالت تمارس نوعاً من الرقابة والاحتياط والتوجّس من هذا القطاع خصوصاً مع أن المسالة أصبحت متجاوزة بأمر الواقع.
شبكة الصحفيين الدوليين: أنت تعمل كأستاذ للصحافة الإلكترونية بأحد المعاهد الخصوصية، كيف وجدت التجربة؟
لقد كانت مبادرة ملفتة وإيجابية من هذا المعهد أن يكون سباقاً في المغرب ويُدرّس الصحافة الإلكترونية كمادة أساسية طيلة مُدة الدراسة، ونعتقد أن الفوج الحالي الذي أشرفت على تدريسه كان سباقاً بأن تأتي بحوث تخرجه النهائية على شكل ثلاث صحف إلكترونية قائمة الذات وتابعة لشركة إعلامية تمّ تأسيسها من طرف الطلبة أنفسهم.