سلّط صحفيون سودانيون الضوء على أبرز الأوضاع الصعبة التي يعانون منها في ظلّ الصراع الحالي الذي تشهده البلاد منذ منتصف أبريل/نيسان 2023، وذلك خلال مشاركتهم في جلسة نظّمها منتدى باميلا هوارد لتغطية الأزمات العالمية، التابع للمركز الدولي للصحفيين. وتطرّق المتحدثون في الجلسة إلى المخاطر الجسدية والتحديات الرقمية التي يواجهونها، واحتياجاتهم، بالإضافة إلى عرض بعض الموارد للصحفيين في السودان.
واستهلت سارة عبدالله المحررة المسؤولة عن شبكة الصحفيين الدوليين بنسختها العربية، الجلسة بالحديث عن الوضع العام الذي يشهده السودان منذ بداية الاقتتال الذي أدى إلى مقتل أزيد من 400 مدني وإصابة الآلاف منهم، وعشرات الآلاف غادروا البلاد إلى الدول المجاورة منذ بداية الصراع، في الوقت الذي يعيش المواطنون والصحفيون ظروفًا سيئة تكمن بصعوبة الوصول إلى المواد الأساسية كالماء والطعام، والكهرباء في غياب شبه منعدم لأي مساعدات إنسانية، وهو الأمر الذي دفع النشطاء والصحفيين السودانيين لاستخدام الشبكات الاجتماعية لحشد الانتباه لما تعيشه البلاد، في الوقت الذي تفاقم فيه التضييق على المدنيين والصحفيين، وغزو الأخبار المزيفة والمضللة.
"كانت أيامًا صعبة وخطيرة جدًا.. كأننا نعيش في الجحيم" هكذا استهل الصحفي الاستقصائي السوداني، فتح الرحمن الحمداني، وهو صحفي استقصائي سوداني مستقل عمل مع "بي بي سي" العربية وشبكة أريج للصّحافة الاستقصائيّة، حديثه خلال الجلسة التي نظمها المنتدى. ووصف الأيام التي عاشها داخل السودان خلال الصراع، قبل أن يقرر الخروج منه بعد مرور 25 يومًا على الاشتباك بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.
وبالرغم من صعوبة التغطية الميدانية في ظل أجواء الحرب، حرص فتح الله على توثيق اليوميات، ويقول في الجلسة التي تابعها صحفيون سودانيون وعرب: "تعرضت لإطلاق نار في أحد شوارع الحي الذي أقطن فيه عندما كنت أقوم بتوثيق الأحداث بهاتفي". وبعد هذا الحادث قرر الصحفي السوداني مغادرة البلاد خوفًا على حياته.
وعلى غرار الصحفي فتح الله، فقد اختار نحو 70 صحفيا سودانيًا اللجوء إلى دول الجوار هربًا من التهديدات التي تلاحقهم بسبب عملهم الصحفي، بحسب الأرقام التي أعلن عنها الصحفي والأمين العام للمركز السوداني للتربية الإعلامية والمعلوماتية، محمد المختار محمد، خلال استضافته بالجلسة الحوارية، مضيفًا أنّ 150 صحفيًا نزحوا إلى مدن مختلفة داخل السودان بسبب الأوضاع الصعبة.
وفي السياق ذاته، يؤكد الأمين العام للمركز السوداني للتربية الإعلامية والمعلوماتية، الذي تحدث من داخل السودان، أنّ الوضع في البلاد صعب لأنّ الحرب تجري داخل المدن الآهلة بالسكان ولا يوجد أي صافرات للإنذار أو ضمانة على سلامة المدنيين الذين قُتل العديد منهم بسبب الحرب، بالإضافة لانتهاكات جمة يتعرضون لها من قبل الجهات المتقاتلة والتي لم يسلم منها حتى الصحفيون.
وتقدم نقابة الصحفيين السودانيين رصداً دورياً للانتهاكات التي تتم تجاه الصحفيين والصحفيات وتشكل تهديداً لحياتهم وسلامتهم، وبحسب آخر تقرير للنقابة فإن الصحفية السودانية سماهر عبد الشافع الصحفية بإذاعة زالنجي، تعرضت للقتل جراء قذيفة ٱطلقت في اتجاها، كما أن العديد من الصحفيين تعرضوا للاعتقال والبعض الآخر ظل محاصرًا في المكاتب.
وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الصحفيين في السودان، لعلّ أبرزها بحسب ما ذكره ضيوف الجلسة، هو غياب التكوين والتدريب حول السلامة وتغطية الحروب، بالإضافة إلى غياب تجهيزات السلامة من سترات واقية، كما أن ضعف أو غياب شبكة الانترنت وشبكة الاتصالات يؤثران بشكل كبير على عمل الصحفيين.
وفي ختام الجلسة شارك الصحفيان مجموعة من الإرشادات والتوجيهات:
- أن يكون الصحفي محايدًا لأنه ينقل الأحداث لفئات متعددة داخل وخارج السودان لذلك لا يجدر به التحيز الى طرف واحد.
- مراعاة الدقة والمصداقية في نقل المعلومات وعدم الوقوع في فخ نشر الإشاعات.
- عدم الاعتماد على جهة واحدة لتوفير المعلومات عند إعداد التقارير.
- عدم استغلال مآسي الأشخاص أو من هم في أوضاع لا إنسانية فقط من أجل إنجاح التقرير.
- ضرورة الحذر في التعامل مع صور الأطفال واستئذان الأهل لتصويرهم.
- عدم تصوير جثث القتلى والمصابين.
- إبراز ما يحدث بشكل مهني بدون التسبب في أذى نفسي للآخرين.
- أخذ المعلومات من مصادرها الموثوقة والتفكير بشكل نقدي لتجنب المعلومات المضللة.
- الابتعاد قدر الإمكان عن أماكن الاشتباكات ودراسة الطرقات للتأكد من الجنود والاشتباكات.
إرشادات للحفاظ على الأمن الرقمي:
- عدم فتح أي رابط ما لم يتم التأكد من مصدره.
- وضع وتخزين المعطيات في أماكن مختلفة.
وختامًا ذكرنا بالإرشادات والموارد التي تطرقنا لها في مقال سابق حول أوضاع الصحفيين في السودان، وهي كالتالي:
على الصحفيين أن يكونوا مستعدين للميدان وتقييم المخاطر، والحصول على قدر كاف من المعلومات التي ستساعد في إنجاز العمل وتقييم المخاطر المحتملة والتخطيط لكيفية التعامل معها.
- السلامة الرقمية مهمة، على كل صحفي أن يضمن حماية معطياته الشخصية من خلال إجراء اتصالاته المهنية والشخصية عبر تطبيقات سليمة، وألا يوفر أي معلومات قد تكون مصدر تهديد لحياته، كما يجب الحذر في استخدام الشبكات الاجتماعية.
- لا توجد قصة أهم من حياة الصحفي، فلا بد من أخذ الاحتياطات اللازمة وعدم المغامرة.
- تجهيز معدات السلامة والاستعانة بالحقيبة الصيدلية.
- تجنب الضغط، لأن العمل في بيئة خطرة وفي ظروف صعبة والعمل لساعات طوال يؤثر بشكل عميق على الصحة النفسية والجسدية للمراسلين، فمن الضروري أن يتمتع الصحفيون بقسط كاف من الراحة.
- كما تضع اليونسكو رهن إشارتكم دليل السلامة للصحفيين العاملين في المناطق المعرضة للخطر.
موارد وفرص للصحفيين في السودان
- الدعم المالي والنفسي من منظمة روري بيك، يقدم الصندوق الدعم العملي والمالي للصحفيين المستقلين وأسرهم في جميع أنحاء العالم، ويساعدهم في أوقات الأزمات ويساعدهم على العمل بأمان ومهنية أكبر.
- صندوق انترنيوز للطوارئ، قبل أيام أطلقت منظمة انترنيوز حملة لجمع التبرعات للصحفيين العاملين في السودان في إطار صندوق الطوارئ، حيث من المقرر أن يقدم الصندوق دعمًا ماليًا للصحفيين ومعدات السلامة والعلاج بالإضافة للمواكبة النفسية.
- صندوق السلامة من الاتحاد الدولي للصحفيين، يقدم الصندوق دعمًا ماديًا للصحفيين العاملين في مناطق النزاعات والخطر.
- صندوق ريبورترس ريسبوند (استجابة المراسلين)، هو صندوق للطوارئ يقدم المساعدة المباشرة والدعم القانوني والمشورة المتعلقة بالسلامة للصحفيين والمؤسسات الإعلامية المنكوبة.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة ديفيد ترافيس.