عشقها للمغامرات الصحفية ومعايشة المشاكل على أرض الواقع عن طريق التحدث مع المرضى ورصد معاناتهم ثم مقارنة ما شاهدته بتصريحات المسؤولين، كانت بوابة هدى زكريا للتميز وحصولها على عدة جوائز تتويجاً لجهودها في إجراء عدة تحقيقات إستقصائية مع شبكة أريج.
لعبت هدى دوراً مهماً في الكشف عن المسؤولين عن المعاناة اليومية لمرضى فيروس سي، إلى جانب معرفة كيفية إصابة مرضى الفشل الكلوي بفيروس سي داخل وحدات الغسيل الكلوي.
أجرت شبكة الصحفيين الدوليين حواراً مع الصحفية هدى زكريا، نائب رئيس قسم التحقيقات بصحيفة اليوم السابع، لإلقاء الضوء على تجربتها في إجراء تحقيق إستقصائي عن كيفية إصابة مرضى الفشل الكلوي بفيروس سي داخل وحدات الغسيل الكلوي وذلك تحت إشراف شبكة أريج.
شبكة الصحفيين الدوليين: حدثينا عن سيرتك المهنية بإيجاز؟
هدى زكريا: تخرجت من كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 2010، وعملت في عدة صحف ومواقع إلكترونية صغيرة، ثم إنتقلت لجريدة اليوم السابع وأنجزت ستة تحقيقات إستقصائية حتى الآن، وحصلت على المركز الأول عن فئة تحقيقات الوسائط المتعددة عام 2013 في المسابقة التي نظمتها أريج. كذلك حصلت على منحة أريج المتقدمة لإنتاج تحقيقات تلفزيونية واجتزت دورة تدريبية لتدريب المدربين لكي أتولى الإشراف على التحقيقات المتلفزة. أعمل حالياً في مجال الإعداد التلفزيوني وأنجزت ثلاثة تقارير تلفزيونية لغاية الآن.
شبكة الصحفيين الدوليين: ما هي التحقيقات الاستقصائية المتعلقة بالصحة العامة التي أجريتها؟
هدى زكريا: الموت ينتظر 1500 طفل مصاب بالشلل الدماغي، الجبن الأبيض سرطان في البيوت المصرية، ووحدات الغسيل الكلوي بوابة العدوى بفيروس سي وهو تحقيق مشترك مع زميلتي آية نبيل.
شبكة الصحفيين الدوليين: لماذا فكرت في إجراء تحقيق إستقصائي عن فيروس سي؟
هدى زكريا: أعشق إجراء التحقيقات الإستقصائية المتعلقة بصحة المواطنين لأنقل معاناة المرضى للمسؤولين ولنشر الوعي منعاً لانتشار العدوى للآخرين. في البداية، قرأت العديد من الدراسات حول مرض فيروس سي لجمع معلومات حول المرض وأسباب الإصابة به وطرق الوقاية منه، فوجدت أن وحدات الغسيل الكلوي من الأسباب الرئيسية للإصابة بفيروس سي، فإتصلت بالأطباء المختصين لمعرفة الإحصائيات الدقيقة، ومنها: دراسة د.عادل عفيفي الأستاذ بكلية طب قصر العيني جامعة القاهرة ورئيس لجنة الإحصاء بالجمعية المصرية لأمراض وزراعة الكلى.
ذكرت الدراسة أن الإهمال داخل وحدات الغسيل الكلوي يسبب الإصابة بالتهاب الكبدى الوبائى سي الذي ينهش كبد المصريين سنوياً بنسبة 50% بحسب الدراسة. وهو عكس ما ذكره د.حسن عزاوى رئيس قطاع وحدات الغسيل الكلوى بوزارة الصحة، إذ إن نسبة انتشار الفيروس بين مرضى الفشل الكلوى البالغ عددهم 44 ألفاً لا تزيد عن %5 فقط سنوياً، هذه النسب المتضاربة استفزتني كصحفية لاكتشاف المزيد عبر معايشة المرضى في المستشفيات الجامعية والحكومية بالمحافظات المختلفة.
شبكة صحفيين الدوليين: ما هي الخطة التى اتبعتيها لتنفيذ تحقيقك الاستقصائي بهذا الشكل المنهجي؟
هدى زكريا: قرأت دليل "سياسات مكافحة العدوى بالمنشآت الصحية" الذي أعده البرنامج القومي لمكافحة العدوى بوزارة الصحة المصرية عام 2008، وذاكرت كل البنود الخاصة بواجبات الطاقم الطبي والإشتراطات الصحية التي يجب عليهم اتباعها في وحدات الغسيل الكلوي بالمستشفيات، مثل: "الغسل الروتيني للأيدي قبل وبعد التعامل مع ماكينة الغسيل الكلوي"، "إرتداء القفازات ويوجد نوعان إما قفاز معقم ويستخدم قبل تركيب قسطرة الغسيل البريتوني، والقفاز غير المعقم والذي يستخدم في تنظيف وتطهير الآلات والبيئة المحيطة بما في ذلك ماكينة الغسيل"، "ارتداء واقي للعين وماسك"، و"تنظيف جهاز الضغط والسماعة الطبية بعد كل استخدام بقطعة قطن مبللة بكحول 70%". يضاف إلى ذلك "أن يتم عمل معالجة وتحليل ميكروبيولوجي وكيميائي للمياه المعالجة مرة كل شهر على الأقل وفي أي وقت في حالة حدوث مشكلة".
هذه بعض أهم الخطوات التي اتبعناها خلال إعداد التحقيق:
1- تحديد العينة التي سأطبق عليها التحقيق، فقمت برصد ما يدور في 10 وحدات للغسيل الكلوي بمستشفيات جامعية وحكومية وخيرية في 7 محافظات وهي القاهرة والجيزة والسويس والدقهلية ودمياط والغربية والفيوم، وذلك عن طريق الاستعانة باستمارة للرصد والتقييم لمدى اتباع هذه الوحدات للإرشادات الوقائية لمكافحة العدوى التي نص عليها دليل وزارة الصحة.
بدأنا بالمواصفات القياسية لإنشاء وحدات الغسيل الكلوي وتطبيق معايير النظافة والتعليمات الوقائية الواجب اتباعها ورصد دورة العمل داخل كل وحدة لكل من الأطباء والممرضات، يضاف إلى ذلك مراقبة سلوك المرافقين للمرضى، ودورية إشراف وزارة الصحة على الوحدة وتدريب العاملين فيها.
2- لم أكشف عن هويتي الصحفية، بل دخلت المستشفيات السالفة الذكر مع زميلتي آية نبيل تحت ستار أننا نعمل في جمعية خيرية ونريد توفير احتياجات المرضى.
3- رصد معاناة المرضى لمعرفة كيفية إصابة مرضى الفشل الكلوي بفيروس سي داخل وحدات الغسيل الكلوي، وقد احترمت رغبتهم في عدم الافصحاح عن أسمائهم ليتلقوا العلاج اللّازم.
4- تحديد الأطراف المقصّرة وطرح التساؤلات وتوجيهها للمسؤولين.
5- كتابة نتائج ما تمت ملاحظته، وهي الكشف عن "جريمة إهمال" كبرى تحدث بداخل تلك الوحدات ووجدت أن المسؤول الأول عنها هو الطاقم الطبي ووزارة الصحة.
6- كتابة النسخة الأولية للتحقيق بما يتفق مع الأدلة الإرشادية لأريج في كتابة التحقيقات الاستقصائية.
7- بعد تنفيذ ملاحظات المشرفين على التحقيق، وضعنا خاتمة مناسبة للتحقيق.
شبكة الصحفيين الدوليين: ما المشاكل التي رصدتها داخل وحدات الغسيل الكلوي؟
هدى زكريا: وجدت أن الطاقم الطبي لا يتبع الإشتراطات الوقائية بدليل وزارة الصحة، بل ويبررون تقصيرهم بقلة الإمكانيات المتاحة وقلة مبلغ بدل العدوى الذي يحصلون عليه، وأن المرضى لديهم جهل بحساسية المرض الذي يعانون منهم. إلى جانب عدم تواجد الأطباء بشكل مستمر في وحدات الغسيل بمستشفيات الأقاليم حيث يوقعون في دفاتر الحضور فقط ولا يقومون بواجبهم في توعية المرضى، كما أنني لاحظت عدم توافر المطهرات فالبيئة ملوثة ومشجعة لنقل المرض من مريض لآخر.
شبكة الصحفيين الدوليين: ما هي المصادر الأخرى التي اعتمدت عليها لكتابة تحقيقك؟
هدى زكريا: استقيت معلوماتي من الدراسات الأكاديمية بكليات الطب، ومذاكرة دليل سياسات مكافحة العدوى بالمستشفيات لتحديد زاوية محددة للتحقيق، وسؤال الأطباء عن المقصرين في دوامة الإصابة بفيروس سي داخل وحدات الغسيل الكلوي، بالاضافة إلى بعض المواقع الإلكترونية التي تحتوي على معلومات مفيدة للصحفيين الذين يريدون كتابة موضوعات عن مرضى فيروس سي مثل:
-موقع "حملة لا لفيروس سي"، وهو عبارة عن حملة للتوعية بمرض الالتهاب الكبدي الفيروسى سي.
-موقع " فيروس سي" الذي أطلقه الإتحاد الدولي للإعلاميين العلميين، لمساعدة الصحفيين في التغطيات الخاصة بمرض الالتهاب الكبدي سي، ويهدف إلى زيادة التغطيات الإعلامية المحترفة حول المرض ويتيح الموقع للصحفيين قاعدة بيانات لخبراء متخصصين في المرض من جميع أنحاء العالم، ما بين أطباء وباحثين ومديري مستشفيات والمرضى وصنّاع القرار، إلى جانب مواد تثقيفية تتناول زوايا محددة حول المرض والتي أعدتها لجنة توجيهية تضم نخبة بارزة من الخبراء في المرض والإعلاميين المتخصصين.
الصورة مأخوذة من الصحفية هدى زكريا بعد أخذ الإذن.