يُعدُ البُعد الإنسانيّ من أهم القِيمِ الخبريّة؛ لتأثيره المُباشِر على حياة الناس ولمسهِ للجانِبِ الحساسِ منهم، وفي ضوء الأزمات والحروب في الشرق الأوسط واللبس الحاصل بين التناول الإعلامي لقضايا حقوق الإنسان من جهة، والانتهاكات من جهةٍ أُخرى، والحاجةِ إلى أرقام ومعلومات حول القضايا المجتمعية في اليمن بشكلٍ خاص من جهةٍ ثالثة، ارتأى الصحفيِّ اليمني عبدالرزاق العزعزي تأسيس المنظمة الإلكترونيّة للإعلام الإنسانيّ كمنصةٍ إلكترونيّة تعرض موادًا صحفيّةً معمقة تُعني بالجانب الإنسانيّ.
كيف تبلورت الفكرة؟
روى الصحفيّ لشبكة الصحفيين الدوليين أن الفكرة بدأت في شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 2017، وظلت حبيسة أفكاره مع انشغالاته الخاصة بأمور توفير متطلبات الحياة، حتى بدأ الترتيب الفعلي لها خلال شهر نيسان/إبريل من عام 2019، بحجز المساحة الإلكترونية والعنوان الخاص بها.
وأوضح أنَّ التركيز على الإعلام الإنساني جاء لعرض الحالة المجتمعية بشكلٍ عام، سواء أكانت في اليمن أو المنطقةِ بشكلٍ كامل، إضافةً لمدى توافر الحقوق الأساسية للناس في حياتهم العادية وكيف يتقبل المجتمع الاختلافات بينهم وكذلك التنوع، مؤكدًا "لا شك أن هذا هو محور الاهتمام المجتمعي في منطقتنا نظرًا للمشاكل المتعلقة باللا تعايش وخطابات الكراهية ضد الأفراد والجماعات الأخرى".
بدأ وحده بلا فريق
وبيَّن الصحفيُّ أنَّ لا أحد غيره يعمل في المنظمة، لأسبابٍ مُتعلقةٍ بتفاعل الناس، وعدم حصوله على تأييدٍ من أصدقائه، مما دفعه لتأسيسها كمرحلةٍ أوليّة، لينتقل خلال الفترة الحاليّة لتأسيس فريقٍ للعمل، إذ أبدى 7 أشخاصٍ موافقتهم، 5 شبان وفتاتان على الانضمام إليه، إضافةً لهيئةٍ استشاريَّةٍ مكونةً من شاب وشابة، والعديد من المراسلات مع صحفيين عربًا حول العالم، إذ يقتصر العمل في المنظمة حاليًّا على زملاء من اليمن والكويت؛ مما حصَرَ موادها بكلا البلدين، غيرَ أنَّ مؤسسها يؤكد توسعها مستقبلًا في حال كتبَ كُلُ صحفيٍّ موادًا متعلقةً ببلده وأرسلها للمنصة.
وتابع العزعزي أنه تواصل مع أغلب أصدقائه ليعرض عليهم نشرَ موادٍ بدونِ مردودٍ ماليّ، غير أن تفاعلهم كانَ سيئًا، وعزا ذلك لأسبابٍ من ضمنها شهر رمضان، والحالة النفسية التي يعيشها الزملاء بسبب الحجر الصحي، بالإضافة لترجيحه أن عدم وجود المُقابل المادي قد يكون أحد الأسباب.
كيفيّة العمل مع المنظمة
وأكد فتح المجال لجميع الصحفيين من كافة البلدان لإرسال موادهم للمنصة، عبر البريدين الإلكترونيين: Info@eohm.orgأو alazazi6@gmail.com، إذ يشمل نظام العمل الحوار التفاعلي بين الفريق لمناقشة القضايا المختلفة، لاسيما التي تعد قضايا رأي عام، أو "القضايا التي نعتقد أن مناقشتها ستُشكّل رأيًّا عامًا".
وقال الصحفيّ إن الظروف المحيطة المليئة بالصراعات والانقسامات ستعزز من جوهر الذين يؤمنون بتأثير الكلمة في إحداث التغيير مما سيدفع الكثيرين منهم للعمل في المنصة، حتى وإن لم يكن مُقابلَ أجرٍ ماديٍّ في البداية؛ نتيجة افتقار المنظمة للدعم والتمويل، "إننا بحاجة لمؤازرتكم على إحياء الكلمة في سبيل ازدهار الإنسانية ومنهجية الحب والسلام".
وأضاف أنّ لا ممولين للمنظمة في الفترة الحالية على الرغم من وصول اشتراكها الشهريّ لـ 80 دولار، مشيرًا إلى أنها نفقاتٌ ثقيلةٌ عليه، إذ أنه مستمرٌ بتمويلها من حسابه الشخصيِّ، "لا أحد سيقومُ بتمويلِ مشروعٍ على ورق لم يرَ محتواه بعد".
مفهوم المنظمة للإعلام الإنسانيّ
واعتمدت المنظمة تقديم مفهوم خاص بالإعلام الإنساني يتمحور حول التطرّق لقضايا العقل البشري، إذ أن البشر يرون الظروف البيئية المُحيطة بهم سببًا لتكوين ممارسات مجتمعية تؤثر بصورة مباشرة على أبناء الجنس البشري الواحد، بحسب العزعزي.
واستدلَ على حديثه بقوله إن الناس يرون ما تُعاني منه المرأة من انتقاص في بلدٍ ما، وهذا قد لا يكون واردًا في بلدٍ آخر، و"ما يُحكم العلاقة هنا ليست السياسات المفروضة، إنما عقلية المجتمع الذي تشكّل لديه وعي حول طريقة تعامله مع بني جنسه؛ مما أثرَ بدوره على السياسات المبنية".
وشكَّل الوقت العقبة الأبرز في وجه المنظمة فلم يكن لدى العزعزي متسعٌ للعمل الخاص؛ إذ يتم استثمار المتاح منه في العمل مقابل الأجر، فيما خصص أوقات الاجازات الأسبوعية والرسمية للعمل على المنظمة، كما شكَّل الجانب التقنيُّ عقبة أُخرى في وجهه حاول تخطيها بمساعدة أصدقائه، بحسب تعبيره.
ودُشنت المنظمة في 3 آذار/مارس، أي في اليوم الإعلاميّ لحريّة الصحافة، رغم أنها بدأت بثها التجريبيّ في يناير لهذا العام، وأوضح العزعزي عدم إخضاع المواد المُقدمة للتقييم لكون الأمر مازال في بدايته، وأن المواد المنشورة إما من إعداده أو من إعداد فريق العمل الذي وافق أن يكون ضمنه، فيما عُدت خطابات العنف والكراهيّة والتحريض والتي تحتوي على أيِّ انتقاصٍ لكرامة الإنسان من محظورات النشر.
الصورة الرئيسية من موقع المنظمة