السلطة الرابعة في العراق.. عام الانتكاسة الصحفية

Автор نبيل الجبوري
Dec 11, 2020 в السلامة الرقمية والجسدية
دفتر وقلم ونظارات

لا يزال الصحفيون العراقيون يعيشون أجواءً من القلق إثر تزايد الانتهاكات المادية والمعنوية بحقهم وعدم توجيه الاتهام لأي جهة أو مقاضاتها، بل وعدم حسم الدعاوى التي شرع بإقامتها من طالتهم تلك الاعتداءات في العام  2019 الذي وصفته جمعية الدفاع عن حرية الصحافة  بأنّه عام الانتكاسة الصحفية في العراق بعد تسجيلها  373 حالة انتهاك للعاملين في السلطة الرابعة.

ويستنكر الصحفيون اعتداءات مختلفة تعرّض لها زملاؤهم، فيما يستمر الضغط على الآخرين الذين يواجهون خطر تمدد الجماعات المسلحة والتي لا تخضع للقانون.

جرائم مرت بسلام!

اغتيال الاعلامي احمد عبد الصمد ورفيقه المصور صفاء غالي في البصرة بداية العام 2020 عقب انتهائهما من تغطية الاحتجاجات وسط المدينة، وتبعها اغتيال نزار ذنون المشرف العام على مؤسسة الرشيد للاعلام جرائم مرت بسلام، ولا زال القتلة بعيدون عن الملاحقة والعقاب وهو ما دفع بالأمور بالسير الى الاسوأ بحسب افادات صحفيين آخرين تعرضوا للعنف خلال التظاهرات السابقة ومنهم هشام وسيم  وهو مراسل لقناة السومرية حيث كان له نصيبا بقنبلة دخانية بشكل مباشر هشمت أنفه وتسببت بجراح كبيرة بمنطقة الرأس في 25 اكتوبر/تشرين الأول 2019، اثناء تغطيته للأحداث على احد الجسور الواصلة بساحة التحرير والمنطقة الخضراء المحصنة في بغداد.

           إقرأوا أيضًا: شهادات صحفيين عراقيين عن انتهاك حرية الصحافة خلال الإحتجاجات

خلال حديث مع شبكة الصحفيين الدوليين، أفاد الصحفي  زيد الفتلاوي العامل بصحف ومواقع الكترونية  اضافة الى محطات تلفزيونية عراقية واذاعية، عن تعرضه لـ"حملات تسقيطية ممنهجة وملاحقة من جماعات معلومة ومجهولة "، فضلا عن منعه من التغطية لمرات عديدة برفقة زميله المصور التلفزيوني  محمد البولاني، آخرها الدفع بهما لمغادرة مدينتهما والتواري عن الانظار بعد تقديم استقالاتهم من عملهما في احدى المحطات الفضائية مع زملائهم حفاظا على حياتهم.

وأفصح الفتلاوي عن تعرضه لهجمة مباشرة على مواقع التواصل حملت اسماء معلومة ومجهولة نفذها اشخاص تابعون لجهات مسلحة وسياسية طالبت بـ"عدم تفويت فرصة معاقبتنا لنكون عبرة لغيرنا من الصحفيين فضلاً عن المطالبة بتصفيتنا ومحاسبتنا قانونيا". 

واشار الفتلاوي الى أن "مسلحين أتوا الى مكان تواجده في احد مقرات المكاتب الاعلامية والبحث عنه بنية الاختطاف او ربما التصفية، لأنهم كانوا يحملون الاسلحة الخفيفة بشكل ظاهري وهو ما تم توثيقه بكاميرات المراقبة التي قدمت للجهات الامنية". واضاف الفتلاوي ان "الاسرة الصحفية انقسمت الى مجموعة تحرض ضدي وهذه الفئة تابعة لجهات سياسية مسلحة ومجموعة التزمت الصمت والاخرى كان لها موقفا قويا وصريحا ضمت مدونين وصحفيين عراقيين بارزين حيث بادروا بمساندتي ومساندة كل الصحفيين الذين تعرضوا للتهديد مستذكرين الاعتداءات السابقة والتي رافقت ايام التظاهرات العراقية العام الماضي واطلقوا وسم #متضامن_مع_زيد_الفتلاوي، ليتصدر ترند العراق بحملة تضامن نوعية خالية من شوائب الجيوش الالكترونية لأنها صدرت من شخصيات معتدلة ومهنية وتحترم حرية الرأي والتعبير وتعلم طبيعة عملنا كصحفيين غير منحازين لطرف" .

وكشف الفتلاوي عن أنّ "الهجمة الممنهجة أتت على خلفية تغطيتنا المستمرة للتظاهرات العراقية عبر المؤسسات الاعلامية وصفحاتنا الشخصية وهذا ما اكدته بعض الجهات التي اتصلت بنا وطالبت الكف عن تغطيتنا للاحتجاجات العراقية ووضعت شروطا مقابل السماح لنا بالعودة والعمل" .

وفي ذات السياق كشف كرار العساف الذي يعمل مراسلا تلفزيونيا لصالح قناة فضائية بنظام القطعة الصحفية في مدينة النجف أنّ "هناك من طالب بمثوله امام قاضي الفصائل المسلحة".

المنظمات الحقوقية توثق 

إنّ استمرار التعدي على الصحفيين من خلال التهديد والتحريض العلني والمباشر الذي تعرض له اربعة صحفيين عاملين بصفة مراسلين تلفزيونيين والذي كان محط اهتمام عدد من المراصد الاقليمية والدولية المعنية بالحريات الصحفية، يؤشر إلى مدى نفوذ العناصر المسلحة ولغة التصفية الجسدية، وعدم السماح للصحفيين باستخدام اجهزة الموبايل في حال خرج اي منهم الى الشارع، مثلما حصل مع المراسل علي العبودي، فيما طلب من صحفيين آخرين اعلان الولاء لجهات مسلحة لتتم حمايتهم وضمان عودتهم الى منازلهم، وهو ما تم توثيقه من قبل لجنة حماية الصحفيين CPJ ومقرها العاصمة واشنطن، وبدوره كشف "المرصد الاورو متوسطي" عن شهادات مروّعة لصحفيين ومحتجين عراقيين تعرضوا  للتعذيب والملاحقة والمنع من قبل عناصر مجهولة الانتماء بالإضافة الى القوات المكلفة بحماية الاحتجاجات الشعبية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

ما سبق ذكره هو امتداد لمجريات احداث سابقة من اعتداءات متكررة ومتعمدة وموثقة بمراكز الحريات الصحفية والمنظمات الحقوقية والقضاء العراقي غير ان ذلك لم يكن يبشر بنهاية او بالأقل انخفاض لمعدلات تلك الحوادث والمضايقات التي لم يحكم بها ضد معلوم او مجهول.

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الإستخدام على أنسبلاش بواسطة ديفيد ترافيس