كتب أشرف الريفي، وهو رائد أعمال مشارك في مركز التوجيه للشركات الإعلامية الرقمية التابع لشبكة الصحفيين الدوليين: في زمن الحرب في اليمن، قررنا إنشاء مؤسسة مدنيّة حملت إسم "منصة"، بهدف التعبير عن الرأي والتأهيل والتدريب.
فبعد تفكير طويل ودراسة مستفيضة قررت - وزميلي عادل عبدالمغني المدير التنفيذي للمؤسسة - أن ننشئ معاً مؤسسة منصة للإعلام والدراسات التنموية، وتمّ الاعلان عن اشهارها رسميًا بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة في الثالث من أيار/مايو 2017، كمنظمة غير حكومية مستقلة وغير ربحية تعني بقضايا الإعلام والتأهيل والتدريب، والعمل على مساعدة الصحفيين في محنتهم التي فرضتها الحرب، وتدريبهم على استخدام الإعلام الرقمي بعدما فقد الكثيرون وظائفهم ومؤسساتهم الإعلامية، وخاصة التقليدية منها.
المهمة لم تكن سهلة خصوصًا في ظروف الحرب لكن الحاجة كانت ماسة وملحة لوجود منصات اعلام حديثة، للتعامل مع الازمات المعقدة والمتداخلة التي تعيشها البلد، وتبني قضايا الاعلاميين الذين كانوا من اكثر الفئات تضررًا من الحرب والاقتتال.
تجاوزنا بعض التعقيدات اثناء استخراج التصريح الرسمي الذي حصلنا عليه من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في تاريخ 12 نيسان/ابريل 2017، وقوبل طلبنا بالكثير من التحديات خاصة وأن الرغبة في تأسيس مشروع اعلامي في زمن الحرب يثير الكثير من علامات الاستفهام، بل والشك حول الاهداف والنوايا، الامر الذي جعل طلب الحصول على تصريح منظمة مدنية تهتم بقضايا الإعلام والمنصات الرقمية أمرًا خارقًا للعادة، ما حملنا مسؤولية بذل جهود كبيرة لإيصال فكرتنا ودواعي اهتماماتنا.
بدأنا العمل بجهود ذاتية وبفريق متطوع وصل إلى 15 شخصًا في اختصاصات ومهارات مختلفة، وجعلنا المهنية مرجعا اساسيا ورئيسيا لكل اعمالنا، وتوافقنا على ان نخطو خطوات جادة وواثقة، وان نقدم عملاً يرتقي الى مستوى طموحنا.
والبداية كانت بإنشاء موقع الكتروني بإسم المؤسسة باللغتين العربية والانجليزية للتعريف بها ونشر فعاليتها والتقارير الخاصة بقضايا المهنة واحتياجات الصحفيين.
كانت الحرب تشتد والتحديات الماثلة امام فرص نجاح مشروعنا تتعاظم، فبادرنا لعمل دراسة وصفية حول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الرأي العام في اليمن وهو أول نشاط يقدمنا للآخرين بشكل علني وجيد ويسلط الاضواء علينا.
كانت خطوة جيدة نحو الأمام رغم الظروف الصعبة المحيطة بنا والاستقطابات غير المهنية التي تشهدها الساحة اليمنية، وعززنا هذا الانجاز بإبرام شراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) والبرنامج الدولي لتنمية الاتصال (IPDC) لتنفيذ مشروع (مواجهة خطاب الكراهية والتحريض على العنف في وسائل الإعلام اليمنية) والذي تضمن ست فعاليات في صنعاء وعدن لمسؤولي وسائل الإعلام المختلفة، الى جانب اصدار دليل خطاب الكراهية والتحريض كأول دليل من نوعه في العمل، واصدار تقريري رصد لخطاب وسائل الاعلام المستهدفة.
وهذا عمل نعتز به، وحققنا من خلاله خطوات ايجابية لتخفيف خطاب الكراهية والعنف في وسائل الإعلام اليمنية وفقا لرصد وتقييم قمنا به في المؤسسة خلال فترات مختلفة من مراحل المشروع.
والجدير ذكره أنّ مواجهة خطاب الكراهية والتحريض في بلد يشتعل بالاقتتال، امرًا ليس بالسهل ومهمة محفوفة بالمخاطر، بالنظر الى مفهوم اطراف الصراع ازاء هذا النشاط، وهو ما عرضنا لمشاكل امنية عدة، ابتداء بالقدرة على التحرك بين مدينتي صنعاء وعدن، وتجاوز عشرات النقاط الامنية لمسلحين من مختلف اطراف الصراع، وكذلك نيل ثقة مسؤولي وسائل الاعلام المستهدفة في المشاركة بهذا المشروع.
كما كانت فعالياتنا تنعقد في اجواء من الخوف والترقب وكان البعض يرى في عملنا مجازفة خطيرة، بينما كنا نراه عملا مهنيا وانسانيا، وعند الاختتام وتحديدا في 25 تشرين الاول/اكتوبر 2018 كنا نعقد مؤتمرا صحفيًا في صنعاء لإطلاق إعلان مواجهة خطاب الكراهية والتحريض في وسائل الإعلام اليمنية، وفوجئنا عقب انتهاء المؤتمر بمداهمة عناصر أمنية لقاعة المؤتمر واحتجاز 20 صحفيًا من المشاركين، وتم اطلاق سراح 18 صحفيا منهم والابقاء عليّ والمدير التنفيذي للمؤسسة الزميل عادل عبدالمغني، حيث بقينا قرابة 12 ساعة محتجزين وخضعنا لتحقيقات مكثفة قبل أن يتم اطلاق سراحنا بعد اخذ تعهدات بعدم اقامة فعاليات او المشاركة بفعاليات الا بإذن مسبق.
هذا الامر كان من التحديات للعمل في البيئات الخطرة ومناطق النزاعات، وهو بالطبع ليس التحدي الوحيد الذي نواجهه في مؤسستنا، في بيئة نزاعات وحروب تعمل على زيادة القيود المفروضة على العمل الإعلامي والميداني، ناهيك عن تفسير كل نشاط لك وفقا لحسابات الاطراف الامنية والعسكرية.
وأخيرا فُرضت قيود كبيرة على منظمات المجتمع المدني عندما مُنع تجديد التصاريح لها أو اصدار تصاريح جديدة.
ونشير الى أننا نمتلك عددًا من المشاريع التي نعتزم تنفيذها وفق خطتنا الاستراتيجية، ولا نزال نبحث عن شركاء لتنفيذها وتمويلها خاصة في مجال الإعلام الرقمي، والسلامة المهنية للصحفيين والتعددية الإعلامية.
وخلال مشوارنا خضنا تجربة مفيدة ومميزة مع المركز الدولي للصحفيين حيث تقدمنا الكترونيا بطلب المشاركة في برنامج دعم المشاريع والمنظمات الناشئة، وتم اختيار مؤسستنا ضمن ثماني مؤسسات إعلامية ناشئة من بين 200 مؤسسة ومشروع اعلامي عربي، وشاركنا مع الموجهين لعرض مشاريعنا، ونعمل على تطوير عملنا بناء على الملاحظات التي طرحت من قبل الموجهين.
ونعول على أن نستفيد من هذا البرنامج بشكل كبير في مراحله القادمة وأن يكون بصمة مهمة في تعزيز استمرارية مشروعنا، وهي محطة نفخر بها في كل الأحوال.