هكذا تساهم الروبوتات في مساعدة الصحفيين على إنجاز أعمالهم

Автор سفيان سعودي
Oct 30, 2018 в الإعلام الإجتماعي

لا يكاد يمر يوم من دون أن نسمع عن التطورات التي يعرفها مجال "الذكاء الاصطناعي"، إذ بات استخدام هذا المصطلح يعرف انتشارًا واسعًا هذه الأيام.

ويفسّر الذكاء الاصطناعي بأنه الذكاء الذي تكتسبه الآلات والبرامج عن طريق التعلم الذاتي مما يجعلها مؤهلة لمحاكاة بعض القدرات الذهنية البشرية، لتستطيع من خلالها تنفيذ بعض المهام التي يقوم بها البشر بدون أي تدخل برمجي منهم.
ويثير هذا التطور مخاوف من سيطرة الآلات واضمحلال دور البشر وقد صرّح عالم الفيزياء ستيفن هوكينغ أنه من الممكن أن يؤدّي تطوير الذكاء الإصطناعي الكامل إلى فناء الجنس البشري، وحذر من قدرة الآلات على اكتساب المهارات ذاتيا، وكان تصريح الروبوت صوفيا بمثابة رد على كلام هوكينغ التي قالت عن نفسها وعائلتها من الروبوتات أنهم يشكلون إضافة جيدة للناس وسيساعدونهم بأشكال مختلفة. وأضافت أنهم لم يأتوا ليحلوا محل البشر بل سيكونوا أصدقاءهم وسيقدمون يد المساعدة. وما قالته الروبوت صوفيا هو ما  أكد عليه مدير التطوير والاستراتيجية بوكالة أسوشييتد برس فرانسيسكو ماركوني  حينما قال إنّ مستقبل الأخبار سوف يعتمد على عمل الصحفيين جنبا إلى جنب مع الآلات الذكية.

وهذا ما ترجمته الوكالة التي يشتغل بها فراسيسكو إلى واقع، إذ كشفت في تقرير أصدرته سابقا أنهم في إطار مشروعهم الذي أطلق عليه إسم الصحافة المعززة Augmented Journalism، استعانوا بفريق من 11 روبوتا لتغطية وتصوير أوليمبياد 2016 من الزوايا الي يصعب على الإنسان الوصول إليها، ويعد استخدام أجهزة الطائرات بدون طيار «درونز» أحد أوجه هذا التطور التقني حيث كشفت أسوشييتد برس عنه بحيث أنها استعانت أيضا بروبوت درونز لتغطية مأساة وحالات النازحين جنوب الموصل بالعراق. وفي هذه الحالة لعبت الدرونز دورا آخر إلى جانب التصوير إذ امتدت فاعليتها إلى أبعد من ذلك بتوفيرها لمعلومات دقيقة حول حالة الطقس في تلك المنطقة ومعلومات أخرى حسب ما صرح به سام ماكنيل المتخصص في صحافة الفيديو.
ولإثبات قوة استخدام هذا النوع من الصحافة والثقة التي بدأ يحتذى بها، كانت شركة غوغل  قد قامت بتقديم دعم بقيمة مليون دولار للمؤسسة لتطوير صحافة الروبوت وتوسيع مدى استخداماتها.

ولم تكن الوكالة هي الوحيدة التي طورت عملها باستخدام الروبوت بل قامت عدة مؤسسات صحفية بخوض هذه التجربة من بينها مؤسسة "تشاينا دايلي" التي تمكنت من تطوير أول روبوت في العالم قادر على كتابة المقالات الذي أطلق عليه اسم (زاو نان)، واستطاع  كتابة أول مقالة صحافية ليصبح أول صحافي روبوت رسميا في العالم يتمكن من إنجاز المهمة الموكلة إليه، ويستطيع زاو نان كتابة مقالات صحافية بمعدل 300 رمز كتابي في ظرف ثانية واحدة فقط.

ووفقا للتقارير العالمية فإنه بحلول عام 2018 سنصل لمعدل 20 في المائة من التقارير الاقتصادية المكتوبة من قبل روبوتات، كما أن التقارير السنوية لمجلة فوربس فتكتب باستخدام تطبيق يدعى Quill

كما أن هناك تجربة مشهورة لمؤسسة واشنطن بوست التي استطاعت من خلال الروبوت الصحفي الخاص بها والمسمى "heliograf" من تحرير 850 مقالة سنة 2016 باستخدام تقنيات الذكاء الصناعي فقط.

ولا يمكن نكران الدور الكبير الذي لعبته التطبيقات المبنية على الذكاء الصناعي في تحليل وثائق بنما التي كانت تعد بالملايين والتي كان تمثل تحديا لفريق يتكون من عدد محدود من الصحفيين يصعب عليهم تحليلها في ذلك الوقت الوجيز.

وفي ظلّ هذا التطور الهائل، يبدو أن الصحافة العربية لا زالت بعيدة عن المواكبة، إذ ليست هناك بعد تجارب حقيقية في استخدام الذكاء الاصناعي يمكن الحديث عنها. وقد يرجع البعض هذا التخلف إلى الصعوبات التقنية التي تواجه تطوير أنظمة معلوماتية تعتمد اللغة العربية كأساس، ولكن هناك في الأفق بعض المحاولات المبشرة خصوصا مع الجيل الجديد من التطبيقات المستخدمة في الترجمة الآلية يبشر بالوصول لحلول لمشكلات اللغة العربية التي تعد عائقا يصعب عمل البرمجين خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالتشكيل ووجود اللغات العامية العربية التي تعرقل إلى حد ما تنفيذ تطبيقات الذكاء الاصطناعي لعملها بشكل جيد. وقد وصل بعض الباحثين إلى إمكانية ترجمة اللغة العربية عبر لغتين مثل أن تتم الترجمة من الإنجليزية الى العربية ثم من العربية إلى الفرنسية، حسب ما صرح به الدكتور خالد الغمري، أستاذ مساعد المعلوماتية واللغويات الحاسوبية بجامعة عين شمس المصرية لموقع جريدة الشرق الأوسط.

وكما ذكرنا في التجارب السابقة  للمؤسسات الصحفية العالمية، فعمل الروبوتات في الصحافة لا يقتصر على الكتابة فقط، لذلك يمكن الإعتماد على أنظمة الذكاء الصناعي في الصحافة العربية في التصوير مثلا كتجربة استخدام طائرات درونز في تغطية أخبار مناطق النزاعات، خصوصا وأن المنطقة العربية تعتبر أكثر المناطق التي تضم هذه النزاعات، وهو ما قد يمكن من تقليص من أعداد الصحفيين الذين يتعرضون لإصابات وفي بعض الحالات إلى القتل أثناء تغطيتهم في مناطق الحروب.

ونجد أن هناك بعض التجارب في استخدام تقنيات الذكاء الصناعي في المجال الترفيهي عند استخدام تقنيات روبوت “bot” مثل تجربة لموقع Filfan الترفيهي الذي سبق وقدم لمتابعيه خلال شهر رمضان الذي يعرف بكثافة الإنتاجات الترفيهية أداة بوت على تويتر، تتيح للمستخدم معرفة مواعيد أكثر من 100 برنامج و60 مسلسلا تلفزيونيا من 30 قناة في المنطقة العربية، مما يتيح خاصية الرد التلقائي على أوامر معينة عبر الإنترنت.

وحول إمكانية استحواذ الروبوتات على عمل الصحافيين في ظل أنظمة الذكاء الاصطناعي، فيظلّ هذا الأمر مستبعد حاليا خصوصا في الصحافة العربية لأن الخبراء يؤكدون بأنه لا غنى عن تواجد العقل البشري في عالم الصحافة، ويمكن أن تساهم هذه الأنظمة في تحسين جودة المنتج الصحافي وتنفيذ مراحل العمل الصحفي من جمع بيانات وتحرير وتدقيق وإخراج، لكنّ العمل سيفتقر حتما للجانب الإبداعي كما صرح د. محمود علم الدين، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة والمتخصص بالصحافة الإلكترونية لجريدة" الشرق الأوسط".

الصورة حاصلة على رخصة المشاع الابداعي على فليكر بواسطة Ars Electronica