دليل ميداني شامل يساعدك على الحماية من الإساءة والمضايقات الإلكترونية

Автор أمل مكي
Dec 12, 2022 в السلامة الرقمية والجسدية
صورة

إذا كنت ضحيّة للإساءة عبر الإنترنت أو شاهدًا عليها أو صاحب عمل، فهذا الدليل الميداني للحماية من الإساءة والمضايقات الإلكترونية موضوع خصّيصًا لك.

تشكّل الإساءة الإلكترونية تهديدًا متزايدًا لحرية التعبير لدى الأشخاص المستهدفين وسبل عيشهم وصحّتهم النفسية والعقلية والجسدية. ويتعاظم تهديد هذه المضايقات لنا كصحفيين/ات في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط. مضايقات تبدأ عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، لتنتقل عواقبها إلى الحياة الواقعية في شكل العنف القائم على النوع الاجتماعي، ونشر المعلومات الشخصية، والاستجواب، والرقابة من قبل جهات حكومية، ولتصل حتّى إلى السجن التعسّفي. 

ولأنّنا جميعًا لسنا بمأمن من المضايقات الإلكترونية وعواقبها، فمن الجيّد أن نكون مستعدّين/ات للإساءة الإلكترونية وكيفية الردّ عليها أو التعامل معها من خلال استخدام موارد مناسبة لنحافظ على حضور ناشط وآمن على الإنترنت في ذات الوقت. وهذا ما تهدف إليه "منظمة "القلم الأميركي" التي تعاونت مع "المعهد الديمقراطي الوطني" في إعداد ونشر كتيّب "دليل ميداني للحماية من الإساءة والمضايقات الإلكترونية"، وأتيحت الفرصة لشبكة الصحفيين الدوليين للاطلاع عليه.

ووفق الكتيّب، تعرّف الإساءة عبر الإنترنت بـ"الاستهداف الشديد أو الواسع الانتشار لشخص أو مجموعة على الإنترنت من خلال اعتماد سلوك مؤذٍ بحقه/ا". وهو استهداف شديد لأنّ حادثةً واحدةً فقط من الإساءة على الإنترنت، كتهديد بالقتل أو بنشر عنوان السكن مثلاً، تكفي لتخلّف عواقب وخيمة، وواسعة الانتشار لأنه، رغم عدم تصنيف بعض الحوادث الفردية من الإساءة على الإنترنت، كالشتائم أو التعليقات العشوائية المزعجة، بالإساءة، إلا أنّ وابلاً مطّرداً من الحوادث أو هجوماً منسّقاً يُصنّف كذلك، حسب الكتيّب دائمًا.

جيجي محمّد: ترجمة الدليل وتكييفه إلى العربية يعني لي الكثير كصحفية مصرية

تعمل جيجي محمد، مديرة أولى بقسم حرية التعبير والسلامة الرقمية لدى منظمة "القلم الأميركي". قادمة من خلفية صحفية، تقول جيجي في حوار خاصّ لشبكة الصحفيين الدوليين إنّها سعيدة بأن "الإساءة الإلكترونية أصبحت تعتبر، أخيرًا، تهديدًا حقيقيًا مثل ما كانت الإساءة الجسدية دائمًا"، وتشرح أنّ "الصحفي سيحتاج أن يكون دائمًا متصلًا بالإنترنت للعثور عن قصص أو مصادر أو لترويج عمله". 

وعن تنامي ظاهرة الإساءة خاصّة تجاه الصحفيين، تشرح جيجي محمّد أنّه "مع تفشي جائحة كوفيد-19 انتقل الجميع إلى العمل عبر الإنترنت. قبل ذلك، كان لدينا، كصحفيين/ات رقم هاتف خاص بغرفة الأخبار ورقمًا شخصيًا، لكن مع الانتقال للعمل من المنزل، اختلط كلّ ذلك ليصبح أكثر خطورة (صار العمل يتمّ حصريًا عبر رقم الصحفي الشخصي) لذا عندما أغطّي مواضيع خطيرة، وأستخدم رقمي الصحفي في إجراء المقابلات، فهذا يمثّل تهديدًا لحياتي المهنية والشخصية". 

جيجي محمد، مديرة أولى بقسم حرية التعبير والسلامة الرقمية لدى منظمة "القلم الأميركي"

وعن دليل الحماية من الإساءة والمضايقات الإلكترونية تبيّن جيجي، أنّه "الأوّل من نوعه باللّغة العربية، ويعني لي الكثير شخصيًا، لأنني مصرية ولم يكن لدينا موردًا شاملًا مماثلًا من قبل"، مضيفة "الفريد بخصوص الدليل أنه يرافقك عبر التحضير للإساءة الإلكترونية، وكيف تحمي نفسك من القرصنة، والأمر الثاني هو تبيان كيفية الردّ على الإساءة بشكل جيّد وآمن وكيفية توثيق تلك الإساءة ولماذا يعدّ ذلك أمرًا مهمًّا جدًا". 

عملت جيجي محمّد لسنوات في مصر كصحفية مهتمّة بتغطية قضايا حقوق الإنسان وكان ذلك "دائمًا مصدر تهديد لحياتي وكان من الصعب القيام بالعمل. كثير من الموارد المتعلقة بالسلامة الجسدية أو النفسية أو الإلكترونية كانت متوفرة بلغات أخرى غير العربية. وعندما التحقت بمنظمة القلم الأميركي وبدأت العمل على مشروع ترجمة وتكييف الدليل إلى العربية، عنى لي ذلك الشيء الكثير، أن أرى أن هذه الموارد المهمّة جدًا في عملنا الصحفي تترجم وتكيّف إلى العربية". وتشرح: "تمّت مراجعة كلّ المحتوى بدقّة ليناسب السياق في الدول الناطقة بالعربية، مع التركيز على حالات وقصص وتجارب تهديد للصحفيين/ات من هناك، ومع أن الإساءة ظاهرة كونية وليست حكرًا على بلد أو منطقة دون أخرى إلاّ أنّ هناك بعض الاختلافات من مكان إلى آخر وحرصنا أن يتمّ احترام هذا الاختلاف لأننا أردنا المعلومات الموجودة في الدليل أن تمثّل حقيقة ما يحدث وأن تكون مفيدة وألا تضع أحدًا في خطر".

وعن النقاط أو الأقسام التي تمّت إضافتها أو تغييرها عند ترجمة الدليل إلى العربية، تبيّن المديرة الأولى بمنظمة القلم الأميركي أنّه "تمّت إضافة فصل جديد يتعلق بالإساءة الإلكترونية المدعومة أو الميسّرة من قبل الحكومات. وأنّه عند الحديث عن المساعدة لدى حدوث تهديدات، أخذنا بعين الاعتبار أنه في حالة عندما يكون التهديد من قبل الحكومات نفسها فهذا يعني أنه من الصعب مثلًا التوجه إلى الشرطة للتقدّم بشكوى، وبالتالي وجوب أن نكون حذرين".

 لمحة عن الدّليل

يتضمّن دليل الحماية من الإساءة والمضايقات الإلكترونية 5 أقسام أساسية هي: 

1.   الاستعداد 

2.   الردّ 

3.   الرعاية الذاتية 

4.   الدّعم 

5.   تعلّم أكثر 

في قسم الاستعداد، يتعلّم المستخدم كيفية الوقاية من استقاء المعلومات الشخصية الخاصّة به، والوقاية من القرصنة وانتحال الشخصية وكيفية تصفّح أقسام التعليقات وغرف الدردشة، وكيفية إيجاد مجموعات سيبرانية داعمة. 

وفي قسم الردّ، يتعرّف على كيفية توثيق التحرّش الإلكتروني، وتقييم التهديدات، والحظر والكتم والتقييد، وإبلاغ المنصّات بالانتهاكات، والتعامل مع رسائل البريد الإلكتروني والرسائل المباشرة المزعجة، والاستعانة بالمجموعات السيبرانية الداعمة، وتوجيهات لاعتماد خطاب مضادّ آمن وكيفية التعامل مع الإساءة الإلكترونية المدعومة من الدّول. 

أمّا قسم الرعاية الذاتية، فيجد فيه نصائح من عالمة نفس وأخرى حول كيفية الاعتناء بالصحة النفسية والخدمات المباشرة وكيفية الاعتناء بالنفس. 

بينما يتضمّن قسم الدعم توجيهات حول كيفية التحدث مع الأسرة والأصدقاء والحلفاء، وكيفية التحدّث عن الإساءة الإلكترونية مع أرباب العمل وأفضل الممارسات للحلفاء والمتفرّجين إضافة إلى أفضل الممارسات لأرباب العمل. 

وفي القسم الأخير، تعلّم أكثر، يتعمّق الكتيّب في تعريف الإساءة الإلكترونية مستعينًا بمسرد للمصطلحات، ويقدّم موارد إضافية حول المضايقة على الإنترنت إضافة إلى قائمة بالمنظمات التي يمكنها المساعدة في حالات المضايقة الإلكترونية. 

ويمكن للمستخدم أن ينتقل عبر أقسام الكتيّب بشكل تفاعلي وأكثر سهولة عبر النّقر على الصفة التي تنطبق عليه أكثر: ضحية للاستهداف، صاحب/ة عمل، وشاهد/ة أو حليف/ة، ليحصل مباشرة على المعلومات المهمّة في حالته/ها. 

 

في حالتنا كصحفيين/ات معرّضين/ات للمضايقات الإكترونية بشكل مستمرّ، يفيد قسم "مسرد المصطلحات" في شرح أصناف الإساءة عبر الإنترنت مع تقديم نصائح عملية حول كيفية التعامل مع كلّ منها. وفيما يلي بعض النماذج: 

التصيّد بادعاء الاهتمام

التعريف: ينتحل المسيء صفة المعجب أو المناصر لعمل الشخص المستهدَف، لكنه يكتب تعليقات مؤذية ومهينة بحجة أنها ملاحظات ارتجاعية بنّاءة.

مثال: وفقاً لدليل المرأة إلى استخدام الإنترنت (بالإنجليزية) الذي أعدّته أنيتا ساركسيان، "عندما يسعى هذا النوع من المتصيّد [أي الذي يدّعي الإهتمام] إلى استهداف امرأة، فإنه يقوم بذلك في أغلب الأحيان من خلال إعطائها اقتراحات "مفيدة" حول كيفية تحسين مظهرها… فيكون القصد من تعليقاته الخادعة، في الحقيقة، هو إضعاف أو الحط من قدرك".

ما عليك فعله: لما كان المتصيّدون الذين يدّعون الاهتمام بك يحاولون جذب اهتمامك وتضييع وقتك سدىً، فقد يكون الخطاب المضاد الموجه ضدهم غير مثمر، كما أنّ حظر المتصيّد قد يصعّد عليك إساءاته. لذا، يُعتبر الكتم ربما أداةً أكثر فعالية، ويُقصد بذلك إخفاء محتوى مسيء محدّد (أكان ذلك إخفاءً لمستخدمين معيّنين أو لكلمات مفتاحية محدّدة أو غير ذلك) بحيث لا يعود يظهر أمام عينيك. احرص/ي على الإبلاغ عن أي محتوى يتحوّل من كونه مجرّد تعليق مزعج إلى تعليق مسيء، وفكّر/ي في حشد مجتمع إلكتروني داعم لمساندتك في أوقات الشدة.

المضايقة على عدّة منصات

التعريف: المضايقة على عدة منصات هي حملة منسّقة، يتمّ نشرها عمداً على عدة منصات اتصال وتواصل اجتماعي، من خلال استغلال واقع أنّ معظم المنصات تقوم بإدارة المحتوى على مواقعها الخاصة فقط، وبالتالي لن تبالي بالمضايقة على منصات أخرى [بتصرّف من مركز المرأة الإعلامي (بالإنجليزية)].

مثال: بعد أن نشرت كاتبةٌ مقالاً نسوياً ساخراً، وجدت نفسها في عين عاصفة من الانتقادات على تويتر،  سرعان ما انتشرت (بالإنجليزية) إلى صفحتها المهنية على فيسبوك، وموقع المنظمة التي تنتمي إليها، وغير ذلك. كما نسّق المتصيّدون المسيئون هذه الهجمات على منصات أخرى مثل فورتشان وريديت.

ما عليك فعله: ما من طريقة سهلة للتعامل مع المضايقة المنسّقة على عدة منصات. لذا، من بالغ الأهمية تشديد أمنك السيبراني لحماية نفسك من القرصنة واستقاء معلوماتك الشخصية ونشرها. للتأقلم مع حجم الهجمات ونطاقها، من المفيد حشد مجتمع إلكتروني داعم لمشاركتك في أعباء توثيق الإساءة، والإبلاغ عنها، وحظرها، وكتمها.

التنمر السيبراني

التعريف: التنمر السيبراني مصطلح شامل يجمع بين عدة سلوكيات مزعجة، لكن يمكن اختصاره بأنه "الضرر المتعمد والمتكرر الذي يتمّ التسبب به باستخدام أجهزة الكمبيوتر، والهواتف المحمولة، وغيرها من الأجهزة الإلكترونية" [المصدر: مركز أبحاث التنمر السيبراني (بالإنجليزية) واليونيسف]. يُستخدم المصطلح بشكل أساسي في قضايا متعلقة بالأطفال والشباب.

مثال: (تحذير: المثال يتحدّث عن الانتحار) في حادث مأساوي ومشين متعلق بالتنمر السيبراني، أقدمت فتاة تُدعى بسنت خالد على الانتحار في محافظة الغربية في مصر. وكان شاب قد قام بفبركة صور لبسنت (راجع/ي مصطلح "التزييف العميق" في الدليل) ونشرها على فيسبوك في محاولة لابتزازها. فلم تستطع بسنت تحمّل التبعات الاجتماعية لهذه الصور المفبركة في قريتها مما دفعها إلى الانتحار.

ما عليك فعله: زر موقع Cyberbullying.org (بالإنجليزية) وسيف سبيس للاطلاع على أفضل الموارد والمعلومات المتعلقة بالتنمر السيبراني.

التعقب السيبراني

التعريف: في السياق القانوني، "التعقب السيبراني" هو الاستخدام المطوّل والمتكرر لسلوكيات مسيئة على الإنترنت ("نهج سلوكي")، بقصد "قتل الشخص المستهدف، أو إصابته، أو مضايقته، أو تخويفه، أو مراقبته بنية قتله أو إصابته أو مضايقته أو تخويفه".

ما عليك فعله: صحيح أنّ التعقب السيبراني يُعدّ جرماً، إلا أنّ العديد من الدول لا تملك قوانين خطية حول التعقب السيبراني. فإذا كنت لا تمانع/ين الاتصال بجهة لإنفاذ القوانين، أو استشارة محامٍ، سيكون من الأفضل اتّخاذ إجراءات قانونية ضد شخص يتربص بك أو يطاردك على الإنترنت. أما إذا كنت لا تفضّل/ين التواصل مع جهات إنفاذ القوانين، ففكّر/ي في الاتصال بخط ساخن للمساعدة في حالات الأمن الرقمي، بغية التعمّق أكثر في بعض استراتيجيات الحماية المحتملة. ومن الاستراتيجيات الأخرى: حظر متعقبك على وسائل التواصل الاجتماعي، وتوثيق كل مضايقة تحدث في ما يتعلق بالتعقب السيبراني، والحرص على حماية حساباتك الإلكترونية إذا كنت تتوقع/ين أن ينتحل شخص هويتك، والاستعانة بمجتمعك الداعم

الصورة الرئيسية من الدليل.