الأخلاقيات المهنية في تغطية الانتخابات: كيف تتجنب خطاب الكراهية؟

Sep 30, 2022 в موضوعات متخصصة
صورة تعبيرية من غرفة أخبار

تتوالى الاستحقاقات الانتخابية في المنطقة العربية، ممّا يعني أنّه على الصحفي المكلّف من قبل وسيلته الإعلامية في متابعة الأحداث وتغطية الانتخابات أن يُدرك أسس التغطية، لا سيما المبادئ الأخلاقية التي ينبغي الالتزام بها. وكي لا تشوب هذه التغطية أي ثغرات، تقدّم شبكة الصحفيين الدوليين مجموعة إرشادات ضمن هذا الدليل المتخصص بالأخلاقيات المهنية في تغطية الانتخابات وكيفية تجنب خطاب الكراهية.

نبدأ بدليل الصحافة الأخلاقية الذي أصدرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية لقسمي الأخبار والآراء والذي يضمّ القيم والممارسات، ويشير إلى الطرق التي يجب أن يعتمدها الصحفيون العاملون في الصحيفة خلال تغطية الأخبار المتعلقة بالانتخابات، وفيما يلي أهم ما ورد فيه:

  • لا مكان للصحفيين في ميادين السياسة. يحق للموظفين التصويت، لكن لا يجب عليهم فعل أي شيء قد يثير تساؤلات حول حيادهم المهني أو حياد "نيويورك تايمز" على وجه الخصوص.
  • لا يجوز لهم القيام بحملات لصالح المرشحين أو التظاهر لصالحهم أو تأييدهم.
  • لا يجوز لهم ارتداء أزرار الحملة أو إظهار أي شارات أخرى للسياسات الحزبية. يجب أن يدركوا أنّ ملصقًا على سيارة العائلة قد يساء فهمه على أنه للصحفي.
  • لا يجوز للموظفين تقديم الأموال أو جمع الأموال لأي مرشح سياسي أو قضية انتخابية، فإنّ أي تبرع سياسي من قبل أحد موظفي التايمز ينطوي على مخاطرة كبيرة لأنه سيعطي انطباعاً خاطئاً بأن الصحيفة تنحاز إلى أحد الأطراف.

وبالنسبة لخطاب الكراهية، فعلى الرغم من عدم وجود تعريف في القانون الدولي لمفهوم هذا الخطاب، لكن يمكن اعتباره بحسب الأمم المتحدة  بأنه خطاب مشحون بالكراهية يؤدي إلى جدل وخلاف، وهو "نوع من التواصل الشفهي أو الكتابي أو السلوكي الذي يهاجم أو يستخدم لغة ازدرائية أو تمييزية بالإشارة إلى شخص أو مجموعة على أساس الهوية، أو على أساس الدين أو الانتماء الإثني أو الجنسية أو العرق أو اللون أو الأصل أو أحد العوامل المحددة للهوية"، وهذا الخطاب كثيراً ما يستمد جذوره من مشاعر التعصب والكراهية ويؤدي إلى الانقسامات.

وفي العملية الانتخابية يمكن اعتبار خطاب الكراهية أي رسالة تحرض على: العنف والتمييز والتوترات الاجتماعية والسياسية والتشهير والعداء وما إلى ذلك، وهناك خط رفيع بين النقد السياسي أو الاجتماعي القاسي وبين خطاب الكراهية.

تعتبر تغطية الانتخابات واحدة من الاختبارات الرئيسية لأخلاقيات وسائل الإعلام، وعلى الرغم من وجود قواعد أخلاقية مختلفة وقوانين مختلفة لوسائل الإعلام في المنطقة، إلا أنّ هناك مبادئ تجمع الصحفيين في عملهم أهمها:

  • سرد الحقيقة كاملة.
  • الاستقلالية وعدم الانحياز لأي طرف.
  • الصدق في نقل الخبر والدقة ورفض التلاعب والتحريض على الكراهية.
  • الإحساس الشديد بالمسؤولية، لأنّ للناخبين الحق في الحصول على المعلومات ويحق لهم أن يتم إعلامهم بالبدائل السياسية وبرامج المرشحين حتى يتمكنوا من اتخاذ القرار المناسب، وفي الوقت نفسه يحق للمرشحين والأحزاب إيصال برامجهم ووجهات نظرهم. ولهذه الغاية، لديهم الحق في الوصول بدون عوائق إلى وسائل الإعلام على أساس غير تمييزي من أجل إعلام الناخبين بسياساتهم وآرائهم بشأن المسائل التي تهمّ الجمهور.
  • تدقيق الحقائق: تعدّ دقة المعلومات أولوية في تغطية الانتخابات ويحتاج الصحفيون إلى إثبات تصريحات المرشحين من خلال التحقق من مصادر موثوقة مثل المسؤولين ومنظمات المجتمع المدني ومراقبي الانتخابات. ويجب توخي الحذر الشديد قبل نشر المعلومات الواردة من وسائل التواصل الاجتماعي والتي يمكن أن تكون مضللة أو متحيزة لصالح/ضد مرشح أو حزب سياسي.

هذه الأمور أساسية في التغطية الإعلامية والآن إليك مجموعة أمور احرص على الابتعاد عنها أو الالتزام بها في تغطيتك:

  • ابتعد عن اللقطات التي تعرٌض السياسيين للازدراء.
  • لا تستخدم التعبيرات التي تؤذي مشاعر المجتمع، بما في ذلك إهانة المعتقدات.
  • تجنب التحريض على إلحاق الأذى.
  • احذر من مستخدمي الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي "المتصيدين" الذين ينشرون تعليقات مسيئة ويختارون المعارك على وسائل التواصل الاجتماعي بكتابة تعليقات تحض على الكراهية على المواد الإعلامية المنشورة، وتجنب الاصطدام معهم وناقش مع وسيلتك الإعلامية طرق التعامل مع هذه التعليقات وقد تكون من خلال فتح جلسات نقاش.

فمن المعروف أن خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات يحفز بيئات الصراع والعنف بين الجماعات والمجتمعات أثناء الانتخابات، ولذلك على الصحفيين:

  • تحقيق التوازن في التغطية من خلال التمثيل العادل لآراء المرشحين.
  • اللغة والكلمات المستخدمة مهمة جداً في تقارير الانتخابات: يجب استخدام اللغة المناسبة وتجنب اللهجة التحريضية والمبالغة التي يمكن أن تعطي آمالًا زائفة.
  • إبراز الإمكانات القيادية المهمشة وزيادة الوعي العام بأهميتها في الحياة العامة.
  • إذا كنت في حدث ما وتمّ فيه التعبير عن الرسائل التحريضية، فاطلب من الشخص تبرير سبب إدلائه بهذه الملاحظات، وفي الوقت نفسه احصل على ردود أفعال انتقادية من الشخصيات المؤثرة للتأكيد على أن هذه الآراء لا يتمسك بها الجميع، وأضف سياقًا إلى تقريرك من خلال استضافة محلل أو من خلال إعطاء خلفيات عن التوتر المصاحب للتصريح.
  • يجب على الصحفي فحص موقف المتحدث وسمعته، هل المتحدث شخصية بارزة في المجتمع أو الحكومة؟ هل للمتحدث أتباع مهمون، وما مدى احتمالية ارتكاب هذه المجموعة لأعمال كراهية أو غير قانونية؟ هذه كلها أسئلة يأخذها الصحفيون في الاعتبار الأخلاقي. تساعد الإجابات عليها في تحديد ما إذا كان يجب على الصحفي تغطية خطاب الكراهية أو تركه أو عرضه لكن في سياق تاريخي أو اجتماعي أو حتى قانوني، وفي حال إخفاق الصحفي في رواية القصة كاملة فإنه سيؤدي بدوره إلى الإضرار بالجمهور عند عدم شرح سياق الخطاب.

وهناك أمر مهم على الصحفي الاهتمام به وهو متابعة ما نشرته القنوات الإعلامية، وردود الفعل على صفحات السوشيال ميديا المختلفة وطرح  السؤال التالي "ما الذي ينقص تغطيتي اليوم؟".

ولكن احرص من أن يتم وصف شيء غير مؤذٍ  كتبته على أنه "خطاب كراهية" وأن يتم استخدامه كذريعة لإسكات الانتقادات والتغطية الموضوعية، لأنّ ذلك سيؤدي إلى تراجع الصحفيين وراء حقهم القانوني في حرية التعبير. وإذا كان على الصحفيين المساعدة في مواجهة خطاب الكراهية في حملة انتخابية ما، فإنهم بحاجة إلى المساعدة في الكشف عن الروابط بين العناصر التي تشكل حملة الكراهية هذه.

 يحتاج الكثير من هذا إلى صحافة استقصائية تقليدية: تتبع تدفقات الأموال والسلطة، ومعرفة من يستفيد من التحريض على الكراهية والتمييز والعنف.

وهذه الأسئلة اطرحها على نفسك قبل نشر أي مادة إعلامية فيها خطاب كراهية:

  • هل يستحق النشر؟ ما هي نية المتحدث؟
  • ماذا سيكون تأثير النشر؟
  • هل الكلام قائم على الحقائق؟
  • هل هناك خطر تأجيج المشاعر والتحريض على العنف؟
  • هل قمت بتوجيه كل الأسئلة الضرورية ذات الصلة؟
  • هل استخدمت مصادر متنوعة؟
  • هل التزمت بالمعايير المحددة في القواعد التحريرية والأخلاقية؟
  • هل الصور تروي القصة؟

وكانت الجزيرة في تقرير نشرته يحمل عنوان "محاربة خطاب الكراهية في الإعلام.. الجهود وحدها لا تكفي" قد أوردت مجموعة مصادر قد تكون مفيدة لك في تغطيتك الإعلامية للانتخابات، إذ يتحدث التقرير عن جهود التصدي لخطاب الكراهية على صعيد الدول والحكومات، وعلى صعيد المؤسسات الدولية، وعلى صعيد المؤسسات الإعلامية وعلى صعيد مؤسسات المجتمع المدني.

ومن الأمثلة التي أوردها حول المؤسسات الإعلامية، وردَ معهد الإعلام الأردني الذي أطلق بالتعاون مع شبكة الصحافة الأخلاقية قاموساً موجهاً للعاملين في الوسائل الإعلامية يتضمن أبرز المفردات التي إن تغيّر سياق استخدامها تؤدي لخطاب كراهية وتحريض كبيرين.

بينما أصدر مرصد الإعلام في شمال إفريقيا والشرق الأوسط في شهر يوليو/تموز عام 2015  تقريراً لرصد خطاب الحقد والكراهية في الصحافة المكتوبة في خمس دول، هي: العراق، البحرين، اليمن، مصر، وتونس.

وأخيرًا، يمكن الاطلاع على مجموعة الأدوات التي أطلقها المركز الدولي للصحفيين ومشروع ميتا للصحافة ضمن برنامج "الصحافة الأخلاقية".

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة ميديا بروفايل.


Другие статьи

Хадиль Арджа

Хадиль Арджа — сирийская журналистка и основательница Tiny Hand. Она участвовала в программе Арабского центра менторской поддержки IJNet в 2020–2021 годах. Арджа также — соучредитель и ведущий редактор Frontline in Focus и член Журналистской сети имени Мэри Колвин.