إذا كنت صحفياً ريادياً.. هذا مدخلك إلى استقطاب التمويل 

Apr 1, 2022 в استدامة وسائل الإعلام
صورة

تواجه المؤسسات الإعلامية تحديًا كبيرًا متعلقًا بضعف فرص التمويل اللازم للحفاظ على استدامتها وديمومتها، أكثر من بحثها عن تعظيم رأس المال، حتى وإن كان الاحتياج الثاني ضرورة في مفهوم الشركات الهادفة للربح.  

بات واضحاً أنّ مفهوم تعزيز الموارد الذاتية في الشركات والمؤسسات الإعلامية العربية، أمراً يصعب تحقيقه إلى حد كبير في الوقت الراهن، وبخاصة أننا أصبحنا في زمنٍ يفاضل فيه المواطن العربي بين شراء رغيف خبزه وبين شراء الأخبار (الاشتراك).  

هذا الواقع المضطرب، يستوجب في الحقيقة أن يقوم الرياديون والقائمون على الشركات الإعلامية باستقطاب التمويل، ولكن حتى يتحقق ذلك، علينا فهم خمسة أمور أساسية: 

أولاً، دراسة الواقع وتحليله

في الحقيقة صنعت وسائل التواصل الاجتماعي ما لم يكن يتوقعه أحد، بحيث أنها أتاحت الفرصة لتدفق المعلومات (أخبار - تسريبات - حقائق - أخبار زائفة ومفبركة - ملفات سياسية - طرافة.. إلخ) بمختلف القوالب (نص - فيديو- صوت - صورة - رسوم بيانية.. إلخ) وبشكل مفرط بين يدي الجمهور، وهذا عملياً عقد عمل المؤسسات الإعلامية، بحيث أنه صار من الصعب أن يستحوذ كل ما تنتجه تلك المؤسسات على اهتمام الجمهور. 

وهذا في واقع الأمر جعل من مسألة تحديد الاحتياجات أمرًا في غاية الأهمية، لذا صار من المهم أن يتخذ الرياديون من "جلسات العصف الذهني" مع فريق العمل، قاعدة أساسية لمعرفة احتياجات الجمهور وتصميم شكل الرسالة الملائمة له. 

علينا أن نعرف ما الذي يحتاجه الجمهور أولاً وما مدى قدرتنا على صناعة ذلك، قبل خوض غمار البحث عن ممول. على الرياديين أن يسألوا أنفسهم دائماً هل الأنشطة التي نقدمها هي فعلًا التي يحتاجها الجمهور؟، هل نحن نملك فريقاً متميزاً ولديه القدرة الكافية لتنفيذ الأنشطة باحترافية؟، أم أننا بحاجة لتطوير قدراتهم؟، أو نحن بحاجة إلى تعزيز الشراكات التي تساعد أنشطتنا على الانتشار؟  

ثانياً، الأفكار المحددة والدقيقة تعطي مساحة أوسع لاستقطاب الممولين

غالباً ما يحاول الرياديون طرح كافة المشاكل التي تواجههم في طريق تطوير أعمالهم، على جهات التمويل، وهذا في واقع الأمر يضائل من فرص الدعم.  

يسأل الممولون في كثير من الأحيان: ما هو أثر غياب التمويل على مشروعك؟ حقيقة تميل الغالبية لتضخيم الأزمة واختلاق وقائع أحياناً في الإجابة على هذا السؤال. وهذا ما قد يصعب على جهات التمويل فهم احتياجاتك الحقيقية، لأن التمويل غالبًا ما يكون مرتبطًا بتوجهات محددة، منها على سبيل المثال: (محاربة التمييز- دعم وإسناد المتضررين من جائحة كوفيد 19 - تعزيز العدالة الاجتماعية - مكافحة التحرش - العنف ضد النساء - تعزيز المشاركة السياسية للمرأة - مواجهة الأخبار المضللة والزائفة.. إلخ). 

وبالتالي تصبح الأفكار أكثر قرباً من جهات التمويل كلما كانت أكثر انسجامًا مع توجهاتها، والتي تختلف من وقت لآخر. 

ثالثًا، القدرة على الإقناع

"كلما كنت مؤمناً بواقعية مشروعك، كلما كان قريبًا إلى النجاح"، هذا الشعار بالمطلق لا يدخل في سياق دغدغة المشاعر أو التنمية البشرية، وإنما قاعدة عامة وأساسية في التعامل مع المشاريع الريادية. فكيف يمكن أن نقنع الآخرين بأفكارنا إذا لم نكن واثقين منها ومؤمنين بها؟ 

دعونا نميّز بين أمرين: حامل الفكرة وصاحب الفكرة، الأول قد يكون رجل علاقات عامة مثلاً وبالتالي ليس بالضرورة أن يكون مؤمناً بها بقدر إيمان صاحب الفكرة، لذا عندما يقوم بعرضها على الآخرين قد لا ينجح في إقناعهم، على عكس صاحب الفكرة الذي غالباً ما يوظف كل إمكاناته في سبيل الإقناع.   

لنسق مثالاً على ذلك، تنتشر في الأسواق الشعبية العربية أدوات للطهي وأخرى مساعدة، لكنها تعرض من دون أي وسائل لإقناع الزبائن بضرورة اقتنائها. في حين أنّ رجلًا يبيع أداة لتقشير البطاطا استحوذ على اهتمام جمهور عريض على مواقع التواصل الاجتماعي، لأنه حاول إقناعهم باحتياجهم الشديد لها.  

لذا، يعتبر تحدي الإقناع من أكثر الأمور تعقيداً بالنسبة لجهات التمويل، عندما يطلب الممول إجراء مقابلة مع الريادي لا يدع شاردة ولا واردة إلا يسأل فيها عن ضرورة المشروع وأهميته وجمهوره والفئة المستهدفة والنطاق الجغرافي، وكيفية الحفاظ على ديمومته واستمراريته.. إلخ، لذا كن مستعداً للإقناع. 

رابعاً، التفرد.. كلما كان مشروعك فريداً كلما كانت فرص تمويله أقوى 

غالباً ما يعرف صاحب المشروع الريادي من هم منافسوه، ويحاول دائمًا أن يبحث عن القيمة المضافة، لذا يجد البعض أحياناً صعوبة في تقديم قيم إضافية أو ميزة تنافسية جديدة قادرة على إقناع الممولين، وأنا أدرك في الحقيقة أنها مهمة ليست سهلة، حيث أنها تتطلب الكثير من التفكير عن تفسير دواعي وجود المشروع ومبرراته. 

وعليه، فإنه كلما كان المشروع فريداً، كلما كانت فرص تمويله أقوى. وهذا يعتمد اعتمادًا أساسياً على دراسة السوق والبحث عن فجواته للعمل على سدها. إضافة إلى معرفة الدور المراد ممارسته على منصات التواصل الاجتماعي على اعتبار أنها أضحت تشكل رافعة أساسية لنجاح أي مشروع إعلامي، وبالتالي من المهم معرفة أداء المنافسين على هذه المنصات، حتى يضمن الريادي تقديم شيء جديد ومختلف يمكن أن يقنع الممولين. 

خامساً، التنظيم

كلما شعر الممولون بقدرتك على التنظيم ووجدوا أنّك وضعت خططًا واستراتيجية لإدارة مشروعك حتى لو كان تمويله ذاتياً، فذلك يزيد من فرص الدعم. تخيل أنك تقابل جهة تمويل وفي لحظة ما سألوك عن الهيكل التنظيمي إذا كان متاحاً أم لا. ولم تكن قد قمت بإعداده بعد، أو أن يسألوك مثلاً في بنود الموازنة التي قمت بكتابتها بطريقة عشوائية (مسودة). 

  الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة ميشيل