ليبيا واضطراب المعلومات.. التضليل ومكافحته بين الأسباب والنتائج

Nov 26, 2021 в مكافحة التضليل والمعلومات الخاطئة
صورة

في خضم اضطراب المعلومات وخداع وسائل الإعلام في ليبيا، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لمكافحة انتشار الأخبار المزيفة، تقدم هذه الجلسة التي عقدتها شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية (أريج) بالشراكة مع أكاديمية دويتشه فيله  ليبيا كدراسة حالة، تكتسب أهميتها لأنها تجمع بين الخداع المنهجي وغير المنهجي. العوامل الأخرى التي تجعل دراسة الحالة هذه تستحق المناقشة هي المعارك على أرض الواقع، والجهود الرامية إلى احتواء انتشار جائحة "كوفيد 19".

كيف حارب مدققو الحقائق في ليبيا انتشار المعلومات المغلوطة؟

تحدثت نورا الجربي وهي مدونة وصانعة محتوى لمواقع التواصل الاجتماعي، خلال الجلسة عن كيفية محاربة المعلومات المغلوطة في ليبيا عبر منصة تحرىّ، وقالت إنّ المنصة نشرت تقريراً في تموز/يوليو 2021 يوضح طرق وآليات التحقق من المعلومات.

وذكر التقرير أنّ هناك قولًا مأثورًا بين الصحفيين بأن المنتج يمكن أن يكون "جيداً جداً للتحقق منه". يمكن أن يكون عن حادث مثير، أو شيء مضحك جداً. بطبيعة الحال، يتحقق الصحفيون الجيدون، وغالبا ما يجدون أن مثل هذه القصص كاذبة. لكن العديد من وسائل الإعلام الشعبية، وخاصة في منطقتنا، ستنشر قصة ليس لأنها صحيحة، ولكن لأنها ستجذب القراء. وينطبق الأمر نفسه على العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي. ومن المرجح أن يتم تبادل الادعاءات المثيرة التي لا بد أن تثير التسلية أو الغضب أكثر من مجرد تقارير وقائعية "مملة". يلجأ الكثير من الناس الآن إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أخبار تفيد بأن التقارير المزيفة والمبالغ فيها يمكن أن تنتشر كالنار. في بعض الأحيان تكون التقارير بريئة – على سبيل المثال "الأخبار" بأن رجلا ميتا عاد إلى الحياة. ولكن في أوقات أخرى، تحرّض الأخبار المزيفة على العنف وتؤدي إلى وفيات. لهذا السبب يجب أن يكون الصحفيون حذرين دائما قبل الضغط على زر المشاركة والتأكّد من صحة الخبر.

تابعت الجربي: "المكون الأساسي في التضليل هو التلاعب بالمعلومات عن طريق حسابات مزيفة موجهة خارجيًا وفي العادة تظهر كحسابات لمواطنين من البلد. الصور يمكن أن تكون مضللة. لدينا ميل إلى الاعتقاد بسرعة التقارير مصحوبة صورة بدون التدقيق فيه، ولكن وقف، والتحقق. على سبيل المثال، قد يزعم منشور على فيسبوك أن هناك احتجاجا في طرابلس، إلى جانب صورة للاحتجاج المزعوم. انظروا إلى ذلك بعناية. هل تشبه المناطق المحيطة بها أي مكان في طرابلس؟ هل يرتدي المتظاهرون ملابس مناسبة للموسم، أم أنهم، على سبيل المثال، يرتدون ملابس شتوية عندما يكون الصيف؟ قد تكون صورة من بلد آخر، أو صورة قديمة لمظاهرة في طرابلس. أحياناً يكون من الصعب معرفة ما إذا كانت الصورة جديدة أم قديمة. ما يمكنك القيام به بعد ذلك هو حفظ الصورة ومن ثم إدراجها في صورة البحث على الانترنت لمعرفة ما إذا كان قد تم استخدامه من قبل. يمكن الاستعانة بمحركات البحث عن الصور مثل ياندكس وجوجل و tineye".

الكاتبة آية أبو سعيدة تحدثت عن منصة أنير التي تعمل بها، وهي منصة ليبية مستقلة، متخصصة بالتوعية في شؤون الانترنت الآمن والتحقق من الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة. تتبع آلية عملية محددة ودقيقة وتتضمن التالي:

  • التحقق من الخبر بشكل كامل ومفصل، من ضمن عملية البحث يقوم فريق التحقق بتجزئة الخبر إلى معلومات مجزأة يتم التحقق من صحتها وصحة العلاقة بين هذه المعلومات.
  • التحقق من العناصر المختلفة من الخبر، وتشمل النصوص والصور والفيديوهات باستخدام أساليب وأدوات التحقق المتعارف عليها.
  • الإعتماد على أكبر قدر من الأدلة والعودة الى أصول الخبر ومصدره.
  • التثبيت على صحة المعلومة عن عدمها عبر التأكد من اكثر من مصدر والتواصل مع الجهات المعنية.

تركّز أنير على نوعية محددة من الأخبار، تقوم برصدها والتحقق من صحتها، وتشمل:

  • الأخبار المتداولة التي من شأنها أن تهدد تماسك المجتمع واستقراره.
  • الأخبار التي تمس حقوق المواطن الليبي واحتياجاته بشكل مباشر مثل الأخبار المتعلقة بالحالة الأمنية، المصارف، الوقود، الغداء، الصحة، الإتصالات وغيرها من الأخبار الحساسة.
  • الأخبار المتعلقة بالقرارات الحكومية.
  • الأخبار الإقتصادية والإجتماعية.
  • الأخبار المتعلقة بانتخابات مجالس البلديات.
  • الأخبار الدولية المتعلقة بالِشأن الليبي.
  • المواضيع الشائعة التي يتم تناولها من قبل حسابات التواصل الإجتماعي الليبية.
  • التحقيقات العلمية والرد على الخرافات.

آليات مواجهة الشائعات في ليبيا

تحدث عن هذه الآليات الكاتب والمدرب مراد أعمار بلال والذي يعمل في منصة TSC التي تضم فريق من الصحفيين الليبيين المستقلين، وتستخدم الأدوات التقنية اللازمة للتحقق من الوقائع، سعياً للمساهمة في دعم وحماية حق المجتمع في معرفة الحقيقة. ويقول "إنّ عملية التضليل المعلوماتي انتشرت في ليبيا بشكل كبير خاصةً بعد تفشي فيروس كورونا، ونحاول في المنصة أن نصحح هذه المعلومات ونتحقق منها عبر الأدوات المعروفة ثم نعيد صياغتها وفق سياسة تحريرية صارمة توضح مواضع التضليل والكذب ثم ننشرها للجمهور". ويضيف: "في منصة TSC يتم تقسيم الموضوعات في صفحات، مثلاً: التضليل العلمي وتصحيحه في صفحة مستقلة، والتضليل الرياضي وتصحيحه أيضاً في صفحة مستقلة، وكذلك في بقية المعلومات، ويعمل الفريق المكون من صحفيين مستقلين مُدربين بشكل جيد على تعقب الأخبار والمنشورات وعمليات التضليل المعلوماتي على مدار حتى نحد من انتشار هذه المعلومات التي تتسب في حدوث خلل كبير في الأوساط الإعلامية والجمهور أيضاً".

هناك أيضاً العديد من المنصات التي تعمل على مكافحة التضليل المعلوماتي في ليبيا من بينها منصة فالصو التي أسسها صحفيون وقانونيون ومدافعون عن حقوق الإنسان على إثر تفشي الإعتداءات الخطيرة بحق الصحفيين الليبيين وتنامي خطاب الكراهية والمعلومات المضللة مما يهدد حق المجتمع الليبي في المعرفة وحرية التعبير.

تقدم فالصو خدمات التحقق من المعلومات والأخبار للصحفيين والمؤسسات مجاناً، كما أنّ لديها فريق يعمل بشكل مستمر على التحقق من الأخبار والمعلومات التي تنشر عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي، وتقدم أيضاً تقارير دورية عن الحالة العامة للشائعات والمعلومات المضللة في ليبيا.

نصائح عامة قدمها المتحدثون في الجلسة

  • اضطراب المعلومات وصل مرحلة متقدمة والتزييف باتت أكثر تعقيداً ويهدد المجتمعات والأشخاص وينبغي على الصحفيين ووسائل الإعلام والمنظمات التعامل معه بشكل أكثر جدية.
  • هناك علاقة بين خطاب الكراهية والتضليل: قد يبدأ الأمر بخبر مضلل وينتهي بخطاب كراهية ضد من استهدفه الخبر المضلل.
  • المكون الأساسي في التضليل هو التلاعب بالمعلومات عن طريق حسابات مزيفة موجهة خارجيًا وفي العادة تظهر كحسابات لمواطنين من البلد.
  • التوعية يمكن أن تحدث فرقاً في محاربة اضطراب المعلومات، ولكن في حال تضافرت جهود كل الجهات المعنيّة، لأن يداً واحدة لا تصفق.
  • وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في انتشار المعلومات الخاطئة والمضللة بشكل أكبر، ووجود قانون واضح للجرائم الالكترونيّة قد يساهم في الحل.

الصورة الرئيسية من قبل ماركوس وينكلر من بيكسيلز