كيف يمكن للمغرب أن يتجاوز إشكالية رخص التصوير في الإعلام الإلكتروني؟

Автор إسماعيل عزام
Oct 30, 2018 в الصحافة الرقمية

استحق الإعلام الإلكتروني لفظ "الإعلام الجديد" أو "الإعلام البديل" بعدما تمكّن من جمع كل أنماط الإعلام السابقة في شكل واحد، فداخل جريدة إلكترونية، يمكن أن تجد النص المكتوب والصورة والمقاطع الصوتية ومقاطع الفيديو، بمعنى أن الإعلام الإلكتروني تمكّن من دمج كل الوسائط الإعلامية في قالب واحد، الأمر الذي خلق ثورة حقيقية على مستوى تقديم المعلومة تجاوزت الكثير من القوانين والتشريعات التي اهتمت بتأطير الصحافة والإعلام.

وفي هذا الإطار، يعرف المغرب منذ السنوات الأولى للألفية الجديدة، ظهور المواقع الإلكترونية الإخبارية، وقد فرضت الظاهرة نفسها بقوة بدءًا من عام 2006 إلى أن أضحت الصحافة الإلكترونية اليوم أكثر رواجاً من الصحافة المطبوعة بالمغرب، وهو ما اعترفت به وزارة الاتصال (الإعلام)، على لسان الوزير مصطفى الخلفي، إذ أصدرت العام الماضي، مشروع قانون الصحافة والنشر الذي اعترف لأول مرّة بالصحافة الإلكترونية، ووضع لها تشريعات خاصة بعد مسار من المشاورات والتفاوض بدأ عام 2012.

بيدَ أن انتشار الصحافة الإلكترونية بالمغرب رافقه إشكال خاص بمنح رخص تصوير الفيديو، ففي المغرب، يمنع تصوير أحداث في الشارع العام دون الحصول على ترخيص مسبق يمنحه المركز السينمائي المغربي (الهيئة المشرفة على تنظيم السينما)، وهو ما يحدده قانون الصناعة السينماتوغرافية. بيدَ أن هذا القانون، لا يشير سوى إلى شركات الإنتاج الراغبة في إنجاز أفلام سينمائية وأشرطة مهنية، وكذلك إلى القنوات التلفزيونية التي تنجز تقارير مصورة، إذ لا يتضمن أي أحكام تخصّ الإعلام الإلكتروني.

وفي ظل استمرار إشكالية عدم وجود بند قانوني يحدّد الترخيص بالتصوير للمواقع الإلكترونية، يظهر أنه من الصعب تطبيق القانون الساري المفعول على شركات الإنتاج والقنوات التلفزيونية على المواقع الإلكترونية التي تحتاج للفيديو بشكل مستمر، وذلك في ظل ثورة وسائل الاتصال التي سمحت لكل مواطن عادي أن يصبح مواطناً صحفياً ينقل الحدث عبر هاتفه المحمول.

وحاول مشروع قانون الصحافة والنشر الإجابة عن هذا التساؤل، إذ نقرأ في المادتين 34 و 35 أن الصحف الإلكترونية التي استوفت شروط التصريح القانوني، وحصلت على شهادة الإيداع دون وجود أيّ اعتراض كتابي ومعلل، ستستفيد من رخصة للتصوير، مسلّمة من المركز السينمائي المغربي، صالحة لمدة سنة، وخاصة بالإنتاج السمعي البصري الموجهة لخدمة الصحافة الإلكترونية، وذلك بعدما تضع هذه الصحف التصريح الخاص بها لدى الهيأة العليا للاتصال السمعي - البصري.

ويشرح مصدر مسؤول من وزارة الاتصال، فضّل عدم ذكر اسمه، أن "الإشكالية القانونية موجودة، وأنه لا يوجد أيّ موقع إلكتروني مغربي حاصل حاليًا على رخصة مسلّمة خاصة بالتصوير رغم وجود طلبات بالحصول عليها، بيد أنها تعمل بكل حرية وكلها تنتج مقاطع فيديو في انتظار صدور القانون المنظم"، متحدثاً عن أن الوزارة "بدأت ورش تأهيل الصحافة الإلكترونية على مراحل، وأنها تتعامل بمرونة مع الإعلام الإلكتروني في هذه الفترة المرحلية، لا سيما مع الاقتناع أن الفيديو يشكّل جزءاً أساسياً من محتوى هذه المواقع".

ويضيف المصدر في اتصال مع شبكة الصحفيين الدوليين، أنه "لا يمكن إدخال المواقع الإلكترونية في الفئة الحالية الخاصة بالصناعة السينماتوغرافية، وأن الوزارة واعية بالتطوّر التكنولوجي الحاصل وأثر ذلك على القوانين الخاصة بالصحافة، لذلك قدمت المشروع الخاص بالصحافة الإلكترونية، رغبةً منها في تأطير القطاع والحرص على تنظيم المهنة وليس التقنين في حد ذاته أو الرغبة في الحد من حرية هذه المواقع".

غير أن هناك في الجانب الآخر، من يرفض استمرار المغرب في فرض رخص التصوير على من يريد إنتاج الفيديو في الفضاء العام، إذ يتحدث أنس بنضريف، الإعلامي بإذاعة هولندا العالمية المالكة لموقع "هنا صوتك" الذي ينشط كذلك بالمغرب أن منح رخص التصوير للمواقع الإلكترونية، "يخالف أصل القانون الذي يعتمد على الحرية كمبدأ، حتى ولو كانت هذه الرخص تستمر لعام كامل"، مشيراً إلى أن "منح المواقع الإلكترونية هذا الامتياز يجعل من كل مواطن يقوم بالتصوير عبر هاتفه المحمول مخالفاً للقانون".

ويتابع بنضريف لشبكة الصحفيين الدوليين أن "القانون المنتظر يستثني كذلك منتجي محتوى اليوتيوب الذين يحتاجون للتصوير في الفضاء العام ولا يحملون صفات صحفيين التي ينصّ عليها المشروع المنتظر"، مبرزاً أن الاتجاه إلى تقنين التصوير في الفضاء العام "يضرب حرية التعبير، ويضيّق على حرية الإبداع،" معطياً المثال بدول أوروبية حيث لا يحتاج فيها المواطن، سواء أكان إعلامياً أم لا، إلى طلب أيّ رخصة للتصوير، وإذا ما ادعى طرف ما بتعرّضه لضرر أثناء التصوير، فما عليه سوى اللجوء إلى القضاء الذي بمقدوره التأكد من وقوع هذا الضرر، كما ختم بنضريف.


الصورة من موقع هسبرس بعد أخذ الإذن.