تحديات العمل الصحفي الاستقصائي في العالم العربي

por IJNet
Aug 6, 2020 em الصحافة الاستقصائية
الصحافة الإستقصائية

قدمت حنان زبيس، صحفية ومدربة  في الصحافة الاستقصائية، العديد من النصائح عن كيفية ايجاد مواضيع شيّقة وطرق معالجتها وسبل التعامل مع المصادر وحثها على التعاون مع الصحفي الاستقصائي، وكيفية خلق  وعي لدى الرأي العام بأهمية القضايا التي يعالجها الصحفي الاستقصائي. كان ذلك خلال الويبينار الذي قدمه المركز الدولي للصحفيين بالشراكة مع مشروع فيسبوك للصحافة في إطار برنامج حلول منصات التواصل الاجتماعي عبر سلسلة لقاءات عن بعد تهدف إلى توفير التدريب للصحفيات والصحفيين حول العديد من المواضيع المهمة خلال تغطية أزمة ''كوفيد-19".

يمكنكم التسجيل في الجلسات القادمة، هنا.

أتمّت ضيفتنا حنان الماجستير في علوم وتكنولوجيا الميديا بجامعة تونس وجامعة بافيا الايطالية، وهي حاصلة على العديد من الجوائز الدولية منها جائزة سمير قصير لحرية الصحافة لعام 2014 وجائزة رائف بدوي للصحفيين الشجعان عام 2019. ضمن عملها كصحفية استقصائية أنتجت حنان العديد من التحقيقات حول الفساد في عدة مجالات كالصحة والتعليم وقامت بمشاركة بعضها خلال الويبينار.

في بداية اللقاء قدمت حنان للحاضرين رؤية شاملة عن واقع الصحافة الاستقصائية في الوطن العربي، أكّدت من خلالها على صعوبة العمل الصحفي الاستقصائي في هذا الجزء من العالم، نسبةً للنقص الكبير في القوانين التي من شأنها أن تحمي الصحفي خلال إنجازه لتحقيقاته، أضف الى ذلك نقص الوعي لدى الجمهور بأهمية هذا النوع من الصحافة. 

بالمقابل تقول حنان "لدينا الكثير من الأسباب للتفائل، اذ ان مجموعة كبيرة من الصحفيات والصحفيين العرب قد شاركوا في تحقيقات عالمية ضخمة مثل وثائق بنما، كما أطلقت العديد الجامعات برامج تدريب خاصة بالصحافة الاستقصائية وبدأت الكثير من المؤسسات الدولية والعربية تدعم الصحفيين الاستقصائيين."

مميزات الصحافة الاستقصائية

تعتبر ضيفتنا بأن الصحافة الاستقصائية هي صحافة عمق، تعتمد على البحث في أكثر من مصدر ورؤية الحدث من أكثر من زاوية، إذ يقوم الصحفي الإستقصائي بجمع أقصى كم من المعلومات حول القضية التي يحاول المسؤولين أو من في السلطة وأصحاب النفوذ إخفائها. من هذا المنطلق أكدت حنان على الطابع المخفي للمعلومة، فعلى الصحفي الاستقصائي أن يقوم بالتدقيق في كل معلومة ومطابقتها بمصادر أخرى إعتماداً على منهجية واضحة وموضوعية.

يسعى الصحفي الاستقصائي دائماً لمراقبة وتتبع آداء المؤسسات والحكومات والمنظمات والشركات بغاية كشف التجاوزات وتصحيح الخطأ وتحسين الإدارة والحوكمة. كما يهدف أيضاً للكشف عن المسؤولين المباشرين عن الأخطاء او التجاوزات لمواجهتهم عن طريق  صنع و توجيه  الرأي العام. يمتاز الصحفي الإستقصائي بحسب حنان بقوة "الحس"، فهو يستخدم كل حواسه وحدسه بالاضافة الى معلوماته المتراكمة من اجل ان يصطاد خبر أو حدث يستحق البحث، كما يجب أن يكون الصحفي مثقفاً أيضاً، اي ملم بشكل كبير بالواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

يجب أن تكون في جعبة الصحفي الاستقصائي مهارات وقدرات جيدة لاستخدام وتوظيف الأدوات اللازمة والمتاحة للوصول للمعلومات والتحقق منها. ويحتاج أن يكون قادراً على تحليل المعلومات والبيانات والأرقام وصياغتها بشكل يوضح الحقائق وبشكل دقيق وبدون احكام مسبقة. وأخيراً ترى حنان أن الصحفي الاستقصائي المتمكّن  قادر على كتابة التحقيق في شكل قصة مشوّقة ذات طابع سردي من شأنها جلب انتباه القارئ والتأثير فيه.

سبل إيجاد مصادر القصة الصالحة للاستقصاء 

بحسب حنان فإن مراقبة وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون وسيلة جيدة لايجاد قصة تستحق التحقيق والاستقصاء، او قد تكون هناك قصة قد عمل عليها الصحفي في السابق ولكن أستشعر انه ما زال هنالك المزيد للكشف عنه.

إذا أحس الصحفي بتغيير في بيئته، يمكن ايضاً ان يبدأ التحقيق أو أن يباشر العمل من خلال التحدث والاستماع الى مشاكل وشكاوى الناس. والتفكير بعدد الأشخاص المتأثرين بالقصة يعد مدخلاً مهماً لصحفي لكي يقرر أن كانت القصة تستحق البحث والتحري، بالإضافة لوجود الضحايا، مما يمكن أن يساعد التحقيق في الحد من معاناتهم ومحاسبة المذنبين. كما تنصح حنان الصحفيين باختيار قضايا مهمة جداً وبشكل متوازن يكون من السهل جمع والوصول للمعلومات حولها.

أهمية استخدام الفرضيات في الاستقصاء

عبرت حنان عن ضرورة اعتماد الفرضيات كمنهجية وبوصلة تقود العمل الاستقصائي طوال فترة التحقيق، في آخر العمل يكون الصحفي قد أثبت فرضيته أو دحضها. حيث يجب أن تصاغ الفرضية بشكل مختصر(ثلاثة جمل بحد اقصى) حتى تكون واضحة للصحفي ولكي يسهل شرحها أيضاً للآخرين. وتضيف "حنان" بأنه من الممكن البدء بفرضية أولية، ليتم تطويرها او تغييرها كلياً في حال تبين أنها كانت منقوصة او خاطئة. كما يتوجب على الصحفي أن يبني فرضيته على شكل قصة ليروي بها وقائع مثيرة تساهم في إحداث تغيير إيجابي ملموس.

الاستقصاء الصحفي من خلال المصادر المفتوحة

أشارت ضيفتنا أيضاً الى وجود الكثير من المعلومات المتوفرة بشكل معلن ومفتوح وما على الصحفي الاستقصائي إلّا الانتباه لها وجمعها. الاطلاع على ما هو متوفر مسبقاً يمنح الصحفي قدر كبير من المعلومات، والتحضير الجيد يساعده لاحقاً عند مقابلة المصادر ليستخلص منها معلومات إضافية ودقيقة. هناك كذلك فائدة أخرى للإستعانة بالمصادر المفتوحة،  فإعطاء المصادر البشرية انطباعاً بأن الصحفي يملك في جعبته كم كبير من المعلومات ولن يعرقل التحقيق امتناع هذه المصادر البشرية عن التعاون والحديث مع الصحفي، سيحثهم نهايةً على الاستجابة.

امّا بالنسبة للمصادر المغلقة أو الخاصة، فعلى الصحفي التعامل معها بحذر وبسرية تامة دون تعريضها للخطر فهي تزوده بمعلومات وملفات سرية قد تساهم بشكل مباشر في كشف حقيقة أشخاص ذوي نفوذ وفي بعض الأحيان الكشف عن هويتها يعرضها للخطر. بالتالي، عنصر الثقة مهم جدًا بين الصحفي والمصدر، فإذا وثق المصدر بالصحفي منحه القدر الذي يحتاجه من المعلومات؛ وتبنى هذه الثقة من خلال طمأنة المصدر وإظهار القدر الكافي من الاهتمام بأمانه وسلامته الجسدية. 

طرق خلق رأي عام مساند للقضية التي تعالجها

-الإتصال بوسائل الإعلام والزملاء من الصحفيين لتعريفهم بنتائج التحقيق وحثهم على الحديث عنها.

-التواصل مع من ساعدوك في التحقيق كممثلي المجتمع المدني أو أية جهات أخرى لحثها على الضغط على السلطات لإيجاد حلول بناءً على الحقائق التي تم الكشف عنها.

-السعي لتكوين شبكة من المساندين للقضية التي عملت عليها. أولاً لحماية نفسك من ردة  فعل من تم الكشف عن إخلالهم وفسادهم، وثانياً لتكوين حملات مناصرة.

-مواصلة المتابعة في موضوع التحقيق وتداعياته والعودة إلى الكتابة عنه لو حدثت مستجدات أخرى فيه.

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الإستخدام على أنسبلاش بواسطة ايميلي مورتر.