أحمد جمال صحفي النجوم.. خذلته الصحافة المصرية وأنصفه ماني ومحرز

por عمرو الأنصاري
Aug 7, 2019 em موضوعات متخصصة
"أحمد جمال مع اللجنة المنظمة وماني ومحرز وأيوبي وبغداد ودراجي"

من تجربة صحفية محبطة انطلق أحمد جمال خريج إعلام القاهرة المتفوق، وأول الجمهورية في الثانوية العامة للمكفوفين إلى الموقع الرسمي لبطولة كأس الأمم الإفريقية 2019. عامان بين التجربتين لم يكن الطريق فيهما مفروشًا بالورود، ولم لا فمن التجارب السيئة يصنع النجاح.

رفضه موقع إلكتروني شهير برغم اجتيازه للاختبار بتفوق، ورحب به نجوم العالم في كرة القدم من ماني لمحرز لأيوبي، انفرد بحوارات معهم، كان رده في الملعب الذي يعشقه ويحفظه عن ظهر قلب، مطلقًا صرخة للمجتمع وللعالم أجمع: "لا نريد تعاطفكم، وليكن تقييمكم لنا طبيعيًا على أساس قدراتنا وانتاجنا في العمل، بعيدًا عن أي تقييم آخر، أنا قادر وأستطيع ولدي المزيد فقط انتظر الفرصة".

شبكة الصحفيين الدوليين التقته وكان هذا الحوار:

كيف جاءت فكرة مشاركتك في البطولة كمحرر في الموقع الرسمي لها؟

من متابعتي الدائمة للأخبار علمت بحاجة اللجنة المنظمة للبطولة إلى متطوعين، فتقدمت ولفت انتباهي وجود خيار داخل استمارة التقدم لذوي القدرات الخاصة، فأدركت أن اللجنة تفتح أبوابها للجميع من دون تمييز.

قمت بعمل المقابلة الشخصية، وتم إخطاري بقبولي، وكنت قد اخترت منذ البداية مجالي الإعلام والتسويق للعمل في أحدهما داخل البطولة، وبالفعل عقب توزيعي على استاد القاهرة نقلت لرئيسة لجنة الإعلام بالإستاد الدكتورة عندليب فهمي رغبتي في الانضمام للجنة الإعلام داخل البطولة بصفتي خريج إعلام، ونظرا لعدم قدرتي على تقديم مردود جيد في اللجان الأخرى التي تحتاج إلى تواصل مع الجماهير ومراجعة البطاقات الخاصة بهم، وتفهمت مشكورة طلبي واختارتني للعمل في المركز الإعلامي للبطولة.

ما هو دورك داخل المركز الإعلامي للبطولة، وكيف مضى عملك به؟

دوري الأساسي هو العمل كمحرر داخل الموقع الرسمي للبطولة، بالإضافة إلى مشاركة زملائي داخل المركز الإعلامي في مساعدة السادة الصحفيين والإعلاميين في عملهم.

في البداية كان عملي روتينيًا، من خلال إعداد الاحصائيات وتقديم المباريات الخاصة البطولة، لكني لم أكن مقتنعًا بهذا الدور الصغير، وكنت أبحث عن ممارسة المهنة التي أحبها -الصحافة- بشكل أكبر، من خلال فنونها سواء الحوار الصحفي أو التحقيق الصحفي اللذان يستهوياني كثيرًا. قررت أن أقوم بعمل صحفي حقيقي بدأ بتقرير عن إحدى الفتيات المتطوعات المسؤولة في استاد السلام عن تسليم البطاقات للصحفيين وهي من ذوي القدرات الخاصة، ثم جاءت فكرة إجراء حوارات مع نجوم البطولة الكبار.

على ذكر النجوم كيف استطعت الظفر بحوارات مع نجوم عالميين في حجم السنغالي ماني والجزائري محرز والنيجيري أيوبي إضافة إلى المعلق الشهير حفيظ دراجي؟

البداية كانت بقدوم مدرب السنغال سيسي إلى المؤتمر الصحفي الخاص بمباراته مع أوغندا- مبكرًا- قبل أن ينهي مدرب أوغندا مؤتمره، فانتظر داخل المركز الإعلامي، حينها قمت باستغلال الفرصة -بعد أن علمت بوجوده-، وذهبت إليه، داعبته وقلت له أنا مشجع للسنغال لماذا لم تأتي بساديو ماني- نجم ليفربول الانجليزي- معك، ووجدت منه رد فعل جيد شجعني على أن أواصل، فطلبت منه مقابلة ماني، ليفاجئني بدعوتي في نفس اليوم لحضور التدريب ومقابلته.

لم أصدق نفسي لكني كنت مصرًا على السير عبر القنوات الشرعية، والالتزام بالتعليمات التي تحظر خروجنا كمتطوعين عن حدود عملنا أو التصوير مع النجوم، فقررت أن أفعل ذلك ضمن عملي الأصلي كمحرر رياضي.

تحدثت مع مسؤول الإعلام لدي "كاف" في استاد القاهرة، وهو بالمصادفة سنغالي أيضًا، وطلبت منه إجراء حوار، وأخبرني بأنه سيحاول وأنه علي أن أكون مستعدًا، جاءت الموافقة وكنت قد حضرت بعض الأسئلة، وبالفعل ذهبت إليهم، وقدم ماني للسلام علي قبل التدريب، وعقب التدريب استأذنته في مقابلة قالي لي المنسق الإعلامي لفريق السنغال أن تكون قصيرة، وبالفعل قدم وجلس معي وكان متواضعًا للغاية وأجريت معه الحوار الذي استمر بضعة دقائق ليلحق ماني بالحافلة.

الحوار الثاني كان أسهل بالنسبة لي بعد أن زالت الرهبة، ونظرًا لأن المسؤول الإعلامي للمنتخب النيجيري كان متعاونًا وودودًا للغاية، وهو الأمر الذي استمر مع النجم اليكس أيوبي -لاعب أرسنال الإنجليزي- توالت الحوارات بالتنسيق مع المسؤول الإعلامي في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم التي تناقلتها كبرى المواقع الرياضية، وكنت أخطط لحوار مع اللاعب الأفضل إفريقيًا محمد صلاح - نجم ليفربول الإنجليزي- في يوم مباراة دور الـ16، لكن هزيمة المنتخب المصري من جنوب إفريقيا وخروجه من البطولة أفسدت كل شيء.

ما هو الحوار الأصعب لك في البطولة وما هو الحوار الأقرب لقلبك ؟

الحوار الأصعب كان مع رياض محرز-نجم مان سيتي الإنجليزي-، بسبب تعنت المسؤول الإعلامي للمنتخب الجزائري الذي وافق على مضض بعد محاولات عدة أن يكون الحوار لمدة دقيقة، وبسبب تحفظ رياض نفسه الذي وافق على سؤالين فقط وكانت اجاباته مقتضبة جدًا، ووافق بضغط مني على السؤال الثالث، بعكس ماني وأيوبي.

لكن الحوار الأقرب لقلبي والذي استمتعت به شخصيًا كان حواري مع المعلق الجزائري حفيظ دراجي، بعدما التقيته داخل المركز الإعلامي، ربما لأنه استمر لوقت أطول طرحت عليه فيه كل ما أريد من أسئلة، بما فيها سؤال هام عن مدى اهتمامه بوجود جماهير من المكفوفين تستمع إليه، وكانت إجابته منطقية وجيدة حيث قال لي أنه يراعي ذلك أثناء تعليقه لكن دون أن يشير إلى فئة بعينها.

ما هو تقييمك لتجربتك في بطولة كأس الأمم الإفريقية؟

سعيد للغاية بها، فقد استفدت كثيًرا من احتكاكي بالصحفيين والإعلاميين، ونجحت في أن يشاهد الجميع قدراتي الصحفية، خاصة وأنها تعتبر التجربة الاحترافية الأولى لي بعد تخرجي، وأتمنى أن تفيدني في المستقبل، وأن يتم تقييمي دائمًا وفقًا لعملي واجتهادي وإنتاجي فقط .

كيف استطعت الوصول لتحليل مباريات كرة القدم؟

أنا عاشق لكرة القدم وهي حياتي، ألعبها، وأتابعها دائمًا، وأنا عضو في رابطة مشجعي نادي ليفربول الإنجليزي في مصر، لدي خلفية كروية تساعدني على فهم خطط اللعب والتكتيكات المختلفة، فأنا لاعب كرة قدم للمكفوفين وسافرت من قبل ضمن الفريق الوطني في بطولة أقيمت بالكاميرون.

أما عن متابعة أحداث المباراة، فأعتمد بشكل أساسي على المعلق الرياضي والذي يساعدني في معرفة ما يحدث بالملعب، ولذا أفضل دائمًا المعلقين الذين ينتهجون وصف ما يحدث أمامهم دون الخروج بالحديث خارج الملعب، وعلى رأسهم حفيظ دراجي الذي اعتبره أفضل معلق في الوطن العربي، وحاتم بطيشة وفهد العتيبي ومؤمن حسن وبلال علام مع اختلافي معه كرويًا، ولذا أدعو المعلقين الذين يخرجون عن النص كثيرًا أن يراعوا جميع الفئات التي تستمع إليهم.

لكني أيضًا أستطيع معرفة ما يحدث في الملعب وموقع الكرة واتجاه اللعب من أصوات الجمهور، و بعض انفعالات المجاورين لي وحتى المعلقين الذين يخرجون عن النص مثل الراحل المصري محمود بكر، ولذا قمت بحضور بعض المباريات من مقصورة الصحفيين.

لماذا اخترت امتهان الصحافة، وهل كان لديك تجارب صحفية أو إعلامية سابقة لتجربتك في البطولة؟

منذ الطفولة أحببت هذا المجال، وكنت مسؤولاً عن الإذاعة والصحافة في المدرسة، وعندما حصلت على المركز الأول على الجمهورية في الثانوية العامة، قررت أن انضم لكلية الإعلام لأغير الصورة الذهنية في المجتمع عن المكفوفين، وأغير رسالة الإعلام عنّا، فالصحفيون والإعلاميون عندما يتحدثون عنّا يكتبون أن ما نفعله معجزة أو شيء خارق، وهذا الوصف - على عكس نواياهم الطيبة- يؤذينا كثيرًا، فنحن لا نحب أن يركز أحد على اختلافنا، نريد دائمًا أن يتعامل الناس معنا بشكل طبيعي، بلا تعاطف أو تقدير زائد، لذا قررت أن أخذ المبادرة بنفسي لأغير نظرة المجتمع.

تدربت في عدد من المنصات الإعلامية أثناء الدراسة، لكنها لم تضف لي كثيرًا، وأذكر أن موقع مصراوي كان قد أعلن عن تدريب ليختار المميزين منه، واشتركت في اختبار لكتابة تحقيق صحفي وكنت أحد أفضل 3 تحقيقات بين المتقدمين، ومع ذلك لم يتم اختياري لسبب لا علاقة له بالعمل والكفاءة.

أصابني الإحباط لفترة، وابتعدت عن المجال لعامين، العام الأول عملت في شركة خارج مجال الإعلام، وبرغم حصولي على راتب جيد نوعًا ما لم اشعر بارتياح بعيدًا عن الصحافة، فتوجهت في العام الثاني لدراسة الماجستير، وانهيت المرحلة الأولى منه قبل أن أنضم للبطولة.

نصائحك لذوي القدرات الخاصة أو المكفوفين؟

نصيحتي الأولى اعمل ما تحب، لاتدع نظرة المجتمع تقيدك وتدفعك للانعزال، أحببت الكرة ولعبتها، وأحببت الإعلام وعملت به، وكنت في السابق لدي ميول للهندسة وعلوم الكمبيوتر لكني اصطدمت بأن في مصر لا يقبلون المكفوفين في تخصص علمي رياضيات، برغم وجود مجالات تصلح للعمل بها مثل هندسة الاتصالات وهندسة الحاسبات، ومع ذلك لم أنسى حبي لهذا المجال وسأبدأ قريبًا في تعلم البرمجة.

النصيحة الثانية لا تستسلم وحارب للحصول على حقوقك، أتذكر عندما كنت من أوائل الجمهورية في الثانوية العامة وكانت رحلة جريدة الجمهورية للأوائل ترفض سفر الأول على ثانوية المكفوفين، وقتها لم أستسلم تحدثت مع المسئولين عن وجوب عدم وجود تفرقة، ونجحت في انتزاع الفرصة بعد أن رفضت عرضًا بتعويضي بمبلغ مالي، وسافرت إلى إيطاليا مع زملائي الأوائل وفتحت الباب فيما بعد للأوائل من المكفوفين للسفر.

ما هو هدفك القادم وبماذا تحلم؟

هدفي هو أن اعمل في أحد المواقع أو الصحف الرياضية الكبرى، مثل موقع "في الجول" الذي أحبه وأرى فيه مهنية، لكني أخشى أن أعود مجددًا لمواجهة التمييز الذي لا يقيمني بقدراتي ولكن يقيمني بحالتي.

أما عن أحلامي فلدي أحلام عامة أن يتم دمج المكفوفين وذوي القدرات الخاصة في المدارس العادية. أعرف أن هناك بعض الدمج يحدث، لكنه ليس دمجًا حقيقيًا، ويحتاج أن يتم تعميمه، لأن تجربتي في مدرسة المكفوفين تجربة سيئة، وأستطيع القول أنها تنتج أثارًا نفسية واجتماعية خطيرة.

فيما يخص العمل أتمنى أولاً أن يقيمني الناس كصحفي جيد أو غير جيد، بعيدًا عن أي تقييم آخر، وأن يراعي الصحفيون جميع الفئات في عملهم، على سبيل المثال ادعوهم للاهتمام بوضع وصف مكتوب للصور المنشورة حتى نستطيع التعرف على محتويات الصورة الصحفية.

ثانيًا أحلم أن أعمل في أفضل القنوات والمنصات الرياضية في العالم مثل سكاي سبورت وبي بي سي التي اعتبرها الأكثر مهنية في العالم الآن.

الصورة الرئيسية لأحمد جمال مع اللجنة المنظمة وماني ومحرز وأيوبي وبغداد ودراجي