هل تدفع وسائل الإعلام الحديثة المجتمعات العربية لتغيير إيجابي؟

por Bayan Itani
Oct 30, 2018 em الصحافة الرقمية

كان لوسائل الإعلام الحديثة العام الفائت دور لا يُخفى في نقل آخر المستجدات في البلدان العربية التي شهدت ثورات شعبية، إذ سمحت هذه الوسائل لكل من لديه معرفة بسيطة بالشبكة الإلكترونية أن يتحوّل إلى مواطن صحفي ومصدر أساسي للمعلومة.

واليوم يَعتبر عدد كبير من العاملين والأكاديميين في حقل الإعلام أن وسائل الإعلام الحديثة لعبت دوراً هاماً في استمرارية الثورات ونجاحها في تحقيق تغييرات سياسية جذرية.

فهل يا ترى بإمكان وسائل الإعلام الحديثة هذه أن تحدِث تغييرات جذرية في الدول العربية لكن على الصعيد الاجتماعي؟

في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي شهد مطار بيروت الدولي حادثة تمييز عنصري هي بالتأكيد ليست الأولى من نوعها، وقد لا تكون الأخيرة. لكن العلامة الفارقة في هذا الموضوع أن أحد المتواجدين في المطار استخدم وسائل الإعلام الحديثة لفضح ما حدث ودعا إلى التحرّك والضغط على الجهات المسؤولة للتصرّف.

في 6 تشرين الأول/ أكتوبر الفائت كان رجل الأعمال اللبناني عبد شاهين مسافراً إلى الإمارات العربية المتحدّة، وكان معه في غرفة الانتظار مجموعة من السيدات من الجنسية الفلبينية يتجاذبن أطراف الحديث، كحال باقي روّاد المطار. إحدى الموظفات في شركة الطيران المسؤولة عن الرحلة، وبطريقة غير لائقة، قامت باستخدام مكبّرات صوت المطار طالبةً من السيدات الفلبينيات السكوت. عندها قام شاهين بالتكلّم مع الموظفة مخبراً إياها أن تصرّفها عنصري وغير مقبول، إلا أنها لم تلتفت لما قاله وقد ساندها موظف آخر في ترسيخ هذا الموقف العنصري، ذاكرين أنه من غير المرغوب أصلاً وجود هؤلاء السيدات على متن الرحلة.

الانزعاج الكبير الذي سبّبته هذه الحادثة دفع شاهين أن ينشر ما حصل على أوسع نطاق ممكن. فحاول بداية أن يكتب تغريدة بالقصة، لكن محدودية التغريدة بـ 140 حرفاً جعلته يفّضل استخدام تويت لونغر، (أو تغريدة أطول). وتويت لونغر هو موقع مستقل عن تويتر لكن يتم تسجيل الدخول إليه باستخدام بيانات التويتر الخاصة بالمستخدِم، وهو يلصق رابط التغريدة الطويلة التي كُتبت على حساب التويتر الخاص بالمستخدِم.

كذلك قام شاهين بنشر القصة على حسابه على الفيسبوك وأرسل بريداً إلكترونيًا بما حصل لمجموعة من معارفه طالباً منهم أن يساهموا بنشر ما حصل والطلب من شركة الطيران المعنيّة تقديم اعتذار رسمي لما حدث. كما أرسل شاهين للمدير العام للشركة المسؤولة بريداً بما حصل، إلا أنه لم يتلقَ جوابًا منه إلا بعد يومين، بعد أن كانت أصداء الحادثة قد انتشرت وغطّتها وسائل الإعلام.

شاهين بحكم مهنته يستخدم وسائل الإعلام الحديثة بشكل يومي، وقد استفاد من خبرته المهنية في مجال إدارة الوثائق والمعلومات "في تكوين فكرة عن كيفية نشر مواد ما وحمل وسائل الإعلام على تغطيتها،" بحسب قوله. وعن اختيار وسائل الإعلام الحديثة اعتبر شاهين أنه "لم يكن هناك طريقة أخرى لنقل ما حصل إلى عامة الناس، ولو أن ما قام به اقتصر على تقديم شكوى لخطوط الطيران لما تفاعلت القضية بل لربما أُهمِلت."

هذا وبلغ عدد التغريدات التي تضمّنت رابط الحادثة على تويت لونغر 235 تغريدة وأكثر من 520 مشاركة للرابط على موقع فيسبوك. وقد كان للناشطين في كل من مجال حقوق الإنسان والإعلام الاجتماعي في لبنان دور بارز في نشر الحادثة، وبالأخص نديم حوري مدير مكتب هيومن رايتش واتش في لبنان، ومحمد نجم أحد مؤسسي منظمة سمكس المتخصّصة بالإعلام الاجتماعي. وقد قام نجم بعد التشاور مع حوري بإنشاء عريضة إلكترونية عن الموضوع على موقع غيّر. وتضّمنت العريضة نصًا يرفض ما حدث ويدعو كلاً من خطوط الطيران للاعتذار عما حدث، والحكومة اللبنانية ووزارة السياحة إلى أخذ هذه الحادثة بعين الاعتبار. وبحسب نجم فإنه "في غضون 48 ساعة من إنشاء العريضة فاق عدد الموقعين عليها الألف شخص".

لقد تفاعلت هذه القضية بشكل كبير ولاقت تغطية على وسائل إعلام عالمية مثل الـ بي بي سي وفرانس 24. كذلك اضطرت شركة الطيران المسؤولة في ظرف أربعة أيام من الحادثة إلى طرد الموظفة المعنية وتقديم اعتذار علني بذلك، ناشرةً هذا الاعتذار أيضاً على وسائل التواصل الاجتماعي بما فيها صفحتها الرسمية على الفيسبوك.

لكن السؤال، إذا ما تكرّرت ظاهرة تدوين التجاوزات التي تحصل في المجتمع اللبناني ومجتمعاتنا العربية فهل ستتفاعل كما كان الحال مع شاهين وهل نشهد تغييرات اجتماعية إيجابية؟