شبكة الصحفيين الدوليين في "كوب 29".. غرفة أخبار عابرة للحدود ومكافحة المعلومات المضللة

Dec 11, 2024 em تغطية قضايا البيئة
صورة

عُقد مؤتمر الأطراف السنوي التاسع والعشرين (كوب 29) في مدينة باكو بأذربيجان في الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر 2024، بمشاركة 3575 صحفيًا و1454 مؤسسة صحفية وفق المعلومات الصادرة عن المكتب الإعلامي للأمم المتحدة.

انتهت المفاوضات إلى اتفاق ختامي بخصوص هدف التمويل المناخي بقيمة 300 مليار دولار أميركي سنويًا بحلول عام 2035، وصفه البعض بأنه "مخيب للآمال" ولا يرقى لمستوى الطموحات.

شاركت "شبكة الصحفيين الدوليين" في "كوب 29" لرصد أبرز المبادرات والفعاليات الإعلامية والتكنولوجية خلال المؤتمر، وقد شهد هذا العام اهتمامًا خاصًا بالمبادرات الهادفة لمكافحة المعلومات المضللة لتأثيرها السلبي على التقدم المستهدف في العمل المناخي، وإليكم أبرز ما تضمنه المؤتمر التاسع والعشرين للأطراف المشاركة في الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ من مبادرات:

مبادرة عالمية لمكافحة المعلومات المضللة

شهد "كوب 29" انطلاق المبادرة العالمية لسلامة المعلومات المتعلقة بتغير المناخ في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي قادتها البرازيل والأمم المتحدة واليونسكو، ومن المنتظر أن تساهم البلدان الملتزمة بالمبادرة في صندوق تديره اليونسكو، بهدف جمع مبلغ أولي يتراوح بين 10 و15 مليون دولار أميركي على مدى الأشهر الـ36 المقبلة، لتوزيعه كمنح للمنظمات غير الحكومية لدعم عملها في البحث في سلامة المعلومات المناخية، وتطوير استراتيجيات الاتصال والقيام بحملات التوعية العامة. ويتم الآن دعوة بلدان ومنظمات دولية أخرى تتوافق مع أهداف المناخ والالتزام بسلامة المعلومات للانضمام. وحتى الآن، أكدت شيلي والدنمرك وفرنسا والمغرب والمملكة المتحدة والسويد مشاركتها بالفعل وفق البيان الصحفي للمبادرة.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال إطلاق المبادرة "يجب علينا مكافحة حملات التضليل المنسقة التي تعيق التقدم العالمي بشأن تغير المناخ، والتي تتراوح من الإنكار الصريح إلى التضليل البيئي إلى مضايقة علماء المناخ. ومن خلال هذه المبادرة، سنعمل مع الباحثين والشركاء لتعزيز العمل ضد التضليل المناخي".

وأشار البيان إلى أن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أقرت بالخطر الذي يشكله التضليل على تحقيق أهداف المناخ، وذكرت في عام 2022 أنّ "التقويض المتعمد للعلم" يساهم في "التصورات الخاطئة للإجماع العلمي، وعدم اليقين، وتجاهل المخاطر والإلحاح، والاختلاف".

وتستجيب المبادرة للالتزام الوارد في الميثاق الرقمي العالمي، الذي تبنته الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول، والذي يشجع كيانات الأمم المتحدة، بالتعاون مع الحكومات وأصحاب المصلحة المعنيين، على تقييم تأثير المعلومات المضللة والمغلوطة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
 

دعوة للتعاون بين المؤسسات الإعلامية المهتمة بتغير المناخ

من جهتها، نظّمت الشبكة العربية للصحافة العلمية بالتعاون مع مبادرة مدرسة المناخ ندوة على هامش كوب 29 بعنوان "أفق التعاون بين المؤسسات الإعلامية المهتمة بتغير المناخ". وقال أحمد الشيمري رئيس الشبكة العربية للصحافة العلمية لـ"شبكة الصحفيين الدوليين" إنّ الندوة ناقشت التحديات التي تقابل المؤسسات الإعلامية والمؤسسات غير الربحية المهتمة بتغير المناخ في المنطقة وقدمت عدة توصيات للتغلب على هذه التحديات، لافتًا إلى أهمية التعاون بين المؤسسات الإعلامية من خلال إقامة الفعاليات المشتركة وتنظيم البرامج التدريبية والزمالات لدعم صحفيين المناخ في المنطقة، التي من شأنها أن تساعد الصحفيين على تقديم تغطية مميزة ومحاربة التضليل وانتشار المعلومات المغلوطة.

ندوة لتعزيز الصحافة في مجال تحول الطاقة 

ونظمت شبكة صحافة الأرض حلقة نقاشية بعنوان "تعزيز الصحافة في مجال تحول الطاقة"، وتحدث المشاركون عن أبرز التحديات التي تواجه تغطية تحول الطاقة في بلدانهم وكيف تمارس ضغوطات على الصحفيين لتضليل الجمهور فيما يتعلق بالحديث عن مشاريع الطاقة المتجددة. وتطرّق استيفان دياك، صحفي من رومانيا إلى القيود للحصول على المعلومات والكتابة عن تحول الطاقة والربط بينه وبين تغير المناخ حتى لا يتم الإشارة إلى أن مصادر الطاقة التقليدية هي المتسبب الأكبر فى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وأضاف أن تحول الطاقة قد يصبح موضوعًا معقدًا ولذلك يستلزم الكثير من القراءة والبحث والتواصل مع المصادر من أصحاب الخبرة لضمان تقديم معلومات صحيحة ومبسطة للجمهور.

ونصح الصحفيين بالانضمام لشبكات الصحفيين من أجل الدعم المتبادل وكذلك البحث عن فرص الدعم من المؤسسات المهتمة بتحول الطاقة مثل South east europe media organisation وClean energy wire وEarth journalism network.

جهود لتدقيق المعلومات حول كوب 29 وكشف حملات التضليل

واهتمت العديد من المواقع والمؤسسات بتدقيق المعلومات المتعلقة بكوب 29 وتفنيد أي تصريحات مغلوطة أو حملات مضللة من خلال التقارير والنشرات التي قامت بإصدارها بالتزامن مع المؤتمر مثل موقع climate fact checks وcarbon brief، ومن التقارير التي تم تداولها تقرير نشره موقع "دي دابليو" يكشف عن حسابات مشبوهة على منصة "إكس" قبل قمة المناخ، لا تحتوي على محتوى حقيقي ولكنها تعيد نشر نفس المنشورات في الوقت نفسه، وأن غالبية هذه المنشورات تستهدف تعزيز صورة الدولة المضيفة (أذربيجان) والإشادة بها باعتبارها "رائدة في مجال الطاقة المتجددة في المنطقة".

زمالة مشروع قريب للصحفيين المستقلين لتغطية كوب 29

من جهته، شارك منير قبلان، صحافي وباحث بيئي لبناني، في كوب 29 ضمن زمالة مشروع قريب، وهي زمالة مخصصة لدعم الصحفيين المستقلين المهتمين بتغطية قضايا البيئة والمناخ، استفاد منها 13 صحفيًا عربيًا من أربع دول هي فلسطين والأردن والعراق ولبنان. ويحكي قبلان عن تجربته في الزمالة قائلًا لـ"شبكة الصحفيين الدوليين" إنّ الزمالة كانت مفيدة جدًا حيث تضمنت دورات تدريبية افتراضية مسبقة لتأهيل المشاركين لتغطية المؤتمر بما يتيح لهم تقديم تغطية موثوقة ومتفردة، وتكفلت بنفقات السفر والإقامة والمعيشة، ويضيف أنها زمالة مهمة لأنها تدعم الصحافيين المستقلين الذين لا يوجد من يرعى مشاركتهم في مثل هذه الفعاليات الهامة، بما يسمح لهم بتطوير مهاراتهم والتشبيك مع كافة الناشطين في المجال. 

ومشروع قريب هو مشروع إقليمي عربي تنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الاعلامية CFI بالتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنمية الدولية (أفد) لدعم وسائل الإعلام المستقلة.

وقال قبلان إنّ الاتفاق النهائي الذي توصل إليه كوب 29 لا يلبي الطموحات؛ لأنّ الـ300 مليار مبلغ زهيد جدًا مقابل الدمار الذي يحدث ونتائج التغير المناخي الذي بدأنا منذ زمن نستشعر نتائجه وكان يجب أن يكون أكبر من ذلك، مضيفًا أنّ الدول الصناعية الكبرى تتعامل باستخفاف مع الدول النامية ولا ترغب في الوفاء بالتزاماتها الخاصة بالتمويل.

غرفة أخبار عابرة للحدود في كوب29

نظم مركز ستانلي للسلام والأمن بالشراكة مع Clean Energy Wire زمالة CLEW والتي دعمت جمع غرفة أخبار عالمية عابرة للحدود في كوب 29 لتقديم تقرير عن العمال البيئيين، وهو موضوع يقع في تقاطع العمل المناخي والجنس والهجرة والعمل، وذلك للحاجة إلى نماذج أفضل للتعاون داخل الصحافة، وتكون الفوج الإعلامي من 6 ممثلين عن مؤسسات إعلامية مختلفة من دول الأرجنتين ونيجريا والولايات المتحدة والصين والهند وألمانيا، وقالت يوهان نيو صحفية صينية من مؤسسة حوار الأرض وإحدى المشاركات في الزمالة لـ"شبكة الصحفيين الدوليين" إن الزمالة تتضمن اجتماعات يومية لغرفة الأخبار وإجراء مقابلات مشتركة.

وأشارت إلى أنها استفادت بشكل شخصي من هذه التجربة كون هذه هي المرة الأولى لها في تغطية الكوب، قائلةً: "من خلال التعاون مع الزملاء من أصحاب الخبرة الأكبر، والاجتماع معهم بشكل يومي وتبادل المستجدات والمصادر أصبح من السهل عليّ عمل جدول ليومي بأهم الفعاليات التي أريد أن أغطيها وكيف أصل إلى المصادر".
 

حملات ومبادرات تكنولوجية وفعاليات متنوعة 

كما شهد كوب 29 العديد من الحملات والمبادرات التكنولوجية والفعاليات المتنوعة من بينها:

حملة "الملوث يدفع"

نظمت منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العديد من الفعاليات خلال كوب 29 من بينها حملة "الملوث يدفع" ووصفت المنظمة الاتفاق الختامي لكوب 29 بأنه "مخيب للآمال للغاية"، وأعربت في بيان صحفي حصلت شبكة الصحفيين الدوليين على نسخة منه عن قلقها البالغ إزاء "هذه النتيجة غير الكافية على الإطلاق، والتي لا ترقى إلى مستوى معالجة الحاجة الملحة للأزمة المناخية، مما يترك الدول المستضعفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والجنوب العالمي تتصارع مع أزمة مناخية متصاعدة في حين تعجز الدول المتقدمة الغنية عن تحمل مسؤولياتها".

وقالت حنان كسكاس، مسؤولة الحملات السياسية في غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تصريحاتها لـ"شبكة الصحفيين الدوليين" إنّ على قادة العالم اتخاذ خطوات جريئة وقرارات حاسمة، الآن وليس غدًا، لأنّ أزمة المناخ لم تعد تهديدًا بعيد المدى، بل أصبحت واقعًا يهدد بقاءنا وحياتنا اليومية.

وأضافت أنه يتعين على الدول الغنية ذات الانبعاثات العالية تاريخياً أن تلتزم بما لا يقل عن تريليون دولار سنوي لتمويل المناخ. ويمكن تحقيق ذلك جزئيًا من خلال إعادة توجيه حصة من المليارات التي تحققها شركاتها النفطية الدولية من الأرباح السنوية - وهي الأرباح المكتسبة على حساب المجتمعات الأكثر ضعفًا في العالم. 

تتفق هذه الأهداف مع حملة المنظمة "الملوّث يدفع" التي بدأتها في كوب 28 ومستمرة فيها في كوب 29، والتي تهدف إلى محاسبة الشركات النفطية العالمية الكبرى على الأضرار البيئية التي تسببت بها والمطالبة بتحقيق العدالة المناخية للجنوب العالمي، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. 

وأضافت كسكاس أن"الملوّث يدفع" تفضح التفاوت الواضح بين الأرباح الضخمة التي تحققها شركات النفط العالمية والتي بلغ متوسطها حوالي 2.8 مليون دولار يوميًا على مدى الخمسين عامًا الماضية والوعود الفارغة لتمويل الحلول المناخية في الجنوب العالمي. بينما تحقق هذه الشركات أرباحًا هائلة، فإنّ التمويل المخصص لدعم الدول النامية لا يكاد يذكر. وأشارت إلى أنّ منطقتنا حصلت على أقل قدر من تمويل المناخ على مستوى العالم، على الرغم من الاحتياجات العالية. وبينما تصل الخسائر السنوية الناتجة عن الطقس المتطرف إلى 400 مليار دولار على مستوى العالم، فإنّ المبلغ الذي تم تعهده لصندوق الخسائر والأضرار لا يتجاوز 700 مليون دولار فقط، مضيفة: "من هنا نطالب بشدة بأن تتحمل شركات النفط العالمية الكبرى مسؤوليتها في تعويض الخسائر الناجمة عن تغير المناخ وتمويل حلول حقيقية، وأن يكون التمويل في المقام الأول في شكل منح، حتى لا يؤدي إلى تفاقم مشاكل الديون في بلداننا".

من جهتها، قالت عهد ياسين وهي صحفية يمنية تعمل في قناة الجمهورية شاركت في تغطية كوب 29 إنّ المفاوضات كانت بطيئة في الأسبوع الأول من المؤتمر ولم تحرز تقدمًا في مسألة التمويل المناخي، حيث حاولت الدول الصناعية الكبرى التهرب من مسؤوليتها بدعوى أنها ليست المعنية الوحيدة بمسألة التمويل، مضيفةً أنه مع عودة دونالد ترامب للسلطة كان هناك تخوف من انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية المناخ.
 

شاشات تفاعلية في جناح الدولة المضيفة 

وقد أتاح جناح الدولة المضيفة (أذربيجان) شاشات ضخمة تسمح للحضور بالتعرف على أهم الموضوعات التي يناقشها كوب هذا العام وتعرض كذلك أرقامًا ومعلومات حول السياسات المناخية للدولة ومشاريعها للطاقة المتجددة، كما تتيح لعبة تفاعلية للمشاركين للتعرف على العنصر البيئي الذي يهمهم أكثر من غيره من بين الماء والهواء والطاقة وغيرها من العناصر من خلال الإجابة عن مجموعة من الأسئلة.

وعرضت أجنحة الدول المختلفة في الكوب أبرز إنجازاتها ومشاريعها وسياساتها المناخية، فعلى سبيل المثال استعرض جناح دولة الإمارات، الدولة المضيفة لكوب 28، أبرز ما توصل إليه اتفاق الإمارات العام الماضي وعرضت نماذج مصغرة من المشاريع البيئية في الإمارات مثل البذور المقاومة للجفاف وإدارة النفايات وتنقية المياه. 

وبالمثل عرضت الشاشات في جناح المملكة العربية السعودية مشاريع المملكة وخطواتها نحو تخفيض الانبعاثات، وعرض جناح اليابان نماذج من أحدث الابتكارات الخاصة بألواح الطاقة الشمسية وتحلية المياه وغيرها.

عروض بتقنية الواقع الافتراضي في جناح أوكرانيا لمظاهر الدمار البيئي الناجم عن الحرب الروسية

وخصّصت أوكرانيا جناحها لعرض معلومات وأرقام عن حجم الدمار البيئي الناجم عن الحرب الروسية. وأشارت الأرقام المعروضة إلى أنّ هناك أكثر من 6500 جريمة بيئية ارتكبت خلال الحرب وأن حجم الدمار البيئي بلغ 71 مليار دولار، كما أتاح الجناح عرض فيديوهات بتقنية الواقع الافتراضي للحضور. وقالت أنستازيا سكوك إحدى المسؤولين عن الجناح لـ"شبكة الصحفيين الدوليين": "أردنا أن نظهر للعالم ماذا فعلت روسيا في بلدنا من دمار في البيئة واستخدمنا تقنية الواقع الافتراضي لنتيح لهم أن يتواجدوا بشكل افتراضي ويروا بأنفسهم على أرض الواقع كيف تأثرت الحياة البحرية والحيوانات وحجم المشاكل الزراعية التي تواجهنا بسبب الدمار الذي خلفته الحرب".

ندوات ومشاريع للقطاع الخاص وحناء وتطريز فلسطيني في المنطقة الخضراء

شهدت المنطقة الخضراء انعقاد الكثير من الندوات والفعاليات والوقفات الاحتجاجية من أجل أهداف مختلفة مثل الدعوة للنظام النباتي والمطالبة بوقف الوقود الأحفوري والدعوة للعدالة المناخية وأهداف التمويل المناخي وغيرها، كما تضمّنت المنطقة الخضراء أجنحة لشركات القطاع الخاص المهتمة بالاستدامة لعرض مشاريعها في مختلف المجالات الصناعية.

ومن الفعاليات المميزة التي شهدتها المنطقة الخضراء فعالية نظمتها مؤسسة Climate Sirens SWANA بعنوان "أصداء الأرض: الحناء والتراث"، وتحدثت جانا راشد منسقة الإعلام والاتصال في Climate Sirens لـ"شبكة الصحفيين الدوليين"عن هذه الفعالية، قائلة إنها "كانت فرصة جيدة للمشاركين للتواصل مع التقاليد والغوص أكثر في العلاقة بين النقوشات وارتباطنا بالأرض من خلال رسومات الحناء التي تتميز برموز متجذرة في تراث منطقتنا كما تعرف الحضور على أنماط التطريز الفلسطينية حيث يمثل كل منها قصصًا فريدة من نوعها عن المرونة والهوية".

الصورة الرئيسية بعدسة رحمة ضياء.