دروس مستفادة من زمالة مركز دارت: إعداد تقارير مهنية حول الطفولة المبكرة ومقدمي الرعاية

Dec 3, 2024 em موضوعات متخصصة
صورة تعبيرية

في قاعة بوليتزر بجامعة كولومبيا للإعلام، كنتُ من بين الصحفيين الذين تم اختيارهم من قبل مركز دارت للصحافة والصدمات، ضمن مجموعة تمثل 17 دولة، للمشاركة في زمالة متخصصة في التغطية الإعلامية لقضايا الطفولة المبكرة ومقدمي الرعاية. تضمنت الزمالة ندوات وورش عمل وحوارات حول كيفية تغطية هذه القضايا بطرق مهنية وأخلاقية.

شارك في هذه الورشات مجموعة من الباحثين والأطباء والخبراء الدوليين في مجال تنمية الطفل، من بينهم أليسون جوبنيك، أستاذة علم النفس بجامعة كاليفورنيا؛ تشارلز نيلسون، أستاذ طب الأطفال بجامعة هارفرد؛ بريندا جونز هاردن، أستاذة العمل الاجتماعي بجامعة كولومبيا؛ وكاثرين مونك، أستاذة علم النفس الطبي بجامعة كولومبيا.

الهدف من هذه الزمالة هو تمكين الصحفيين وتزويدهم بالمعرفة والأدوات اللازمة لتسليط الضوء على القضايا الهامة المتعلقة بتنمية الطفولة المبكرة، وذلك من خلال الاعتماد على العلوم والسياسات المبنية على الأدلة، لإنتاج تقارير تسهم في إحداث تغيير فعلي في مناطقهم وفي مختلف أنحاء العالم.

وفيما يلي مجموعة من النصائح والدروس التي تمت مناقشتها خلال الورشات:

الدراسات النفسية مهمة في التغطية الإعلامية

"الرحم هو البيت الأول المؤثر"

تُوضح الدكتورة كاثرين مونك، أستاذة صحة المرأة النفسية، خلال الجلسة التي قدّمتها حول تأثير الصحة النفسية للأم أثناء فترة الحمل، أن تعرض الأمهات للإجهاد مقارنة بالأمهات غير المجهدات يؤدي إلى تأثيرات متفاوتة على الصحة النفسية للأطفال في مراحل لاحقة. فقد تظهر على بعض الأطفال مستويات مرتفعة من القلق أو سلوكيات مشابهة للاكتئاب، في حين قد يعاني آخرون من تراجع في قدراتهم المعرفية.

العمل على قضايا إعلامية حساسة تتعلق بالأطفال يتطلب من الصحفيين فهمًا عميقًا للجوانب النفسية الخارجية المؤثرة في حياتهم، وهي تأثيرات تبدأ قبل الولادة وتستمر بعد ذلك. ووفقًا للدكتورة كاثرين مونك، فإن الضغوط النفسية التي تتعرض لها الأمهات خلال فترة الحمل تهيئ بيئة غير مواتية للطفل، مما قد يؤدي إلى إصابته باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) والقلق.

توضح الدكتورة كاثرين مونك أن تربية الأبناء تبدأ قبل الولادة، حيث يبدأ نمو الدماغ بعد أسابيع قليلة من الحمل ويستمر حتى سن الشباب. التجارب التي يمر بها الطفل تُعدّ ذات أهمية خاصة، لا سيما خلال الفترات الحرجة من نموه.

140 مليون طفل يتيم أو تم التخلي عنه في جميع أنحاء العالم 

يقول الدكتور تشارلز نيلسون، المتخصص في علم الأعصاب وتطور الدماغ المبكر وأستاذ طب الأطفال في كلية الطب بجامعة هارفارد، إن التعرض المزمن للتوتر وارتفاع مستويات هرمونات التوتر يمكن أن يتسبب في إتلاف الخلايا العصبية في الحُصين، مما يؤدي إلى مشاكل في الذاكرة.

وأشار إلى أن هناك 140 مليون طفل يتيم أو متخلى عنه حول العالم، وقد وُضع العديد منهم في مؤسسات أو دور أيتام، مما يؤثر سلبًا على تطور الدماغ. يعود ذلك إلى عدة أسباب، منها الرعاية غير الحساسة، العزلة، عدم الاستجابة للألم، بالإضافة إلى نقص الاستثمار النفسي من قبل مقدمي الرعاية.

وأوضح أن الأطفال الذين ينشأون في هذه المؤسسات يعانون من مشكلات صحية عقلية، وأنه ليس من المستغرب أنه كلما قضى هؤلاء الأطفال وقتًا أطول في بيئة مهملة، كانت نتائجهم أسوأ.

يعاني ملايين الأطفال حول العالم من مخاطر صحية ونفسية خلال مراحل نموهم المبكرة، والتي قد تترك آثارًا دائمة. وإذا لم نتمكن من تجنب هذه المخاطر، فمن الضروري التدخل في أقرب وقت ممكن.

إعداد التقارير عن المجتمعات المهمشة

قدمت الصحفية المستقلة وزميلة مركز دارت السابقة، بوريانا دزامبازوفا، نصائح للصحفيين حول كيفية إعداد التقارير عن المجتمعات المهمشة. وأكدت أن النقطة الأهم والأولى في هذا النوع من العمل هي كيفية الوصول إلى الشخصيات المناسبة. فمن الضروري البحث عن من يعرف المجتمع جيدًا ويستطيع تقديمه بشكل صحيح.

بعد تحديد الشخصيات، يجب أن نسأل المصادر كيف يُفضلون تعريف أنفسهم، مع مراعاة الأسئلة التالية:

  • هل من الضروري ذكر الأصل العرقي للطفل في سياق الموضوع؟
  • هل نحن متأكدون أن اللغة والمحتوى لا يقدمان صورة نمطية عن الطفل وعائلته بناءً على أصلهم العرقي؟
  • كيف نعرض القصة؟ هل يمكن أن يؤدي هذا المحتوى إلى التمييز أو الإساءة لمجموعات معينة؟

كما يجب البحث عن زوايا غير متوقعة لتحدي السرد السائد حول هذا المجتمع المهمش. وأشارت إلى أهمية التواصل مع المنظمات غير الربحية، وعمال الخدمات الاجتماعية، وأفراد المجتمع لتوليد قصص مثيرة للاهتمام.

وهنا تبرز أهمية صحافة الحلول، وذلك للأسباب التالية التي ذكرتها دزامبازوفا:

  • قصص صحافة الحلول ذات تأثير كبير، حيث تسلط الضوء على المشاريع التي تحدث فرقاً وتؤدي إلى التغيير.
  • تحسين تفاعل الجمهور من خلال زيادة القراءة والمشاركة، وإلهامهم للمساهمة.
  • تعزيز الحوار البناء حول القضايا المثيرة للجدل.

أما فيما يتعلق بمقابلة الأطفال في المجتمعات المهمشة، فيجب النظر في عدة نقاط:

  • هل يتمتع الطفل بالكفاءة اللغوية لإجراء المقابلة؟
  • هل قد يتعرض للإحراج أو يظهر بصورة غير لائقة؟
  • كيف سيظهر الطفل في المقابلة؟
  • هل ستقدم القصة وجهات نظر متنوعة ومتوازنة للأطفال؟

أين تجد القصص في مناطق الصراعات والحروب؟

قدمت الصحفية غابريلا جوزوايك، زميلة سابقة في مركز دارت، مجموعة من النصائح حول كيفية العثور على قصص عن الأطفال في مناطق الصراعات والحروب، مستشهدةً بأمثلة من تقاريرها في أوكرانيا. للوصول إلى تلك القصص، يمكن للصحفيين التواصل مع:

  • المنظمات غير الحكومية
  • البيئات التعليمية
  • دور الأيتام
  • المستشفيات
  • النقابات
  • أماكن إقامة اللاجئين
  • الحدود/نقاط الهجرة

مقابلة الأطفال المتأثرين بالصدمات

قدمت الدكتورة كاثرين بورترفيلد، أخصائية نفسية، مجموعة من النصائح حول كيفية مقابلة الأطفال المتأثرين بالصدمات، مثل الأطفال اللاجئين أو المهاجرين الذين تعرضوا لـ:

  • فقدان المنازل والأحباء.
  • تدمير المجتمعات.
  • الافتقار التام إلى أنظمة موثوقة للصحة والتعليم والخدمات القانونية.
  • الافتقار إلى المتعة والتسلية والترفيه.
  • ظروف المخيمات الخطرة والإشراف الضعيف.
  • الاضطرابات اللغوية والثقافية.

وأشارت بورترفيلد إلى أهمية تطوير تقنيات مقابلة ملائمة لكل حالة، بناءً على الأوضاع النفسية والتجارب التي مر بها الأطفال. فقد يواجه الصحفي مقابلات مع "أطفال منعزلين، باكين، عدوانيين، أو منفصلين"، حيث تظهر على كل منهم أعراض صدمة واكتئاب تؤثر في سلوكياتهم وردود أفعالهم.

أسئلة للمقابلات مع الأطفال المتأثرين بالصدمات:

  • "أعلم أن الأطفال الآخرين يشعرون بالحزن أيضًا في هذا الموقف. هل يمكنك إخباري عن مشاعرك؟".
  • "أنت شجاع جدًا، ولكن حتى الأشخاص الشجعان يشعرون بالحزن أحيانًا. كيف تشعر الآن؟".
  • "أود منك أن تساعدني في إخبار الأطفال الآخرين عن [الموضوع]. هل يمكنك مساعدتي في ذلك؟".
  • "هل يمكنك أن تخبرني عن [الموضوع]؟".
  • "سمعتك تقول [العبارة]. هل فهمت ذلك بشكل صحيح؟".
  • "لقد تحدثت إلى عمتك وقالت إنه من المقبول أن نتحدث طالما أنك تريد. الأمر متروك لك. هل تشعر بالراحة في التحدث الآن؟".
  • "أحيانًا، أتحدث إلى الأطفال وأشرح ما أخبروني به، لكنني لا أستخدم اسم الطفل أو صورته. كيف تشعر حيال ذلك؟".
  • "أود أن أتحدث معك عن ما حدث في بلدك. هل يناسبك أن نجلس ونتحدث لمدة 30 دقيقة تقريبًا؟".
  • "أود أن أشرح لك ما أفعله. هل تعرف كيف يقوم الناس بمهام مختلفة؟ وظيفتي هي التعرف على الأشياء والإبلاغ عنها في الأخبار".
  • "أتعلم منك ومن الأطفال الآخرين حتى أتمكن من مساعدة الآخرين على التعرف على [الموضوع]. هل يمكنك مساعدتي في ذلك؟".
  • "دعنا نكتب اسمك معًا. هل يمكنك مساعدتي في ذلك؟".
  • "ماذا تريدني أن أعرف عنك أيضًا؟".
  • "يحب الكثير من الأطفال التفكير في شيء سيفعلونه ليشعروا بالسعادة بعد الحديث عن شيء حزين. أخبرني أحد الأطفال أنه يحب الذهاب للعب كرة القدم. هل لديك نصيحة للأطفال عندما يشعرون بالحزن؟ أود أن أتعلم منك لأشارك ذلك مع الأطفال الآخرين في المخيمات".

من المهم للصحفي إذا شعر أن المقابلة تسير بشكل غير مريح أو غير مناسب، ألا تتردد في إنهائها.

تُعد هذه الزمالة أحدث برامج مبادرة مركز دارت المستمرة في مجال صحافة الطفولة المبكرة، التي أُطلقت في عام 2017 لتعزيز التغطية الصحفية المستندة إلى العلوم والمركزة على الأطفال، والتي تشمل أيضًا الصحة النفسية ورفاهية مقدمي الرعاية. بدعم من مؤسسة فان لير (هولندا)، ومؤسسة ماريا سيسيليا سوتو فيديغال (البرازيل)، وصندوق الزنابق (الولايات المتحدة)، قامت المبادرة بتدريب ودعم أكثر من 200 صحفي من حوالي 50 دولة.

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش.